آن الأوان للعالم ليتحرك

ترجمة خاصة: اليمن قد يصبح سوريا أخرى

الحرب في اليمن

ترجمة خاصة عن نيوزويك الأمريكي (واشنطن)

كأب لثلاثة بنات، ما يحدث في اليمن يجرح قلبي. حيث اركعت الحرب التي تدور رحاها منذ أكثر من عامين بين جماعات طائفية تتعارك من أجل السيطرة على الحكومة البلاد على ركبتيها. و يتساقط المدنيون من تبادل إطلاق النار بالمئات عبر هجمات عشوائية على المدارس والمشافي والأسواق. فالضربات الجوية والقتل أصبحت مشاهد عادية لأطفال اليمن يتكرر كل يوم. فما هو الجيل الذي ننتجه تحت هكذا مشاهد وما هو المستقبل بالنسبة لهم؟ الأمر ليس واضحا.
ومثلهم مثل غيرهم يريد الآباء في اليمن وطن لأطفالهم يطمحون فيه لفرص أفضل في العيش لكنهم لم يعودوا في وضع يمكنهم من تلك الفرصة وأن أطفالهم أنفسهم لا يرون مستقبلا لهم.
وفي يوم الثلاثاء، اجتمع قادة العالم في جنيفا لحضور مؤتمر تعهدات إنسانية لليمن نظمته الأمم المتحدة. وبينما تعد هذه أول خطوة مرحب بها كثيرا في معالجة الأزمة الإنسانية التي تواجه هذه البلاد، لا يمكن حدوث أي حل سلمي دون المزيد من تنسيق الجهود من أجل تسوية سياسية للصراع في المقام الأول.
وتسببت عقود من الفقر وسوء الإدارة في البلاد بمعاناة إنسانية كبيرة. وتظل اليمن تعاني دائما من سوء تغذية حاد، خصوصا بين الأطفال لكن الصراع الحالي زاد الأزمة الحادة بلة. حيث عطلت الحرب الأهلية منذ أكثر من عامين القطاع الزراعي وعرقلت استيراد المؤن الضرورية ورفعت أسعار الغذاء والوقود بشكل كبير. وفي الوقت الحاضر، يوجد 19 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات طارئة ونصف السكان جوعى ونزح أكثر من مليوني نسمة من منازلهم.
ومن الصعب جدا التحرك داخل البلاد كون قدرات عمال الاغاثة في توصيل مساعدات إنسانية ضرورية إلى كل السكان المحتاجين محدودة وفي بعض الأحيان مستحيلة. وإذا ما أردنا قطع الطريق من صنعاء إلى عدن، فنحتاج إلى يوم ونصف بسبب النقاط الأمنية الكثيرة. هناك خيار خطير جدا لذلك فاللجنة الدولية للانقاذ لا تستخدم هذه الوسيلة للتنقل. وبالتالي فالوضع فضيع بالنسبة لدولة تعتمد بشكل كامل على واردات الغذاء من أجل البقاء.
ويسمح المطار الوحيد في صنعاء بالرحلات الإنسانية فقط عبر الأمم المتحدة ولا يوجد رحلات مباشرة من شمال البلاد إلى جنوبها مما يجعل توصيل الغذاء والعلاج ومؤن حساسة أخرى صعب جدا. وبالتالي نحتاج ستة أشهر لإيصال هذه المعونات الهامة إلى المحتاجين ونحن مجبرون على الانتظار. وفي تلك الغضون، ومع مرور كل عشر دقائق يموت طفل تحت الخامسة لأسباب يمكن منعها.
من المحبط جدا أن يكون باستطاعتك مساعدة الناس وأن تسهم في إنقاذ حياتهم لكن تجد نفسك مقيدا في أين تذهب وكيف تصل إليهم.
وافكر احيانا بما شاهدته في عيادة طب أطفال في عدن. عندما جلب أبوان طفل هزيل لهما ثم سؤلا لماذا انتظرا طويلا ولم يأخذوه إلى العلاج. قالا أنهما أرادا أن يحضراه مبكرا لكن تطلب الأمر شهرا كاملا للحصول على أجرة الباص الذي سيأخذهم إلى العيادة.
ومن أجل معالجة هذه المشاكل، قام اللجنة الدولية بنشر عيادات عن بعد من أجل أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات أو العيادات من أجل العلاج. لكن مرة أخرى، تحركات عمال المساعدات ستكون محدودة جدا وستكون خطيرة في الجنوب الذي نواجه فيه كل يوم تقريبا خطر جماعات متمردة.


ليس بمقدور العالم أن يدير ظهره لليمن. فقد تغاضى معظم العالم لأكثر من عام عن ما يدور في اليمن وعواقب الحرب الوخيمة. وتخوفي الكبير هو أن يتحول هذا الصراع إلى سوريا أخرى. حيث يخبرني العديد من الناس كل يوم أنهم يخشون من تصعيد الصراع. وخوفهم هو من أجل بقائهم أحياء وهذا أمرا يمزق القلب. وفي شهر مارس الماضي تزايد أعداد المعوزين والذين يحتاجون للطعام ومعونات إنسانية أخرى بنسبة 20 في المائة عن العام الماضي حسب تقديرات عالمية مختصة بالغذاء. وتوضح التقديرات أن الوضع يزداد سوءا وسوءا وسيستمر هكذا ما لم يكن هناك عملا سياسيا.
لكن لم نتأخر كثيرا عن فرصة للسلام: حيث لا زال بالإمكان إنقاذ اليمن. فالصراع لم ينتشر في كل مكان ولا تزال هناك جيوب لا زالت تعمل وتوجد غرفة يمكن تحريك الأشياء من خلالها بسرعة.
ومع اجتماع قادة العالم في جنيف للقيام بتعهدات لمزيد من الدعم الانساني لليمن، يجب عليهم أيضا أن يتعهدوا بعملا سياسيا يؤدي إلى حلا سلميا للصراع. ويجب على الوفود أن تقوم بما يلزم من أجل وقف تدمير البنى التحتية والدفع قدما من أجل إيجاد موارد إنسانية لإنقاذ الحياة بسرعة و بأمان لأن حياة جيل كامل في خطر.
• الكاتب كبير المنسقين لبرامج اللجنة الدولية للانقاذ في اليمن