ترجمة..

كيف تسوق السينما الإيرانية للسياسات الخارجية لطهران؟

السينما الإيرانية في خدمة سياسة ولي الفقيه: فيلم “بتوقيت دمشق” مثالًا

طهران

قصة فيلم “بتوقيت دمشق” الإيراني هي قصة مليئة بالإثارة والأبطال، على شاكلة هوليوود، مع انفجارات ومفاجآت درامية متكررة. تحمل قصة الفيلم رسائل سياسية غير دقيقة، وتحكي قصة اثنين من طياري “القوات الإيرانية التي تحارب الجهاديين في تنظيم داعش، وتدافع عن الأضرحة الشيعية”، بينما تحمل الطائرة أسرى من داعش.

تحلق طائرة النقل العسكرية فوق مدينة تدمر المحاصرة، ويطلق طياروها النار في مهمة خطيرة “لإنقاذ المدنيين السوريين المحاصرين والجرحى”.

لكن في طريق العودة إلى دمشق، ينطلق سجناء تنظيم داعش لمحاولة اختطاف الطائرة، لكن “براعة” الطيارين تفشل المحاولة، وتحبط جهود أسرى داعش عبر قتلهم جميعًا.

ما يقدمه الفيلم هو فن يخدم السياسة إلى حد كبير. وفي الوقت الذي يحاول الفيلم فيه إظهار “الحرب الإيرانية ضد الشر” -أي داعش- يقول المحللون إن الأهداف الإستراتيجية لإيران تشمل دعم حليفها القديم في دمشق، والتعاون الوثيق مع حزب الله، وتكوين جبهة أمامية قريبة من حدود إسرائيل.

يقدم الفيلم تبريرات للتدخلات العسكرية الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان، على اعتبار أن البلاد تقوم “بمحاربة الإرهاب” في الخارج. كما يروج الفيلم لقيام داعش بمهاجمة إيران؛ إذ يظهر قياديًا يهدد برفع علم داعش فوق طهران.

يظهر الفيلم كنتيجة لعقود من محاولات الحرس الثوري الإيراني اكتساب نفوذ في الثقافة والإعلام الإيرانيين.

“توقيت دمشق” هو أحد الأمثلة على الاستثمار الأيديولوجي لتعزيز الثورة الإسلامية ونظام ولي الفقيه. فاز الفيلم في مهرجان فجر السينمائي الدولي المرموق بجوائز عديدة، في شهر شباط/فبراير 2018. ويندرج ذلك إلى جانب نشاطات منظمة أوج للفنون التي تنشر ثقافة مؤيدة للنظام وتبرر نشاطاته الخارجية بحجج نشر الفنون.

قبل شهر من المهرجان، كانت إيران تشهد احتجاجات متصاعدة ضد التدخلات الإيرانية في سوريا والعراق واليمن، إذ طالب المحتجون في مدن البلاد بسحب القوات من الخارج والاهتمام بشؤون المواطن الذي بات يواجه مشاكل اقتصادية جمة.

يقول أحد الصحفيين البارزين في إيران -رفض الكشف عن اسمه- إن النظام الإيراني كان محظوظًا بظهور داعش، لأنه جاء كمبرر للتدخل العسكري ولحماية “المزارات الشيعية”، وبالتالي إنفاق الكثير من الأموال والدماء في سبيل ذلك.

ويقول الباحث الإيراني في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حسين دراخشان: “لقد كان النظام مهووسًا بالثقافة الأمريكية لدرجة أنه قام بشكل غير واع بإعادة إنتاج هوليوود فيما يتعلق بالأمور العسكرية والإمبريالية، والسينما هي أداة رئيسة لفعل ذلك”.

 

“أهم من المدارس”

الاستثمار في وسائل الإعلام لتشكيل المفاهيم الشعبية هو أمر أساسي في معتقدات النظام الإيراني؛ فالمرشد الأعلى علي خامنئي هو من وضع أسس هذه الفكرة في النظام الإيراني، وأكد عليه في اجتماع مغلق مع مديري وسائل الإعلام المحلية قبل سنتين.

بحسب ما تسرب من الاجتماع، قال خامنئي: “أجهزة الدعاية والإذاعة والتلفزيون أكثر أهمية من المدارس”، الأمر الذي تجسد في أيديولوجيات الحرس الثوري والباسيج.

ومع ذلك، يشير محللون إلى أن الأفكار التي حاول الفيلم الترويج لها لم تنجح في التغلغل في الشعب الإيراني؛ لأن الشعب نادى في مظاهراته المتكررة بضرورة الخروج من الدول المجاورة والاهتمام بالشؤون الداخلية.

المصدر