دلائل ووثائق..
تقرير: كيف صنعت قطر التنظيمات الإرهابية في المنطقة؟

استضافة إرهابيين
اعتمدت السياسة الخارجية القطرية على دعم الميليشيات الإرهابية؛ لضمان ولائها، واستخدامها في أي وقت لتنفيذ أجندتها الإرهابية، واستخدامها أوراق ضغط ضد دول المنطقة؛ الأمر الذي ظهر للعلن بعد ثورات الربيع العربي؛ حيث كشفت «إمارة الإرهاب» عن وجهها القبيح.
ولم تكتف «إمارة الإرهاب»، بتقديم الدعم العلني للجماعات والتنظيمات الإرهابية في محاولة لزعزعة الاستقرار، بل وفرت ملاذًا آمنًا لقادة تلك الجماعات، ووطنتهم في الدوحة، ووفرت لهم جميع السبل اللازمة لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، وسمحت أيضًا لهم بالظهور عبر شاشات الإعلام القطرية.
الدور التخريبي في ليبيا
لعبت قطر دورًا كبيرًا في تقويض أركان الدولة الليبية وتمكين الميلشيات الإرهابية، التي تعتبرهم سفراء التخريب الذين ينفذون أجندتها بحذافيرها، وهو الأمر الذي حذرت منه مصر؛ حيث حذرت الخارجية المصرية العام الماضي من الدور التخريبي القطري في ليبيا، مشيرة إلى أن القاهرة تمتلك أدلة على دعم قطر للإرهاب في ليبيا.
وطرحت الخارجية المصرية، في ذلك التوقيت مقترحات لتقويض الدور القطري التخريبي، وذلك خلال مبادرة مصرية حملت عنوان «تحديات مكافحة الإرهاب في ليبيا»؛ حيث طالبت القاهرة بتوثيق طرق تسليح وتمويل بعض الدول، ومنها قطر للجماعات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا، والتصرف إزاء تلك الانتهاكات.
وحذرت الخارجية المصرية من استمرار ليبيا كملاذ آمن للإرهابيين بسبب الدعم القطري، خاصة أن هناك جماعات وتنظيمات إرهابية في ليبيا تعمل تحت مظلة واحدة، وتستقي أفكارها من الأيديولوجيات المتطرفة لجماعة الإخوان، مشيرًة إلى أن مصر واجهت عمليات إرهابية مصدرها ليبيا، بما في ذلك تلك التي تعرض لها عدد من الأقباط في الصعيد، كاشفة عن الدعم الذي تحصل عليه الجماعات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا من قطر، تحديدًا، مستعرضًا أوجه الدعم الذي قدمته الدوحة للإرهاب في ليبيا.
استضافة إرهابيين
سنّت الدوحة قوانين خاصة تمكنها من استضافة قيادات الإرهاب وتوفير الأمكان الآمنة لهم، ومن ذلك قانون اللجوء السياسي للعناصر الإرهابية الذي أصدره تميم بن حمد، أمير قطر، تحت مسمى معارضين سياسيين؛ تستخدمه الدوحة كورقة ضغط لابتزاز الدول العربية والخليجية المقاطعة لها لدعمها للإرهاب.
ومن أبرز الكيانات الإرهابية التي احتضنتها الدوحة هي جماعة الإخوان الإرهابية؛ حيث دأب النظام القطري على استغلال عناصر الجماعة بعد منحهم حق اللجوء السياسي والجنسية القطرية؛ لإثارة القلاقل وهز استقرار الدول العربية والخليجية، وهو ما يؤكد استمرار قطر وإصرارها على دعم الإرهاب، واستقطاب عدد كبير من رموز وقادة الإرهاب على أراضيها.
وحاولت قطر من خلال قوانينها منح الإرهابيين صفة «اللاجئين السياسيين»، وهو ما يوفر لها إيواء عناصر إرهابية تحت مسمى معارضين سياسيين، ضاربة بالقوانين الدولية التي تجرم إيواء العناصر الإرهابية تحت أي مسمى عرض الحائط، إضافة إلى تجاهلها للقانون الدولي العام.
ولم تكتف قطر بتمويل الملاذ الآمن والاحتياجات كافة لقادة الإرهاب، إلا أنها أعلنت حصول أي لاجئ سياسي على امتيازات، من بينها حصوله على وثيقة سفر دبلوماسية تمكنه من السفر إلى أي مكان، والتمتع بحماية الأجهزة السيادية في قطر، وأن يحظى بالرعاية الصحية الكاملة. ومن ثم يمنح قانون اللجوء السياسي الذي أصدرته الحكومة القطرية عددًا من الكوادر الإرهابية حق الإقامة والجنسية القطرية والتحرك بين الدول بحرية كاملة.
تاريخ في دعم الإرهاب
الدعم القطري للإرهاب ليس وليد اللحظة، ولم يبدأ خلال السنوات الأخيرة فقط، وهو ما أكده «ريتشارد بورتشل»، مدير الأبحاث والتواصل في مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات في بروكسل، حيث قال: «إن هناك دلائل ووثائق تؤكد دعم قطر للإرهاب والجماعات المتطرفة بشكل مباشر».
وأوضح «بورتشل»، خلال إحدى الندوات التي ألقت الضوء على إرهاب قطر، أنه وفقًا لمعلومات جمعها المركز من مؤسسات وأفراد، تعد قطر من بين الدول التي تدعم الإرهاب، مشيرًا إلى أنه بينما تبذل دول مثل السعودية والإمارات والبحرين قصارى جهدها مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، فإن الدوحة لا تبذل أي جهد للتعاون في هذا الصدد، مؤكدًا أن الدول الخليجية محبطة؛ بسبب تاريخ قطر الطويل في دعم الإرهاب، وأنه منذ عامي 2013 و2014 كانت هناك اتفاقات بخصوص مكافحة الإرهاب، لم تنفذها ولم تلتزم بها الحكومة القطرية.
وهو ما أكده أيضًا الدكتور أحمد الهاملي، مؤسس ورئيس مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات، حيث قال: إن المركز أعد تقريرين يتضمنان حقائق دامغة لا يمكن إنكارها توثق دعم الحكومة القطرية للتطرف والمتطرفين والإرهابيين دعمًا مباشرًا أو غير مباشر.
غطاء سياسي للتطرف
وفي ظل إصرار قطر على دعم الإرهاب واستضافة الإرهابيين وتمويل الميليشيات وتنفيذ أجندة تخريبية، فتحت العديد من الدول ودوائر صنع القرار ومراكز الأبحاث فى عواصم مختلفة النار على جماعة الإخوان والدوحة؛ لدورهما في نشر الفوضى والخراب في منطقة الشرق الأوسط، وفضح علاقتهم بالإرهاب ووقوفهم وراء العديد من العمليات الإرهابية بخلاف توفير الغطاء السياسي للفكر المتطرف والسعي إلى ضرب استقرار العديد من المجتمعات العربية والأوروبية على حد سواء، وقد ناقش المؤتمر الدولي «الأزمة الدبلوماسية الخليجية.. مكافحة تمويل الإرهاب»، الذي عقد في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل بمشاركة مسؤولين بارزين وخبراء أوروبيين وعرب، علاقة قطر والإخوان وآليات محاصرة تمويل الدوحة للمنظمات الإرهابية حول العالم، بما فيها تمويل الحركات المتطرفة فى سوريا والعراق، ودعم المؤسسات المشبوهة داخل أوروبا؛ من أجل تنفيذ الأجندات الخاصة بدعم المتطرفين حول العالم.
الأسوأ في المنطقة
«الأسوأ في المنطقة»، هو التوصيف الذي أطلقته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في مذكرة لها عام 2009، واصفة تعاون قطر في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك وسط تصريحات لمسؤولين دوليين أكدوا خلالها أن العالم يعاني من عدم تعاون الدوحة منذ فترة حكم الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
ولم تكتفِ قطر بعدم تعاونها مع الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بل انقلبت أيضًا على «وثيقة جدة» التي وقعت عليها مع دول المنطقة، برعاية أمريكية في سبتمبر 2014، والتي تعهد فيها الجميع بمضاعفة الجهد لوقف تمويل الإرهاب، وعدم التساهل مع عمليات جمع الأموال للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، وتقديم المسؤولين عن ذلك للعدالة.
العلاقة مع «داعش» و«القاعدة»
العلاقة المشبوهة بين قطر وتنظيمي «داعش» و«القاعدة» كشفتها دراسات كثيرة؛ حيث نشرت مؤسسة دعم الديمقراطية دراسة من 3 أجزاء بعنوان: «قطر وتمويل الإرهاب»، خصص الجزء الأول منها لعقدين (الأخير من القرن الماضي، والأول من القرن الحالي)، والثاني لفترة تولي الأمير الجديد تميم بن حمد منذ 2013 وحتى يناير من هذا العام، وهو موعد صدور التقرير.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن ترى أن قيادات بالقاعدة تلقوا دعمًا من مانحين قطريين أو مقيمين في الدوحة، كما تلقت أيضًا حركة الشباب الصومالية، وفرعي تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، والعراق تمويلًا قطريًّا، وتلقي الدراسة الضوء على عدد من النماذج لقطريين، ومقيمين في الأراضي القطرية، يمولون الإرهاب علانية.
وربطت دراسات عدّة بين دعم قطر للإخوان والتنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية، في بداية حكم الأمير السابق إثر انقلابه الأبيض على والده منتصف التسعينيات، كما كشفت وثائق أسماء مصنفة بـ«الإرهابية» ووردت في تقارير رسمية أمريكية ودولية وتخضع لعقوبات دولية وأمريكية، إلا أن قطر لم تتخذ إجراءً بشأنهم.
وجاء اسم عبدالعزيز بن خليفة العطية، وهو ابن عم وزير الخارجية القطري السابق، ضمن الأسماء المصنفة إرهابيًّا؛ حيث سبق وأدين في محكمة لبنانية بتمويل منظمات إرهابية دولية، وبأنه على صلة بقادة في تنظيم القاعدة.
وأصدرت المحكمة حكمها على «العطية» غيابيًّا؛ إذ كانت السلطات اللبنانية قد أفرجت عنه بعد أيام من اعتقاله في مايو 2012؛ نتيجة تعرضها لضغوط من قبل الحكومة القطرية التي هددت بترحيل آلاف اللبنانيين من أراضيها، وذلك حسبما ذكرت تقارير صحفية، وأكدت وسائل إعلام لبنانية وقتها أن «العطية» التقى في مايو 2012 بـ«عمر القطري» و«شادي المولوي»، وهما عنصران قياديان في تنظيم القاعدة، وقام بمنحهما آلاف الدولارات.