السعودية والإمارات تقطعان الطريق على شقّ التحالف في اليمن..
باحث سعودي: "شرعية اليمن" حرفت بوصلة أهدافها عن قتال الحوثيين
أنهى بيان مشترك صادر عن وزارتي الخارجية السعودية والإماراتية، الرهانات التي برزت منذ أحداث عدن وصولا إلى مواجهات شبوة، على شق صف التحالف العربي والإيحاء بوجود خلافات بين السعودية والإمارات حول الملف اليمني.
وأكد البيان حول تشكيل لجنة سعودية إماراتية لوقف المواجهات في شبوة ودفع الأطراف إلى المشاركة في حوار جدة الذي دعت إليه الحكومة السعودية.
وجدد البيان المشترك تطابق المواقف بين أطراف التحالف العربي حيال التطورات المتسارعة التي شهدتها الساحة اليمنية، حيث عبر عن قلق الرياض وأبوظبي إزاء مجريات ومستجدات التطورات السياسية والعسكرية عقب الأحداث التي وقعت في عدن وما عقب ذلك من أحداث امتدت إلى محافظتي أبين وشبوة.
وفي موقف حاسم تجاه الحملات الإعلامية التي تعرضت لها دولة الإمارات العضو الفاعل والرئيس في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أعرب البيان الصادر عن وزارتي الخارجية في السعودية والإمارات “عن رفضهما واستنكارهما للاتهامات وحملات التشويه التي تستهدف دولة الإمارات العربية المتحدة على خلفية تلك الأحداث، مذكرتين الجميع بالتضحيات التي قدمتها قوات التحالف على أرض اليمن بدافع من الروابط الأخوية الصادقة وصلة الجوار والحفاظ على أمن المنطقة ورخاء شعوبها ومصيرها المشترك”.
وقطع الموقف السعودي الحاسم الطريق على المعلومات المضللة التي بثها إعلام قطر والإخوان حول وجود خلافات متصاعدة بين شركاء التحالف العربي، ووصف الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي في تويتر، العلاقة بين السعودية والإمارات بالراسخة، مؤكدا على أن “التعاون الوثيق بين البلدين في مختلف المجالات، هو حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة ورخائها، أمام مشاريع التطرف والفوضى والفتنة والتقسيم”.
وعن توحد الرؤية والتوجه حيال ما يحدث في اليمن، قال الأمير خالد “نعمل اليوم سويّا مع أشقائنا في الإمارات، لتحقيق الأمن والاستقرار في عدن وشبوة وأبين، وسنستمر مع دول التحالف في توحيد الصف وجمع الكلمة لمواجهة التهديد الإرهابي سواء الحوثي المدعوم إيرانيا أو تنظيمي القاعدة وداعش، وتقديم الدعم للشعب اليمني حتى يسود الأمن والاستقرار كافة أرجاء اليمن”.
وفي ردود الفعل المباشرة على البيان السعودي، قالت وكالة الأنباء الرسمية التابعة للحكومة اليمنية إن وزير الدفاع في الحكومة الفريق الركن محمد المقدشي وجه كافة الوحدات العسكرية بمحافظات عدن وأبين وشبوة بوقف إطلاق النار استجابة لدعوة قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن.
كما رحب المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان صحافي بمضامين البيان السعودي-الإماراتي المشترك، وأكد على استجابة المجلس للدعوة السعودية إلى وقف إطلاق النار والتهدئة في شبوة، واستنكر المجلس ما وصفه بعدم التزام الحكومة اليمنية بهذه التهدئة.
وجدد بيان الانتقالي الالتزام باستمرار الشراكة مع دول التحالف العربي في محاربة المشروع الإيراني في المنطقة المتمثل في ميليشيات الحوثي ومكافحة الإرهاب الذي قال البيان إنه “ينشط تحت مظلة الحكومة اليمنية”.
وطالب الانتقالي التحالف العربي بوضع آليات مناسبة لمراقبة وقف إطلاق النار، كما دعا “قوات المقاومة الجنوبية التي تقاتل الميليشيات الحوثية خارج حدود الجنوب إلى اتخاذ موقف واضح مما يحدث من عدوان يتمثل في تدفق القوات الشمالية تحت غطاء الحكومة اليمنية إلى الجنوب لإسقاطه من جديد، حيث لم يعد مقبولا محاولة تحرير مناطق شمالية في ظل الاستمرار في توجيه الحرب إلى الجنوب.
وحمل بيان الانتقالي الحكومة اليمنية المسؤولية الكاملة عن “استهداف قوات النخبة الشبوانية وإعادة تمكين التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة في محافظة شبوة بعد أن تم تأمينها”، مؤكدا على استمرار الدعم المقدم للنخبة الشبوانية، وتعزيزها بكافة الوسائل التي تمكنها من استمرار دورها في مكافحة الإرهاب وتأمين المحافظة.
وكشف بيان الانتقالي عن حالة عدم الثقة التي تسود العلاقة بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح في ظل مؤشرات على سعي إخوان الشرعية لنقل المعركة إلى أبين وتهديد عدن، بعد إكمال السيطرة على كافة مناطق محافظة شبوة وانسحاب القوات التابعة للمجلس الانتقالي إلى عدن والمكلا.
ولا يزال من المبكر الجزم بجدية الأطراف في الالتزام بوقف إطلاق النار والذهاب إلى طاولة الحوار في جدة، بالنظر إلى حالة النشوة التي طغت على إعلام الشرعية وجماعة الإخوان بنتائج معركة شبوة التي استفزت في المقابل المجلس الانتقالي والشارع الجنوبي، مع ورود معلومات عن مشاركة قوات قادمة من محافظة مأرب التي يسطر عليها الإخوان في المواجهات.
وفي مؤشر على احتمال اتساع دائرة الصراع وانخراط قوى عسكرية جديدة فيه كانت تلتزم الحياد، في حال قرر إخوان الشرعية التصعيد والتوجه إلى عدن، حذر بيان صادر عن ألوية العمالقة الجنوبية أحد الفصائل العسكرية الضاربة التي تشارك في عمليات الساحل الغربي من مغبة استمرار إراقة الدم وعدم “تحكيم العقل والجلوس على طاولة الحوار”.
ودعا البيان أبناء شبوة إلى “عدم الانجرار وراء دعوات جماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) التي تحرضهم على الاقتتال مع إخوانهم الجنوبيين”. مؤكدا على أسف ألوية العمالقة “لموقف حزب الإصلاح ومن على شاكلته عندما لم يحركوا ساكنا طوال السنين بالجبهات ضد ميليشيات الحوثي ورأينا مواقفهم المخزية والمضحكة، فسهامهم محفوظة باتجاه الحوثي، ولكنها موجهة وبقوة إلى نحور إخواننا الجنوبيين”.
وفي رسالة للأطراف اليمنية، أكد نائب وزير الدفاع السعودي على أن “الحوار الداخلي، وليس الاقتتال، هو السبيل الوحيد لحل الخلافات اليمنية الداخلية، وشتان بين من يختلف في سبيل مصلحة وطنه وطرق توفير الحياة الكريمة للمواطن اليمني وبين من يقاتل اليمنيين أصل العرب تقربا وتزلفا لولاية الفقيه ومشروع النظام الإيراني الإرهابي في المنطقة”.
وفي ذات السياق قال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير إن التحالف، بقيادة المملكة و”بجهود مقدرة من الأشقاء في الإمارات يعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في عدن وشبوه وأبين، ولن ندّخر جهدا حتى يسود الاستقرار والأمن سائر أرجاء اليمن الشقيق”.
وقال الجبير في تغريدات على تويتر إن “السبيل الوحيد أمام أشقائنا في اليمن هو تجاوز الخلافات الداخلية عبر الحوار الذي دعت إليه المملكة، والعمل صفا واحدا لتخليص اليمن من براثن النفوذ الإيراني الذي لا يريد خيرا باليمن وشعبه الكريم”.
وفي تعليق على التطورات التي شهدها جنوب اليمن خلال الأيام الماضية، قال الباحث السياسي السعودي علي عريشي، إن تلك التطورات بعد قرابة الخمس سنوات على بداية عاصفة الحزم وتشكل التحالف العربي لاستعادة الشرعية اليمنية يؤكدان على الحاجة الملحة الآن لإجراء عملية إعادة تقييم شامل لأداء جميع الأطراف العاملة تحت ظل التحالف العربي، والعمل على تصحيح الأخطاء التي تعمل على عرقلة جهود التحالف في حربه على الميليشيا الحوثية.
واعتبر عريشي لـ”العرب” أن الأحداث الدائرة الآن في جنوب اليمن وصلت حدّ حشد الألوية التابعة للحكومة الشرعية للقتال على منابع النفط في شبوة، تؤكد على ضرورة إجراء عمليات إصلاح جذرية داخل الحكومة اليمنية كونها “حكومة بلا منجزات حقيقية على الأرض تثبت جهودها، بل مارست الإقصاء والتهميش لجميع المكونات السياسية اليمنية والمكونات العسكرية الفاعلة في الحرب ضد ميليشيات الحوثي على الأرض من خارج منظومة حزب الإصلاح والمحسوبين عليه”.
ولفت عريشي إلى أن الحكومة الشرعية الواقعة تحت سطوة حزب الإصلاح حرفت بوصلة أهدافها بعيدا عن مشروع قتال الحوثيين، الأمر الذي كشفه خط سير أسطولها الإعلامي الذي ظل يعبّئ أتباعه ويشحنهم ضد دولة الإمارات الشريك الفاعل والأساسي في التحالف العربي.