نشاط غربي غير مسبوق في مسقط وأبوظبي للدفع نحو تسوية شاملة..
العاهل السعودي يأمل بتفاهمات أوسع في اليمن بعد اتفاق الرياض
قال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إن بلاده تأمل في استثمار المناخ الإيجابي الذي حققه اتفاق الرياض لبناء محادثات سلام أوسع باليمن، في خطوة تتوج التوقعات التي سادت بعد اتفاق الرياض والتسريبات التي تحدثت عن أن المملكة تريد توسيع دائرة الاتفاق ليكون نموذجا لحل أوسع في اليمن ليشمل الجماعة الحوثية المتمردة.
وقال الملك سلمان في خطاب بمجلس الشورى السعودي، ألقاه الأربعاء، “أثمرت جهود المملكة بتوقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي”. وعبر عن أمله في أن “يفتح اتفاق الرياض الباب أمام تفاهمات أوسع للوصول إلى حل سياسي للأزمة وفقا للمرجعيات الثلاث ويتيح للشعب اليمني استشراف مستقبل يسود فيه الأمن والاستقرار والتنمية”.
ووقع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في 5 نوفمبر الجاري بالعاصمة السعودية.
وتسعى السعودية لاستثمار الدعم الدولي للاتفاق في التوصل إلى حل ينهي أزمة باتت مع مرور الوقت أكثر تعقيدا، وهو ما يساعدها على سحب البساط من تحت قدمي إيران التي ترتهن اليمن في لعبة لاستفزاز المملكة وتهديد أمنها القومي.
وفتح الاتفاق آفاقا دولية وأممية جديدة في اليمن للتوصل إلى تسوية شاملة تضم أطرافا يمنية عديدة من بينها الحوثيون.
كما ترافق مع حراك دبلوماسي أممي وغربي على كافة الاتجاهات، حيث شملت الزيارات التي قام بها دبلوماسيون غربيون لقاء قيادات حوثية في العاصمة العمانية مسقط، وبعض قيادات المؤتمر الشعبي العام في أبوظبي وفي مقدمتها أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق الذي تعول بعض الدوائر الغربية على لعبه دورا في أي تسوية قادمة.
ووفقا لمصادر دبلوماسية قام سفراء بريطانيا وهولندا في اليمن، إضافة إلى السفير الأميركي، بنشاط دبلوماسي غير مسبوق في العاصمة الإماراتية أبوظبي تضمن لقاءات شملت قيادات في المؤتمر والمجلس الانتقالي، بالتزامن مع لقاءات مماثلة قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث واشتملت على زيارات لصنعاء والرياض وأبوظبي ومسقط.
ويراهن المبعوث الأممي على تحويل اتفاق الرياض واتفاقات ستوكهولم إلى قاعدة في أي اتفاق سلام في اليمن، وهو ما عبر عنه بعد لقائه بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، مؤكدا أمله “في البناء على زخم اتفاقية الرياض لاستئناف العملية السياسية في اليمن”، و”الاستمرار في إحراز التقدم في كل جوانب اتفاقية ستوكهولم لتعزيز الثقة وخلق بيئة مواتية للعملية السياسية”.
وفي بيان صحافي، رحب المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي بعودة رئيس الوزراء اليمني، معين عبدالملك، إلى عدن، باعتبار ذلك تطورا هاما.
وقال البيان إن الاتحاد الأوروبي يتوقع من جميع الأطراف المعنية الامتثال بأحكام الاتفاق وإبداء التعاون بإخلاص على أرض الواقع لضمان تنفيذ الاتفاق بسلاسة وفي وقته.
وأضاف “كما ينبغي أن يؤدي التنفيذ الكامل للاتفاق إلى تمهيد الطريق أمام اتفاق سياسي شامل للنزاع برعاية الأمم المتحدة. سيواصل الاتحاد الأوروبي توطيد التعاون الثنائي مع الحكومة اليمنية وسيقدم دعمه الكامل للمبعوث الخاص للأمم المتحدة بهذا الصدد”.
وفي خط مناوئ للإجماع الدولي على مناخ السلام الجديد الذي وفره اتفاق الرياض، واصلت وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان في اليمن التقليل من عودة رئيس الحكومة معين عبدالملك وفريقه الوزاري المصغر إلى العاصمة المؤقتة عدن بموجب اتفاق الرياض، في محاولة مبكرة لإرباك البرنامج الزمني للاتفاق ووضع العراقيل أمام استكمال بقية استحقاقاته.
واعتبر مراقبون أن سعي إعلام وناشطي حزب الإصلاح لخلق زوبعة إعلامية مع كل تقدم يتم إحرازه في تنفيذ اتفاق الرياض، مؤشر على الابتزاز السياسي الذي تمارسه أطراف منخرطة في الشرعية للضغط على التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي.
ووصفت مصادر سياسية يمنية الحديث الإعلامي عن منع المجلس الانتقالي لأعضاء الحكومة من مرافقة رئيس الوزراء إلى عدن، بأنه نوع من الدعاية التي يمارسها إعلام الإخوان لتضليل الشارع اليمني، والانتقاص من أي خطوات يتم إنجازها ضمن اتفاق الرياض، مشيرة إلى أن قيادة المجلس الانتقالي قدمت تنازلات مهمة لإنجاح الاتفاق من خلال الموافقة على عودة وفد حكومي برفقة رئيس الحكومة لصرف الرواتب ومعالجة أزمة الخدمات.
وبموجب نصوص اتفاق الرياض الموقع عليه بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي يتعين بحسب البرنامج الزمني على الرئيس عبدربه منصور هادي في العشرين من نوفمبر اختيار محافظ ومدير لأمن محافظة عدن بالتشاور مع الأطراف الأخرى.
كما ينص الاتفاق في مرحلته الأولى على عودة جميع القوات التي تحركت باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها وتحل محلها قوات تابعة للسلطة المحلية بكل محافظة، وهي الخطوة التي تؤكد مصادر “العرب” أن حزب الإصلاح ومراكز قوى نافذة في الشرعية يسعيان لتعطيلها أو تأجيلها أكبر وقت ممكن حتى يتسنى تذويب تلك القوات في إطار مؤسسات الأمن التي ستتولى الإشراف على الجانب الأمني في تلك المحافظات.
ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي قيادات في الحكومة اليمنية بمواصلة سياسة التعتيم على حقيقة اتفاق الرياض ومضامينه من خلال تصدير خطاب سياسي وإعلامي مغاير يعمل على إظهار الانتقالي كطرف تابع في الاتفاق وليس كشريك حقيقي لديه الحق في الاعتراض على القرارات التي ستصدر عن اللجنة المشتركة لتنفيذ الاتفاق.