تطورات اقليمية

رهن بالتوازنات الإقليمية والدولية..

غروندبرغ في مهمة صعبة: هل يفلح الحوار في ظل التصعيد العسكري باليمن؟

المبعوث الأممي هانس غروندبرغ

واشنطن

تشهد اليمن حالة من التناقض الواضح بين جهود الأمم المتحدة لإحياء مسار السلام وبين التصعيد العسكري المتواصل، خاصة مع الحملة الجوية الأمريكية المكثفة ضد جماعة الحوثيين منذ منتصف مارس 2025. يأتي هذا التصعيد كرد فعل على استهداف الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بدعوى دعم الفلسطينيين في غزة، مما أثار تساؤلات حول مصير جهود السلام ومدى إمكانية تحقيق تسوية سياسية شاملة.

التصعيد العسكري الأمريكي: 

تُظهر الحملة الأمريكية، التي تستهدف مواقع الحوثيين ومرافقهم الحيوية، توجهاً واضحاً نحو تحجيم قدرات الجماعة العسكرية. ورغم تصريحات إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تؤكد عزمها على شل هذه القدرات، إلا أن خيار الحسم النهائي ضد الحوثيين لا يزال غير واضح. فقد أشار وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث إلى أن الولايات المتحدة لا تهتم بالحرب الأهلية اليمنية، بل تركز على حماية ممرات الملاحة الحيوية. كما عززت تصريحات السفير الأمريكي ستيفن فاجن هذا التوجه، مؤكداً أن استعادة حرية الملاحة تمهد لتسوية سياسية شاملة.

يُفهم من هذا الخطاب أن واشنطن تسعى إلى "تأديب" الحوثيين وتقليص نفوذهم، وليس بالضرورة إسقاطهم لصالح خصومهم في معسكر الشرعية اليمنية. كما يبدو أن الهدف الأوسع هو الضغط على الحوثيين وحليفتهم إيران للحد من تهديداتهما لاستقرار المنطقة.

جهود الأمم المتحدة للسلام: 

على الرغم من أجواء التصعيد، يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، تحركاته لإنعاش مسار السلام. زيارته الأخيرة إلى مسقط، حيث التقى مسؤولين حوثيين وعمانيين، عكست التزام الأمم المتحدة بالحوار. ركزت المناقشات على استقرار الوضع في اليمن ومعالجة مخاوف الأطراف المعنية، بما في ذلك المنطقة والمجتمع الدولي. كما جدد غروندبرغ مطالبته بالإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المحتجزين لدى الحوثيين.

من جانبه، أكد رئيس الوفد التفاوضي الحوثي، محمد عبدالسلام، في تدوينة على منصة إكس، أن اللقاء مع المبعوث الأممي تناول الأوضاع في اليمن والمنطقة، مع التركيز على الملفات الإنسانية وتجنب التصعيد. لكن استمرار الحوثيين في احتجاز موظفي الأمم المتحدة، بزعم تفكيك شبكة تجسس، يعكس التوتر المستمر في علاقتهم بالمنظمة الدولية.

العلاقة الملتبسة بين الحوثيين والأمم المتحدة: 

تُظهر قضية المعتقلين الطبيعة المعقدة للعلاقة بين الحوثيين والأمم المتحدة. فبينما لعبت الأخيرة دوراً حيوياً في دعم مناطق سيطرة الحوثيين عبر المساعدات الإنسانية، وأبقت على الجماعة كطرف معترف به في الحوار السياسي، فإن تشدد الحوثيين واعتداءاتهم على موظفي المنظمة يعيقان تقدم جهود السلام. هذا التناقض يعكس تحديات كبيرة تواجه الأمم المتحدة في التعامل مع طرف يتبنى خطاباً متشدداً وممارسات تصعيدية.

التداعيات الإقليمية والدولية: 

تُبرز التطورات الحالية دور حلفاء الولايات المتحدة، خصوصاً السعودية، التي تسعى للحفاظ على قنوات حوار مفتوحة مع الحوثيين. كما تؤكد التحركات الأممية أن السلام لا يزال هدفاً مشتركاً، رغم التحديات التي يفرضها التصعيد العسكري. ومع ذلك، فإن استمرار الحوثيين في استهداف الملاحة البحرية، إلى جانب الحملة الأمريكية المكثفة، يجعل تحقيق تقدم ملموس في المسار السياسي أمراً بالغ الصعوبة.

خاتمة: 

يبدو مسار السلام في اليمن عالقاً بين الضغوط العسكرية الأمريكية وجهود الأمم المتحدة الدبلوماسية. في حين تسعى واشنطن إلى تحجيم الحوثيين دون إغلاق باب الحوار معهم، تواجه الأمم المتحدة تحديات كبيرة في إقناع الجماعة بالعودة إلى طاولة المفاوضات. التوازن بين الضغط العسكري والتفاوض السياسي سيظل المحدد الرئيسي لمستقبل الصراع في اليمن، وسط حاجة ملحة لمعالجة الملفات الإنسانية واستعادة الاستقرار في المنطقة.

استهداف رأس عيسى والعقوبات على بنك اليمن الدولي: واشنطن تكثف الحرب الاقتصادية ضد الحوثيين


تحديات عسكرية ودبلوماسية.. الخيار العسكري ضد إيران ممكن لكنه محفوف بالمخاطر


قمع ممنهج في إيران: مذكرة أمنية تمنح الشرطة سلطات واسعة داخل المدارس


أحمد الشرع يكشف عن مفاوضات مع روسيا وتركيا بشأن الوجود العسكري الأجنبي