عطاء الإمارات الإنساني..
تقرير: ماذا قدمت الأمارات إلى اليمن.. وماذا فعل «رباعي الشر» به؟
عندما انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، تلبية لدعوة السلطة الشرعية في اليمن والمعترف بها دولياً بعد انقلاب الميليشيات الحوثية الموالية لإيران، إنما كانت تلبي نداء الأخوة نصرة للشقيق، ودعماً للحق والعدل، وإيماناً باللحمة الخليجية والتضامن العربي.
لم تكن مشاركة الإمارات في «عاصفة الحزم» مجرد نزهة قصيرة، بل كانت تحملا كاملا للمسؤولية والالتزام الخليجي بأمن واستقرار المنطقة، وسداً للثغرات حتى لا تؤتى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من «كعب أخيل»، ولا تؤخذ على حين غرة، وحتى لا يكون لإيران موضع قدم في جنوب شبه الجزيرة العربية لتهديد أمن دول المنطقة والملاحة الدولية في البحر الأحمر، خاصة وأن المشروع الفارسي، على لسان المسؤولين الإيرانيين، لا يخفى أنه يريد تصدير الثورة الإيرانية والسيطرة على العواصم العربية عبر الأشياع والميليشيات الموالية.
كسرت المشاركة الإماراتية في التحالف العربي المشروع الحوثي الطائفي السلالي الظلامي الموالي لإيران، والذي يريد تحويل اليمن إلى خنجر في الخاصرة الخليجية، خدمة لأوهام الامبراطورية الفارسية التي تريد التمدد والتوسع والإطلال والسيطرة على سواحل البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وساحل غرب إفريقيا المطل على المحيط الأطلسي.
كان للقوات المسلحة الإماراتية، في إطار التحالف العربي، دور أساسي في هزيمة ودحر الميليشيات الحوثية الإيرانية في جنوب اليمن، وتمكين الحكومة الشرعية من العمل في العاصمة المؤقتة عدن، وتحرير باب المندب وتأمين الملاحة الدولية في المضيق الذي تمر عبره 60% من إمدادات النفط العالمي.
كانت رؤوس الجسور التي أنشأها التحالف العربي في محافظة عدن الجنوبية حاسمة في دعم قوات الشرعية اليمنية المؤلفة من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وتحقيقها انتصارات كبيرة ودحر الميليشيات الانقلابية وتحرير المحافظات اليمنية في جنوب البلاد وشرقها،حتى باتت الحكومة الشرعية تسيطر على 85% من الأراضي اليمنية، وحوصرت الميليشيات الطائفية في محافظات محدودة، وفقدت القدرة على المبادأة بالهجوم، وأصبحت في حالة استنزاف مستمر في المقاتلين والعتاد.
هزيمة الميليشيات الحوثية الطائفية الإيرانية ودحر المشروع الفارسي، باتا مسألة وقت، فالساحل الغربي لليمن يوشك أن يتحرر بالكامل من قبضة الميليشيات الانقلابية التي تستميت لإبقاء سيطرتها على ميناء الحديدة، منفذها الوحيد لاستقبال السلاح والصواريخ البالستية المهربة من إيران.
وباتت قوات الشرعية على أبواب صنعاء التي تحاصرها من جبهتي الشرق والشمال، أما معقل الحوثيين في صعدة فقد اقتحمته قوات الشرعية مسنودة بطيران التحالف العربي، حتى لم يجد قادة الانقلابيين الطائفيين ملاذا وملجأ إلا الكهوف والمغارات الجبلية.
الدور الإماراتي في اليمن لم يكن عسكريا فقط، فقد كانت الإمارات مساهمة فاعلة في «إعادة الأمل» أيضا، التي كانت برداً وسلاماً على اليمنيين في المحافظات المحررة. ولم يقتصر هذا الدور على أعمال الإغاثة الطارئة والمساعدات العاجلة للمتضررين من الميليشيات الحوثية، والذين فقدوا موارد رزقهم بعد تحويل الانقلابيين موارد الدولة لتمويل حربهم العبثية على الدولة وعلى الشرعية وعلى الشعب اليمني، وحرمان اليمنيين من الخدمات الأساسية.
وكان تركيز الإمارات على المساعدات ذات الجانب الإغاثي العاجل سعياً للتخفيف من المعاناة الناجمة عن السياسة التدميرية والتخريبية التي انتهجتها ميليشيات الحوثي الإيرانية، وقد نجحت الإمارات في إعادة دورة الحياة الطبيعية على مستوى العديد من القطاعات في المحافظات المحررة.
وسيرت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الذراع الإنسانية للدولة، جسوراً جوية وبحرية من عشرات الطائرات وعشرات السفن، لنقل مواد الإغاثة والمساعدات الغذائية والطبية ومعينات الإيواء للأشقاء اليمنيين الذين تأثروا بنار الحرب التي أشعلت فتيلها الميليشيات الحوثية الإيرانية. ولم يقف الأمر على المساعدات العاجلة فقد وصلت قوافل الهلال الأحمر إلى مناطق نائية يصعب الوصول إليها لوعورتها لتقديم العون إلى من يحتاجه.
وامتد الدور الإنساني الإماراتي ليشمل إعادة الإعمار وبناء وتأهيل وصيانة وتجهيز المستشفيات والمراكز الصحية والوحدات الطبية المتخصصة والمدارس والمعاهد، وإمدادها بما تحتاج إليه من ضروريات، إلى جانب تشييد وصيانة الحدائق العامة ومناطق الترفيه وبناء وصيانة المساجد، والمراكز الاجتماعية.
أوفت دولة الإمارات وما زالت تفي بالتزامات مشاركتها في «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» في اليمن. ومهرت هذا الالتزام المسؤول بالدم والمال والدعم المادي والسياسي، فهو التزام حقيقي أعلت فيه الإمارات قيم التضحية والفداء والإيثار. وأتبعت القول بالعمل، وكان لالتزامها هذا نتائج ملموسة على صعيد العمليات العسكرية لدحر الميليشيات الحوثية وهزيمة المشروع الطائفي السلالي الظلامي وكسر المشروع الإيراني من ورائه.
كما كانت لهذا الالتزام ثمراته الحلوة في مجال إغاثة الملهوفين والمتضررين وإقالة عثرة الأشقاء الذين فقدوا موارد دخلهم بسبب استيلاء الانقلابيين على موارد الدولة وتوجيهها لخدمة حربهم العبثية ضد الدولة وضد الشرعية والشعب اليمني والتربح، بدلاً من توجيهها لخدمة الناس وتلبية احتياجاتهم من الخدمات العامة.
كما أسلفنا القول، لم يكن العون الإماراتي قاصرا على المساعدات الغذائية العاجلة فقط، فقد امتد إلى توفير كل الحاجات والخدمات الضرورية التي يحتاجها اليمنيون في المحافظات المحررة حتى تعود الحياة إلى طبيعتها.
يحق للإمارات أن تفخر بدورها في اليمن، وأن تقول «هاؤم اقرؤوا كتابيه».. فماذا فعل الحوثيون وإيران من ورائهم، و«الإخوان» وقطر من ورائهم في اليمن؟.
ماذا لدى الحوثيين ليفخروا به، بل إن سجلهم أسود مملوء بالشر والعار والشنار والأفعال المخزية. فهم بدءا خرجوا من أصول مذهبهم الزيدي، ليستبدلوه بمذهب الولي الفقيه الإيراني، وتبنوا شعاراته السياسية ووضعوا أنفسهم في خدمة المشروع الإيراني على حساب انتماء اليمن العربي. ونكثوا بكل العهود والمواثيق التي شاركوا في التوصل إليها والتوقيع عليها، وانقلبوا على الدولة والشرعية، وعاثوا في اليمن تخريبا وتدميرا وكبدوا الشعب الأمرين.
فقد استولوا على مقدرات الدولة، ووجهوا الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي وإيرادات الدولة لتمويل حربهم العبثية ضد الدولة والشرعية والشعب، وحرموا موظفي الدولة من الرواتب، وأمسكوا عن إنفاق مال الشعب على الخدمات الضرورية التي يحتاجها،وسخروا سيطرتهم على العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى للتربح والاتجار في السوق السوداء، والاستيلاء على الممتلكات العامة والأراضي، وأفقروا الناس، ومارسوا أبشع أنواع الاستغلال الميليشياوي لابتزاز الشركات والأعمال والتجار، وبات اكثر من ثلثي الشعب اليمني على حافة المسغبة والمجاعة، وتفشت الأمراض الوبائية كالكوليرا وحمى الضنك. ويعاني أكثر من 5 ملايين طفل دون الخامسة من أمراض سوء التغذية، وحرموا من التطعيم ضد أمراض الطفولة الستة، وبات الذين يعانون من الأمراض العضال على حافة الموت لانعدام الأدوية المنقذة للحياة.
سيسجل التاريخ للحوثيين ارتكابهم ل«العار الأسود»، فقد خرجوا عن أعراف وتقاليد الشعب اليمني العريق، واعتدوا على النساء بالضرب والسجن والاختطاف والاغتيال.
لقد أثبت الحوثيون أنهم يحتقرون الشعب اليمني ولا ينظرون إليه إلا كمخزون بشري يمكن التضحية به وتسخيره لخدمة مشروعهم الطائفي السلالي الظلامي، وبمصطلحهم فإن أفراد الشعب اليمني مجرد «زنابيل» لخدمة «القناديل»، وليس في هذا المصطلح البغيض العنصري إلا احتقار لإنسانية اليمني وتسفيه لآماله وأحلامه في الوطن العادل المتساوي والمستقبل الزاهر.
ماذا قدمت إيران إلى اليمن؟ لقد بذرت فيه بذرة الطائفية واصطفت أشياعها الحوثيين بالمال والسلاح والذخائر والصواريخ البالستية والمستشارين والخبراء العسكريين وبالدعم الإعلامي، من اجل تحويل الجماعة إلى ميليشيات طائفية عقائدية على غرار حزب الله اللبناني للسيطرة على الدولة اليمنية، وإلحاقها بالمشروع الإيراني الذي يريد أن يحتل العواصم العربية وأن يطل على البحر الأحمر وأن يتحكم في التجارة الدولية التي تمر عبر باب المندب.
وماذا فعل «الإخوان» في اليمن؟ بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء؟ تعامل الإخوان مع الانقلاب على الشرعية بانتهازية متأصلة، فعقدوا اتفاقا للتعاون مع الجماعة الموالية لإيران. وقد رفض التياران السلفي والقبلي والحليف العسكري شركاء الإخوان في التجمع اليمني للإصلاح، هذا الاتفاق، الذي وقعه مع الحوثيين القيادات الإخوانية التقليدية، من اجل تحقيق هدفين، أولهما التخلص من التيارات الأخرى المكونة للتجمع، وثانيهما الخروج من الأزمة بأقل قدر من الخسائر. فالإخوان شقوا صف التجمع الذي ساند تياراه السلفي والقبلي وحليفه العسكري الشرعية، وتماهوا مع المشروع الحوثي وسلموا له مقابل حماية مصالحهم في الأعمال والمال وعدم المس بها.
وماذا قدمت قطر إلى اليمن؟ كان لقطر دور تخريبي في اليمن حتى قبل الثورة الشبابية الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح. فقد كشفت الوقائع أن نظام الحمدين القطري كان يمول جماعة الحوثي بالمال، وقد بدأ ذلك التمويل ب300 مليون دولار ليصل إلى ملياري دولار بعد انقلابها على الشرعية في سبتمبر/ أيلول 2014، لأسباب عدة، فبدعم الانقلابيين ضمنت قطر سلامة تيار الإخوان المسلمين الموالي لها في اليمن، وعدم التعرض له كتنظيم أو ممتلكاته وعقاراته وشركاته واستثماراته، وثانيا استكمال التآمر القطري المستتر والمستمر على السعودية، وثالثا خدمة المشروع الإيراني لإضعاف الدول العربية.
وكانت قطر حريصة على الانضمام إلى التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، لكنها لم تنضم إلى هذا التحالف عن قناعة بأهدافه، بل للإضرار بالسعودية والإمارات والبحرين، وقد ثبت أن الضباط القطريين المشاركين في قوات التحالف كانوا يستغلون وجودهم داخلها لتسريب المعلومات إلى الميليشيات الحوثية عن تحركات هذه القوات، وتزويد الانقلابيين بإحداثيات تمركز القوات لاستهدافها بالقذائف والصواريخ.
ولأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فقد أخرجت قطر من التحالف غير مأسوف عليها، وقاطعتها دول الرباعي العربي لدعمها وتمويلها للإرهاب وجماعته.
من غير حياء، ادعى وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن آل ثاني أن مشاركة بلاده في التحالف العربي كانت على مضض، وهو زعم باطل لأن انضمام نظام الحمدين إلى قوات التحالف كان السبب الحقيقي وراءه هو الإضرار بالتحالف نفسه،فوجود الضباط القطريين في صفوفه كان لخدمة الأعداء، وأدى الضباط القطريون دور «الغواصة».
كشفت الأيام الأخيرة أن الدور القطري القذر لم ينته بخروجها عن التحالف، فقد اعتقلت قوات الشرعية اليمنية والتحالف أربعة ضباط استخبارات قطريين في اليمن، أحدهم أثناء محاولته المغادرة عبر معبر حدودي مع سلطنة عُمان. فماذا كان يفعل ضباط الاستخبارات القطرية في المحافظات المحررة في اليمن؟ سؤال لا تحتاج الإجابة عليه إلى كبير ذكاء.
لم يكن غريبا أن يجتمع الحوثيون والإخوان وإيران وقطر في جبهة واحدة، يخدم بعضهم بعضا ويتبادلون الأدوار. ولم يكن غريبا كذلك هجوم «رباعي الشر» على الدور الإماراتي القوي والنبيل في اليمن. وذلك ليس بمستغرب البتة من الرباعي الشرير الذي أدمن التآمر والدس والفتنة والكذب والافتراء والاختلاق ومحاولة الإضرار بأمن واستقرار الإقليم ودوله، والتشكيك في الأهداف الخيرة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
إنها المعركة الأزلية بين الخير والشر. فماذا قدمت الإمارات إلى اليمن؟ وماذا فعل الأعداء به؟
لقد اقترن اسم الإمارات في اليمن بكل ما هو خير من النصرة والتضحية والإغاثة والبناء والإعمار.
واقترن اسم الرباعي الشرير بكل ما هو ضار من الانقلاب على الشرعية والتخريب والتدمير وتكبيد الشعب معاناة قاسية وتجريعه مرارات الجوع والمرض والخوف.
الادعاءات الباطلة التي يروج لها الرباعي الشرير حول مطامع الإمارات في اليمن، ما هي إلا «شنشنة أعرفها من أخزم»، فالدور الإماراتي العسكري في التحالف العربي بقيادة السعودية «لم يكن سوى قوة ضاربة لتحقيق الأمن والأمان» في اليمن الذي تستهدفه قوى التخلف والإرهاب، كما قال مدير أمن عدن اللواء شلال علي شائع. وأضاف «الدور الإماراتي في اليمن لا يستطيع أحد إلا أن يتحدث عنه، أو لا يذكره، أو تغيب العين عن رؤيته، أو اللسان عن الحديث عنه».
حقاً لا يعرف الفضل إلا أهل الفضل.
عطاء الإمارات الإنساني في اليمن
عززت دولة الإمارات عطاءها الإنساني في اليمن خلال العام 2017، وبرزت 6 قطاعات رئيسية ساهمت الإمارات، ممثلة بهيئة الهلال الأحمر، في تنميتها بعد الدمار الذي خلفته ميليشيات الحوثي وهي: التعليم، والصحة، والأمن، والإغاثة، والبنية التحتية، إضافة إلى برامج الإسكان، وهو ما قوبل بإشادة محلية ودولية واسعة. وبلغ إجمالي قيمة مساعدات الإمارات إلى اليمن خلال الفترة من أبريل/ نيسان 2015 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 نحو 9 مليارات و400 مليون درهم، (ما يعادل مليارين و560 مليون دولار أمريكي).