تطورات اقليمية
ناجون يروون لحظات الرعب في غارة صعدة..
المهاجرون الأفارقة في اليمن: من رحلة البحث عن الأمان إلى ضحايا الغارات الجوية
غارة جوية أمريكية تودي بحياة 68 مهاجرًا أفريقيًا في مركز احتجاز باليمن
هزت غارة جوية أمريكية مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة شمال اليمن، مخلفة 68 قتيلًا، وفقًا لقناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي. هذا الهجوم، الذي وُصف بأنه أحد أعنف الغارات ضمن الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين، أثار موجة من الإدانات وأعاد إلى الواجهة معاناة المدنيين في اليمن الممزق بالصراعات.
استهدفت الغارة مركزًا لاحتجاز المهاجرين الأفارقة في صعدة، وهي منطقة تقع على طريق هجرة رئيسي يستخدمه الأفارقة، خاصة من إثيوبيا، لعبور اليمن نحو السعودية. وبحسب قناة المسيرة، كان المركز يضم أكثر من 100 مهاجر غير شرعي. أظهرت لقطات مصورة جثثًا مغطاة بالغبار وسط أنقاض ملطخة بالدماء، مع مشاهد لفرق الإنقاذ وهي تنقل الضحايا.
روى ناجون، في مقابلات مع التلفزيون اليمني، لحظات الرعب التي عاشوها عندما استيقظوا على انفجار عنيف هز المبنى. وصف أحدهم كيف دفعته قوة الانفجار إلى الأعلى قبل أن يسقط أرضًا، بينما سُمع آخر ينادي "أمي" باللغة الأمهرية، اللغة الرئيسية في إثيوبيا.
وفقًا لوكالة رويترز، التي تحققت من موقع الحادث عبر لقطات مصورة وصور أقمار صناعية، أصيب مبنى يشبه المستودع بأضرار جسيمة في سقفه، بينما كان سليمًا في اليوم السابق. ويُشار إلى أن الموقع نفسه تعرض لغارة سعودية عام 2022، مما يثير تساؤلات حول استهداف مراكز مدنية بشكل متكرر.
السياق العسكري
تأتي الغارة ضمن عملية "راف رايدر"، وهي حملة جوية أمريكية مكثفة بدأت في 15 مارس 2025، استهدفت أكثر من 800 موقع تابع للحوثيين، المتحالفين مع إيران والذين يسيطرون على شمال اليمن. وبحسب الجيش الأمريكي، أسفرت هذه العمليات عن مقتل مئات المقاتلين الحوثيين وقادتهم.
في المقابل، يواصل الحوثيون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، واصفين إياها بحملة دعم للفلسطينيين. وفي يوم الحادث، أعلن الحوثيون استهداف مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، التي تشارك في الغارات. وفي سياق متصل، أعلنت البحرية الأمريكية سقوط طائرة إف-18 وقاطرتها من على الحاملة، وربطت تقارير أولية الحادث بانحراف الحاملة نتيجة هجوم حوثي محتمل، لكن الأسباب لم تتضح بعد.
ردود الفعل
جماعة الحوثي:
وصف محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين، الغارة بـ"الجريمة الوحشية" التي استهدفت مهاجرين أبرياء.
أكد يحيى سريع، المتحدث العسكري، استمرار هجمات الجماعة في البحر الأحمر رغم الغارات الأمريكية.
الولايات المتحدة:
أقر مسؤول دفاعي أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته، بمزاعم الخسائر المدنية، مشيرًا إلى إجراء تحقيق لتقييم الأضرار.
رفض الجيش الأمريكي الكشف عن تفاصيل أهداف الغارة لأسباب أمنية.
منظمات دولية:
أعربت كريستين سيبولا، رئيسة وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، عن استيائها من احتجاز المهاجرين في مواقع معرضة للنيران دون مكان للهروب.
دعا ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
مدافعون عن حقوق الإنسان:
طالب ثلاثة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي وزير الدفاع بيت هيجسيث بمحاسبة المسؤولين عن الخسائر المدنية.
ويُبرز الحادث معاناة المهاجرين الأفارقة في اليمن، حيث يواجهون الاحتجاز في ظروف قاسية وسط نزاع مستمر منذ عقد. وتُثير الغارة مخاوف بشأن سلامة المدنيين في مناطق الصراع، خاصة مع تصاعد الغارات الأمريكية التي تسببت بمقتل مدنيين في هجمات سابقة، مثل غارة ميناء رأس عيسى النفطي التي أودت بحياة 74 شخصًا في وقت سابق من أبريل 2025.
وتشير الغارة إلى تحديات كبيرة تواجه العمليات العسكرية في مناطق مكتظة بالمدنيين، حيث يصعب التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. كما تُسلط الضوء على الوضع الهش للمهاجرين الأفارقة، الذين يُحتجزون في مراكز غير آمنة. ومع استمرار التصعيد بين الولايات المتحدة والحوثيين، يزداد خطر وقوع المزيد من الخسائر المدنية.
وتُعد غارة صعدة مأساة إنسانية تعكس تعقيدات النزاع في اليمن، حيث يدفع المدنيون، وخاصة الفئات الأضعف مثل المهاجرين، ثمن التصعيد العسكري. وتُبرز الحاجة الملحة إلى حماية المدنيين وإجراء تحقيقات مستقلة لضمان المساءلة.