إضعاف الحكومة اللبنانية..
تقرير: حزب الله.. هل يجر لبنان نحو "حرب بالوكالة" عن إيران؟

يتخوف مسؤولون لبنانيون من رفع غطاء الحماية الأمريكية للبنان
وكان "حزب الله" أعلن أنه قصف آلية عسكرية إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية للبنان، الأحد الماضي، بعد أسبوع من ضرب إسرائيل أهدافاً للحزب بطائرتين مسيّرتين بمعقله في ضاحية بيروت، وقتل اثنين من عناصره في غارة بسوريا.
وكانت الهجمة الإسرائيلية على معقل "حزب الله" القوي في الضاحية الجنوبية لبيروت، هي السبب في اندلاع الاشتباكات على الحدود بين البلدين. ويعد هذا التصرف -بحسب مصطلحات التحليل العسكري- "خرقاً لقواعد اللعبة"، وفق تقرير نشرته شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وهذه الضربة الإسرائيلية هي أول ضربة تستهدف العاصمة اللبنانية منذ الحرب التي وقعت بين إسرائيل و"حزب الله" عام 2006. فالمواجهات المباشرة بين إسرائيل و"حزب الله" قليلة بشكل عام.
وينظر كثير من اللبنانيين إلى تلك الحرب على أنها فخ نصب للبنان في إطار صراع إقليمي لا يد له فيه، وإنما كان طرفاه إيران ممثلة في ذراعها ميليشيات "حزب الله" من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية.
"المشروع الدقيق" لإيران
ويعتقد أن إسرائيل قصفت جزءاً من منطقة صناعية، لها أهمية كبرى في تصنيع الوقود اللازم للقذائف والصواريخ. ويُعد هذا الموقع جزءاً مما يُعرف بـ "المشروع الدقيق"، وهو مشروع إيراني لتحسين مدى ودقة تصويب صواريخها التي تمد بها حلفاءها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله، بحسب تقرير "بي بي سي".
وجاء رد حزب الله على الهجوم الإسرائيلية، الأحد الماضي، حيث أعلن عن تدمير عربة عسكرية للجيش الإسرائيلي في طريق معسكر أفيفيم، وقتل وإصابة من كانوا بداخلها، في حين نفت إسرائيل وقوع أي خسائر.
وتتبع إيران سياسة الحرب بالوكالة عبر أذرعها في المنطقة، بدءاً من ميليشيات حزب الله في لبنان، مروراً بميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وصولاً إلى ميليشيات الحوثي في اليمن.
وأثارت عملية حزب الله التي كانت متوقعة على نطاق واسع، مخاوف من أن يجرّ لبنان إلى حرب مدمرة، في الوقت الذي تئن فيه البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة.
وفي ظل تهديدات "حزب الله"، قالت إسرائيل إن الدولة اللبنانية ستتحمل المسؤولية عن أي هجوم قد ينفذه حزب الله، ودفعت إسرائيل بتعزيزات عسكرية برية إلى المنطقة الحدودية مع لبنان، وأعلنت أيضاً أن قيادة الجيش تستعد لكل السيناريوهات المحتملة.
رفع غطاء الحماية الأمريكية
ويرى خبراء في الشأن الإسرائيلي، وفق تقرير نشرته قناة "سكاي نيوز"، أن تهديد إسرائيل برد قاس على أي هجوم من الأراضي اللبنانية، يعكس عادة لدى الساسة الإسرائيليين، تجعل من الحرب ودق طبولها العنوان الأبرز للحملات الانتخابية. وبذلك يكون المستفيد من أي حرب محتملة في المنطقة، لا سيما في لبنان، إيران وإسرائيل.
وأكدت مصادر سياسية في بيروت، أن كبار المسؤولين اللبنانيين يأخذون على محمل الجد احتمال توجيه إسرائيل ضربة إلى مواقع لحزب الله تعتقد أنها مصانع لصواريخ بالغة الدقة جرى جمعها في الأراضي اللبنانية. وذكرت أن أكثر ما يقلق المسؤولين اللبنانيين رفع غطاء الحماية الأمريكية للبنان، في ظل إدارة انحازت كلياً إلى وجهة النظر الإسرائيلية، وفق تقرير لصحيفة "العرب" اللندنية.
وعبر الرئيس اللبناني، ميشال عون عن المخاوف اللبنانية، حسب المصادر، حيث قال إن "أي اعتداء على سيادة لبنان وسلامة أراضيه سيقابل بدفاع مشروع عن النفس تتحمل إسرائيل نتائج كل ما يترتب علي".
وتظهر مؤشرات خطيرة عدة، أن إسرائيل تعد لعمل عسكري في لبنان. وكان من بين هذه المؤشرات اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، دعا فيه ماكرون إلى "توفير مقومات التهدئة على الحدود الجنوبية للبنان"، حسب تقرير "العرب".
تبني الرواية الإسرائيلية
غير أن المصادر السياسية اللبنانية، التي نقلت عنها صحيفة "العرب"، اعتبرت أن المؤشر الأكثر خطورة كان رسالة وجهها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى المسؤولين اللبنانيين يحذر فيها بشكل مباشر من بقاء مصانع الصواريخ التابعة لحزب الله في الأراضي اللبنانية داعياً إلى تفكيكها.
وكشفت المصادر نفسها، أن ما يقلق لبنان أكثر من أي شيء آخر هو الموقف الأمريكي الذي يشكل نسخة طبق الأصل عن الموقف الإسرائيلي الذي يعتبر بدوره أن بقاء مصانع الصواريخ في لبنان لا يمكن القبول به.
ومن جهته، يرى الكاتب خير الله خير الله في صحيفة العرب، أن "إطلاق حزب الله صواريخ موجهة في اتجاه مدرعتين إسرائيليتين في أفيميم قرب الحدود اللبنانية يعني أول ما يعني الإساءة إلى لبنان الذي يشكو من الخرق الإسرائيلي للقرار 1701".
إضعاف الحكومة اللبنانية
وقال إن "إسرائيل فضلت التظاهر بأن ما حدث كان مجرد حادث عابر مع ما يعنيه ذلك من إضعاف لموقف الحكومة اللبنانية في تعاطيها مع المجتمع الدولي. هذا المجتمع الذي بدأ يطرح جدياً أسئلة من نوع هل لبنان دولة بكل معنى الكلمة تمارس سيادتها على كل متر مربع من أرضها أم لا؟ أين موقع لبنان في ظل الحسابات الإيرانية والحسابات الإسرائيلية؟".
وتهدف إيران من إدارة كل هذه المعارك عبر ميليشياتها في هذه الدول وغيرها من مناطق التوتر في المنطقة، إلى تخفيف آثار الضغط الاقتصادي والتحرر من الطوق المفروض عليها سياسياً واقتصادياً.
يذكر أن الحرب في العام 2006، تسببت بمقتل وإصابة الآلاف من اللبنانيين، وتدمير البنى التحتية في البلاد، وتكبيد الاقتصاد اللبناني خسائر بلغت مليارات الدولارات.