أنشطة وقضايا

قصة أم تبحث عن أمان أطفالها..

رولا القط.. صحافية عربية تخوض صراعًا قضائيًا بين بيروت وواشنطن لحماية أطفالها

رولا القط تختبر الإجابة في محاكم بيروت - اليوم الثامن

نيويورك

تجد الصحافية العربية البارزة  رولا القط، نفسها منذ أشهر في قلب معركة قانونية شديدة التعقيد بين لبنان والولايات المتحدة، تقول إنها تحارب فيها «من أجل أمان أطفالها وحقها الطبيعي كأم». وتكشف قضيتها فجوة عميقة بين نظامين قانونيين مختلفين، حيث تسير العدالة في الولايات المتحدة بسرعة لافتة، بينما تتباطأ في لبنان نتيجة العطلة القضائية وتعقيدات قوانين الأحوال الشخصية.

تقول رولا، التي تتنقل بحكم عملها بين نيويورك وميشيغن، إن كل شيء انهار في يوم واحد. فقبل نحو ستة أشهر، اكتشفت أن والد أطفالها باع منزلها وتصرف في ممتلكاتها وفي عملها «وكأنه يملك الحق المطلق في ذلك». وتضيف أن العملية لم تكن وليدة خلاف عابر، بل خطة أعدّت مسبقًا قبل سفر الأطفال إلى لبنان، شارك فيها – بحسب روايتها – أفراد من عائلتها وأشخاص كانوا مقربين منها في ديربورن بولاية ميشيغن.

وتقول رولا القط - وهي باحثة في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات ومجلة «بريم» -، إن ما حدث لم يكن مجرد خلاف أسري، بل «سطو كامل على الحقوق، ومحاولة لانتزاع الأم من حياة أطفالها»، مشيرة إلى أن ما تعرضت له «غير مسبوق» في حياتها المهنية والشخصية.

في الولايات المتحدة، سار الملف بسرعة استثنائية. ورغم أن قضايا الحضانة قد تأخذ بين ستة أشهر وسنة قبل صدور حكم أولي، إلا أن القاضية الأميركية منحت رولا الحضانة الجسدية والفكرية خلال ساعتين فقط من تقديم المستندات.

وتوضح أن القرار اعتمد على «وضوح الأدلة» التي قدمتها، بما في ذلك وثائق تتعلق ببيع ممتلكاتها دون علمها، وشهادات تضمنت تفاصيل عن الضغوط التي يتعرض لها الأطفال، ومنعهم من التواصل معها.

وتشير رولا إلى أن هذا القرار مكّنها قانونيًا من التحرك دوليًا، وأتاح لها فتح ملف في وزارة الخارجية الأميركية لمنع أي محاولة لـ«التلاعب في وضع الأطفال أو التأثير على حقوقهم الأساسية».

لكن الوضع في لبنان لم يكن مشابهًا. فبعد انتقال الملف إلى المحاكم اللبنانية، اصطدمت رولا بعطلة قضائية امتدت لأشهر وأوقفت كل الإجراءات. وتقول إنها وجدت نفسها أمام نظام يعتمد في قضايا الحضانة على «قوانين شرعية تفضل الأب بشكل واضح، حتى في القضايا التي تكون فيها الأدلة قوية لصالح الأم».

وتؤكد أن هذا الواقع جعل القضية «أكثر تعقيدًا وأطول مما ينبغي»، خاصة في ظل تضارب القوانين بين بلدين مختلفين، أحدهما يعتمد على قوانين مدنية، والآخر على الأحوال الشخصية المذهبية.

منذ شهر يونيو الماضي، تعمل رولا على إدارة ملفين متوازيين: محامٍ في الولايات المتحدة يتابع تنفيذ أوامر المحكمة الأميركية وضمان عدم تعرض الأطفال لأي مخاطر قانونية، ومحامٍ في لبنان يحارب الإجراءات البطيئة ويحاول الدفع بالقضية نحو البت فيها.

وتقول إن العمل بين النظامين مرهق، لكنه ضروري، مضيفة: «ما بدي شي… بدي حقي. وبدي أولادي يعيشوا بلا خوف». وتؤكد أنها لن تتراجع «حتى لو استمرت المعركة سنوات».

تروي رولا أن أطفالها يعانون ضغوطًا نفسية واضحة منذ سفرهم إلى لبنان، وأنهم لا يملكون هواتف للتواصل معها بشكل طبيعي، مضيفة أن كل الرسائل تمر عبر والدهم، الذي – حسب وصفها – «يسيطر على كل شكل من أشكال التواصل».

وتشير إلى أنها تعتمد على الرسائل الصوتية اليومية لإبقاء الرابط العاطفي بينهم، وتقول إنها تحاول أن تكون «الصوت الذي يطمئنهم حتى من بعيد».

وتؤكد أنها تشعر بأن الأطفال محتجزون في «بيئة لا تسمح لهم بالتعبير الحر»، ما يجعلها قلقة على حالتهم النفسية.

تعكس قضية رولا واحدة من أكثر الإشكاليات تعقيدًا في الشرق الأوسط: ازدواجية القوانين وتعارض المرجعيات بين المحاكم المدنية والمحاكم الشرعية. ففي الولايات المتحدة، استند الحكم إلى حق الأم الطبيعي، وإلى تقييم نفسي واجتماعي للتأثير على الأطفال.

أما في لبنان، فالقضية تخضع لقوانين مذهبية قد تجعل الأب الخيار الأول للحضانة في ظروف كثيرة، باستثناء الحالات التي يثبت فيها الضرر بشكل قاطع. وتقول رولا إن هذا التمييز «لا يعترف بالأم كصاحبة حق كامل، بل كواجب فقط، وهذا ظلم كبير».

وتضيف: «نحن في مجتمعات تعطي الرجل الأفضلية… حتى لو كانت الحقيقة واضحة، وحتى لو كان الأب هو الطرف الذي ارتكب الضرر».

تنتظر رولا حاليًا كلمة القضاء اللبناني، لكنها لا تخفي قلقها من «الشرع الذكوري» الذي – كما تقول – قد يختزل دور الأم في الرعاية دون منحها الحق الكامل في الحضانة.

وتقول إنها ترى تناقضًا واضحًا بين قاضي أميركي أنصفها خلال ساعتين وقضاء لبناني «يحتاج شهورًا فقط ليبدأ النظر في الملف». لكنها تضيف أنها لا تزال تثق بأن العدالة في النهاية ستنتصر.

تكشف رولا أنها رفعت ملفًا إلى مكتب وزير الخارجية الأميركي، مشيرة إلى أن الخطوة تهدف إلى حماية الأطفال من أي استغلال قانوني، خاصة وأن سفرهم من الولايات المتحدة جرى ضمن ظروف تقول إنها «غير طبيعية وتخالف قواعد الحضانة».

وتقول إن تدخل الخارجية الأميركية ليس لتسييس القضية، بل «لضمان عدم تعرض الأطفال للضغط أو الإخفاء أو استخدامهم كأداة لابتزاز الأم».

رولا، التي تعيش اليوم بين مدينتين وتتنقل بين اجتماعات قضائية ورسائل صوتية وملفات قانونية، تقول إنها لم تتوقع يومًا أن تخوض معركة بهذا الحجم. لكنها تضيف بثقة: «عندي خيارين… يا أنتصر، يا أنتصر. ما في خيار ثالث».

وتشير إلى أن أول ثلاثة أسابيع بعد الحادثة «كانت الأصعب في حياتها»، وأنها اضطرت لبناء حياتها من تحت الصفر، لكنها اليوم أكثر ثباتًا.

تقول رولا إن ما يحدث لها ليس حالة فردية، بل نموذج لما تواجهه آلاف النساء العربيات في نزاعات الحضانة، حيث تُختزل الأمومة أحيانًا إلى واجب، فيما يُمنح القرار للرجل باعتباره «الوصي الطبيعي».

وتعتقد أن معركتها – حتى لو كانت شخصية – تفتح الباب لنقاش أوسع حول ضرورة تحديث قوانين الأحوال الشخصية بما يحفظ حقوق الأم ويمنع استخدام الأطفال كوسيلة ضغط.

بين نظامين قانونيين، وبين بلدين يختلفان جذريًا في مفهوم الحضانة، تخوض رولا القط معركتها بثبات. تقول إنها «لن تسمح بسرقة أمومتها»، وإنها ستكشف تفاصيل ما جرى «خطوة بخطوة»، في قضية قد تتحول لاحقًا إلى ملف حقوقي واسع يتجاوز حدود القضاء الفردي.

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بعدن تنفّذ ورشة تدريبية في أساليب الكتابة السياسية الحديثة


محمد بن زايد والملك حمد يشهدان تمرين «ربدان – شويمان 2025» في البحرين


هل تنهار الهدنة؟ غارات إسرائيلية تعيد لبنان إلى حافة الحرب الشاملة


صفقة إف-35 للسعودية تضغط على إسرائيل وتعيد فتح ملف التفوق العسكري في الشرق الأوسط