الاقتصاد

قصة بحارة سوريين عالقين في اليمن..

آلاف البحارة عالقون على متن سفن مهجورة.. أزمة متفاقمة في قطاع الشحن

تضاعف حالات التخلي عن السفن خلال ثلاث سنوات

لندن

ارتفع عدد السفن المهجورة حول العالم إلى مستويات غير مسبوقة، ما أدى إلى ترك آلاف البحارة عالقين دون أجور أو وسائل للعودة إلى أوطانهم. ووفقًا لتقارير حديثة، تضاعفت حالات التخلي عن السفن خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث تأثر أكثر من 3,000 بحار على متن نحو 230 سفينة في عام 2024. ومن المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى، نظرًا للوقت الذي يستغرقه العمال للإبلاغ عن معاناتهم.

وبموجب الإرشادات الدولية، يُعتبر العمال مهجورين إذا لم يتلقوا أجورهم لمدة شهرين أو أكثر، أو لم يحصلوا على الإمدادات الأساسية، أو فقدوا الاتصال بملاك السفينة.

وتعمل العديد من الطواقم التي لم تحصل على رواتبها على سفن قديمة متهالكة، يعود تاريخ تصنيعها إلى عقود مضت. وشهد العام الماضي تزايد الحالات القادمة من تركيا ومصر، حيث واجه البحارة أسوأ الظروف الإنسانية، بما في ذلك العيش لأسابيع دون غذاء أو ماء كافٍ، وانقطاع الكهرباء على متن السفن، والانتظار لسنوات في بعض الحالات.

وغالبًا ما يتوقف ملاك السفن عن دفع الأجور عندما تتزايد التكاليف أو تتراجع أعمالهم، فيتركون السفن راسية في موانئ يصعب فيها على الطواقم مغادرتها بسبب تعقيدات الهجرة، أو في مواقع نائية لا يمكن الوصول إليها إلا عبر القوارب.

ويمكن للحكومات والمنظمات المعنية إبلاغ الأمم المتحدة بحالات التخلي عن السفن، والتي تتحقق بدورها من الوقائع وتضغط على الملاك والسلطات لإيجاد حلول. ومؤخرًا، ناشدت هيلين ميلدرام، مفتشة السفن لدى الاتحاد الدولي لعمال النقل، السلطات التدخل لمساعدة طواقم ثلاث سفن شحن تديرها شركة "فريندز شيبينج"، التي تواجه اتهامات بإهمال عمالها.

وبحسب ميلدرام، فإن طاقم سفينة "سيستر 12" ظل عالقًا قبالة سواحل اليمن لأكثر من عام دون تلقي أجورهم. ووصف عبدالرزاق عبدالخالق، أحد البحارة السوريين العالقين، الوضع في رسالة عبر واتساب، قائلًا: "السفينة مليئة بالحشرات، ونضطر لاستخدام مياه البحر للاستحمام. ليس هناك طعام، لا ماء، لا حياة."

وأظهرت الصور والمقاطع المصورة التي شاركها البحارة الصدأ الذي يغطي سطح السفينة، والمياه العكرة التي تخرج من الصنابير، بينما لم يتبقَ سوى القليل من الغلال المتعفنة في حجرة المؤن.

وتتبع شركة "فريندز شيبينج" نمطًا متكررًا من توظيف بحارة لا يعرفون سمعة الشركة، ثم تركهم في ظروف قاسية، ما يدفعهم إلى طلب العودة إلى أوطانهم دون المطالبة بأجورهم، ليتم استبدالهم بطاقم جديد وتكرار السيناريو ذاته.

وأفادت بيانات الأمم المتحدة بأن 19 من أصل 22 سفينة مدرجة على موقع الشركة الإلكتروني تم التخلي عنها. وعند التواصل مع الشركة عبر واتساب في تركيا، ادعى شخص مجهول أنه تم تزويد الطاقم بالمؤن على متن "سيستر 12"، لكنه لم يقدم أي تفاصيل عن دفع الأجور أو إعادة البحارة إلى أوطانهم.

ورغم المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق العمال، فإن هناك سبلًا محدودة لمحاسبة ملاك السفن، حيث يتم تسجيل معظم السفن تحت شركات وهمية تحمل أعلام دول غير معنية بمراقبة عملياتها.

وبموجب إرشادات الأمم المتحدة، تتحمل الدول التي تسجل السفن مسؤولية مساعدة البحارة المهجورين، والتأكد من حصولهم على الغذاء والرعاية الصحية، لكن دولًا مثل بنما، بالاو، وتنزانيا لم تتدخل رغم تسجيل عشرات السفن المهجورة تحت أعلامها في عام 2024.

وشهدت ظاهرة التخلي عن البحارة زيادة كبيرة خلال جائحة كورونا، واستمر ارتفاعها مع تصاعد التضخم العالمي والتكاليف المتزايدة التي أثرت على صناعة الشحن. وأوضح الاتحاد الدولي لعمال النقل أنه تمكن من استعادة أكثر من 10 ملايين دولار من الأجور المتأخرة العام الماضي، لكنه لا يزال يسعى لتحصيل 10 ملايين دولار أخرى من ملاك السفن المتخلفين عن الدفع.

ويرى المراقبون أن تزايد الإبلاغ عن حالات التخلي قد يعكس وعيًا متزايدًا بين البحارة بحقوقهم، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن فجوة كبيرة في الرقابة والمحاسبة في قطاع الشحن البحري. فبينما يواجه الآلاف من البحارة مستقبلًا مجهولًا على متن سفن مهجورة، لا تزال الحكومات والهيئات الدولية عاجزة عن إيجاد حلول جذرية لوقف هذا الاستغلال الممنهج.

الإمارات تطلق أكبر مشروع لـ "الطاقة الشمسية" بالشرق الأوسط.. قفزة عملاقة نحو الاستدامة


دونالد ترامب: وجهت البنتاجون والأمن الداخلي بإعداد المنشأة لاستقبال أسوأ المهاجرين


الشراكة القطرية التركية في إعادة إعمار سوريا.. تحالف استراتيجي أم نفوذ على حساب السعودية؟


اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية يودي بحياة العشرات في نهر بوتوماك (ترجمة)