تطورات اقليمية
الحرب الإيرانية – الإسرائيلية..
اجعلوا إيران عظيمة مرة أخرى: شعار ترامب يثير مخاوف تغيير النظام بعد قصف المواقع النووية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول إمكانية تغيير النظام في إيران، جدلًا واسعًا بعد الضربات العسكرية الأمريكية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية (فوردو، نطنز، وأصفهان). جاءت هذه التصريحات في منشورات على منصة "تروث سوشيال"، حيث استخدم ترامب شعار "اجعلوا إيران عظيمة مرة أخرى"، مستلهمًا شعاره الانتخابي الشهير "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا". على الرغم من تأكيدات كبار مسؤولي إدارته على أن الهدف لم يكن تغيير النظام، فإن تصريحات ترامب أثارت تساؤلات حول النوايا الأمريكية وتداعيات الضربات على استقرار المنطقة.
فجر الأحد، أعلن الرئيس ترامب أن الجيش الأمريكي نفذ ضربات جوية "ناجحة" باستخدام قاذفات B-2 Spirit الشبحية، استهدفت مواقع نووية إيرانية رئيسية. ووفقًا لوزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، شاركت سبع قاذفات B-2 في عملية "مطرقة منتصف الليل" (Operation Midnight Hammer)، التي استغرقت 18 ساعة وانطلقت من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري. استخدمت القاذفات قنابل خارقة للتحصينات (GBU-57 Massive Ordnance Penetrators) لتدمير منشآت تحت الأرض، بينما أطلقت غواصات أمريكية صواريخ توماهوك على أهداف في أصفهان.
أكد ترامب في منشوراته على "تروث سوشيال" أن الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية كانت "هائلة" و"عميقة تحت الأرض"، مشيرًا إلى صور أقمار اصطناعية تظهر الدمار. ومع ذلك، أشار مسؤولون إيرانيون إلى أن الأضرار كانت محدودة وأن معظم اليورانيوم المخصب تم نقله إلى مواقع سرية قبل الهجوم. كما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم رصد زيادة في مستويات الإشعاع خارج المواقع.
في منشور مثير للجدل على "تروث سوشيال"، تساءل ترامب: "ليس من الصواب سياسيًا استخدام مصطلح تغيير النظام، لكن إن لم يكن النظام الإيراني الحالي قادرًا على جعل إيران عظيمة مرة أخرى، فلم لا يكون هناك تغيير للنظام؟". هذا التصريح جاء بعد أيام من الضربات الأمريكية والإسرائيلية، التي وصفها ترامب بأنها "نجاح عسكري مذهل" هدفه القضاء على التهديد النووي الإيراني.
ومع ذلك، تناقضت تصريحات ترامب مع مواقف كبار مسؤولي إدارته. أكد وزير الدفاع بيت هيغسيث أن "المهمة لم تستهدف تغيير النظام، بل تدمير البرنامج النووي الإيراني". كما شدد نائب الرئيس جي دي فانس، في مقابلة مع NBC، على أن "الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير النظام في إيران". هذا التناقض أثار مخاوف من انقسام داخل الإدارة الأمريكية حول الأهداف الاستراتيجية.
أثارت الضربات الأمريكية وتصريحات ترامب ردود فعل متباينة، حيث أدانت طهران الهجمات ووصفتها بأنها "انتهاك للقانون الدولي"، محذرة من "عواقب وخيمة". وأكد وزير الخارجية عباس أراغشي أن إيران "تحتفظ بجميع الخيارات" للرد، بما في ذلك استهداف قواعد أمريكية أو إغلاق مضيق هرمز.
و أشاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالضربات الأمريكية، واصفًا إياها بأنها "ستغير تاريخ الشرق الأوسط"، وأكد على التنسيق الوثيق بين البلدين.
وحذر الأمين العام أنطونيو غوتيريش من "دوامة انتقامية"، واصفًا الضربات بأنها "منعطف خطير" في المنطقة.
ودعا قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، مؤكدين أن طهران "يجب ألا تمتلك سلاحًا نوويًا".
من جانب آخر أدانتا الصين وروسيا الضربات، ووصفتها روسيا بأنها "غير مسؤولة"، بينما دعت الصين إلى وقف التصعيد.
وتشير تصريحات ترامب إلى محاولة للضغط على النظام الإيراني للعودة إلى المفاوضات، لكن إثارة فكرة تغيير النظام قد تعقد الجهود الدبلوماسية. على الرغم من تأكيدات إدارته على أن الهدف كان محدودًا بتدمير البرنامج النووي، فإن الضربات أضعفت قدرات إيران العسكرية والنووية بشكل كبير، مما يزيد من الضغوط الداخلية على النظام. بعض المحللين، مثل كريم ساجدبور من مؤسسة كارنيغي، يرون أن الضربات قد تكون "تحولية" لإيران والمنطقة، مع تداعيات طويلة الأمد على النظام العالمي.
ومع ذلك، فإن إيران لا تزال تمتلك خيارات انتقامية، بما في ذلك هجمات بالوكالة عبر ميليشيات في العراق وسوريا، أو استهداف السفن في مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا. داخليًا، يواجه النظام الإيراني ضغوطًا شعبية متزايدة بسبب "فشله" في حماية البلاد، مما قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية.
تصريحات ترامب حول تغيير النظام في إيران، رغم كونها غير مدعومة رسميًا من إدارته، تعكس نهجًا تصعيديًا قد يعيد تشكيل ديناميكيات الشرق الأوسط. الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية، التي نفذتها قاذفات B-2 بنجاح، ألحقت أضرارًا كبيرة، لكن مدى تأثيرها على البرنامج النووي الإيراني لا يزال غير واضح. في ظل التحذيرات الدولية من دوامة انتقامية، يبقى السؤال: هل ستدفع هذه الأحداث إيران نحو التفاوض أم إلى تصعيد عسكري أكبر؟