"صعوبة في توفير مستلزمات الدراسة"..
تقرير: كيف اثر انهيار العملة المحلية على التعليم في "اليمن"؟
إذا كنت لا أستطيع أن أوفر المستلزمات الرسمية مثل الدفاتر كيف لي أن أوفر لأولادي الزي المدرسي" هكذا يصف سميرمحمد ( 48 عام) حالته مع استقبال العام الدراسي الجديد وهو أب لأربعة أطفال جميعهم في المدرسة.
سميرمحمد الذي يسكن إحدى الضواحي الجنوبية الغربية لمدينة تعز حاله كحال الملايين من اليمنيين الذين أرهقتهم الحرب وتردي الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي رمت بكاهلها عليهم ليتحملوا أعبائها ويواجهون المصير الذي فرضته الحرب في اليمن.
يمضي سمير في حديثه لـ(اليوم الثامن) بالقول:" الآن بدأ العام الدراسي الجديد وأنا معي أربعة أطفال جميعهم في المدرسة ومع الأسف أسعار المستلزمات الدراسية أصبحت مرتفعة أضعاف السنة الماضية ".
ويضيف: باتت معاناتي كبيرة جداً فأنا اليوم لا أقدر على توفير كل متطلبات أولادي وأضطر إلى جعلهم يستخدمون الدفتر الواحد لأكثر من مادة ومع ذلك حالنا مستور والحمد لله".
في المقابل تؤكد أماني (39 عام)أم أربعة أطفال أن الوضع أكثر سوءا عما كان عليه في العام الماضي بالنسبة لأسعار المستلزمات الدراسية قائلة:" في السنة الماضية وعدت أبنائي أني سأشتري لهم زياً مدرسياً جديدا في السنة القادمة وكنت متفائلة بأن الأوضاع ربما تسير الى الأفضل لكن مع الأسف لم استطع أن أوفي بوعدي فالحال أصبح في الوحل أكثر من الأعوام الماضية".
وتضيف:" هذا العام وجدت أن سعر الزي المدرسي لأولادي الأربعة سيكلفني 55000 الف ريال ناهيك عن طلباتهم الأخرى، وذهبت إلى السوق السوداء لعلي أجد ملابس مستخدمة لكنني شعرت بخيبة أمل ووجع داخلي لأنني أخدع أولادي ولم أستطع شرائها.
تواصل تهاني حديثها بالقول :" كنت أتمنى أن أكون لأولادي الأم التي تستطيع أن تخفف عنهم معاناة اليتم وفقدان الأب لكني الآن أجاهد نفسي لأفي لهم بالطعام والشراب قوتهم الرئيسي".
معاناة مستمرة
افتتحت السلطات في عدن العام الدراسي الجديد منتصف أغسطس/ آب الماضي، وذلك في موعد مبكر خشية مواجهة موجة ثالثة من فيروس كورونا قد تقضي على آمال حوالى 5 ملايين طالب لكن فيروس كورونا ليس مصدر التهديد الوحيد لملايين الطلاب الراغبين في الالتحاق بالمدارس، فهناك أزمات عدة تلقي بدلوها في عملية التعليم، على رأسها انعدام الكتاب المدرسي وارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية عما كانت عليه العام الماضي نتيجة تدهور العملة المحلية في البلد.
لم تكن صعوبة شراء المستلزمات الدراسية من ملابس وغيرها هي العائق الوحيد الذي يقف أمام الطلاب في مدينة تعز أثناء عودتهم إلى المدرسة فالكتب المدرسية هي الأخرى أصبحت شبه معدومة وتعيق استمرار العملية التعليمية في ظل غياب المناهج الدراسية واضطرار البعض إلى شراء المناهج المتوفرة في الأسواق.
يصف الطالب محمدعلي "لصحيفة اليوم الثامن" حالته مع انعدام المناهج قائلا:" أنا الآن في الصف الثالث الثانوي ولم يصرف لنا كتاب واحد ومازلنا نتعلم عن طريق التلقين ولا نعلم كيف سيكون حالنا أيام الامتحانات إن استمرت هذه المشكلة".
ويشير محمد علي إلى أن البعض من أقرانه يستطع توفير المناهج عن طريق أسلافه أو عن طريق شرائها من السوق السوداء أما هو فلا يستطيع ذلك، فقد ارتفعت أسعار الكتب في السوق السوداء بشكل جنوني .
في السياق ذاته يتحدث الدكتور عبد العالم السبئي وهو مسؤول في مكتب التربية والتعليم عن دور مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز خلال العام الدراسي الجديد قائلا :"بدأنا بإعداد الخطة الدراسية للعام 2021 / 2022 لكن الأمور في السنوات الأخيرة باتت مختلفة وتخل بالخطط المرسومة بفعل الاستثناءات التي تحدث بسبب جائحة كورونا وانعدام الكتاب المدرسي وندرة المختبرات المدرسية وغيرها من المعوقات التي تواجه مكتب التربية والتعليم في المحافظة".
ويضيف السبئي:" نتابع العملية التعليمية وفقا للإمكانيات المتوفرة لدينا ونحن على تواصل مع وزارة التربية والتعليم لإرفادنا بالكتاب المدرسي حتى نسهل وصوله إلى الطلاب.
بادرة أمل
وعلى الرغم من استمرار معاناة الطلاب نتيجة غياب الكتب المدرسية وعجز الحكومة الشرعية عن توفيرها في الأعوام السابقة، يستبشر الطلاب أخيرا في إعلان مكتب التربية والتعليم في محافظة تعز الخاضعة لسلطة الشرعية عن استلامه الدفعة الأولى من الكتب المدرسية للعام 2021 /2022.
ويشير مدير مكتب التربية بالمحافظة عبد الواسع شداد، أن مخازن المكتب استقبلت الدفعة الأولى من الكتاب المدرسي والتي تم شحنها من مطابع الكتاب المدرسي بالعاصمة المؤقتة عدن. لافتا إلى أنه من المقرر توزيع الكمية على المدارس كما سيتم استلام بقية الكميات المقررة للمحافظة بالتزامن مع الانتهاء من طباعة الكمية المتبقية في مطابع الكتاب المدرسي في عدن.
وسابقا استفادت الحكومة اليمنية من دعم تجاوزت قيمته مليون دولار قدمته الكويت لتزويد مطابع الكتب المدرسية بمحافظتي عدن وحضرموت، بأجهزة حديثة ومتطورة يضمن حصول التلاميذ على الكتب في المحافظات المحررة بأسعار متدنية.
تبدو العملية التعليمية في اليمن هذا العام مكبلة بأزمات تضاف إلى تلك التي تظهر مطلع كل عام دراسي، خصوصاً على صعيد تحركات نقابات المعلمين التي تطالب بدفع الأجور وتحسينها وتلوّح بإضرابات حتى مع مطلع العام. وأهم هذه التعقيدات ضعف المنهج الدراسي ووجود نقص حاد في كوادر المعلمين والكتب المدرسية معاً.
وبعيداً عن الأزمات الاقتصادية وتبعاتها، تعتبر دعوات الإضراب المتكررة التي تدعو لها النقابات التعليمية في مطلع كل عام دراسي جديد، عقبة رئيسية تهدد العملية التعليمية خصوصاً في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها. وتزامنا مع بدء الدراسة منتصف أغسطس الماضي، دعت نقابة المعلمين الجنوبيين، إلى إضراب شامل لمعلمي ومعلمات المدارس الحكومية في مختلف المراحل بالمحافظات الجنوبية، جراء عدم إيجاد الحكومة أية حلول لمطالب المعلمين، وصرف مستحقاتهم التي يطالبون بها، ولوحت بخطوات تصعيدية، ما لم تجد الحكومة حلولاً وصفتها بالمُرضية للمعلمين.