تحرير الحديدة..
هل معركة الحديدة مؤشر بقرب نهاية الدور الإيراني في اليمن؟
دعا مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، إلى ضرورة التكاتف والتعاون لمواجهته وردع “أدوات إيران الإرهابية التي تتدخل في الشؤون العربية”.
وجاءت الدعوة في وقت تتعرّض فيه إيران إلى ضغط شديد من قبل الولايات المتّحدة، يجزم معظم المراقبين بأن نتائجه ستكون مؤثرة على نظام طهران وسلوكاته في المنطقة.
ويُقصد بـ”أدوات إيران” ميليشيات ناشطة في بلدان عربية وتستخدمها طهران في بسط نفوذها في تلك البلدان، على غرار الدور الذي يقوم به حزب الله في لبنان وسوريا، وتؤدّيه ميليشيا الحوثي في اليمن، إضافة إلى عدد من الميليشيات الناشطة بقوّة في العراق.
كذلك تزامنت الدعوة السعودية مع إطلاق معركة عسكرية كبرى للتحالف العربي الذي تقوده الرياض في اليمن، بهدف استعادة محافظة الحديدة ذات الموقع الاستراتيجي على الساحل الغربي اليمني من سيطرة المتمرّدين الحوثيين.
وبحسب متابعين للشأن اليمني، فإن استعادة الحديدة لن تشكّل فقط ضربة موجعة للحوثيين المنقلبين على السلطة الشرعية في اليمن والمسيطرين بقوة السلاح على عدد من مناطقه بما في ذلك العاصمة صنعاء، ولكن لداعمتهم إيران ونفوذها الذي سعت لتركيزه في منطقة حساسة من الجزيرة العربية بجوار منطقة الخليج العربي وعلى حدود غريمتها السعودية، وبمحاذاة ممر بحري ذي أهمية بالغة للتجارة العالمية وعلى رأسها تجارة النفط.
واستأنف التحالف العربي الذي تشارك فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل رئيسي ويدعم قوات يمنية متعدّدة من جيش ومقاومة، الهجوم على مرفأ الحُديدة الاستراتيجي لطرد المتمردين الحوثيين منه.
وكان التحالف قد أطلق في يونيو الماضي الحملة العسكرية على الساحل الغربي بهدف السيطرة على الميناء الذي يشكّل أكبر ممر لتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين، قبل أن يُعلن مطلع يوليو الماضي عن تعليق الهجوم لإفساح المجال أمام وساطة للأمم المتحدة.
لكن المحاولة الأممية لعقد مشاورات سياسية غير مباشرة بين أطراف النزاع في جنيف فشلت في الأسبوع الأول من الشهر الحالي بعدما رفض المتمردون المدعومون من إيران مغادرة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم من دون ضمانات بالسماح لهم بالعودة إليها على اعتبار أن التحالف يسيطر على حركة الطيران في مطار العاصمة.
ومساء الاثنين، أعلن مسؤولون في التحالف العسكري استئناف الحملة باتجاه الميناء والمدينة بعد نحو أسبوع من تمكّن القوات الحكومية من قطع الطريق الرئيسي الذي يربط الحديدة بصنعاء، والذي يعتبر خطا رئيسيا لإمداد المتمردين الحوثيين بالسلاح والمقاتلين.
وقال مسؤول في التحالف العربي لوكالة فرانس برس مفضّلا عدم الكشف عن هويته إنّ القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا “بدأت عملية عسكرية من عدة محاور لتحرير مدينة الحديدة” الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.
عدم اعتراض دولي على معركة الحديدة وقناعة أميركية متنامية بأن تحجيم نفوذ إيران يمر حتما عبر اليمن
ومن جهته أكّد العميد علي الطنيجي قائد قوات التحالف في الساحل الغربي اليمني، في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الإمارات استئناف عملية تحرير الحديدة.
وأفاد مسؤول في القوات الحكومية عن شنّ طائرات التحالف ضربات جوية مكثّفة على مواقع للمتمردين داخل المدينة المطلّة على ساحل البحر الأحمر.
وأكّد سكّان في الحديدة سماع دوي عدّة انفجارات. كما قال المسؤول إن التحالف دفع “بتعزيزات إلى المحورين الشرقي والجنوبي للمدينة”.
وجرت معارك عنيفة في عدة محاور عند أطراف الحديدة مع إعادة إطلاق الحملة البرية، وقال شهود إن المدينة شهدت حركة عسكرية ناشطة مساء الإثنين مع توجّه آليات للمتمرّدين نحو أطراف المدينة.
وجاء استئناف الحملة الهادفة لطرد المتمردين من مدينة الحديدة في وقت كان مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث يزور صنعاء للقاء قياديين في صفوف المتمردين ومناقشة ترتيبات عقد محادثات سلام جديدة. وغادر غريفيث صنعاء ظهر الثلاثاء من دون الإدلاء بتصريح، الأمر الذي فهم كمؤشّر على فشل مهمّته.
وسياسيا بدا أن معركة الحديدة لم تعد تواجه اعتراضات من قبل المجتمع الدولي. وأصدرت الإدارة الأميركية إشارات قوية على ذلك من خلال تصريحات لمسؤولين كبار فيها هوّنوا من المخاوف على مصير المدنيين، واعترفوا بجهود قوات التحالف العربي لتجنّب إيقاع خسائر في صفوفهم.
ويُرجع مراقبون عدم الاعتراض الأميركي على معركة الحديدة، إلى قناعة متنامية لدى الولايات المتحدة بأن جهودها لتحجيم نفوذ إيران وتغيير سلوكها في المنطقة لا يمكن أن تثمر من دون إنهاء الدور الإيراني في اليمن.
وشدد مجلس الوزراء السعودي، الذي عقد جلسته الاعتيادية، الثلاثاء، برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز “على أن الإرهاب الذي تمارسه إيران من خلال تدخلاتها السافرة في الشؤون العربية ودعمها للميليشيات الإرهابية يعدّ من أبشع مظاهر الإرهاب الذي يحتاج إلى التكاتف والتعاون لمواجهته وردع أدواته”، في إشارة إلى حزب الله اللبناني وعناصر جماعة أنصارالله الحوثية في اليمن.
وأكد على عدم “تردد المملكة في تقديم أنواع الدعم كافة بالتعاون مع المجتمع الدولي للقضاء على هذه الآفة الخبيثة”.
وأوضح وزير الإعلام، عواد العواد، في بيانه عقب الجلسة “أن مجلس الوزراء نوّه بالقرارات الصادرة عن اجتماع الدورة العادية الـ150 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية التي اختتمت بالقاهرة، وبالبيان الصادر عن اللجنة الوزارية العربية الرباعية
المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية التي انعقدت على هامش اجتماعات الدورة 150 لمجلس جامعة الدول العربية”.