عقب رفضه المشاركة في "إدلب"..

هل يتمرد زعيم مليشيا حزب الله "حسن نصر الله" على إيران؟

زعيم مليشيا حزب الله "حسن نصر الله"

بيروت

مع بدء حراك الأيام الأخيرة في إدلب استعداداً لمعركة باتت وشيكة , تشير التسريبات إلى رفض المليشيات الشيعية بما فيها حزب الله اللبناني المشاركة فى العملية العسكرية المرتقبة وهو ما عده المراقبون تمرداً من جانب  الحزب على سياسية طهران

التسريبات  المشكوك بصحتها نشرها موقع “ديبكا” الاستخباراتي الإسرائيلي حيث زعم وفقاً لمصادر لم يسميها أن الحزب الموالى لإيران بدأ مرحلة العصيان و التمرد على الداعم المحوري له حيث قرر عدم الانخراط فى  الهجوم  وذلك للمرة الأولى في تاريخ الحرب الأهلية السورية التي شارك بها بفاعلية منذ بدايتها، وخاصة في الهجوم الأخير ضد معاقل المعارضة جنوب سوريا.

ولفت التقرير كذلك إلى تأكيدات مصادر عسكرية واستخباراتية خاصة، بأن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله رأى أن قواته نالت ما فيه الكفاية، واتخذ قراراً بعدم  إرسال مقاتلي الحزب إلى إدلب وجبهات عسكرية أخرى في سوريا وأنه بدأ فعلياً بسحب قواته من هناك وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى خسارة حزب الله ثلث مقاتليه في الحرب السورية عَبْر السنوات السبع الماضية، وهو ما تسبَّب بحالة من التململ في صفوف حاضنته الشعبية.

التحليل العبري الذي عد قرار الأمين العام للحزب تمرداً من قِبل الحليف الأقوى لإيران وأنه قد يشكل  مصدر قلقٍ عميقٍ في أوساط مسئولي إستراتيجية الحرب في طهران،يفتقد إلى الواقعية السياسية ,إذ أن نصر الله أمين عام الحزب لا يمتلك حتى رفاهية النأي بالنفس لأنه، استطراداً، حزب أيديولوجي مذهبي يمتثل لإرادة الولي الفقيه، ويخدم سياسيات وتطلعات  نظام الملالي في طهران، وهي الطموحات التي دفعت  الحزب للاستغراق بالحروب  في العراق وسورية واليمن وصبّ المزيد من الزيت على نار التوترات في المنطقة ودول الخليج ، وهي التزامات لا يستطيع الحزب أن ينأى بنفسه منها لكن من المرجح أن تتغير مهمة حزب الله في الوقت الذي تبدو فيه الحرب وكأنها في نقطة انعطاف نهائية في إدلب وتعتبر المصادر أن “حزب الله” لن يشارك بتشكيلات مقاتلة في إدلب، إذ من الممكن أن يكون له تواجد بسيط جداً عبر بعض الكوادر كما حصل في معركة الجنوب السوري وقد لا يشارك فيها نهائياً

ربما تكون مهمة ميليشيات حزب الله في سوريا  قد انتهت عسكرياً ، وأنه يُعِد لسحبها والاقتصار على الدور الاستشاري في محاولة للحفاظ على حاضنته الشعبية بعد الخسائر البشرية والمادية التى مني بها في الحرب السورية فحزب الله ليس “الابن البكر”  لإيران ,فحسب, بل إنه أيضاً ملاذها الأخير  لذلك لا يمكنها التضحية بسيطرته على لبنان خاصة وأنه يبدو  داخلياً أقوى من أي وقت مضى بعد الانتخابات الأخيرة الأمر الذي يجعل طهران أكثر حذراً بشأن إشراكه في مغامرتها الخارجية القادمة. لذا يعد  الحديث عن الحفاظ على حاضنته الشعبية أحد أسباب تسريع “حزب الله” عودته إلى لبنان.حيث من المنتظر أن يسحب حزب الله ميليشياته من الأراضي السورية   ليلعب دوراً استشارياً بالاستناد إلى ما اكتسبه من خبرة حربية، وذلك بعد أن فقدت عناصره الرغبة القتالية وبعد أن خسر عدداً كبيراً منهم.فوفقاً لتقرير ألماني ,فقد شارك حزب الله في الحرب السورية بنحو 8000 مقاتل خسر نحو ثلثهم أثناء المعارك وقد مكنت الحرب السورية حزب الله من اكتساب تجربة كافية للعب دور استشاري لصالح الميليشيات في كلٍّ من العراق وإيران واليمن.

تحركات حزب الله  نحو إنهاء مشاركته الفعلية في المعارك والذي حُسم منذ بداية العام، و توقفه عن الانخراط بشكل مباشر فى القتال  وتقليل حضوره العددي إلى الحد الأقصى منذ نهاية العام الماضي، إلى الحد الذي يكفيه خلال المرحلة المقبلة، في المعسكرات والنقاط الثابتة في بعض المناطق الإستراتيجية يأتى كذلك فى إطار الاستعدادات  لما بعد الانتهاء الفعلي للحرب السورية، لوجستياً وعددياً، وهذا ما حصل خلال المرحلة الماضية حيث وضع الحزب كامل خططه لمواكبة استمرار التوسع خلال أيام السلم.

اهتزاز قدراته المالية ونقص التمويل الناجم عن  العقوبات على إيران المموِّل الرئيسي له شكلت دافعاُ  لعدم انخراطه فى معركة إدلب لاسيما مع بقاء العديد من أُسَر مقاتلي حزب الله الذين لقوا حتفهم أو أصيبوا بجروح بليغة على أرض المعركة دون عائل الأمر الذى اثقل ميزانيته ، حيث يتكفل بشؤونهم . وقد كشفت بيانات إيرانية أن تمويل طهران للحزب  قد ازداد خلال السنوات الست الماضية. وفي مايو الماضى ، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية قيوداً ماليةً على محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف بتهمة مساعدة “الحرس الثوري” الإيراني على تحويل مئات الملايين من الدولارات سراً إلى “حزب الله” ويُقال إنه استخدم “مصرف البلاد الإسلامي” في العراق للقيام بهذه التحويلات، مما دفع بوزارة الخزانة إلى استهداف المؤسسة وأكبر مسؤولَيْن تنفيذيَيْن فيها، لذلك يذهب المراقبون إلى أن وجود حزب الله في سوريا سيصبح محدودا، فبالإضافة إلى وجوده في كل من الزبداني والسيدة زينب، قد يسعى إلى الحفاظ على وجوده في القلمون

لا أحد يحترف البراغماتية كإيران وحزب الله وفي اللحظة المناسبة سينحني الإيرانيون للعاصفة لكي تمرّ وتخلط الأوراق مجدداً. وليس مستبعَداً أن يضع نصر الله  فكرة انسحابه العسكري من سوريا على الطاولة، خياراً محتمَلاً لاسيما وأن المهمّة العسكرية الأساسية التي من أجلها ذهب “الحزب” إلى سوريا تحققت تماماً، وتبقى اليوم مهمة إثبات الحضور، وتثمير الجهود التي بذلها سياسياً وقد لا يجد الإيرانيون و”الحزب” مانعاً في أن يتحقّق بوسائل أخر ى خاصة مع ازدياد الضغوط الروسية للحد من نفوذ إيران  ومليشياتها عقب القمة التي جمعت بين كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ١٦ تموز/ يوليو الماضي في هلسنكي ونشوب صراع روسي إيراني في الساحل وحماة، أفضى إلى تراجع القوات الموالية لطهران  هناك، إضافة لرغبة إيرانية في تعزيز وجودها بشكل سريع في دير الزور..

خطوات حزب الله فى سوريا لا تعنى بالضرورة محاولته للتحرر من سمعته كـ “دمية إيرانية” وانه يسعى فعلياً للاستقلال عن طهران فقد أضحت علاقتهما خلال السنوات الأخيرة أكثر قوة لكن ما يدور اليوم  يتم بتنسيق مع إيران فما تحاول إيران فعله هو بلورة مصالحها الاستراتيجية في سوريا وفقا للمتغيرات الجيوسياسية على الأرض والتي سيكون لها انعكاسات كبيرة على مختلف اللاعبين هناك  بما في ذلك الحزب .