قضايا وحريات

"طقوس الفرح والهوية"..

الشعبانية في جنوب اليمن.. تفاعل التراث الديني مع التعبير الثقافي

ليلة النصف من شعبان بين روحانية الاحتفال ونظرة المجتمع - اليوم الثامن

عدن

المقدمة 
في ليالي شهر شعبان، تنبض الشوارع بالحياة، حيث تتألق الأضواء وترتفع الأصوات فرحًا بليلة النصف من شعبان، المعروفة بـ"الشعبانية". إنها مناسبة مميزة تحمل في طياتها روحانية عميقة، تجمع بين إحياء التراث الشعبي وتعزيز أواصر التواصل الاجتماعي.
شاركت مؤسسة "اليوم الثامن" للإعلام والدراسات في فعالية أقيمت بمدينة إنماء (الحسوة) في حديقة الفراشة، حيث تجمع النساء والأطفال للاحتفاء بمنتصف شعبان، وهي عادة متجذرة في التراث اليمني والعربي. امتزجت الأجواء بالبهجة، محققةً هدفين: إحياء التراث وتقوية الروابط المجتمعية.

فعالية مدينة إنماء: تنوع وبهجة

تنوعت فقرات الفعالية بين أناشيد تراثية تغنت بالشهر الكريم، لاقت تفاعلاً واسعًا من الحضور، وأنشطة ترفيهية للأطفال شملت ألعابًا شعبية ومسابقات ثقافية، أضافت جوًا من المرح. 

وتحدثت شخصيات بارزة فيكلمات أكدت جميعها أهمية هذه المناسبة الدينية والثقافية في صون الهوية الثقافية والدينية والوطنية.
وشهدت الفعالية حضورًا كبيرًا من الأمهات والأطفال، الذين عبّروا عن سعادتهم بإعادة إحياء ذكريات الماضي الجميل. تركت الفعالية، المعروفة بـ"جملة"، انطباعًا إيجابيًا، حيث عمّت الفرحة وساهمت في تعزيز الترابط الاجتماعي واستعادة التراث.

تنوع الاحتفال في الجنوب: تراث عريق

تتعدد مظاهر الاحتفال بليلة النصف من شعبان في محافظات الجنوب، لكنها تتفق في إحياء الشعائر الدينية وإدخال البهجة إلى قلوب الأطفال. يرى أ.د. سيف محسن عبد القوي، أستاذ علم الاجتماع الثقافي بجامعة عدن، أن هذه المناسبة تحمل دلالات اجتماعية وثقافية عميقة.
ففي يافع (محافظة لحج)، يبدأ الاحتفال مع رجب بطقس "تشقير البيوت"، حيث يقطع الأطفال والشباب أغصان الأشجار لتزيين مداخل البيوت، مع رقصات تملأ الشوارع فرحًا. أما في شعبان، فتضاء النيران باستخدام قصاع الرماد والكيروسين، رمزًا للنور الروحي، في طقوس تجمع بين البهجة والامتنان لنعم الله.

عادات أبين: ذكريات وروحانية

يروي د. محمد منصور بلعيد، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أبين، ذكريات طفولته عن "الشعبانية"، التي كان الأطفال ينتظرونها بشوق. تشمل الطقوس قراءة المولد النبوي وترديد أناشيد مثل "يا رسول سلام عليك"، مع توزيع الحلويات التقليدية. يرتدي الأطفال ملابس جديدة، يطوفون البيوت جمعًا للنقود والحلوى، في أجواء تمزج الفرح بالروحانية.
وفي أحور، يُعرف الاحتفال بـ"شويلا لله"، حيث تُضاء الشموع ويُقدم الطعام للفقراء، مع التركيز على الكرم. أما زيارة "موسم الكثيب" فكانت عادة قديمة تجمع الناس للترفيه والاحتفال بجمال الطبيعة.

بين التراث والاندثار: جدل وتحولات

يقول د. هادي العولقي، أستاذ التاريخ بجامعة عدن، لـ(اليوم الثامن): "إن الاحتفال بمنتصف شعبان يعكس تفاعل التراث الديني مع التعبير الثقافي، وسط نقاشات حول مشروعيته. بعد الوحدة اليمنية (1990)، تراجعت هذه الاحتفالات بفعل تيارات دينية رأتها "بدعًا"، مما أدى إلى اندثار بعض الطقوس وفقدان جزء من الهوية الثقافية.
بين "مطرقة الفتاوى وسندان التراث"، تلاشت مظاهر الفرح التي كانت تعبر عن التدين الشعبي، لكن النص يحمل أملًا بإحيائها مجددًا لاستعادة الهوية الوطنية.

دعوة للحفاظ على التراث

تؤكد د. أشجان الفضلي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن، أن "الشعبانية" فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية وبناء مجتمع متماسك، داعيةً إلى التوعية بأهميتها. فعالية إنماء أظهرت تفاعل الجمهور مع الأناشيد والألعاب الشعبية، مؤكدةً استمرار أهمية هذه المناسبة في تعزيز الترابط والحفاظ على التراث.

المسؤولون الإيرانيون يستخدمون خطابًا جريئًا في مسيرات ثورة 1979 لإخفاء ضعف غير مسبوق


روسيا ترحب وأوكرانيا ترفض.. مستقبل النزاع على طاولة الولايات المتحدة


قمة القاهرة.. الأهلي والزمالك في صراع النقاط الثلاث


إيران تحت المجهر الأمريكي.. تأثير العقوبات النفطية ورهانات المفاوضات النووية في 2025