التوتر بين غريفيث والحوثيين نتيجة لإشارات إيرانية..
الحل في اليمن يجتاز جسّ النبض إلى البحث عن صيغة توفيقية
وصفت مصادر سياسية خليجية إعلان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي للمرة الأولى عن حوار بين السعودية والحوثيين لإنهاء الحرب في اليمن بأنه مؤشر على إحراز تقدم من نوع ما وتعبير عن الرغبة في نقل الحوار الذي كان يتم بشكل غير معلن إلى مستوى آخر يهدف إلى البحث عن صيغة توفيقية خلال الفترة القادمة، في وقت تحولت فيه الرياض وأبوظبي ومسقط إلى قبلة لحراك دبلوماسي دولي لإزالة العقبات أمام تفاهمات التهدئة.
وكشف بن علوي في تصريحات صحافية أثناء زيارته للولايات المتحدة، أجرى خلالها مباحثات مع نظيره الأميركي مايك بومبيو تطرقت للملف اليمني، عن وجود ما وصفه برغبة سعودية حوثية مشتركة “للحديث والتعاون للتوصل إلى اتفاق يضمن الأمن والاستقرار في اليمن”.
وقالت المصادر إن الوزير العماني ينشد من خلال زيارته واشنطن الحصول على دعم أميركي لجهود الوساطة التي تخوضها بلاده وتشمل مختلف المتدخلين في الملف اليمني.
وتزامنت تصريحات بن علوي مع حراك دبلوماسي غربي وأممي غير معهود بين الرياض وأبوظبي ومسقط التي أصبحت وجهات دائمة لسفراء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين أو ما يتعارف على تسميته بالدول الـ20 الراعية للسلام في اليمن، إلى جانب تحركات تحت مظلة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي إطار النشاط الدبلوماسي الذي تشير المعطيات إلى أنه يتركز حول الملف اليمني، وصل الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني في الإمارات، الاثنين، إلى سلطنة عمان في زيارة استهلها بلقاء مع وزير المكتب السلطاني سلطان بن محمد النعماني المسؤول عن الملف اليمني في عُمان.
وبينما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن الزيارة تأتي “تلبية لدعوة من الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني بسلطنة عمان”، إلا أن معلومات متواترة تشير إلى أنها على صلة بتطورات الملف اليمني والتوجهات الإقليمية والدولية لإحلال السلام في اليمن.
وجاءت الزيارة بعد أيام من زيارة قام بها إلى مسقط نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الذي يمسك بالملف اليمني في المملكة. كما تتزامن مع زيارة رسمية يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وتزايد الحراك الدولي المتعلق بالتوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب الدائرة في اليمن منذ مارس 2015 واتساع أفق السلام بعد توقيع اتفاق الرياض الذي يراهن المجتمع الدولي على تحويله إلى حجر زاوية إلى جانب اتفاقات ستوكهولم لأي تسوية شاملة في اليمن تشمل جميع الأطراف. إلا أن مراقبين يحذرون من وجود عدد من العوائق الكامنة التي يمكن أن تعترض طريق أي تسوية قادمة في اليمن.
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” يتمحور الحراك الدبلوماسي حول الملف اليمني على ثلاثة مرتكزات أساسية، تسعى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى بلورتها في صيغة نهائية لاتفاق سلام شامل في اليمن، وهي اتفاقات ستوكهولم الموقعة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، واتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى التصور الأميركي للحل في اليمن الذي تقدم به وزير الخارجية الأسبق جون كيري والذي تؤكد المصادر أن مشاورات سرية تدور حاليا لتعديل مضامينه.
ويشترط التحالف العربي ضرورة تخلي الحوثيين عن ارتباطهم بالنظام الإيراني، حتى يتم التعامل معهم كمكون يمني مشارك في أي اتفاق قادم للسلام في اليمن، إلى جانب تخليهم عن السلاح الثقيل والقدرات الباليستية والطائرات المسيرة التي حصلوا عليها بدعم إيراني.
واعتبر خبراء في الشأن اليمني أن الموقف الحوثي من زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن الأخيرة إلى صنعاء يشير إلى وجود تيار قوي داخل الجماعة الحوثية يعمل على إجهاض أي حوارات يقوم بها الجناح السياسي للحركة ويمثله الناطق باسم الجماعة محمد عبدالسلام الذي تؤكد المصادر أنه الحلقة الأضعف في سلم التراتبية السياسية لدى الجماعة، وعادة ما يتم استخدامه كواجهة فقط لإخفاء التوجهات الحقيقية للجناحين الأيديولوجي والعسكري المرتبطين بإيران.
وقالت مصادر لـ”العرب” إن المبعوث الأممي مارتن غريفيث غادر صنعاء عائدا إلى مقر إقامته في العاصمة الأردنية عمان بعد فشله في لقاء زعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي، في ظل معلومات متواترة عن إبلاغ مسؤولين في وزارة خارجية الانقلاب المبعوث الأممي بأنه غير مرحب به، ملوحين بمنع طائرته من الهبوط في مطار صنعاء في حال أقدم على زيارة صنعاء في المرة القادمة.
وأرجعت مصادر التوتر في العلاقة بين غريفيث والحوثيين إلى إشارات وصلت من طهران تهدف إلى عرقلة أي تقدم في الحوار السياسي، على خلفية مزاعم إيرانية تتهم دولا إقليمية بالوقوف خلف موجة الاحتجاجات في الشارع الإيراني.
ويتعلل الحوثيون في تبرير موقفهم المتصلب الذي أبدوه تجاه زيارة غريفيث لصنعاء بمضمون إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي ونشاط المنظمات الأممية في اليمن.
غير أن مصادر أكدت أن حالة التصعيد الحوثي على المسار السياسي بالتزامن مع التصعيد العسكري في الحديدة، الذي جاء بعد ساعات قليلة فقط من حديث غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي، الجمعة، عن تراجع “وتيرة الحرب في اليمن كثيرا خلال الأسبوعين الماضيين”، تعد انعكاسا مباشرا لتحركات الجناح العسكري والعقائدي الموالي لطهران في الميليشيات الحوثية والذي يرى بأن أي حل للملف اليمني لا بد أن يكون في إطار تسوية إقليمية ودولية مع إيران.