تجاوزات منظمة الصحة العالمية..

تقرير دولي: هل تصبح اليمن أداة لمنكفات "الإدارة الأمريكية"؟

ترامب

واشنطن

قرّرت الإدارة الأميركية تخصيص تمويل كبير لمساعدة اليمن على مواجهة تفشي فايروس كورونا، الأمر الذي يمثّل "بشرى سارّة" لليمنيين المتخوّفين أكثر من غيرهم من شعوب المنطقة من انتشار الفايروس القاتل، نظرا لافتقار بلدهم الممزّق بالحرب إلى أدنى وسائل مواجهة هذه الجائحة.

ولا ينغّص تلك “البشرى” سوى الشكوك في ارتباط المبادرة الأميركية بالمناكفات التي فجّرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب في وجه منظمّة الصحّة العالمية، التي قال مسؤول أميركي إنّه سيتمّ الاستغناء عن دورها في تنفيذ تلك الخطوة في اليمن.

وقال مسؤول أميركي كبير لوكالة رويترز إنّ الولايات المتحدة تجهز “مساهمة كبيرة” لمساعدة اليمن في التصدي لفايروس كورونا المستجد لكنها قد تضطر إلى إيجاد بدائل لمنظمة الصحة العالمية لإنفاقها.

وجاء ذلك بعد أيام من هجوم الرئيس دونالد ترامب على المنظمة بسبب أسلوب تعاملها مع الوباء.

ونقلت الوكالة عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم كشف هويته القول “نسعى لتوفير بعض التمويل لليمن من أجل إجراءات مكافحة كوفيد – 19. ولدينا حاليا الدفعة التي نأمل أن تجعل ذلك ممكنا”، لكنه رفض الكشف بشكل محدد عن المبلغ الذي تعتزم واشنطن تخصيصه لمساعدة اليمن على مواجهة الجائحة.

وأضاف المسؤول ذاته “ستكون مساهمة كبيرة وسنجد سُبُلا للوصول عبر الشبكات الموجودة ومنظمات صحية يُعوّل عليها”، في إشارة إلى الخلاف مع منظمة الصحة العالمية في الوقت الراهن والتي فجّرها الرئيس دونالد ترامب.

وأعلن الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي تعليق التمويل الضخم الذي تقدّمه بلاده لمنظمة الصحة العالمية والمقدّر بنحو 400 مليون دولار تمثّل 15 في المئة من ميزانيتها السنوية، بينما تُراجع واشنطن الأسلوب المعتمد في التعامل مع جائحة كورونا من قبل المنظّمة التي اتّهمها ترامب بالترويج لـ”المعلومات المغلوطة” التي نشرتها الصين بشأن الفايروس والتي أدّت وفق تصوّره إلى تفاقم تفشّيه.

وعلى الرغم من أنه لم تظهر حتى الآن في اليمن سوى حالة إصابة واحدة فقط بفايروس كورونا، فإن منظمات الإغاثة تخشى أن يكون ذلك نذيرا بانتشار كارثي للوباء وسط نظام صحي محطم في بلد يعاني انتشار الجوع والمرض بعد سنوات من الحرب.

 وتتعالى الأصوات من داخل اليمن وخارجه، محذّرة من خطورة الأوضاع التي آل إليها البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية.

وبينما تتعثّر محاولات إيجاد حل سياسي للصراع اليمني وتغيم آفاق المَخرج السلمي من الحرب، تداهم اليمن كوارث مستجّدة تضاعف من خطورتها قلّةُ الوسائل والإمكانات المادية وتهالك البنى التحتية للبلد الذي أصبح يعتمد إلى حدّ كبير على المساعدات الخارجية لتوفير ضرورات العيش لسكانه من غذاء ودواء وغيرهما. ويحتاج زهاء 80 في المئة من سكان اليمن، الذين يقدر عددهم بنحو 24 مليون نسمة، لمساعدات إنسانية.

ومع ظهور فايروس كورنا وتحوّله إلى وباء عالمي أصبح السؤال المطروح: كيف سيواجه اليمن الوباء المستجدّ، ووباء الكوليرا المنتشر أصلا في بعض المناطق، وزحف الجراد الذي داهم مناطق أخرى؟ وكل ذلك بالتوازي مع معضلة وجود عدد كبير من السكان المقيمين خارج مناطقهم الأصلية التي نزحوا عنها فرارا من الحرب.

كذلك تواجه اليمنَ معضلةٌ سياسية تتمثّل في تعدّد السلطات وتشتّت مراكز القرار، حيث يدير الحوثيون “حكومتهم” الموازية من العاصمة اليمنية صنعاء، بينما تعلن الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس المؤقت عبدربّه منصور هادي وجودها في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو وجود صوري إلى أبعد الحدود، في ظل حالة من ازدواجية القرار جرّاء وجود شقّ داخل الحكومة ذاتها تابع لحزب الإصلاح ويدين بالولاء لتنظيم الإخوان المسلمين ويحاول تنفيذ أجندة خاصة به ومتناغمة مع أهداف المحور الإقليمي الداعم للإخوان بقيادة تركيا وقطر.

وفي ظلّ مختلف هذه المصاعب والتعقيدات، يواجه اليمن أحدث كارثة تهدّد البشرية متمثّلة في انتشار فايروس كورونا الذي لم تستثن تأثيراته دولا كبرى ذات مقدّرات ضخمة مثل الصين وفرنسا وألمانيا وغيرها.