الحرب في اليمن..

تقرير: الحوثي يجرف "اليمن السعيد" بألغام الموت والكراهية

الالغام الحوثية

صنعاء

على الرغم من لقب “السعيد” الذي عادة ما يتصلق باليمن ذلك البلد المعجون بالجغرافيا كما التاريخ والقابع في خاصرة الجزيرة العربية فإنه لم يكن كذلك منذ الانعتاق من حقبة “الإمامة” ودخول عصر الدولة الحديثة بالعديد من الأزمات والحروب الأهلية والاغتيالات والمناكفات المستمرة لنظام علي عبدالله صالح الذي لم يكن يلعب دوراً كملاعبة الأفاعي من التنظيمات المسلحة وصولاً إلى ميليشيا الحوثيين الثعبان السام الذي لدغه وأحكم الخناق عليه وعلى اليمنيين وشرعيتهم المسلوبة واتجه نحو دولة الملالي معلناً الانتقال من مرحلة الدولة داخل الدولة إلى الميليشيا المسلحة المقوضة للأمن والمنتجة للفوضى والمنتقمة من اليمنيين قبل غيرهم بزراعة الألغام في أرضهم التي عرفت بحقول البن والأرض الخصبة .

قصة الألغام في اليمن لم تبدأ مع الحوثيين وإن استفحلت معهم، فتاريخها يعود إلى سبعينيات القرن المنصرم بعد أن دخلت البلاد في حرب أهلية جهوية بين الشمال والجنوب ما قبل ترسخ الوحدة الشكلانية في 1990 بقوة جيش نظام صالح ودعم المجموعات الجهادية التي تم تجييشها ضد التجربة الاشتراكية القمعية في الجنوب ، وحينها قدمت جماهيرية القذافي ما يزيد عن مليون لغم لنظام صالح زرع في المناطق الوسطى المنضوية تحت لواء الجنوب الاشتراكي، وبحسب قاسم الأعجم رئيس لجنة شؤون الألغام الوطنية فإن أكثر من (600) منطقة تأثرت بالألغام تغطي 19 محافظة من أصل 21 وتحصد معها أكثر من 60 ألفا بلغ نصيب الأطفال من تلك قنابل الموت والإعاقة ما يزيد عن 96٪.

قصة الألغام المأساوية في اليمن عادت فصولها السوداء مع بدء انقلاب ميليشيا الحوثيين العقائدية والتي لم تسعى إلى تجريف الحالة السياسية والدينية والثقافية بل ساهمت في تجريف الأرض اليمنية الخصبة ونثر ألغام الكراهية بعد فشل الوصول إلى صيغة توافقية منذ 2015 والنزاع مع الشرعية التي احتضنتهم كشركاء في النضال السياسي إبان مرحلة ما عرف بـ”الربيع العربي”.

قامت الميليشيا الحوثية منذ ذلك الوقت بزراعة الألغام المضادة للأفراد ضد اليمنيين الذين منحوهم الثقة مراراً وتكراراً في مناطق متفرقة خصوصا في عدن وأبين، وتنوعت وسائل الموت من الألغام بين المضادة للعربات والعبوات الناسفة بدائية الصنع. أسفرت هذه الألغام عن وقوع المئات من المواطنين الأبرياء قتلى وأصيب أكثر من 400 منهم بإعاقات دائمة. ورصدت تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية أكثر من 150 ألف لغم في معركة تحرير عدن وجنوب اليمن من قبضة الميليشيا بعد أن تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في إعادة الشرعية للبلاد.

لاحقاً شرعت الميليشيا في تحويل زراعة الألغام إلى أسلوب تهديد وفزاعة نشر للخوف والرعب لليمنيين مع كل منطقة تخسرها في الحرب ضد الشرعية والتحالف، واتسعت رقعة الأراضي المزروعة بالألغام لتشمل محافظات لحج والضالع وأبين وشبوة، وتمتد شمالاً إلى محافظة تعز والبيضاء ومأرب. في حين شرعت قوات التحالف والشرعية عبر المركز التنفيذي للبرنامج الوطني لمكافحة الألغام في عدن في تدشين برامج مضادة للألغام. واستطاع البرنامج في إحدى حملات التمشيط جمع ما يزيد عن 1173 لغما وقطعة ذخيرة غير متفجرة، وفي إطار زمني بين 13 يوليو و10 أغسطس من عام 2015.

وبحسب معهد واشطن للدراسات في تقرير أصدره في يوليو من عام 2018 والذي أكد فيه أنه على الرغم من وجود ألغام أرضية في اليمن منذ عقود بسبب نزاعات مختلفة، فإن المتمردين الحوثيين يقومون باستخدامها حاليا “بمعدل عال يسبب الذهول”.

في السياق المضاد أطلقت المملكة العربية السعودية مشروعاً جديدا لإزالة الألغام في اليمن رغم تأكيداتها المستمرة مع دولة الإمارات أن هذا الملف سيظل واحداً من أكثر التحديات التي تواجه اليمن الجريح بجنون الميليشيا في فترة ما بعد الحرب، وبحسب تقرير المعهد “بات من الصعب للغاية التحقق” من الأعداد الدقيقة للألغام إلا أن “مسؤولا يمنيا عن إزالة الألغام أكد أن الحوثيين زرعوا 500 ألف لغم منذ عام 2015”.