قصة يرويها الصحافي الوثائقي هويد الكلدي يروي..

تقرير: «محمد حسنة».. طفل افريقي انقذته القوات المسلحة الجنوبية من الموت

الطفل الافريقي محمد حسنة مع الزميل هويد الكلدي وعسكريين جنوبيين - اليوم الثامن

هويد الكلدي

يروي الصحفي الوثائقي المعروف هويد الكلدي انه خلال تغطياته قضايا عديدة في شتى المستويات كان قد خضمته قصة هجرة أفريقي نجأ من عملية موت على أيدي زملائه المهاجرين. 

كتب الكلدي تفاصيل القصة وكانت صحيفة اليوم الثامن قد طلبت منه ان تقوم الصحيفة على نشرها «في أغسطس آب 2020م، التقطت صورة بهاتفي الشخصي مع الطفل الإثيوبي من قومية الاورومو الأفريقية وهو بجانب جنود من القوات المسلحة الجنوبية.

انه الطفل محمد حسنة، في العقد الرابع من عمره، في بداية العام 2020م كان قد تعرض لضرب مبرح كاد ان يموت على اثره في محافظة أبين. 

حين التقيت به في احد المعسكرات التابعة للقوات المسلحة الجنوبية بالعاصمة عدن كنت قد تسائلت حينها، ماذا يعمل هذا الطفل هنا وهو أفريقي ما هي قصته؟ 

في طريق العبور

أخبرني الركن الفني للهندسة الفنية في اللواء الثالث إسناد ودعم الشاب مالك المشوشي، ان الأحداث العسكرية المتوترة التي حدثت في محافظة أبين في نهاية عام الفين وتسعة عشرة بين القوات الجنوبية ومليشيات الإخوان المسلمين قد تمركزت قوات اللواء الثالث إسناد ودعم في محافظة أبين وفي عام الفين وعشرين حين مر مالك المشوشي بمركبته في الخط السير الرابط بين عدن وابين قال انه شاهد تجمعا للمهاجرين الأفارقة وهم يقومون بضرب احد زملائهم مما جعل ذلك المشهد ان يتوجه المشوشي إلى مكان الحادثة لمعرفة التفاصيل. 

وقال المشوشي انه حين وصل كان عدد من الأفارقة المتفاوتين بالعمر ما يزيد عن عشرين ربيعا يضربون طفلا ضربا شديد يبلغ عمره العشرة ربيعا، مما تدخل في الأمر هو وجنوده وقاموا باخلاء الهجوم وابعاد الشباب من على الطفل ثم اخرجوا الطفل على جنب ليقوموا باسعافه. 

ورجح المشوشي بقوله انه بعد ربع ساعة من الوقت وبعد طمأنت الطفل واستقراره سأل الطفل الافريقي عن سبب ضرب رفاقه له فاجابه انهم عصبة ولا يعرفهم سوى خلال رحلة الهروب ودخوله عدن من إثيوبيا حتى هذه اللحظة وهم لا يريدونه ان يسير معهم او يرافقهم فقد نبذوه. 

وقال المشوشي « قلنا له هل تواصل المسير معهم فأبا وقال لا اريد مواصلة السير فالتعب والضرب قد انهكني وان ظللت معهم سوف يقتلوني فخذوني معكم انني جائع والمرض فتك بي». 

وكان المشوشي أمامه خيار الموقف الإنساني فاركبه معه على متن المركبة والتوجه به إلى عدن لاطعامه وادخاله الرعاية الطبية. 

اللقاء الأول بمحمد

في مايو آيار العام 2020 التقيت بالطفل الافريقي محمد حسنه وهو قد نما به الجسم وكبر نوعا ما عقب عامين من انقاذه من الموت. 

محمد يعرفني عن نفسه انه اثيوبي الجنسية مسلم الديانة ذي العشرة ربيعا، فكرة الاغتراب والهروب من واقعهم المعيشي الصعب اجبر الكثير من الشباب والأطفال والنساء والرجال والفتيات والشباب على خوض تجربة الهجرة الغير شرعية عبر البحر ثم برا في المناطق اليمنية حتى الوصول إلى المملكة العربية السعودية ودول أوروبا. 

محمد صاحب حلم الثراء المادي ترك مقعد دراسته في الصف السادس ثم ركب موجة التدفق بين مئات المهاجرين غير شرعين حتى وصل عدن الجنوب ثم في طريقه مشيا حتى وصل أبين حيث كانت حياته تنتهي على أيدي رفاقه الافارقه الذين أرادوا قتله وسط حرارة الشمس ومجاعة البطون. 

قال لي محمد ان لو لا الله والجنود الذين شاهدوا الحادثة وقاموا بانقاذه لكان ميتا الان وبعد تلك الحادثة ومرور عامين يقول محمد انه يعمل مع مالك المشوشي في ورشة إصلاح المعدات العسكرية والقيام بتوفير له بعض المتطلبات بمرتب شهري. 

اثنا محمد حسنه ذلك الموقف الإنساني الذي قدمه جنود جنوبيون له وقاموا باطعامه واسعافه حتى انهم احتتوه لكونه طفلا والعيش معهم بكل احترام ومودة ولم يشعر انه غريب او أفريقي، يقول ان الناس طيبين ويحبونه وهم الان أصدقائه. 

هجرة سرية

تعد تلك المواقف كثيرة ما ان حدثت ولامسها الأفارقة من الناس في الجنوب حتى وان كان الضعف الأمني حاضرا الا ان المجتمع في الجنوب مختلفا عن الشعوب الاخرى. 

سألت محمد حسنه عن أسرته وأهله فاخبرني انه قدم في هجرته دون علم والدته التي يحبها كثيرا فرحلته كانت هربا دون علم احد من أسرته ومنذ عامين لا يوجد أي تواصل مع والدته وهو مشتاق لها كثيرا كما يقول ولا توجد طريقة للتواصل معها لكونه لا يحتفظ اي نمرة تواصل في بلده. 

لحظة البحث والتواصل

قال لي جنود في اللواء وهم أصدقاء محمد انهم بذلوا جهدا بمساعدة محمد في عملية البحث في مواقع التواصل الاجتماعي وبالذات "فيسبوك" حتى انهم بعد قطع شوط من الوقت لمدة شهرين من التواصل تم التواصل معه والدته، التي لم تخذ بجدية ان ابنها محمد ما زال على قيد الحياة بعد ذلك العمر من الانقطاع. 

قال لي محمد ومن خلال برنامج التواصل ايمو انه شاهد والدته وشاهدته هي كذلك. 

محمد اشتاقت له امه فاجبرته بالعودة إليها وهو كذلك لكنه قال لأمه فلي أصحاب وأهل هنا في عدن ولا أستطيع فراقهم لكن ذلك لم يكن إلا زمنيا وودع محمد الجنوب وكل من نقذه ليعيش ويعود مجددا الى امه في إثيوبيا. 

بذل مالك المشوشي ورفاقه جهودا في انقاذه وجهودا اخرى لعودته إلى امه بتوفير له كامل الإجراءات الوثائقية والمادية ليعود تاركا خلفه توحش زملائه الأفارقة ورحمة زملائه ذي البلد الآخر، ما كان على والدته ذي الأربعين ربيعا الا ان تقدم الشكر لزملاء الحياة في الجنوب اليمني. 

انها القصة الأكثر انسانية ورجولة ربطت اللونين الأسود والأبيض تحت راية الرحمة والديانة الإسلامية في ظل غياب السلطات والرحمة والاهتمام، غاب الحاكم فحضر المواطن ليكون وثيق التعاون بين البلدين في ظل صراعات متفاقمة ودماء تسال وبنايات تهدم وكرامات تنتهك.