تطورات اقليمية
الحرب الإيرانية – الإسرائيلية..
بعد قصف إيران: الحوثيون يبرزون كـ ذراع المقاومة الأبرز.. ويهددون أمريكا وإسرائيل
القوات المسلحة الجنوبية_ أرشيف
أعلنت جماعة الحوثي في اليمن استعدادها لكسر التهدئة مع الولايات المتحدة وتصعيد المواجهة مع إسرائيل، ردًا على الضربات الأمريكية-الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية في فوردو، نطنز، وأصفهان. هذا الموقف يعزز دور الحوثيين كذراع إيران الأكثر نشاطًا ضمن "محور المقاومة"، خاصة بعد تراجع قدرات حزب الله اللبناني وتقليص نفوذ الفصائل الشيعية العراقية تحت ضغوط سياسية واقتصادية. يعكس هذا التصعيد استراتيجية إيران لاستخدام اليمن كورقة ضغط إقليمية، مستفيدة من موقعه الجغرافي الحيوي، مما يهدد استقرار جنوب الجزيرة العربية ويثير مخاوف من حرب إقليمية شاملة.
تكتسب جماعة الحوثي أهمية متزايدة في استراتيجية إيران الإقليمية، خاصة بعد إضعاف حزب الله بضربات إسرائيلية متكررة، وتقليص نفوذ الفصائل الشيعية العراقية بسبب سياسة الحكومة العراقية للنأي بالنفس ومخاوفها من ردود أمريكية-إسرائيلية مدمرة. كما تلعب مصالح اقتصادية مشتركة بين إيران وهذه الفصائل دورًا في الحفاظ على العراق كمتنفس اقتصادي، حيث تُهرَّب مبالغ كبيرة من الدولار إلى إيران عبر قنوات معقدة لتجاوز العقوبات الأمريكية. في المقابل، يُعتبر الحوثيون أقل تقييدًا، مما يجعلهم أداة طهران المفضلة لمشاغلة إسرائيل والولايات المتحدة.
في بيان صادر عن الحكومة الحوثية غير المعترف بها دوليًا، نشرته وكالة سبأ، أدان الحوثيون الضربات الأمريكية على إيران ووصفوها بـ"الهمجية" و"إعلان حرب"، معلنين "الوقوف الكامل" مع إيران وتعهدًا بـ"رد مناسب" يحفظ "كرامة وسيادة" طهران. سبق ذلك تهديد المتحدث العسكري يحيى سريع، في مقطع فيديو السبت، باستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر إذا انضمت واشنطن إلى الهجمات الإسرائيلية على إيران.
فجر الأحد 22 يونيو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" بقاذفات B-2 على ثلاث منشآت نووية إيرانية (فوردو، نطنز، أصفهان)، مؤكدًا عبر "تروث سوشيال" أن الطائرات أسقطت "حمولة كاملة من القنابل" ودمرت منشأة فوردو بالكامل. جاءت هذه الضربات بالتنسيق مع إسرائيل، التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية إيرانية، مما أثار ردود فعل إقليمية حادة، بما في ذلك تهديدات الحوثيين.
تُظهر هذه العمليات تحولًا في الاستراتيجية الأمريكية، حيث انضمت واشنطن علنًا إلى إسرائيل في مواجهة إيران، مكسرة التهدئة الهشة مع الحوثيين التي أُعلنت في مايو 2025 بعد توقف الضربات الأمريكية على اليمن. يرى محللون أن هذا التصعيد قد يدفع الحوثيين لاستئناف هجماتهم على السفن الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر، مستغلين موقع اليمن الاستراتيجي عند مضيق باب المندب.
يمثل موقع اليمن الجغرافي ورقة ضغط إيرانية فعالة، خاصة عبر السيطرة على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، اللذين يشكلان مع مضيق هرمز أدوات لخنق الملاحة البحرية العالمية. منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، استخدم الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية كوسيلة للضغط على إسرائيل وداعميها، بدعوى دعم الفلسطينيين، مما أدى إلى اضطرابات في التجارة الدولية ودفع الولايات المتحدة لشن ضربات مكثفة من مارس إلى مايو 2025.
تُعتبر هذه الهجمات جزءًا من استراتيجية إيران لتخفيف الضغط عنها عبر تفويض الحوثيين بالرد نيابة عنها، خاصة بعد تراجع قدرات حزب الله وتقييد الفصائل العراقية. يرى المحلل اليمني العتواني أن هذا التكتيك يتيح لطهران الحفاظ على الردع دون التورط في حرب شاملة، بينما تُنظر إسرائيل إلى عمليات الحوثيين كأفعال إيرانية مباشرة.
يحذر خبراء عسكريون من أن المواجهة بين الحوثيين والولايات المتحدة-إسرائيل غير متكافئة، رغم قدرة الجماعة على إحداث اضطرابات مؤقتة في الملاحة البحرية وتهديد منشآت إسرائيلية مثل ميناء إيلات ومطار بن غوريون. لكن عودة الضربات الأمريكية-الإسرائيلية قد تكون أكثر تدميرًا، مع هدف محتمل لتحييد الحوثيين كليًا كذراع إيراني في جنوب الجزيرة العربية.
أظهرت إسرائيل في ضرباتها السابقة على اليمن، مثل قصف ميناء الحديدة ومطار صنعاء، تركيزًا على البنية التحتية الحيوية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. يُحذر المحللون من أن تصعيدًا جديدًا قد يُلحقدمارًا غير مسبوق باليمن، خاصة إذا استهدفت الضربات مرافق مدنية كالموانئ والمطارات، مما يعمق معانجة اليمنيين ويهدد استقرار المنطقة.
يعكس تصعيد الحوثيين استراتيجية إيران لتحويل الصراع إلى جبهات متعددة، مستفيدة من موقع اليمن للضغط على دول الخليج وإسرائيل. لكن هذا النهج يعرض اليمن لخطر دمار هائل، خاصة مع احتمالية ضربات أمريكية-إسرائيلية أكثر عنفًا. في المقابل، تواجه إيران تحديات داخلية وإقليمية قد تحد من قدرتها على دعم الحوثيين بشكل مستوي، خاصة بعد خسائرها في سوريا ولبنان.
يؤكد تصعيد الحوثيين ضد إسرائيل والولايات المتحدة دورهم كذراع إيران الأكثر نشاطًا، مستفيدين من موقع اليمن الاستراتيجي. لكن هذا التصعيد يعرض اليمن لخطر دمار غير مسبوق، مع احتمالية ضربات أمريكية-إسرائيلية تهدف لتحييد الجماعة. في ظل التحذيرات من حرب إقليمية، يبقى الحل الدبلوماسي الخيار الأمثل لتجنب التصعيد وحماية استقرار جنوب الجزيرة العربية.