تطورات اقليمية
صراع متصاعد في خضم حرب الوكلاء..
إسرائيل في مواجهة مزدوجة: الحوثيون أم إيران.. من يكون الهدف الأول؟
على مدار العام الماضي، نجح الجيش الإسرائيلي في تحييد عدد من التهديدات الأمنية الكبرى، أبرزها استهداف قيادات حماس وحزب الله، لكن أنظار إسرائيل تتجه الآن نحو جماعة الحوثيين في اليمن. الجماعة، التي توصف بأنها وكيلة لإيران، باتت تمثل تحدياً أمنياً متزايداً بسبب الهجمات الصاروخية المتكررة على إسرائيل، وهو ما يجعل التعامل معها أكثر تعقيداً.
بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال بقلم دوف ليبر، فإن إسرائيل تركز حالياً على استهداف البنية التحتية للطاقة والنقل التي يستخدمها الحوثيون لأغراض عسكرية. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في تصريحات أواخر ديسمبر، أن إسرائيل ستواصل استهداف قادة الحوثيين كما فعلت مع قيادات حماس وحزب الله، قائلاً: "سنطارد جميع قادة الحوثيين، وسنضربهم تماماً كما فعلنا في أماكن أخرى".
وتمثل جماعة الحوثيين تحدياً أمنياً فريداً لإسرائيل بسبب بعدها الجغرافي، ونقص المعلومات الاستخباراتية الدقيقة عنها. كما أن الضربات الجوية التي تنفذها إسرائيل ضد الحوثيين تُعتبر محدودة التأثير في ردعهم، حيث تساهم في زيادة الدعم المحلي لهم دون تحقيق أهداف استراتيجية واضحة. علاوة على ذلك، فشلت الجهود الدولية بقيادة الولايات المتحدة في كبح جماح استفزازات الحوثيين ضد الشحن البحري العالمي.
ومنذ نجاح إسرائيل في التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني في نوفمبر الماضي، أصبحت جماعة الحوثيين التهديد الأمني الرئيسي لإسرائيل في حربها الممتدة منذ 15 شهراً مع الجماعات الموالية لإيران. وقد استمرت الهجمات الصاروخية شبه اليومية للحوثيين، مما أجبر ملايين الإسرائيليين على الاحتماء في الملاجئ وعطل رحلات شركات الطيران الدولية إلى البلاد.
وفي ظل غياب حلول واضحة لردع الحوثيين، يرى بعض المحللين الأمنيين أن إسرائيل يجب أن توجه تركيزها نحو إيران، الراعية الرئيسية للحوثيين والجماعات الوكيلة الأخرى في المنطقة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، إن "الحل لمواجهة الإرهاب القادم من اليمن يكمن في طهران". وأضاف أن قتال إيران مباشرة يمكن أن يشكل تحولاً استراتيجياً يعزز الأهداف الإسرائيلية طويلة المدى.
ويرى يوئيل غوزانسكي، الخبير في شؤون الخليج بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أن إيران تمر بمرحلة ضعف استثنائية حالياً بسبب الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي عطلت دفاعاتها الجوية. وأكد أن هذه الفترة تمثل فرصة لإسرائيل لاستغلال هذا الضعف قبل أن تستعيد إيران قوتها.
ويحذر محللون من أن أي رد إيراني على هجمات إسرائيلية قد يوفر مبرراً لإسرائيل لتوسيع عملياتها ضد إيران، بما في ذلك استهداف منشآتها النووية. ومع ذلك، تبقى إيران محور اهتمام إسرائيل، حيث أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن منع إيران من عسكرة برنامجها النووي هو أولويته القصوى.
وتشعر قيادة الحوثيين بالقلق إزاء التهديدات الإسرائيلية، مما دفعهم إلى اتخاذ تدابير احترازية، مثل بناء مجمعات قيادة تحت الأرض، وتجنب استخدام الهواتف المحمولة، وتغيير مواقع مخابئهم بشكل دوري، وفقاً لمصادر مطلعة.
بينما يستمر الحوثيون في تنفيذ هجمات صاروخية يومية على إسرائيل، يتوقع محللون أن تركز الإدارة الإسرائيلية، بالتعاون مع الحلفاء الدوليين، على تقليص نفوذ إيران في المنطقة. ورغم التفاؤل بوجود شريك راغب مثل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يشير الخبراء إلى أن الإدارة الأمريكية المقبلة قد تستنفد الخيارات الدبلوماسية قبل اللجوء إلى أي تحرك عسكري.