هل موت النجوم مختلف عن موت الأشخاص العاديين ..
لماذا نصدم بموت النجوم؟
لا يستأذن الموت أحداً... قد يكون متوقعاً في بعض الأحيان (بسبب مرض عضال أو مضاعفات صحية...) ومفاجئاً جداً في أحيان أخرى. لكن هل يمكن القول إن موت النجوم مختلف عن موت الأشخاص العاديين؟ فما السرّ الذي يدفعنا إلى الشعور بالصدمة كلما سمعنا بوفاة نجم مشهور؟ هل لأننا نعتبرهم أشخاصاً «فوق العادة» لا يمكن أن يصابوا بالمرض أو يتعرضوا لمكروه أو يموتوا؟ أو لأن أولئك النجوم يخفون عنا أمراضهم وأوجاعهم ومشاكلهم لتبقى أمامنا صورتهم المتألقة الخالية من أية شوائب؟
فجع الوسط الفني العالمي برحيل المغني البريطاني جورج مايكل في منزله عن عمر ناهز 53 عاماً إثر قصور في القلب. وجاء هذا الخبر بمثابة صدمة حقيقية لمحبي مايكل وفنه، بالرغم من المشكلات الصحية العديدة التي عانى منها في الفترة الأخيرة، والتي يرتبط معظمها بإدمانه على المخدرات. واجه الكثير من المشكلات الاجتماعية، لكن موته جاء رغم ذلك بمثابة صدمة حقيقية لمحبيه.
لماذا تلك الصدمة؟ هل لأن جورج مايكل أخفى عنا حقيقة ما يجري معه في الآونة الأخيرة، فاعتقدنا أن كل شيء بخير، وأن شبح الموت لن يخطفه منا بهذه السرعة؟
ينطبق الشيء نفسه على الفنان اللبناني ملحم بركات الذي خطفه الموت عن عمر 72 عاماً في 28 أكتوبر 20166 بعد صراع مع السرطان. جاء موت بركات بمثابة صدمة لمحبيه وجمهوره لأن بركات أصرّ حتى أيامه الأخيرة على إخفاء حقيقة إصابته بالسرطان والادعاء أنه يعاني من أوجاع في الظهر. وقد كانت الأشهر الأخيرة من حياة بركات مليئة بالحفلات الموسيقية والتحضيرات لأغاني جديدة، لا بل قيل إنه كان قد وقع عقداً لإحياء حفلة نهاية العام 2016، مما يعني أن بركات لم يكن يتوقع الموت بهذه السرعة.
أُدخل ملحم بركات إلى إحدى المستشفيات في بيروت بعد تدهور حالته الصحية، وبقيت الأخبار تتضارب يومياً حول وضعه الصحي، إلى أن أعلنت أخيراً وفاته بعد مسيرة فنية طويلة، طبع خلالها الأغنية العربية المعاصرة بأسلوبه الفني الإبداعي وأدائه الذي يجمع بين الطرب الأصيل والغناء المتجدد.
داليدا، المغنية الإيطالية المصرية، التي توفيت عن عمر 54 عاماً، جاء موتها أيضاً بمثابة صدمة لجمهورها ومحبيها حول العالم. لا يخفى على أحد أن داليدا واجهت الكثير من المشكلات في حياتها الشخصية، بالرغم من نجاحها المهني المدوي. ففي عمر 12 عاماً، خسرت داليدا والدها مما شكل صدمة كبيرة لها. ثم تتالت قصصها العاطفية الفاشلة، مما جعلها تعاني من الاكتئاب لتقرر أخيراً إنهاء حياتها بنفسها من خلال تناول جرعة زائدة من الأدوية المضادة للاكتئاب ليل 2-3 مايو 1987.
كان جمهور داليدا على اطلاع بكل المشاكل المحيطة بنجمتهم المحبوبة، لكن لم يتوقع أحد أن تنهي النجمة العالمية حياتها بنفسها وتطوي بذلك صفحة أسطورة فنية يصعب تكرارها.
مايكل جاكسون، ملك البوب، الذي توفي عن عمر 51 عاماً في 25 يونيو 2009 بسبب جرعة زائدة من البروبوفول والبنزوديازيبين شكل أيضاً صدمة لمحبيه.
لا شك في أن جاكسون ظاهرة لا تتكر في عالم موسيقى البوب. فالصغير مايكل، الذي كان الثامن بين أشقائه العشرة لعائلة أفريقية-أمريكية من الطبقة العاملة، تحول إلى أنجح وأهم نجم في تاريخ الموسيقى على مر الأزمنة. ولعل هذه الهالة التي أحاطت بجاكسون جعلتنا نغضّ الطرف عن المشاكل الكثيرة التي واجهها في حياته، ومظهره، وصحته، وعلاقاته الشخصية، وتصرفاته. بالفعل، أثار جاكسون الكثير من الجدل، وتناقضت بشأنه الآراء، بالرغم من الإجماع على روعة فنه.
وأثناء التحضير لسلسلة حفلات تحت عنوان This Is Itt، توفي جاكسون فجأة مما شكل صدمة كبيرة لمحبيه، وأحدث موته خسارة كبيرة في عالم موسيقى البوب والروك.
ويتني هيوستون ، التي توفيت عن عمر 48 عاماً في 11 فبراير 2012، أحدثت صدمة كبيرة لعشاق فنها بعدما تم العثور عليها جثة هامدة في حمام شقتها في بيفرلي هيلز، وبقربها الكثير من علب الأدوية. لا شك في أن موت هيوستون كان صدمة حقيقية، لاسيما وأنها كانت تستعد ليلة موتها لحضور حفلة خاصة تسبق الحفل الرابع والخمسين لتوزيع جوائز الغرامي يوم الأحد 12 فبراير.
كان الموت إذاً مباغتاً وغير متوقع بالرغم من المشكلات الكثيرة التي شهدتها حياة ويتني. فقد واجهت مشكلات عاطفية عديدة، وتعاطت المخدرات، وتعرضت للكثير من الفضائح في وسائل الإعلام...
لكن كل هذه السلبيات لم تجعلنا نتوقع أبداً أن تنهي هيوستن حياتها بنفسها وهي لا تزال في أوج عطائها الفني.