تطورات اقليمية
مقتل شاب وفتاة من الجنسية الإثيوبية برصاص حاجز أمني..
المهاجرون الإثيوبيون.. رحلة بحرية وبرية محفوفة بالمخاطر تنتهي بكوارث على الحدود اليمنية - السعودية
حافلة متوقفة امام بوابة مستشفى محنف بلودر تقل على متنها جثاميين الضحتينين صباح الثلاثاء (مراسل صحيفة اليوم الثامن)
المدخل
في صباح يوم الثلاثاء، 29 أبريل 2025، قُتل شاب وفتاة من الجنسية الإثيوبية، في منتصف العشرينات من عمرهما، برصاص حاجز أمني في بلدة العين، جنوب مدينة لودر بمحافظة أبين، وذلك وفقًا لمصادر أمنية وطبية أفادت بها صحيفة "اليوم الثامن".
وذكرت المصادر أن الضحيتين كانا يستقلان سيارة خاصة، رفض سائقها الامتثال لأوامر التوقف عند أحد الحواجز الأمنية، ما دفع أحد الجنود إلى إطلاق النار بهدف تعطيل المركبة. إلا أن الرصاص أصاب الشاب والفتاة، وأودى بحياتهما على الفور.
وقد نُقلت جثتا الضحيتين إلى مستشفى محنف في لودر، فيما باشر فريق من البحث الجنائي التحقيق في ملابسات الحادث.
وجاءت هذه الحادثة الأمنية، لتفتح الباب امام الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين الهاربين من المجاعة في القرن الأفريقي، والباحثين عن فرص عمل في المملكة العربية السعودية، خاصة في المناطق الحدودية.
المقدمة
يشهد جنوب اليمن حركة عبور يومية لعشرات المهاجرين الإثيوبيين، الذين يسلكون طرقًا جبلية وعرة عبر محافظتي أبين وشبوة، انطلاقًا من سواحل البحر العربي، في محاولة للوصول إلى الأراضي السعودية بحثًا عن فرص عمل، غالبًا في المزارع القريبة من الحدود اليمنية-السعودية.
ويواجه هؤلاء المهاجرون مخاطر جمّة أثناء رحلة عبورهم، بدءًا من تهريبهم عبر البحر، ووصولًا إلى رحلتهم البرية التي يضطرون فيها للسير على الأقدام، نظرًا لمنع المركبات من نقلهم.
تعد محافظة أبين إحدى أكثر المحافظات حساسية في جنوب البلاد، إذ تعاني من اضطرابات أمنية متواصلة بفعل المواجهات مع عناصر تنظيم القاعدة المفترض، ما أدى إلى انتشار الحواجز الأمنية الهادفة إلى ضبط الحركة ومكافحة التهريب والأنشطة غير المشروعة.
إلا أن هذه الحواجز الأمنية تعمل في ظروف ميدانية بالغة التعقيد، وسط ضغوط متزايدة لضبط الأمن والتصدي لتحديات كبرى، أبرزها الهجرة غير النظامية وعمليات التهريب المتنوعة.
لكن ما يفوق تلك التحديات خطورةً، هي الحوادث المروّعة التي يتعرض لها عشرات المهاجرين، خصوصًا على الحدود اليمنية-السعودية، حيث وثّقت مصادر حقوقية – في إفادات خاصة لـ"اليوم الثامن" – عمليات قتل وُصفت بـ"الوحشية"، وسط اتهامات للحوثيين والولايات المتحدة بالوقوف وراء الهجمات التي أودت بحياة العشرات خلال مكوثهم في مخيم بصعدة أقصى الشمال اليمني في الحدود مع المملكة العربية السعودية.
وجاءت هذه الانتهاكات في سياق إقليمي متوتر، يتزامن مع تصاعد التوتر بين المملكة العربية السعودية والجماعة الحوثية الموالية لإيران، واستمرار الغارات الجوية التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية ضد مواقع الجماعة، بعد تسببها في تعطيل خطوط الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ما ألقى بظلاله على أوضاع المهاجرين الذين علقوا في مناطق التماس والنزاع.
تقييم واقعة مقتل مهاجرين إثيوبيين في أبين
رغم حالة الاستقرار النسبي التي تحاول الأجهزة الأمنية فرضها على امتداد الطرق الرابطة بين عدن (العاصمة)، ومحافظتي أبين وشبوة، وصولًا إلى المحافظات الشمالية، إلا أن حادثة مقتل شاب وفتاة إثيوبيين، صباح الثلاثاء 29 أبريل/نيسان، تشكّل انتكاسة أمنية تُبرز مواطن خلل خطير في آلية التعامل مع ملف التهريب والهجرة غير النظامية.
الضحيتان كانا ضمن مجموعة من المهاجرين الإثيوبيين الذين اعتادوا سلوك طريق طويل محفوف بالمخاطر، يبدأ من شواطئ ميناء شُقرة، مرورًا بجبال العرقوب، وصولًا إلى مدينة لودر، ثم عبر سلسلة جبال الكور الشاهقة نحو البيضاء، ومنها إلى صعدة في أقصى شمال اليمن.
وبحسب مصدر أمني، فإن إطلاق النار جاء بعد رفض سائق المركبة الامتثال لأوامر التوقف عند حاجز أمني، ما دفع أحد الجنود إلى فتح النار بهدف تعطيل السيارة، لكن النتيجة كانت قاتلة، بفعل سوء التصويب أو ضعف التدريب، وأودت بحياة الشاب والفتاة على الفور.
هذه الحادثة تسلّط الضوء على تصاعد الهجرة غير النظامية عبر الأراضي اليمنية، مدفوعة بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة في إثيوبيا، والطلب المرتفع على العمالة في السعودية، في ظل غياب تام لقنوات قانونية أو آمنة لعبور هؤلاء المهاجرين.
ويؤشر الحادث إلى ثغرات خطيرة في إجراءات التعامل الأمني، سواء من حيث ضعف التدريب، أو غياب بروتوكولات واضحة لاستخدام القوة، خاصة في حالات غير قتالية، استخدام الرصاص الحي في موقف كهذا يُعد مؤشرًا على افتقار بعض الحواجز الأمنية إلى الكفاءة المهنية المطلوبة، ويزيد من احتمالات تكرار هذه المآسي.
كما تثير الواقعة تساؤلات عن تقاعس المنظمات الدولية عن أداء دورها في هذا الملف، خاصة وأن تقارير سابقة أشارت إلى تجنيد بعض المهاجرين من قبل أذرع إيران في اليمن خلال سنوات الحرب، للقتال في جبهات مأرب وساحل ميدي والحدود اليمنية السعودية.
وقد تؤثر حادثة أبين سلبًا على سمعة الأجهزة الأمنية، التي راكمت في السنوات الأخيرة قدرًا من المصداقية، خاصة في ملفات مكافحة الإرهاب. إلا أن هذه الحادثة قد تفتح الباب لانتقادات حقوقية محلية ودولية، وقد تُستغل سياسيًا لتقويض ما تحقق أمنيًا.
وفي غياب إصلاح حقيقي في إجراءات العمل الميداني ونقاط التفتيش، ودون معالجة جادة لملف الهجرة غير النظامية، تبقى هذه الحوادث مرشحة للتكرار، بما يحوّل الطرق الجبلية ومناطق العبور إلى مصائد موت، ويُعمّق من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن.
الحادث يبرز الحاجة الملحة إلى تحسين إجراءات الحواجز الأمنية، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير القانونية من خلال حلول إقليمية ودولية. دون اتخاذ إجراءات فورية، قد تتكرر مثل هذه الحوادث، مما يزيد من الخسائر البشرية ويؤثر على الاستقرار في المنطقة.
قرابة 70 قتيلا من المهاجرين على الحدود اليمنية – السعودية
قتل قرابة 70 شخصا من المهاجرين غير الشرعيين في مخيم في صعدة الواقعة بين الحدود اليمنية – السعودية، فيما تضاربت الانباء بشأن المتورط في الهجوم، حيث تشير مصادر يمنية إلى أن القتل وقع نتيجة قصف صاروخي خاطئ للحوثيين فيما اتهمت الجماعة الموالية لإيران، الولايات المتحدة الأمريكية بقصف المهاجرين.
وقالت تقارير صحافية ووسائل إعلام موالية لأذرع إيران في اليمن أن غارة جوية أمريكية هزت مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة شمال اليمن، مخلفة 68 قتيلًا.
هذا الهجوم، الذي وُصف بأنه أحد أعنف الغارات ضمن الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين، أثار موجة من الإدانات وأعاد إلى الواجهة معاناة المدنيين في اليمن الممزق بالصراعات.
وبحسب تلك المزاعم فقد استهدفت الغارة مركزًا لاحتجاز المهاجرين الأفارقة في صعدة، وهي منطقة تقع على طريق هجرة رئيسي يستخدمه الأفارقة، خاصة من إثيوبيا، لعبور اليمن نحو السعودية. وبحسب قناة المسيرة، كان المركز يضم أكثر من 100 مهاجر غير شرعي. أظهرت لقطات مصورة جثثًا مغطاة بالغبار وسط أنقاض ملطخة بالدماء، مع مشاهد لفرق الإنقاذ وهي تنقل الضحايا.
روى ناجون، في مقابلات مع التلفزيون اليمني، لحظات الرعب التي عاشوها عندما استيقظوا على انفجار عنيف هز المبنى. وصف أحدهم كيف دفعته قوة الانفجار إلى الأعلى قبل أن يسقط أرضًا، بينما سُمع آخر ينادي "أمي" باللغة الأمهرية، اللغة الرئيسية في إثيوبيا.
وفقًا لوكالة رويترز، التي تحققت من موقع الحادث عبر لقطات مصورة وصور أقمار صناعية، أصيب مبنى يشبه المستودع بأضرار جسيمة في سقفه، بينما كان سليمًا في اليوم السابق. ويُشار إلى أن الموقع نفسه تعرض لغارة سعودية عام 2022، مما يثير تساؤلات حول استهداف مراكز مدنية بشكل متكرر.
وتأتي الغارة ضمن عملية "راف رايدر"، وهي حملة جوية أمريكية مكثفة بدأت في 15 مارس 2025، استهدفت أكثر من 800 موقع تابع للحوثيين، المتحالفين مع إيران والذين يسيطرون على شمال اليمن. وبحسب الجيش الأمريكي، أسفرت هذه العمليات عن مقتل مئات المقاتلين الحوثيين وقادتهم.
في المقابل، يواصل الحوثيون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، واصفين إياها بحملة دعم للفلسطينيين. وفي يوم الحادث، أعلن الحوثيون استهداف مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، التي تشارك في الغارات. وفي سياق متصل، أعلنت البحرية الأمريكية سقوط طائرة إف-18 وقاطرتها من على الحاملة، وربطت تقارير أولية الحادث بانحراف الحاملة نتيجة هجوم حوثي محتمل، لكن الأسباب لم تتضح بعد.
وصف محمد عبد السلام، المتحدث باسم الأذرع الإيرانية في اليمن، الغارة بـ"الجريمة الوحشية" التي استهدفت مهاجرين أبرياء.
أكد يحيى سريع، المتحدث العسكري، استمرار هجمات الجماعة في البحر الأحمر رغم الغارات الأمريكية.
وأقر مسؤول دفاعي أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته، بمزاعم الخسائر المدنية، مشيرًا إلى إجراء تحقيق لتقييم الأضرار.
رفض الجيش الأمريكي الكشف عن تفاصيل أهداف الغارة لأسباب أمنية، كريستين سيبولا، رئيسة وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، اعربت عن استيائها من احتجاز المهاجرين في مواقع معرضة للنيران دون مكان للهروب.
دعا ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
طالب ثلاثة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي وزير الدفاع بيت هيجسيث بمحاسبة المسؤولين عن الخسائر المدنية.
ويُبرز الحادث معاناة المهاجرين الأفارقة في اليمن، حيث يواجهون الاحتجاز في ظروف قاسية وسط نزاع مستمر منذ عقد. وتُثير الغارة مخاوف بشأن سلامة المدنيين في مناطق الصراع، خاصة مع تصاعد الغارات الأمريكية التي تسببت بمقتل مدنيين في هجمات سابقة، مثل غارة ميناء رأس عيسى النفطي التي أودت بحياة 74 شخصًا في وقت سابق من أبريل 2025.
وتشير الغارة إلى تحديات كبيرة تواجه العمليات العسكرية في مناطق مكتظة بالمدنيين، حيث يصعب التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. كما تُسلط الضوء على الوضع الهش للمهاجرين الأفارقة، الذين يُحتجزون في مراكز غير آمنة. ومع استمرار التصعيد بين الولايات المتحدة والحوثيين، يزداد خطر وقوع المزيد من الخسائر المدنية.
وتُعد غارة صعدة مأساة إنسانية تعكس تعقيدات النزاع في اليمن، حيث يدفع المدنيون، وخاصة الفئات الأضعف مثل المهاجرين، ثمن التصعيد العسكري. وتُبرز الحاجة الملحة إلى حماية المدنيين وإجراء تحقيقات مستقلة لضمان المساءلة.