الإنسانية تحتضر في صنعاء..
لماذا مليشيات الحوثي تهدد حاضر اليمن ومستقبله؟
قلق عميق يسيطر على المجتمع الدولي إزاء تصاعد انتهاكات ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، ضد المدنيين والأبرياء، وخاصة النساء والأطفال.
الأوضاع في صنعاء تنذر بكارثة إنسانية، فما ترتكبه الميليشيات الانقلابية من أعمال معادية ممنهجة، تعارض حقوق الإنسان وتشكل انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات والقوانين الدولية، فضلًا عن عادات وتقاليد المجتمع اليمني.
قتل اليمنيين جوعًا
مع ارتكاب الحوثيين لعمليات سرقة ونهب متكررة للمساعدات الإغاثية الأممية المقدمة إلى العاصمة، جاء قرار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بتعليق المساعدات لصنعاء بشكل جزئي؛ كنتيجة متوقعة.
القرار يعد مؤشرًا خطيرًا على الأوضاع الإنسانية في اليمن، فهناك حوالي 850 ألف نسمة في محافظة (صنعاء ) سيتضررون بشكل مباشر من قرار برنامج الغذاء العالمي.
وأفاد البرنامج بأنه لطالما كان يسعى للحصول على دعم من أجل إدخال نظام التسجيل البيومتري للمستفيدين (نظام البصمة البيولوجية) الذي كان سيحول دون التلاعب بالأغذية ويحمي الأسر اليمنية التي يخدمها البرنامج ويضمن وصول الغذاء إلى من هم في حاجة ماسّة إليه، لكن لسوء الحظ لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق، فميليشيا الحوثي كانت ترفض فكرة توثيق المستفيدين من خلال بصمة العين، لأنها قامت بضم الآلاف من مقاتليها إلى قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية، ولهذا تخشى انكشاف الأمر، أو معرفة عدد مقاتليها الذين يحصلون على دعم من برامج الإغاثة المخصص للمدنيين، والذي تتولى دول التحالف العربي تمويل معظم أنشطته.
وكانت أولى خطوات برنامج الغذاء العالمي لمواجهة ممارسات الميليشيا الانقلابية بحق اليمنيين، بوقف توزيع المساعدات في صنعاء، على أن تمتد إلى بقية مناطق سيطرة الميليشيا، على أن يستمر البرنامج في تقديم المساعدات للمحتاجين في مناطق سيطرة الشرعية، حيث لم يسجل البرنامج أي سرقة أو تدخل من قبل السلطات في أعماله.
نهب أموال الشعب لصالح حزب الله
في وقت تعاني المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، من الجوع والفقر نتيجة السرقة الممنهجة للمساعدات والأموال المخصصة لإغاثة اليمنيين، أعلنت الميليشيات الحوثية أنها جمعت نحو 130 ألف دولار لصالح تنظيم "حزب الله" اللبناني الإرهابي.
وبلغت الحصيلة النهائية للحملة والتي استمرت خلال الفترة من 25 مايو إلى 4 يونيو 2019، وخُصصت لتنظيم "حزب الله" اللبناني، 73 مليون و500 ألف ريال، ما يعادل 132 ألف دولار، شاملاً قيمة المباع من الأشياء العينية المسلمة ضمن الحملة.
وأكدت الخارجية اليمنية، في بيان، أن "استمرار تعنّت الحوثيين وإصرارهم على استهداف وسرقة قوت المواطنين الأكثر حاجة في اليمن وضلوع قيادات منهم في هذه الممارسات دون مراعاة لأي قيم إنسانية وأخلاقية يعد جريمة وانتهاكًا صارخًا للأعراف والقوانين الدولية".
تجنيد الأطفال بالقوة
وسط تصاعد معاناة الأطفال والمرضى جراء استيلاء ونهب جماعة الحوثي الانقلابية، قامت الميليشيا بتجنيد أكثر من ثلاثين ألف طفل، وإجبارهم على حمل السلاح.
وأكدت مصادر تربوية يمنية أن قيادات ميليشيا الحوثي الانقلابية فرضت على مدراء ومديرات المدارس ومكاتب التربية في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها فتح مراكز صيفية لاستقطاب الأطفال وتدريسهم مناهج تعبوية يغلب عليها طابع التحريض بهدف استدراج الأطفال للالتحاق بجبهات القتال.
وأنشأت ميليشيا الحوثي ما أسمتها "مراكز صيفية" زاعمةً أن هدفها هو "استغلال أوقات فراغ الطلاب وإجازتهم الصيفية في تعلم القرآن"، لكن الهدف من هذه المراكز هو غسل عقول الأطفال، ومن ثم الدفع بهم إلى الجبهات لتعويض خسائر الميليشيا المتوالية في عدد من الجبهات.
وقال زير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن المعلومات تؤكد أن بعض ما تسميه الميليشيا "مراكز صيفية" هي "معسكرات إرهابية مغلقة يشرف عليها ويشارك في إدارتها خبراء إيرانيون لتدريب الأطفال على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والدفع بهم في جبهات القتال ونشر الأفكار المتطرفة الدخيلة على اليمن".
فيما طالب الإرياني، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفولة بالتحرك "لوقف هذه الجرائم وعدم ترك أطفال اليمن تحت رحمة الميليشيا الحوثية والسماح لها بالعبث بالطفولة"، مؤكداً أن "استمرار الصمت إزاء انتهاكات واستغلال الميليشيات للأطفال سيجعل اليمن بؤرة للإرهاب والتطرف وسيدفع ثمنه العالم أجمع".
كما أكد وزير حقوق الإنسان اليمني، محمد عسكر، أن ظاهرة تجنيد الأطفال تشكل خطورة كبيرة على حاضر اليمن ومستقبله، مشددا على ضرورة التصدي لها.