مشروع تذاكر السفير..
50 أسرة يمنية.. كيف أصبحت ضحايا تضليل السفارة اليمنية بماليزيا؟
بعد سنوات عجاف من الدراسة والتعب والمعاناة تخرج أخيراً حاملاً الدكتوراه من ماليزيا، ويا ليته لم يتخرج.
فظروف الحرب في البلد، وانقطاع الرواتب، جعلته عالقاً وأطفاله في ماليزيا، ما دفعه للعمل ولو بشكل جزئي، لكن ذلك لا يفي لسد رمق الجوع ومجابهة المعيشة فكيف بقيمة تذاكر العودة التي تحتاج إلى مبالغ باهظة، في الوقت الذي كان قدم وراسل جامعات عربية وأجنبية عسى أن يجد وظيفة أكاديمية تتناسب وتخصصه النادر، لكن دون جدوى..
طال أمد الانتظار، وزادت المعاناة، ولا أمل بالانفراج، حتى أعلنت السفارة أخيراً عن (تذاكر عودة لليمن)، وهو الخبر الذي استبشر به معظم الخريجين في ماليزيا.
لم يقف الخبر عند الخريجين فقط، ولكنه أيضا نشر رسمياً في موقع السفارة، ثم أرسل إلى جميع مجموعات الفيس بوك والواتس آب.
وفي ذات الوقت أرسلت السفارة ذاتها الخبر إلى أكثر من عشرين موقعاً في اليمن، بل تجاوز ذلك إلى إعلان الخبر في وسائل التلفزة كمنجز عظيم يضم إلى منجزات السفير عادل با حميد الإعلامية.
تداعى الطلاب الخريجون وذووهم إلى السفارة وبموجب ذلك تم تشكيل لجنة خاصة بالطلاب الخريجين الراغبين العودة لليمن ضمن المنجز الهائل للسفارة (برنامج تذاكر العودة) الذي يتصدره السفير، وتم تسجيل كشف يضم خمسين يمنياً من أبناء اليمن بماليزيا وكل منهم له أسرته الخاصة، ويتحرق شوقاً للعودة إلى اليمن رغم مآسيها وأوجاعها.
اجتمع السفير باحميد معهم شخصياً لمرات عدة، وهو السفير المعروف بالخطابة، وكعادته يرعد ويزبد في كل لقاء معهم ويفرش البحر بلاطاً مُضخماً من هذا المنجز العملاق.
وفي كل لقاء تفيض الصحف اليمنية عن هذا المنجز وتردده مره أخرى إلى الأذهان استمرار اللقاء من أجل تنفيذ مشروع (تذاكر العودة المجانية لليمنيين) من قبل سفارة با حميد..
طلب من المستفيدين المفترضين تعبئة بيانات، ثم تعبئة رابط وفق إفادتهم، ثم اجتمع معهم السفير شاكرا وممتنا لدوره والسفارة في تقديم هذا المنجز العملاق الذي أفاد بأنه سيتم على دفع للمسجلين في البرنامج، والجميع منهم يعصره الشوق والسعادة ويتمنى لو يكون هو من ضمن أسماء تذاكر الدفعة الأولى التي يتبناها با حميد السفير الجهبذ الأكثر نشاطا في مجال الجمعيات الخيرية.
اتصلت السفارة أخيراً للأسماء المحددين للسفر ضمن الدفعة الأولى طالبة منهم رسمياً البدء بتجهيز تأشيرة الدخول لعمان كون التذاكر ستتم عبر عمان وفق إفادتهم..
فقدم من شملهم طلب السفارة وثائقهم لسفارة عمان وأكملوا الإجراءات ثم أرسلوها للسفارة اليمنية بناءً على طلبها حتى يتم استكمال إجراءات صرف التذاكر.
وفجأة تتصل السفارة بأنه تم تحديد موعد السفر نهاية الشهر المنصرم.
مر الشهر ودخلنا في الشهر الجاري، ولا سفر..
يقول أحد الطلاب إنه قيل له بأن المنظمة التي وعدت بإعطاء التذاكر وفق إفادة السفارة كذبت على السفارة..
يعني أن الأمر مجرد بهرجة إعلامية وفرقعات، وجعجعة دون طحين.
كل المستهدفين باعوا أثاث منازلهم، وسياراتهم البسيطة بل وأشعروا المؤجرين بالخروج وتسليم منازلهم، وهم مصدقين ومتيقنين أن خطب السفير واتصالات السفارة مؤكدة لا محالة، ولم يكونوا يشكون أنهم يتعرضون للعبة ونكبة كارثية في آن تتحمل مسؤوليتها السفارة والسفير والتهويل الإعلامي لمنجز وهمي لم يبرز إلا على الصحف اليمنية، فيما الطلبة المغدور بهم قام البعض بالتبرع لهم بقيمة تذاكر، وبعض آخر سارع لجمع ما يستطيع لسداد الإيجار، ووقف غضب المؤجر الذي تم إشعاره بالخروج..
أما السفارة ما يزال لديها الأمر وكأن شيئاً لم يكن... وربما إن كانت السفارة أقلعت عن الإعلان والبهرجة الإعلامية في مسألة التذاكر كانت ستوفر على الخمسين أسرة الراغبة بالعودة التعب والمعاناة والبهذلة وحرق الأعصاب إزاء تسويق الوهم، وستجنب نفسها الإحراج لمنجز ليس له أثر إلا في الفيس والمواقع والخطب وجروبات الواتس.
أحد الطلاب الخريجين من برنامج الدكتوراه بعد تقديم مبررات كثيرة لجامعته في اليمن عن عدم مقدرته العودة بسبب عدم توفر التذاكر، تسببت أخبار با حميد لتذاكر العودة بفصله من الجامعة، وقد علموا أنه قادم نهاية الشهر المنصرم بعد إفادته إياهم، وفق اتصالات وتنسيق وتأكيد السفارة.
الأكثر ألماً أن أحد الخريجين الدكاترة أيضاً كان استلف قيمة التذاكر ووفرها بالكاد، وعندما أدخلت السفارة اسمه ضمن كشف تذاكر العودة صرف المبلغ لتجهيزات وهدايا أخرى ضامناً مجيئ التذكرة، وفي الأخير طرد إلى الشارع من منزله وأطفاله دون تذاكر أو عودة وبظروف مزرية، لا يحمل معه سوى روابط أخبار للتذاكر، وخطب للسفير ومحاضر اجتماعات، واستمارات وروابط بيانات لأجل التذاكر المشمشية!