عقوبات على خمسة إيرانيين لدعم الحوثي..

تفهّم دولي وانزواء إيراني يمهدان استكمال تحرير اليمن

ميناء الحديدة

صالح البيضاني (لندن)

يعمل الحوثيون على مسارات متوازية لدرء خسارة ميناء الحديدة الاستراتيجي آخر المنافذ البحرية التي ما زالت واقعة تحت سيطرتهم، مع إعلان التحالف العربي عن إطلاق معركة تحرير المدينة في ظل مؤشرات على تفهّم المجتمع الدولي هذه المرة لحيثيات هذا القرار المحوري في مسار الحرب اليمنية.

وبحسب متابعين للشأن اليمني، باتت أرضية تحرير الحديدة ممهدة ليس فقط عسكريا بفعل الوضع الميداني الجديد الذي فرضه التحالف العربي على الحوثيين وجعلهم في حالة تراجع ودفاع مستمرين، بل أيضا بفعل ارتباك إيران وعجزها عن مساعدة وكلائها الحوثيين بعد أن أصبحت طهران تحت مجهر الملاحظة الدولية وخصوصا تصرفاتها في اليمن والتي أشار إليها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تصريحا لا تلميحا، ما قد يدفعها إلى الانزواء على الأقل في ما يتصل بالملف اليمني والتفرّغ لملفات أكثر حيوية بالنسبة إليها.

المجتمع الدولي الذي أبدى في فترات سابقة ميلا إلى تجنيب الحديدة بغرب اليمن الحرب، بحجّة حماية إمدادات السلع والمواد الضرورية والمساعدات الإنسانية عبر مينائها، أصبح الآن أكثر تفهّما لدوافع التحالف العربي في الإسراع بتحرير المدينة للحد من خطر تمركز الحوثيين بها واستخدامها منصة لاستقبال الصواريخ المهرّبة من إيران ولتهديد الملاحة الدولية.

وعاود الحوثيون إرسال رسائل سياسية تعكس حالة الضعف التي يمرون بها، من خلال تنازلات غير مسبوقة لوّح بها رئيس اللجنة الثورية العليا في الجماعة محمد علي الحوثي الذي أبدى عبر سلسلة من التغريدات على حسابه الرسمي في تويتر رغبة الجماعة الحوثية في تقديم تنازلات للتوصل إلى حل سياسي، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة سياسية غير جادة لعرقلة التقدم العسكري نحو الحديدة.

وبالتوازي مع ذلك، جددت الجماعة تهديداتها باستهداف ممر الملاحة في البحر الأحمر في محاولة لابتزاز المجتمع الدولي، إلى جانب زجها بنخبة قوّاتها لإيقاف زحف قوات حراس الجمهورية بقيادة العميد طارق صالح وبمشاركة المقاومتين الجنوبية والتهامية والتي تشير المعلومات إلى اقترابها من إحراز نصر عسكري جديد واستكمال تحرير مديريتي التحيتا والجراحي جنوبي الحديدة.

وتمكنت القوات المسلحة الإماراتية، العاملة ضمن قوات التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، الأربعاء، من إفشال محاولة تصعيد حوثية جديدة كانت تستهدف سفن النقل في خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

ووفقا لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام” قامت القوات البحرية الإماراتية بتدمير زورقين تابعين لميليشيا الحوثي، كانا يهددان إحدى ناقلات النفط التجارية في البحر الأحمر، فيما تمكن زورقان آخران من الفرار.

وجاءت العملية بعد ساعات قليلة من تصريحات للمتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، العقيد تركي المالكي قال فيها إن “ميناء الحديدة أصبح نقطة لتهريب الصواريخ البالستية ومنطلقا للأعمال العدائية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب”.

وفي مؤشر على تفهّم المجتمع الدولي لمخاوف دول التحالف العربي من التدخل الإيراني في اليمن وتأثير هذا التدخل على مجريات الحرب وتهديد الأمن القومي للمنطقة، أقرّت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، فرض عقوبات على خمسة مسؤولين إيرانيين متهمين بتقديم الدعم لميليشيا الحوثي لإطلاق الصواريخ البالستية على المدن السعودية.

وأكد بيان صادر عن وزارة الخزانة الأميركية أن “الولايات المتحدة لن تتسامح بعد اليوم مع الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين الذين يهاجمون أقرب شركائنا، السعودية”.

وتشهد التطورات الميدانية على الأرض انهيارات متسارعة للحوثيين في مختلف الجبهات، مع تراجع قدرة الميليشيا على تعويض خسائرها المادية والبشرية والعجز عن حشد المقاتلين وانتقال المعارك إلى المعقل الرئيس للجماعة في محافظة صعدة.

وأعلن الجيش اليمني، الأربعاء، استعادة مواقع عسكرية استراتيجية من الحوثيين، إثر معارك في محافظة الجوف بشمال اليمن، قرب الحدود مع السعودية.

وقال قائد لواء حسم، رئيس عمليات حرس الحدود بالجيش العميد هادي الجعيدي إن “الجيش حرّر سلسلة جبال الأمهور الاستراتيجية، وقطع خط إمداد مسلحي الحوثي الواصل بين منطقة رحوب وواديي سلبة والقعيف، في مديرية برط العنان، بمحافظة الجوف”.

انهيارات متسارعة للحوثيين في مختلف الجبهات مع تراجع قدرتهم على تعويض خسائرهم وعجزهم عن حشد المقاتلين

وأوضح الجعيدي، في تصريح لموقع الجيش اليمني سبتمبر نت، أن “المنطقة باتت مع الواديين، تحت السيطرة النارية لقوات الجيش”. وأضاف أنّ قوات الجيش تواصل التقدم باتجاه مركز مديرية برط العنان، لاستكمال تحرير ما تبقى منها.

وفي محافظة صعدة قال مصدر ميداني إنّ قوات الجيش سيطرت على المجمع الحكومي في منطقة الملاحيط بمديرية الظاهر، غربي المحافظة.

وأوضح أنّ قوات الجيش اقتحمت المجمع الحكومي، بعد اشتباكات عنيفة، خاضتها ضد مسلحي الحوثي تحت غطاء جوّي من مقاتلات التحالف العربي.

وتكمن الأهمية الاستراتيجية لهذه الجبهة في كونها لا تبعد أكثر من عشرة كيلومترات فقط عن منطقة مران أهم مراكز الحوثيين ومسقط رأس أبرز قادتها، وهو ما يعطي انطباعا عن التحول الكبير في طبيعة المعركة التي باتت في المناطق ذاتها التي انطلقت منها الحركة الحوثية في عام 2004.

وفي السياق ذاته أفادت مصادر محلية بتمكن قوات الجيش الوطني من السيطرة على معظم مديرية حرض في محافظة حجة على الحدود اليمنية السعودية، بالتزامن مع الاقتراب من تحرير مديرية برط العنان في محافظة الجوف.

ولجأ التحالف العربي والجيش الوطني اليمني في الآونة الأخيرة إلى اتباع استراتيجية جديدة في المواجهات مع الحوثيين تعتمد على محاصرتهم وقطع طرق الإمداد عن مناطق سيطرتهم، الأمر الذي يتسبب في انهيار جيوبهم المحاصرة تلقائيا.

وبدأت سلسلة الهزائم التي مني بها الحوثيون تؤثّر على وحدة جبهتهم الداخلية وتماسكها؛ حيث واجهوا خلال الأيام الماضية تمرّد عدد من ضباط الكلية البحرية في مدينة الحديدة، تضامنا مع زميل لهم كان تعرض للإهانة والاعتقال من قبل أحد قادة الميليشيا.

ورفض الضباط تنفيذ أوامر مشرف ميليشيا الحوثي في الحديدة وحاصروا قسما للشرطة حيث يعتقل زميلهم وأطلقوا سراحه عنوة ورفضوا تسليمه للميليشيا.