تغيير المشهد على الأرض..
تقرير: هل تصد المقاومة الجنوبية الخطر القادم من الشمال اليمني؟
كثّفت ميليشيات الحوثيين عملياتها العسكرية في مناطق التماس مع القوات العسكرية الجنوبية بتشكيلاتها المختلفة، والقوات اليمنية المشتركة في أكثر من محافظة من محافظات جنوب اليمن خلال الأيام الماضية، في توجه جديد يبدو طامعا في العودة مجددا إلى المناطق المحررة، بعد تمكنهم من السيطرة على عاصمة محافظة الجوف، أقصى شمال البلاد.
وشهد كل من محافظات الضالع، ولحج وأبين، المحيطتان بالعاصمة عدن من جهتي الشرق والشمال، جنوبي البلاد، خلال الأسبوع الجاري، مواجهات عنيفة بين ميليشيات الحوثيين والقوات العسكرية الجنوبية المختلفة، إلى جانب إرسال الحوثيين تعزيزات عسكرية ضخمة إلى بعض من تلك المناطق، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.
تصعيد عسكري
وحاولت ميليشيات الحوثيين في جبهات ”الفاخر“ و“الجب“ و“باب غلق“، بمنطقة قعطبة شمال غرب الضالع، شنّ هجمات على مواقع القوات العسكرية الجنوبية، بشكل مكثّف على مدى الأيام الماضية، في سبيل إحراز أي تقدم ميداني، باتجاه مناطق جنوب البلاد، غير أنها واجهت في كل مرة تصديا عنيفا ومعارك ضارية، تكبدوا خلالها خسائر بشرية وعسكرية.
وقال قائد الكتيبة الأولى، في اللواء الرابع مقاومة جنوبية، النقيب أصيل حزام، في تصريح للإعلام المحلي، إن ميليشيات الحوثيين صعّدت بشكل خطير من هجماتها المستميتة في محاولة للتقدم، بعد أن استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة خلال الأيام الماضية.
وبالتزامن مع ذلك، أرسلت ميليشيات الحوثيين تعزيزات عسكرية كبيرة، – طبقا لمصادر عسكرية – إلى معسكر المجد ببلدة مكيراس، جنوبي محافظة البيضاء، قبل أن يتم إرسالها إلى جبهة ”ثرة“ الجبلية، المطلة بشكل مباشر على مديرية لودر، شمالي محافظة أبين، بينها ”صواريخ وطائرات مسيّرة ومدافع ذاتية الحركة، إلى جانب عدد من العربات المدرعة والتعزيزات البشرية“.
وكان المركز الإعلامي لجبهة ”ثرة“ قال على صفحته بموقع ”فيسبوك“، الاثنين الماضي، إن ميليشيات الحوثيين تحاول ”توسيع نطاق سيطرتها (في السلسلة الجبلية) حيث استحدثت خلال ثلاثة الأيام الأخيرة مواقع جديدة في الجبال المطلة على مديرية لودر“.
وشنّ الحوثيون أمس الأربعاء، هجوما عنيفا على جبهة ”كرش“ شمالي محافظة لحج، بشكل مفاجئ، بعد توقف المعارك فيها منذ أشهر، تمكنت القوات العسكرية الجنوبية المتعددة من التصدي له.
وكانت ”الحكومة“ التابعة لميليشيات الحوثيين بصنعاء، أعلنت الاثنين الماضي، عقب اجتماع لها، ”خطة“ لمواجهة ما سمته بـ“الاحتلال السعودي الإماراتي“ للمحافظات الجنوبية والشرقية، من خلال ما وصفتها بـ“مجموعة من السياسات والبرامج والخطوات العملية التي غطت أربعة محاور رئيسة تشمل العسكري والأمني والسياسي والثقافي“.
ووفقا لما نقلته النسخة الخاضعة لسيطرة الحوثيين من وكالة الأنباء اليمنية ”سبأ“، فإن البدء الفوري في تنفيذ هذه الخطة ميدانيا، يأتي بعد إقرارها من رئاسة ما يسمى بـ“المجلس السياسي الأعلى“.
ورقة ضغط
ويعتقد المتحدث باسم القوات اليمنية المشتركة، المنتشرة في الساحل الغربي بالحديدة، ومحافظتي لحج والضالع، وضاح الدبيش، أن ”تصعيد الحوثيين ضد الجنوب في ثلاث جبهات وفتح جبهات جديدة والحشد الكبير بمختلف أنواع الأسلحة والترسانة الضخمة التي نهبتها هذه من مقدرات الدولة، هي ورقة جديدة للضغط على الأمم المتحدة لفرض آلية أو اتفاق جديد ينهي اتفاق ستوكهولم، وتغيير المشهد على الأرض واستخدامه كورقة سياسية“.
اتفاق ثلاثي
وقال الدبيش، إن ”ميليشيات الحوثيين استغلوا الهدنة وتوقف جبهة الساحل الغربي، وعمدوا إلى فتح هذه المحاور القتالية ودون أدنى شك، فإن هناك اتفاقا قطريا إيرانيا تركيا على إسقاط محافظة الجوف، بمقابل فتح جبهات في الجنوب والسيطرة على مختلف أراضي الجنوب حتى يكون هناك ورقة رابحة لأي مفاوضات قادمة، تتقاسم مكاسبها مع الإخوان المسلمين بعد إنهاء هذه الاتفاقات، وما يقوله المبعوث الأممي إلى اليمن عن اتفاق شامل، هو دليل واضح على أن هناك توجها لإلغاء اتفاق ستوكهولم واعتماد اتفاق جديد تحت الضغط والقوة العسكرية بعد أن يتمكن الحوثيون من التوغل في المحافظات الجنوبية“.
وأضاف الدبيش: ”على الرغم من كل ذلك، فإن القوات الجنوبية تبلي كل البلاء الحسن في مواجهة هذه الميليشيات وتتصدى بكل شجاعة وبسالة لكل هذه المؤامرات، ونحن مستعدون لتقديم كل غال ونفيس في سبيل إفشال كل المؤامرات والمشاريع التي تحاول من خلالها هذه الدول السيطرة على المناطق في الجنوب وفرض هيمنتها وأجندتها على الجنوب واليمن بشكل عام“.
وعلق الصحفي الجنوبي صلاح بن لغبر، على هذه التهديدات بتغريدة عبر تويتر، قال فيها إن ”القوات الشمالية والإخوانية في وادي حضرموت وشبوة والمهرة ستكون جسر عبور لميليشيات الحوثيين الإيرانية الى الجنوب، وعليه فإن الاستعداد فرض عين وطرد تلك القوات هو جزء لا يتجزأ من الدفاع عن المشروع العربي والجنوبي. بنفسي رأيت ألوية الشرعية تنضم للحوثيين في حدود الضالع العام الماضي، وأقسم“.
وقال عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الانتقالي الجنوبي، بجنوب اليمن، فضل الجعدي في تغريدة عبر تويتر، إن ”إعلان ميليشيات الحوثي التعبئة لغزو الجنوب أمر يثير الضحك، إذ تناست أنها طوال خمس سنوات تحاول الغزو ولم تجنِ سوى الخسائر بعد أن خرجت ذليلة منكسرة مثقلة بالهزائم . شعور الغطرسة جراء إسقاط جبهات الشمال بالتسليم أو بالخيانات سيتحول إلى شعور بالغبن، فالجنوب ليس نهم أو حجور“.
تغيّر الخريطة العسكرية
ويرى المحلل السياسي، صلاح السقلدي، أنه في حال كرر الحوثيون تجربتهم بالتوجه صوب الجنوب، ”سيكونون كرروا الخطأ الجسيم ذاته الذي ارتكبوه مع علي عبدالله صالح مطلع هذه الحرب“.
وقال في تصريح لموقع إرم نيوز، ”إن الجنوب اليوم ليس جنوب عام 1994 ولا جنوب 2015، ولا الشمال شمال 1994 فقد بات للجنوب اليوم أنياب ومخالب، وتجاوز حالة التشظي الى حد كبير قياسا بفترة ما قبل وبعد ذلك، كما أن الشمال لم يعد كما كان من التماسك، فقد تفرقت أياديه شذر مذر، وصارت اليوم الخريطة السياسية والعسكرية بالجنوب وبعموم اليمن خريطة ذات تضاريس مختلفة تماما عما كانت عليه بالماضي القريب.. والحليم من يتعظ من تجاربه“.
وأضاف أن حالة تماسك الجبهات الجنوبية في مناطق الضالع و“ثرة“ بأبين ولحج ما هي إلا مؤشر على صحة القول بأن الجنوب بات مختلفا، لأن التخاذل المتعمد الذي تنتهجه القوى المنضوية تحت مسمى الشرعية وبالذات حزب الإخوان (حزب الإصلاح) والهزائم المريبة بل قل عملية الاستلام والتسليم التي تتم بجبهات نهم والجوف ومأرب قد أغرت الحوثيين برفع غرور خطابهم الإعلامي بالتوجه صوب الجنوب، ولكن هذا ليس إلا أضغاث أحلام بإعادة العربة إلى الخلف“.