تحرير الحديدة..

القوات المشتركة تعدل تكتيكاتها لتناسب حرب الشوارع

إلى صنعاء بعد الحديدة

صالح البيضاني
كاتب وباحث وسياسي يمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

تواصل المقاومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي توغّلها في الأجزاء الجنوبية والشرقية من مدينة الحديدة على الساحل الغربي اليمني، مع لجوء الميليشيات الحوثية لتكثيف قصفها المدفعي من بين الأحياء السكنية على مواقع القوات المشتركة، التي شرعت في نزع الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون بشكل واسع في مختلف مناطق الحديدة.

وعن التطورات الميدانية في الحديدة قال الصحافي اليمني سياف الغرباني إن قوات المقاومة المشتركة، مسنودة بالتحالف العربي، وصلت إلى آخر نقطة في شارع الدريهمي، المدخل الجنوبي للمدينة، باتجاه شارع الميناء.

ولفت الغرباني في تصريح لـ”العرب” إلى أنّ المقاومة المشتركة استخدمت تكتيكا جديدا يتمثل في تقطيع أوصال وعزل مجاميع الحوثي عن بعضها في أحياء منفصلة في الجزء الجنوبي من مدينة الحديدة، كما قامت بتطويق ميليشيا الحوثي، في حي الربصة جنوب المدينة، من محورين، وتقدمت باتجاه اللّسان البحري جنوبي المدينة، وباشرت الفرق الهندسية بمسح ونزع الألغام، مع استمرار عمليات التمشيط.

وأكد الغرباني أنّ الميليشيات في حي الربصة حيث توجد العديد من المنشآت الحكومية التي حولتها الميليشيا إلى ثكنات عسكرية، “وجدت نفسها داخل كماشة دائرية، وقُطعت خطوط إمداد مواقع المدفعية من وسط وشمال المدينة الى هذا المربع”، مضيفا “معركة الحديدة، تكتيك بالدرجة الأساس، إذ أنّ تحصن الحوثيين داخل الأحياء ذات الكثافة السكانية المكتظة، استدعى خطة عسكرية مختلفة تقوم على تقليل حجم الاعتماد على القوّة النارية والتركيز على الالتفافات والتطويق والعزل، خاصة وأن الحوثي يراهن على الكلفة البشرية والإنسانية للمعركة في الحديدة، وقد بنى خطته على هذا الأساس بدءا من التحصن داخل الأحياء السكنية والمنشآت، وصولا إلى تفخيخ المباني والشوارع وحتى حرم ومحيط ميناء الحديدة، وقياسا إلى المعطيات الميدانية على الأرض، فإن المقاومة المشتركة استطاعت فرض تصورها للمعركة، وانتزع مساحات كبيرة داخل المدينة وهي مازالت في مرحلة الانتشار والتطويق وقطع خطوط إمداد الطرف الآخر”.

وأشار الخبير العسكري العقيد يحيى أبوحاتم في تصريح لـ”العرب” إلى أنّ جنوب المدينة يشهد معارك عنيفة وخصوصا في شارع صنعاء وباتجاه جامعة الحديدة ومستشفى الثورة وهي المحاور التي قال أبوحاتم إنّها تهدف للضغط على الميليشيات الحوثية وتشتيت قواتها، لافتا إلى أن المجهود الحربي الرئيسي يتركز في شمال شرق الحديدة، بهدف الوصول إلى شارع التسعين ومن ثم نقطة الشام وقطع آخر طريق رئيسي يربط الحديدة بكافة المناطق المجاورة لها ومن ثم البدء في إدارة عمليات نوعية داخل المدينة.

ونوّه أبوحاتم بأن الميليشيات الحوثية تتحصن داخل المدينة وتسعى لجر القوات المشتركة لخوض معارك بداخلها وهو الأمر الذي تتحاشاه القوات بهدف التقليل من الخسائر المادية والبشرية، وتجنب العوائق التي نصبتها الميليشيات مثل السواتر والخنادق وفرق القناصة، مضيفا أن تطويق المدينة كفيل في نهاية المطاف بانهيار الحوثيين بداخلها.

وقال أبوحاتم إن كافة المعطيات تصب في صالح القوات المشتركة ومن بينها الكثافة النارية والتغطية الجوية وحتى أعداد المقاتلين التي تفوق ميليشيات الحوثي التي حاولت التعويض عن ذلك من خلال تحويل المدنيين والمنشآت العامة إلى دروع بشرية.

ووفقا لمصادر عسكرية تسعى الميليشيات الحوثية لاستنزاف القوات المشتركة من خلال الشروع في عمليات تسلل للمناطق المحررة وهي ذات الاستراتيجية التي لجأت إليها الميليشيات على طول الساحل الغربي، غير أن خبراء عسكريين أكدوا أن تلك العمليات باتت مكشوفة وأنها تتسبب في خسائر هائلة في صفوف المهاجمين ولا تؤدي لأي نتائج ملموسة.

ووصلت معركة الحديدة بحسب خبراء إلى نقطة اللاعودة بعد تداخل مناطق تواجد القوات وتلاشي أي فرصة للفصل بينها، الأمر الذي يعزز من حظوظ الشرعية عسكريا وسياسيا للمضي قدما نحو حسم المعركة التي باتت السبيل الوحيد لإنهاء معاناة المدنيين.

ارتفاع نسق المساعدات الإماراتية لسكان الساحل الغربي اليمني

سجّل خلال الفترة الأخيرة ارتفاع ملحوظ في نسق المساعدات الإماراتية بشقيها الإغاثي والتنموي لسكّان مناطق الساحل الغربي اليمني بالتوازي مع التقدّم في جهود تحرير تلك المناطق من ميليشيا الحوثي الموالية لإيران. وبيّن تقرير لوكالة الأنباء الإماراتية “وام” رفع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لنسق مساعداتها العاجلة لأهالي الساحل الغربي في اليمن استجابة للأوضاع الإنسانية التي خلفتها الميليشيا في المناطق المحررة من سيطرتها.

وأشار التقرير إلى شمول جهود الهيئة قطاعات التعليم والصحة والطاقة والإغاثة العاجلة إضافة لمشاريع ترميم وتحسين البنى التحتية. وكانت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أعلنت عن خطة متكاملة لإعادة إعمار الساحل الغربي ممولة بالكامل من دولة الإمارات تتضمن إعادة تأهيل الطرق وصيانة المدارس وتأهيل المنشآت الصحية و تعزيز قطاع الكهرباء.

وباشرت الهيئة توزيع دفعات من المكملات الغذائية للسكان ضمن حملة واسعة تتضمن توزيع 200 طن من المكملات. وزودت الهيئة صيادي الساحل الغربي بالمعدات والأدوات اللازمة لمواصلة نشاطهم إضافة إلى إنشاء سوق للأسماك ومكاتب إدارية وتأهيل أماكن التخزين، فيما افتتحت الهيئة مستشفى المظفر بمحافظة تعز بعد تأهيله ورفده بالمعدات والأجهزة الطبية الحديثة والأدوية.

وشهدت الأسابيع الماضية تدشين العديد من المشاريع التي شملت قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية، إلى جانب استمرار حملات توزيع المواد الغذائية والمعونات الإغاثية على سكان المناطق المحررة حديثا.

وتضمنت قائمة المشاريع المعلن عنها رصف وإعادة تأهيل الطريق الساحلي الدولي بطول 143 كيلومترا وصيانة وتأهيل 43 مدرسة وتأهيل 13 من العيادات الطبية ومراكز الأمومة والطفولة وتوفير خدمات الكهرباء بالطاقة الشمسية للآلاف من المنازل وحفر 58 بئرا بمضخاتها. كما أعلن الهلال الأحمر الإماراتي عزمه على تأهيل تسعة مراسي للصيد البحري وإنشاء سوق لبيع الأسماك وإنشاء مشاريع إنتاجية صغيرة لدعم الأسرالضعيفة تتضمن 24 مخبزا يستفيد من إنتاجها 4 ملايين و320 ألف شخص.

وتتضمن مشاريع الهلال الأحمر الإماراتي لإعمار الساحل الغربي في اليمن تأهيل 50 مزرعة وإنارة الطرق الرئيسية بالطاقة الشمسية وتنفيذ 29 مبادرة في مجال المشاريع الإنتاجية الصغيرة وتمليكها للأُسر.