محمود شاهرودي..

وفاة رجل إيران المرتقب لخلافة السيستاني

الشاهرودي عرف باعتداله ومواقفه السياسية الوسطية

طهران

أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية الاثنين وفاة آية الله محمود هاشمي شاهرودي، الذي ترأس القضاء خلال حملات قمع شرسة ضد المعارضين والصحافيين والناشطين، عن عمر ناهز سبعين عاما.

كان شاهرودي أحد طلاب المؤسس آية الله خميني وقد تسلم بعض أقوى المناصب في الجمهورية الإسلامية.

وحتى وفاته، كان رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام وعضواً في مجلس صيانة الدستور الذي يضم 12 شخصا. وهما مؤسستان رئيسيتان في صوغ التشريعات والتدقيق في المرشحين إلى الانتخابات.

كما كان أيضاً نائباً لرئيس مجلس الخبراء الذي يملك سلطة اختيار خليفة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

ولم يشاهد شاهرودي علنا منذ أشهر، وذكرت تقارير العام الماضي انه خضع لعملية جراحية في ألمانيا اثر اصابته بأحد أنواع السرطان.

وقد تقدم نائب ألماني بشكوى ضد شاهرودي خلال فترة إقامته داعياً إلى توجيه التهم إليه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لكن القاضي لم يجد سبباً لاحتجازه.

ترأس شاهرودي السلطة القضائية بين عامي 1999 و2009 ، وهي الفترة التي شهدت مئات الإعدامات وحملة منسقة ضد النشطاء والمعارضين ووسائل الإعلام الإصلاحية.

وانتهت فترة ولايته مع الاحتجاجات بشأن التزوير في الانتخابات الرئاسية عام 2009، ما أدى إلى اعتقال الآلاف وسط اتهامات بإساءة معاملة السجناء.

إلا ان بعض الإجراءات ساعدت في وصفه كمعتدل نسبيا داخل السلطة القضائية، ولا سيما منعه الرجم الذي يعتبره رجال دين آخرون أنه ضروري بموجب الشريعة.

لكن محاكمة نواب إصلاحيين في عام 2001- رغم حصانتهم البرلمانية- عرضته لانتقادات شديدة من جانب الحكومة آنذاك.

ولد شاهرودي في النجف في العراق في 18 أغسطس 1948 ، والتقى الخميني عندما تم نفي الأخير إلى العراق إبان الستينات.

وذكرت وكالة تسنيم المحافظة في النعي انه هرب إلى الكويت ثم ايران بعدما قمع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين رجال الدين الشيعة في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979.

وفي الشأن العراقي في زمن المعارضات المقيمة في إيران، كان يلقب شاهرودي بـ”داينمو المعارضة العراقية”، فهو مؤسس تشكيلاتها ومجالسها، والمشرف العام المباشر على نشاطاتها، وهو مهندس الارتباط بينها وبين السلطات الإيرانية الفاعلة، وقد استمر كذلك منذ أوائل الثمانينات حتى احتلال بغداد عام 2003.

في الوقت الذي رحل فيه محمد حسين فضل الله في بيروت، وقد كان المرجع المقلَّد من قبل حزب الدعوة العراقي، ولم يكن تابعا أو مقلدا لولاية الفقيه الإيراني، سارع حزب الدعوة وزعيمه المالكي إلى تقليد شاهرودي في إيران بحجة امتلاكه للدرجة الدينية المؤهلة وبذات الوقت يقترب المالكي من صانع القرار الأول في إيران، خامنئي، بحكم اقتراب شاهرودي من الأخير.

وبتلك الطريقة فك المالكي على يدي شاهرودي مسألة ضرورة ارتباط حزب الدعوة العراقي بمرجعية عربية كتقليد سائد وينقلها إلى أحضان بلاد فارس.

ثم سارع شاهرودي بعدها إلى افتتاح مكاتب له في النجف وكربلاء وبغداد لدعم سلطة المالكي وحزب الدعوة بمساندة إيرانية مطلقة، وفي زيارته قبل الأخيرة والتي رافقها كذلك الكثير من الاستنفار في الأوساط الدينية في النجف وكربلاء، والتي كان غرضها تمرير صفقة حزب الله اللبناني مع عناصر داعش ونقلهم في باصات مكيفة إلى الحدود السورية العراقية بإشراف وإدارة النظام السوري، جرت محاولة اغتيال المرجع الديني العربي العراقي فاضل البديري لنشره بيانا يدعو فيه الشعب العراقي إلى رفض صفقة حزب الله اللبناني المشبوهة.

ولتقدم السيستاني في السن ولاستمرار الشائعات عن حالته الصحية، أصبحت مسألة خليفته أكثر إلحاحا.

وتتنافس طوائف الشيعة العراقيين لاقتناص دور في اختيار خليفة السيستاني، وتساند إيران التي يغلب الشيعة على سكانها الشاهرودي في مسعاه.

وقد يصبح الشاهرودي خليفة تختلف فيه الآراء للسيستاني، إذ يخشى كبار رجال الدين في النجف أن تحاول إيران توسيع نفوذها وينظر البعض للشاهرودي بعين الارتياب رغم أن بوسعه أن يؤسس قاعدة دعم بين الطلبة.

ولأن السيستاني باعد بينه وبين السياسة الإيرانية فقد لا يريد بعض أتباعه أن تخلفه شخصية مقربة من طهران.

وقد رفضت المصادر في النجف الحديث بشكل علني لحساسية مسألة خلافة السيستاني غير أن مسؤولا عراقيا كبيرا سابقا قال لرويترز "الإيرانيون سيبذلون قصارى جهدهم ... فالمسألة ليست دينية فقط بل أصبحت السياسة جزءا منها. وستحدد مصير العراق".