فتوى «زواج فريند»
ماليزيا: طالبة يمنية من تعز ضحية فتوى الزنداني
بعد مضيِّ سنوات على صدورها، تعود فتوى «زواج فريند» التي أطلقها رجل الدين الإخواني «عبدالمجيد الزنداني» إلى الواجهة مجدداً، مثيرة حالة من الجدل والاعتراض لدى كبرى المؤسسات الاسلامية التي رفضت الفتوى معتبرة إياها إشاعة للفاحشة وخروجاً عن الشريعة الإسلامية.
وتقدمت فتاة يمنية تقيم في العاصمة الماليزية «كوالالمبور» ببلاغ إلى الشرطة يفيد بتعرضها للغدر على يد شاب يمني تزوجت منه وفقا لإجازة «الزنداني» التي أباح فيها النكاح على طريقة «زواج فريند» .وأفادت الطالبة « ن.ع. الصبري» أنها ارتبطت (قبل 4 سنوات) بشاب يمني كان يدرس معها في ذات الجامعة بـ «ورقة عقد» أثناء إقامتها بسكن الطالبات المقابل لسكن ذلك الشاب الذي كانا يلتقيان فيه عندما يخلو السكن من زملاء زوجها، حتى حَملت منه .
وأضافت في سياق بلاغها، أنها فوجئت مؤخرا بسفر الشاب واختفائه بعد أن عاد إلى إحدى الدول الخليجية حيث يقيم بمعية أسرته.
مشيرة إلى أنها هي الأخرى أكملت دراستها لكنها لا تستطيع العودة لكونها في الأشهر الأخيرة من حملها ولا تملك اثباتا على زواجها من ذلك الشاب ولا حتى شهوداً بأنها كانت تقيم معه، حيث ظلت تعيش بمفردها وهو بمفرده وتتلقى نفقتها من أهلها بعد أن أقنعها، بموجب فتوى «الزنداني»، بعدم إلزامية إنفاق الزوج على زوجته.
وطالبت الفتاة من السلطات الماليزية مساعدتها في الحصول على حق اللِّجوء وتتبع خط رحلة الشاب والمكان الذي استقر به، سيما بعد تهديد أهلها لها بالقتل لاعتبارهم سنوات زواجها «زنا» في حين أنها تعتبر نفسها لم ترتكب إثما، إذ عملت بفتوى شرعية من عالم جليل له مكانته بالعالم الإسلامي .
*فتوى الزنداني
وكان رجل الدين الإخواني «عبدالمجيد الزنداني»، رئيس جامعة الإيمان، ورئيس مجلس الشورى في «حزب التجمع اليمني للإصلاح»، قد اصدر قبل سنوات، فتوى دينية باسم «زواج فريند» دعا من خلالها إلى تطبيق فكرة الزواج الميسَّر في الجامعات اليمنية لحل مشكلة «العُنوسة» بالمجتمع اليمني وبالمجتمعات الأوربية التي توجد بها أقليات مسلمة.
الفتوى التي وصفت بـ «الغَرِيبة» أثارت ردود فعل متباينة ما بين التأييد والمعارضة، وجدلا واسع النطاق بوسائل الإعلام، التي وصفتها بانها صيغة جديدة للزواج أشبه بـ «زواج المُتعة» لدى «الطائفة الشِيعيَّة».
وفي حين رآها المؤيدون، وسيلة للقضاء على المشاكل التي تواجه الأقليات الإسلامية بالغرب، اعتبرها آخرون، ستارا وبابا خلفيا للفساد والانحلال الأخلاقي، ووصل الأمر إلى حد وصف الفتوى بـ «الزنا المقنن»، مؤكدين أنها باطلة لافتقادها شروط الزواج وأركانه الأساسية وتهديده لسلامة البناء العائلي .
* المجلس الأوروبي للإفتاء:
وكان «المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث» قد أعلن، حينها، في دورته الرابعة عشرة، رفضه لفتوى المسماة «زواج فريند» الذي يتيح الزواج للشباب بعقد شرعي دون أن يمتلكا بيتا يضمهما في بداية الحياة الزوجية.
وبرر المجلس رفضه لفتوى «الزنداني» بقوله : "هذا الاقتراح يحل مشكلة بمشاكل أكبر، أهمها ما يتعلق بتربية الأولاد والانفاق عليهم والتفكك الأسري وضعف الرابطة بين الزوجين". وحث المجلس المسلمين الحرص على الزواج المُبكِّر وتجنب كل اشكال الإسراف في المهور وتأثيث بيت الزوجية.
*أقوال العلماء:
وجُوبهت فتوى «الزنداني» بردود فعل معارضة بين أوساط عدد من علماء المسلمين، الذين اعلنوا رفضها البتة، لما يترتب عليها من آثار وتداعيات سلبية على صعيد بناء الأسرة و المجتمعات المسلمة.
*عبدالصبور شاهين:
وبهذا الصدد، يقول المفكر الإسلامي المعروف الدكتور «عبدالصبور شاهين»، الخطيب الأسبق لمسجد عمرو بن العاص أكبر وأقدم مساجد مصر : " لا يجوز العمل بهذه الفتوى، لأنها تفتح الباب إلى الزواج السري أو الزواج العرفي وإقامة علاقة محرمة، فقد تكون هذه الفتوى بإباحة زواج الفرند حلا لمشكلة في الغرب، لكنها لا تناسب مجتمعاتنا الإسلامية، فتحل مشكلة الاتصال الجنسي باسم الإسلام، وتحول العلاقات الآثمة إلى علاقات مشروعة، وفتوى الزنداني ما هي إلا حل للمشكلة الجنسية، والمسلم الحق لا يحتاج لاقتراح وسيلة لحل المشكلة الجنسية، فهو يعلم الطريق التي يخالط بها المرأة".
*عبدالعظيم المطعني:
فيما علَّق الدكتور «عبدالعظيم المطعني»، أستاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة: " هذه الفتوى بجواز زواج الفرند من سيئاتها الإخلال بعنصر الاستقرار في الأسرة لان وجود السكن هو الاستقرار تحقيقا لقول الله تعالى: ﴿ ومن ءايته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾.
وفي سياق رده على فتوى «الزنداني» أضاف «المطعني» قائلا : " لقد نظر الشيخ الزنداني إلى بداية الزواج ، ولم ينظر إلى مستقبله، فالزوجان يكونان في الأول خفيفين ثم يتناسلان ما شاء الله لهما أن يتناسلا، فهل يتسع منزل أهل الزوجة لها ولذريتها فيما بعد؟ ولنفرض أنه يتسع، فأين الأسر الذي تتحمل هذا العبء المتزايد وهم كانوا سيرون يوما في خروج ابنتهم من منزل أبيها إلى منزل الخاص بها فرحة وسعادة، كما أن هذه الفتوى تحرم الزوج من المشاركة الفعلية في تربية الأولاد وتحرمهم من وجود أبيهم معهم في ليل أو نهار، ويصبح الضيف يزور أولاده لماما فترة بعد فترة لمدة قصيرة ثم ينصرف قبل أن تهجع العيون وتنام الجفون، وهب أن احد أبنائه تعرض لوعكة شديدة ليلا فمن الذي يحمله إلى المستشفى أو إلى الطبيب، فالزواج بهذه الصفة يفقد روحه ويفقد معناه، كما انه يشجع على تفكك الأسر، وانتشار الزواج العشوائي".
*الشيخ يوسف البدري:
بدوره، قال الشيخ «يوسف البدري»، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة :” إن محاولة تغريب الإسلام شيء خطير حقا، والأصل أسلمة الغرب وتطويع تعاليم الإسلام الحنيفة لمفاهيم المسلمين ليوفقوا مجتمعهم الذين يعيشون فيه، وبصرف النظر عن صحة هذه المفاهيم أو خطئها، فهذا لا يصدر من عالم بالإسلام فاهم لحقائق معظم الشعائر، إن إكساب العلاقة الآثمة بين الشاب والفتاة صفة شرعية بعقد زواج صوري شيء مخجل ومفزع، فليس الزواج مجرد قضاء وطر بين شاب وفتاة، والأصل أن ينتزع هؤلاء الشباب من براثن فساد وفسق مجتمعهم، ليكتسبوا سلوكيات حميدة. إن زواج المسيار أخف وطأة من زواج «بوي فريند» لذا نرفض الفتوى بشدة مهما كان الداعي إليها".