تطورات اقليمية

رسائل طمأنة ودعم اقتصادي في ظل تحولات إقليمية..

البرهان في السعودية: محاولة لتسوية تناقضات السياسة الخارجية بعد انتصار الخرطوم

ولي العهد السعودي مستقبِلاً رئيس مجلس السيادة السوداني بقصر الصفا في مكة المكرمة الجمعة (واس)

الخرطوم

يتجه رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، إلى تسوية تناقضات سياسته الخارجية بعد تحقيق انتصار عسكري وسياسي على قوات الدعم السريع في معركة الخرطوم. 

وتأتي زيارته إلى المملكة العربية السعودية، يوم الجمعة، كخطوة استراتيجية لتوضيح مواقفه وطمأنة حلفائه الإقليميين، خاصة في ظل انفتاحه السابق على روسيا وإيران، وهو ما أثار مخاوف بشأن أمن البحر الأحمر.

السياق السياسي والعسكري

شهدت الفترة الماضية تقارباً ملحوظاً بين البرهان وكل من روسيا وإيران، وهي خطوة اعتبرها المراقبون محاولة تكتيكية للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها. إلا أن هذا التقارب أثار قلقاً إقليمياً، خاصة مع احتمالية إقامة قواعد عسكرية للدولتين في السودان، مما قد يعيد تشكيل المعادلات في منطقة البحر الأحمر. 

ومع حسم الجيش السوداني تفوقه العسكري على قوات الدعم السريع في العاصمة، بدأ البرهان في إعادة تقييم موقفه الخارجي لضمان استقرار السودان وعلاقاته الإقليمية.

زيارة السعودية: رسائل وأهداف

خلال زيارته للسعودية، سعى البرهان إلى توجيه رسالة واضحة مفادها أن تقاربه مع موسكو وطهران كان تكتيكاً مؤقتاً وليس توجهًا استراتيجيًا. وقد اختار الرياض كوسيط لنقل هذه الرسالة إلى واشنطن، مؤكداً التزامه بعدم السماح بقواعد عسكرية أجنبية في السودان، سواء لروسيا أو إيران أو تركيا. 

في المقابل، يأمل البرهان في الحصول على دعم اقتصادي سعودي وتحسين علاقاته مع الإدارة الأمريكية التي تسعى لإنهاء الصراع في السودان بالتعاون مع الرياض.

وأكدت السعودية، من جانبها، دعمها للجيش السوداني على حساب قوات الدعم السريع، متجاوزة توقعات سابقة رجحت دعمها لقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي سبق أن ساند الرياض في حرب اليمن. ويبدو أن تفوق الجيش عسكرياً كان عاملاً حاسماً في تبني السعودية لهذا الموقف، مع رغبتها في استئناف منبر جدة للتسوية السياسية بالتعاون مع الولايات المتحدة.

لقاء البرهان مع ولي العهد السعودي

في مكة المكرمة، التقى البرهان بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لبحث المستجدات في السودان وسبل تعزيز التعاون الثنائي. وحضر اللقاء مسؤولون سعوديون بارزون، مثل وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود، ووزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، مما يعكس أهمية الزيارة للمملكة. وتم الاتفاق على إنشاء مجلس تنسيق لتطوير العلاقات في مختلف المجالات، مع تأكيد السعودية على دعمها لأمن واستقرار السودان ووحدة أراضيه.

الدور السعودي الإقليمي

تسعى السعودية إلى لعب دور الوسيط لحل الخلافات بين السودان والإمارات، التي اتهمها مسؤولون سودانيون بدعم قوات الدعم السريع، وهو ما نفته أبوظبي. وتأتي هذه الوساطة في إطار جهود الرياض وواشنطن لتهيئة الأجواء لعودة منبر جدة، مع الحفاظ على الدور الإماراتي في اللجنة الرباعية السابقة. ويرى المراقبون أن استمرار التوتر بين البرهان والإمارات قد يعيق جهود التسوية، خاصة مع تأثير تيار الإخوان المسلمين داخل الجيش السوداني، الذي يرفض التقارب مع أبوظبي لأسباب أيديولوجية.

التحديات المستقبلية

رغم الانتصارات العسكرية، يواجه البرهان تحديات داخلية وخارجية. فالاستنزاف الاقتصادي والسياسي في السودان يحد من قدرته على تكرار نموذج قطر في جمع المتناقضات لتحقيق أهدافه. كما أن استمرار تأثير فلول نظام عمر البشير داخل الحكومة قد يعرقل جهوده لتصحيح مسار السياسة الخارجية. ومع ذلك، يبدو أن البرهان يعول على دعم السعودية والولايات المتحدة لتجاوز هذه التحديات وفرض شروطه على قوات الدعم السريع بعد كسر شوكتها.

تشير زيارة البرهان إلى السعودية إلى بداية مرحلة جديدة في سياسته الخارجية، تعتمد على التوازن والتخلي عن المناورات التكتيكية مع روسيا وإيران، مقابل تعزيز الشراكة مع الرياض وواشنطن. 

ومع دعم السعودية المتزايد، قد يتمكن البرهان من حسم تناقضاته الخارجية والداخلية، مما يمهد الطريق لاستقرار السودان وإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عام.

المدن المطلة على ساحل البحر الأحمر.. مواسم الأعياد بين التنوع الثقافي والتكافل الاجتماعي


من الرهائن إلى الإرهاب: كيف تسيطر إيران على السياسة الأوروبية


تناقضات النظام الإيراني: بين الإنكار الرسمي والاعترافات غير المباشرة بدعم الحوثيين


ترامب يتهم مستشاره بتسريب خطة حرب اليمن ويبرئ وزير الدفاع