تحركات بن دغر وعودة مرتقبة لهادي..

تحليل: الأقاليم الستة.. هل تفرض على الجنوبيين بالقوة؟

متظاهرون جنوبيون يطالبون دول الخليج العربي بالوقوف الى جانب قضية بلادهم

القسم السياسي بـ "صحيفة اليوم الثامن" (عدن)

واصل رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر جولاته الميدانية في العديد من المدن الجنوبية، حيث زار الاربعاء العاصمة الابينية زنجبار، وطاف في المدينة التي لا تزال مدمرة جراء الحرب التي دارت بين القوات التابعة للرئيس صالح والعناصر المسلحة في العام 2011م، وهي الحرب التي دمرت أكثر من عشرة ألف منزل ومرفق حكومي.

 

وطاف بن دغر (يرافقه مسؤولون حكوميون بينهم محافظ أبين العميد ابوبكر سالم حسين)، المدينة والتقى بالمزارعين ناهيك عن حضوره لعرض عسكري نظم في ملعب المدينة الرياضية شرق زنجبار.

وجاءت زيارة بن دغر في حين، قالت مصادر حكومية إن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يستعد للعودة إلى عدن، في قادم الايام وذلك بالتزامن مع وصول اعضاء مجلس النواب الموالين له إلى العاصمة يوم الثلاثاء.

وبدأ رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر تحركات مكثفة الى العديد من المدن الجنوبية وذلك لتطمئن العالم بأن المدن الجنوبية المحررة باتت أكثر أمانا.

وأكد مصدر قريب من الحكومة لـ(اليوم الثامن) "إن الرئيس هادي يعتزم اعلان الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة من العاصمة الجنوبية عدن، وان جلسة مجلس النواب تأتي للتصويت على ذلك".

 

وقال المصدر "إن تحركات بن دغر المكثفة، تأتي في سياق التمهيد لذلك، والتأكيد على ان المدن المجاورة لعدن باتت أكثر أمانا".

ويستعد الرئيس هادي الذي انشأ مجلسا للبرلمان في عدن، لإعلان دولة الستة الاقاليم، رغم فشل قواته في احراز اي تقدم ضد الانقلابيين في شمال اليمن.

ويسيطر الحوثيون واتباع الرئيس المعزول صالح على مدن اليمن الشمالي بما في ذلك العاصمة صنعاء، في اعقاب انقلابهم على شرعية الرئيس المنتخب توافقيا، عقب تسليم السلطة له من قبل صالح، اثر المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن حينها.

وفشلت قوات موالية لهادي من احراز اي تقدم ضد القوات الموالية للانقلابيين في شرق صنعاء، على الرغم من الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه السعودية.

ويبدو ان هادي يستعد للمضي في المشروع الذي يقول سياسيون إنه كان السبب الرئيس لشن الحرب على الجنوب.. دولة الاقاليم الستة والتي اقرت تقسيم الجنوب الى اقليمين والشمال إلى أربعة اقاليم.

 

 وأعلنت قوى شمالية (ابرزها جماعة الحوثي المتمردة واتباع الرئيس المعزول علي صالح)، رفضها لمخرجات مؤتمر الحوار اليمني، في حين قاطع الجنوبيون جلساته واعتبروا ما ينتج عنه يجسد الاحتلال الشمالي لبلادهم.

 

ويقول جنوبيون إن حكومة هادي لم تعر بلادهم اي اهتمام، وظلت تمارس سياسة التهميش التي انتهجها نظام صالح خلال الـ25 عاما الماضية، من خلال حرمان الناس من الخدمات والرواتب في ظل تفشي الامراض والاوبئة في المدن والبلدات.

المساعي الجديدة لحكومة الرئيس هادي المعترف بها دوليا، تسعى إلى مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي المفوض شعبيا، والذي اعتبرته الحكومة اليمنية انقلابا أخر على الرغم من تأكيد المجلس على اعترافه بحكومة هادي.

 وترفض قوى شمالية تتحكم في مكتب الرئيس هادي وجود اي صوت للجنوبيين، وترى ان اي مشروع سياسي قد يدفع نحو اقامة حكم ذاتي للجنوب، ويسهم في فقدان مصالحها التي حازت عليها جراء تقاسمها غنيمة حرب العام 1994م مع نظام صالح.

ووفقا لمصادر حكومية لـ(اليوم الثامن)، يستعد هادي الذي من المتوقع ان يعود خلال الايام القادمة، لإعلان دولة الاقاليم الستة من العاصمة الجنوبية عدن، معتمدا على تصويت جلسة البرلمان اليمني التي يحضر لانعقادها في عدن عقب عودة الرئيس.

ويبدو أن هادي ينوي ان يستمد مشروعية قرار الاقاليم الستة المرتقب، من تصويت جلسة البرلمان اليمني المنتهية ولايته في العام 2009م، وهو البرلماني الذي لا يمتلك اي صفة شرعية.

ويرفض الجنوبيون تقسيم بلادهم، معتبرين ان المشروع الذي اقره مؤتمر الحوار اليمني قد أنتهى، اثر الحرب التي شنها الشماليون على بلادهم، ونجح الجنوبيون بدعم من التحالف العربي من تحرير بلادهم وطرد القوات الشمالية التي كانت تحتل المدن الجنوبية لأكثر من ربع قرن.

وفي حال وأقر هادي مشروع الاقاليم الستة، فان ذلك قد يتسبب له وحكومته بإرباك شديد، خاصة وان قوات جنوبية تقاتل في ساحل اليمن الغربي لاستعادة مدن تهامية من قبضة الانقلابيين، قد ترفض مواصلة القتال.

 واقرار تقسيم الجنوب الى اقليمين، قد يفجر صراعا داخل المدن المحررة، ويفقد هادي اثره الكثير من القوى الجنوبية التي تناصره.

فإعلان الاقاليم الستة من الجنوب، أمر في غاية الصعوبة، خاصة وان هادي بحاجة الى نجاح تحالف اعادة شرعيته ، وانتزاع المدن الشمالية التي يسيطر عليها الموالون لإيران.

فالمضي في خطوة كهذا المرفوضة جنوبا، قد يعزز من قوة الانقلابيين في شمال اليمن ويفقد هادي الكثير من القوى التي تسانده في الجنوب.

وفقا لما توجه للرئيس هادي من اتهامات بأن قوى حزبية يمنية نجحت في حرف مسار الحرب ضد الانقلابيين إلى حرب أخرى اعلامية ضد حلفاء هادي في الجنوب.

 واعتبر هادي اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو (ايار الماضي)، انقلابا على شرعيته، الامر الذي دفع القوى المناصرة له في شمال اليمن الى مواجهة الجنوبيين وافساح المجال امام الانقلابيين لتقوية مليشياتهم.

فهادي أمام مهمة صعبة، فإعلان الاقاليم الستة من الجنوب، هي الخطوة التي ينتوي القيام بها معتمدا على جلسة برلمانية لا تمتلك شرعية، ناهيك انها قد تفشل في استكمال النصاب، نظر لانضمام الكثير من اعضاء البرلمان إلى حلف الانقلابيين.

ويرى موالون للرئيس اليمني "أن اعلان الاقاليم الستة هو قرار تحد للكثير من القوى السياسية التي تناهض الرئيس هادي"؛ لكن مثل هكذا قرار يعده جنوبيون موجه ضدهم لا ضد الانقلاب في صنعاء.

فالرئيس وحكومته بحاجة إلى استكمال تحرير المدن اليمنية في صنعاء او الدخول في تسوية سياسية جدية، تنهي الحرب وتدخل فيها الاطراف اليمنية في حوارات سياسية لحل الكثير من القضايا وابرزها القضية الجنوبية التي تعرضت لحربين متتاليين.

 مهمة صعبة أمام هادي في كل الاحوال، فاعلان دولة الاقاليم الستة يعني ان حربا أخرى على هادي ان يخوضها ضد الجنوبيين، حتى يفرضها عليهم بالقوة،  وقد يخسر المعركة الاساسية التي يخوضها بدعم من جيرانه ضد حلفاء إيران، خاصة وان الموالين لحكومته في شمال اليمن فشلوا في احراز اي تقدم ضد الانقلابيين.