تطورات اقليمية

تداعيات إقليمية وسياسية لقرار تاريخي..

الأردن يحظر الإخوان المسلمين بعد اتهامات بالتورط في مخططات إرهابية.. قمع أم أمن؟

الأردن يحظر جماعة الإخوان المسلمين ويغلق مقارها بتهمة التخطيط للتخريب

عمان

أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، الأربعاء، حظرًا شاملًا لكافة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة، مع إغلاق جميع مقارها ومصادرة أصولها، في خطوة تاريخية تمثل نقطة تحول جذرية في علاقة الدولة بالجماعة التي تأسست عام 1946. يأتي القرار بعد اتهامات خطيرة بتورط الجماعة في مخططات تخريبية تهدد الأمن الوطني، مما دفع الحكومة لتفعيل حكم قضائي صادر عام 2020 بحل الجماعة، وإنهاء وجودها القانوني بشكل نهائي.

حظر شامل ومصادرة الأصول

في مؤتمر صحفي عاجل، أكد الفراية أن الحكومة قررت "حظر كافة نشاطات ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة، واعتبار أي نشاط لها، أياً كان نوعه، عملًا يخالف القانون ويوجب المساءلة القانونية". وشدد على إغلاق جميع المكاتب والمقار المرتبطة بالجماعة، حتى تلك التي تعمل بالشراكة مع جهات أخرى، معلنًا تسريع عمل لجنة مكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة وغير المنقولة وفقًا للأحكام القضائية.

القرار لم يقتصر على الحظر التنظيمي، بل امتد ليشمل حظر الانتساب للجماعة أو الترويج لأفكارها، مع تحذير صريح للأفراد، والقوى السياسية، ووسائل الإعلام، ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، والمجتمع المدني من التعامل مع الجماعة أو نشر محتواها تحت طائلة العقوبات القانونية. وقال الفراية إن أي تعامل مع الجماعة أو أذرعها سيواجه "إجراءات قانونية صارمة".

من التخريب إلى تصنيع المتفجرات

استند القرار إلى اتهامات خطيرة كشف عنها الوزير، تتعلق بضلوع الجماعة في أنشطة تهدد الأمن الوطني. وأشار إلى محاولة الجماعة، في ليلة الإعلان عن إحباط مخطط تخريبي الأسبوع الماضي، تهريب وإتلاف وثائق من مقارها لإخفاء "نشاطاتها وارتباطاتها المشبوهة". وكشف عن ضبط عملية لتصنيع المتفجرات وتجريبها، شارك فيها ابن أحد قياديي الجماعة مع آخرين، بهدف استهداف الأجهزة الأمنية ومواقع حساسة داخل المملكة.

وأوضح الفراية أن التحقيقات كشفت عن "متفجرات وأسلحة تُخزن في أحياء سكنية، وصواريخ تُصنع في ضواحي العاصمة، وعمليات تدريب وتجنيد داخل وخارج الأردن"، مما يكشف عن بنية تحتية سرية كانت تهدف إلى زعزعة الاستقرار. وأكد أن هذه الأنشطة، التي شملت تورط 16 شخصًا في قضية "خلايا الفوضى"، تؤكد تحول الجماعة من العمل السياسي إلى التخطيط لأعمال عنف.

السياق القانوني والتاريخي

يستند القرار إلى حكم قضائي صادر عام 2020، اعتبر الجماعة "منحلة حكمًا" لفشلها في تصويب أوضاعها القانونية وفق القوانين الأردنية. ورغم هذا الحكم، ظلت السلطات تتغاضى عن أنشطة الجماعة، التي كانت تتمتع بدعم شعبي واسع في المدن الكبرى، حتى كشف المخططات الأخيرة التي دفعت الحكومة لاتخاذ موقف حاسم.

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 1946 كجمعية دعوية، وشهدت فترات تعاون مع الحكومات، حيث تبوأ قياديون منها مناصب رفيعة. لكن العلاقة بدأت تتوتر عقب مؤتمر مدريد للسلام عام 1992، حيث عارضت الجماعة وحزبها السياسي، جبهة العمل الإسلامي، عملية السلام مع إسرائيل، مما أدى إلى فتور تدريجي في العلاقة.

ردود الفعل والتداعيات

لم تصدر الجماعة تعليقًا فوريًا على القرار، لكنها نفت في وقت سابق تورطها في أي مخططات تخريبية، معتبرة أن أي أعمال فردية قد تكون مرتبطة بدعم "المقاومة الفلسطينية". ومع فوز جبهة العمل الإسلامي بـ31 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (سبتمبر 2024)، يثير الحظر تساؤلات حول مصير هذا الحزب، الذي يُعد أكبر تكتل معارض في البرلمان، دون توضيح فوري حول ما إذا كان الحظر سيطاله.

بدأت السلطات الأردنية، الأربعاء، تفتيش مقار الجماعة في عدة محافظات بموجب قرار من النيابة العامة، في خطوة عملية لتنفيذ الحظر. وأكد رئيس مجلس النواب، أحمد الصفدي، دعم البرلمان للقرار، مشددًا على أن "لا أحد فوق سلطة الدولة وسيادة القانون".

الأبعاد الإقليمية والسياسية

يأتي القرار في سياق إقليمي مشحون، حيث تتصاعد التوترات بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة والاحتجاجات الشعبية الداعمة لحماس، التي ترتبط أيديولوجيًا بالإخوان. وقد زادت شعبية الجماعة في الأردن بسبب قيادتها لاحتجاجات داعمة لفلسطين، مما جعل الحظر خطوة حساسة سياسيًا. كما يتزامن القرار مع مطالبة حماس بالإفراج عن المتهمين في قضية "خلايا الفوضى"، مما يضيف تعقيدًا إقليميًا للقضية.

من الناحية الإقليمية، الإخوان محظورون في معظم الدول العربية، التي تصنفهم كجماعة إرهابية، بينما تصر الجماعة على نبذ العنف والعمل بوسائل سلمية. ومع ذلك، فإن الحظر في الأردن، الذي كان يُعد ملاذًا نسبيًا للجماعة، قد يكون له تداعيات واسعة على نفوذها في المنطقة.

رسالة سيادة القانون

يمثل قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين تأكيدًا على عزم الدولة الأردنية فرض سيادة القانون ومواجهة أي تهديدات للأمن الوطني. ويعكس القرار نهاية مرحلة طويلة من التسامح النسبي مع الجماعة، التي استغلت، وفق السلطات، هذا التسامح للقيام بأنشطة تخريبية. وبينما يثير القرار تساؤلات حول الحريات السياسية ومستقبل المعارضة في الأردن، فإنه يرسل رسالة واضحة بأن الأمن والاستقرار خط أحمر. ومع بدء تنفيذ الحظر، تظل الأنظار متجهة نحو ردود الفعل الداخلية والإقليمية، وتأثير هذه الخطوة على المشهد السياسي في المملكة.

قمع ممنهج في إيران: مذكرة أمنية تمنح الشرطة سلطات واسعة داخل المدارس


أحمد الشرع يكشف عن مفاوضات مع روسيا وتركيا بشأن الوجود العسكري الأجنبي


قمة أردنية سعودية في الرياض: بحث الأوضاع في غزة وتعزيز التعاون الاقتصادي


تفاقم الأمراض المنقولة في اليمن.. التغير المناخي يهدد صحة المجتمع (أبين وعدن نموذجًا)