تطورات اقليمية
قيادي حوثي يحذر من أي تحرك عسكري بري ضد اليمن..
غارات أمريكية مكثفة تستهدف الحوثيين رداً على هجمات البحر الأحمر.. الكشف عن التفاصيل
مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
في تصعيد جديد للعمليات العسكرية في اليمن، شن الجيش الأمريكي، مساء السبت، عشر غارات جوية استهدفت مواقع تابعة لجماعة الحوثيين في شمال البلاد، وفقاً لما أفادت به وسائل إعلام تابعة للجماعة. تأتي هذه الضربات في إطار حملة عسكرية مكثفة بدأتها واشنطن في 15 مارس 2025، بهدف ردع هجمات الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، ودعم الأصول الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
تفاصيل الغارات الأمريكية
أفادت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين بأن الغارات الأمريكية استهدفت مواقع متعددة في ثلاث محافظات يمنية. في محافظة البيضاء، تم استهداف المعهد المهني بمديرية الصومعة بخمس غارات. وفي محافظة صعدة، وجهت ثلاث غارات إلى منطقة السهلين بمديرية آل سالم. أما في محافظة الحديدة، فقد طالت غارتان مديرية المنيرة. ولم تُبلغ الجماعة عن وقوع إصابات أو خسائر بشرية حتى الآن، مما يعكس غموضاً حول الأثر المباشر لهذه العمليات.
تأتي هذه الضربات بعد يوم واحد من تأكيد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) على منصة "إكس" استمرار عملياتها ضد الحوثيين، مشيرة إلى أنها تهدف إلى تقويض قدرات الجماعة العسكرية. وكانت واشنطن قد استأنفت حملتها الجوية في منتصف مارس الماضي، بعد تهديدات الحوثيين باستئناف هجماتهم على السفن المرتبطة بإسرائيل، رداً على استمرار الحصار على قطاع غزة.
ردود فعل الحوثيين: تصعيد الخطاب ووعيد بالرد
لم تتأخر جماعة الحوثيين في الرد على هذه الغارات، حيث أصدر القيادي البارز محمد علي الحوثي تصريحات نارية عبر منصة "إكس". واعتبر الحوثي أن الضربات الأمريكية لن توقف دعم الجماعة للقضية الفلسطينية، محذراً من أن أي تحرك عسكري بري ضد اليمن سيواجه "بجحيم وفشل". وأضاف: "استمرار الهجوم الأمريكي على اليمن هو استنزاف تخسر معه واشنطن أي معركة قادمة"، مؤكداً أن خيارات الولايات المتحدة في اليمن "فاشلة" ولن تحقق أهدافها.
وتواصل الجماعة الإعلان عن عملياتها ضد الأصول البحرية الأمريكية، مدعية استهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" والسفن المرافقة لها في البحر الأحمر بصواريخ وطائرات مسيرة. ومع ذلك، تنفي الولايات المتحدة هذه الادعاءات، مؤكدة أن دفاعاتها البحرية نجحت في إحباط مثل هذه الهجمات.
السياق الإقليمي: صراع مرتبط بغزة
تُعد هجمات الحوثيين، التي بدأت في نوفمبر 2023، جزءاً من استراتيجية الجماعة لدعم الفلسطينيين في غزة، حيث أعلنوا مراراً أن عملياتهم ضد السفن في البحر الأحمر وإسرائيل ستتوقف إذا أنهت إسرائيل هجومها على القطاع وسمحت بدخول المساعدات الإنسانية. وقد أدت هذه الهجمات إلى تعطيل التجارة العالمية بشكل كبير، حيث أُجبرت شركات الشحن الكبرى على تغيير مساراتها عبر رأس الرجاء الصالح، مما زاد من تكاليف النقل العالمي.
من جانبها، تصر الولايات المتحدة على أن حملتها العسكرية تهدف إلى حماية الملاحة الدولية وردع الحوثيين، الذين تتهمهم واشنطن بالحصول على دعم عسكري من إيران. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أمر في مارس الماضي بتكثيف الضربات، متوعداً الجماعة بـ"قوة مميتة" لإجبارها على وقف هجماتها. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الضربات لم تنجح حتى الآن في تغيير سلوك الحوثيين، بل ربما عززت من صلابتهم في مواجهة الضغوط الخارجية.
التداعيات: تصعيد مستمر أم مسار للتهدئة؟
تشير الغارات الأخيرة إلى استمرار الولايات المتحدة في سياسة "الضغط الأقصى" ضد الحوثيين، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى إجبار إيران، الداعم الرئيسي للجماعة، على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي. ومع ذلك، يحذر خبراء من أن التصعيد العسكري قد يؤدي إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية في اليمن، الذي يعاني أصلاً من أزمة إنسانية حادة، حيث يواجه نحو 20 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي.
في المقابل، يبدو أن الحوثيين يراهنون على استنزاف القوات الأمريكية من خلال الاستمرار في هجماتهم البحرية، مستفيدين من سيطرتهم على مناطق استراتيجية في شمال اليمن. ويظل السؤال المحوري: هل ستتمكن الضربات الأمريكية من كبح جماح الجماعة، أم أنها ستدفع المنطقة نحو دوامة جديدة من العنف؟
تُظهر الغارات الأمريكية الأخيرة على اليمن عمق التحديات التي تواجهها واشنطن في التعامل مع الحوثيين، الذين يربطون عملياتهم بالصراع الأوسع في غزة. ورغم التصعيد العسكري، تبقى الآفاق السياسية غامضة، حيث يتطلب الحل الشامل معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك الأزمة في غزة والتوترات الإقليمية مع إيران. وفي ظل استمرار الضربات وردود الفعل الحوثية، يظل اليمن ساحة لصراع معقد قد يترك تداعيات طويلة الأمد على المنطقة بأسرها.