لمن الفضل في ذلك..

تحليل: هل أصبح الجنوب بعيدا عن الأطماع؟

جنوبيون يتظاهرون للطالبة باستقلال بلادهم عن صنعاء

القسم السياسي بـ "صحيفة اليوم الثامن" (عدن)

يوم الـ30 من نوفمبر 2014، أضرم متظاهرون غاضبون النار في صور قيادات وزعماء يمنيين، هم (علي عبدالله صالح، وعلي محسن الأحمر، وعبدالملك الحوثي، وعلما اليمن وإيران)، للتأكيد على رفضهم للاحتلال اليمني ومشروع إيران في بلادهم.

وعلى مدى سنوات عشر ماضية طالب الجنوبيون بالاستقلال عن اليمن، في اعقاب ما يقولون انه فشل الوحدة اليمنية اثر الاجتياح العسكري الذي شنه نظام صنعاء على عدن.

كان الجنوبيون قد نصبوا خياما في ساحة العروض بخور مكسر بالتزامن مع اقتراب الحوثيين من صنعاء، فهم وجود ان الفرصة مواتية للاستقلال او على الاقل لتنظيم انفسهم في معركة كانت مرتقبة في ظل التحشيد الإعلامي المتواصل.

وعلى الرغم من انتصار الجنوبيين في معركة التصدي لإيران، الا ان اطماعا أخرى مثلتها قطر في سبيل السيطرة على الجنوب ونهب ثرواته.

وكشفت وسائل إعلام أن المخابرات الإيرانية وأذرعها في لبنان، بدعم من قطر، تستهدف جنوب اليمن بمخطط تخريبي، تستخدم فيه التنظيمات عمليات إرهابية، واستثمارها لحشد مواقف دولية ضد التحالف والشرعية في اليمن.

وقالت المصادر إن المخطط يتضمن تنفيذ عمليات إرهابية ضد أفراد وجماعات وجهات، إضافة إلى تصوير تلك العمليات ونشرها؛ لإثبات ادعاءات الانقلابيين وطهران وحزب الله بوجود قوى للإرهابيين في المناطق التي حررها التحالف العربي.

وحسب المخطط، فإنه سيتم أيضًا نشر أكثر من 50 تسجيلاً مصوَّرًا لعمليات إرهابية، نفذتها خلايا داعش والقاعدة في مناطق الجنوب وتعز وحضرموت منذ الانقلاب على الشرعية في اليمن.

وتتضمن التسجيلات المصوَّرة عمليات ذبح وعمليات انتحارية وعمليات تصفيات ووقائع تعذيب مميتة، نفذتها خلايا الإرهاب ضد شخصيات وأفراد محسوبين على الشرعية، سيتم استثمارها لصالح الانقلابيين.

وكانت المليشيات قد أطلقت كل سجناء تنظيم القاعدة في سجون المخابرات والسجن المركزي ضمن صفقات تبادل، وُضعت للتغطية على عمليات الإفراج، أو ضمن عمليات فرار من السجون بتواطؤ من أذرع الانقلاب الأمنية في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة والبيضاء.

وخصص المخطط فريقًا إعلاميًّا كبيرًا بدعم من إحدى الدول، يعمل على ترويج ونشر التسجيلات، والكتابة عنها، وإثارة موضوع الإرهاب في الجنوب ، وتحريض المجتمع الدولي والمؤسسات الأمريكية وأوروبا على تغيير طريقة تعاطيها مع الوضع في اليمن.

وأكدت المصادر حصول دول التحالف على معلومات كافية حول المخطط وطبيعته، وتم مشاركة تلك المعلومات مع الجانب اليمني لتنسيق خطوات عملية لمواجهته.

مخطط إيراني قطري إخواني في الجنوب

بدأ المخطط الإرهابي إعلاميا بالترويج الزائف لوجود جماعات إرهابية في جنوب اليمن تابعة لدول التحالف العربي لإعادة الشرعية، وفي بث ممنهج ومتفق على أسسه مسبقا بين قيادات إيرانية وقطرية وإخوانية أعدت التقارير المسمومة والمغلوطة للنيل من دولة الإمارات العربية المتحدة ولاستهداف الشعب اليمني وقوات الشرعية، ليتضح دور هذا المثلث المشؤوم في زعزعة أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

هذا المخطط الذي افتضح أمره يهدف إلى العبث والفتنة داخل اليمن والإساءة للتحالف العربي وزعزعة أمن المناطق اليمنية الآمنة من خلال تنفيذ هجمات إرهابية متنوعة تستهدف شخصيات وجماعات وجهات برعاية قطرية إخوانية وبتنفيذ استخبارات الحرس الثوري ومرتزقته من عناصر حزب الله والميليشيات الطائفية في العراق، غير أن جاهزية دول التحالف ووعي الشعب اليمني كشف هذا المخطط الدامي وتم التنسيق للتصدي له.

وحسب المخطط فإن إيران وقطر هدفتا إلى استخدام عناصر تابعة لاستخبارات الحرس الثوري وعناصر حزب الله وميليشيات الحوثي لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المناطق اليمنية المحررة، ثم استثمارها لحشد مواقف دولية ضد التحالف والشرعية في اليمن، وتقديم رؤية مغلوطة يتم اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة ودول التحالف وتشويه صورتها ومحاولة إثبات أن المناطق المحررة لا تنعم بأمن واستقرار، ولإثبات ادعاءات الحوثيين والملالي بوجود جماعات إرهابية في المناطق التي حررها التحالف العربي.

ومن ضمن المخطط أن تقوم جماعة الحوثي بإطلاق سراح سجناء تنظيم القاعدة تحت مسميات عديدة منها صفقات تبادل السجناء وأيضا عمليات فرار بهدف تكوين جماعات إرهابية تنفذ أنشطة إجرامية كالاغتيالات والتفجيرات وغيرها، وحسب المخطط أيضا فإنه سيتم نشر أكثر من 50 تسجيلا مصورا لعمليات إرهابية، نفذتها خلايا داعش والقاعدة في مناطق الجنوب وتعز وحضرموت منذ الانقلاب على الشرعية في اليمن، وتخصيص فريق إعلامي كبير ستكون الجزيرة وقناة العالم والمنار أهمها، يعمل على ترويج ونشر التسجيلات، والكتابة عنها، وإثارة موضوع الإرهاب في جنوب اليمن، وتحريض المجتمع الدولي والمؤسسات الغربية بهدف تغيير مواقفها وطريقة تعاطيها مع الوضع في اليمن.

لقد راوغ النظام القطري في تآمره على الدول الخليجية والعربية كثيرا وأبدع في تكوين عدة وجوه له، وكان حجم الضرر الذي ألحقه النظام القطري بالعرب أكبر من ذلك الذي ألحقه أعداء الأمة المكشوفين أمثال إيران وإسرائيل وهو ما يذكرنا بقول نابليون “عدو صريح خير من صديق منافق”.

وتأتي تناقضات السلوك القطري في إطار خلط الأوراق والمتاجرة بالدين وخداع كافة الأطراف، ففي حين أنه عضو في التحالف الدولي ضد انقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا، يكون شريكا للحرس الثوري في دعم الانقلاب ونشر الإرهاب في اليمن، ورغم صداقة النظام القطري مع الكيان الصهيوني فإنه يقول إن حزب الله الإرهابي هو مقاومة، ويدعو إلى تقارب مع إيران مصدر الإرهاب، وقدم النظام القطري مساعدات للتحالف الدولي ضد داعش في الوقت الذي يقدم فيه الدعم المالي لهذا التنظيم في سوريا والعراق، ما يثبت أن سلوك النظام القطري مصاب بمزيج عجيب من التناقضات والمؤامرات.

وجود إيران والإخوان في هذا المخطط لا غرابة فيه لكون أمرهما مفضوح في عداء الأنظمة والشعوب العربية، وإيران تدعم الانقلاب اليمني علنا وبكل قوة، وتتباهى في قتل اليمنيين وتستخدم طابورها الخامس في اليمن أي جماعة الحوثي لضرب أمن واستقرار المنطقة، والإخوان أداة لإكمال الدور الإيراني التخريبي، أما قطر التي خدعت العالم والعرب في تحالفها مع الشرعية وهي في الوقت نفسه كانت خنجرا في ظهر العرب قد تفاجأ البعض في تآمرها على العرب والشعب اليمني بهذا الحجم العدائي، لينكشف النظام القطري على حقيقته أمام العرب والعالم، فأي ثقة ستمنح إلى النظام القطري فيما بعد؟

وقال السياسي الجنوبي عيدروس نصر "إن الحديث عن إيران يترافق مع استحضار مشاعر عدائية تصور إيران على أنها عدو غادر يفترس المحيط العربي المجاور له ويهدده، ولذلك يأتي التعامل معه بعدائية وخصومة مبالغ فيها، ومعظم الذين يتحدثون عن ذلك كانوا قد أكلوا على موائد إيران وانتفعوا بدعمها ومساعدتها بل وهناك زيارات متبادلة بين الزعامات اليمنية والإيرانية التي كانت فيها إيران هي المانح والجانب اليمني هو المستفيد من المنح، ولا تصور إيران كعدو إلا عندما يتعلق الأمر بالمساس بمصالح المتنفذين وأصحاب تلك المصالح أما عند تقديم المعونات والهبات والخدمات فإن إيران تظل الدولة الإسلامية الشقيقة التي لا خلاف معها ولا موقف عدائي تجاهها".

وقال أيضا "إن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن إيران عبارة عن ملاك طاهر لا أهداف لديه ولا مطامع، أو إن إيران عبارة عن جمعية خيرية توزع العطايا والمنح لوجه الله، كما إنها ليست شيطانا رجيما ينبغي النظر إليه بهذا القدر من الخوف والريبة والعدائية كما يفعل بعض المسئولين الحكوميين وبعض كتبة السلطة ومداحيها.. فإيران مثل أي دولة من الدول المجاورة لنا وغير المجاورة لها مصالحها وأجنداتها وأهدافها التي قد يكون منها ما هو مشروع، وقد لا نستبعد وجود أهداف وأجندات مريبة لكن السؤال الأهم هو: من الذي أوصل اليمن إلى أن تصبح نهبا لمن هب ودب، وترك بواباتها ونوافذها مفتوحة لكل الرياح والعواصف وما يترافق معها من سموم وأوبئة ومن أضرار وعواقب؟ وما الذي يمكن أن تستفيده إيران من التدخل في الشأن اليمني، والجنوبي منه على وجه الخصوص؟ ثم ماذا سيستفيد المستبشرون بالتدخل الإيراني في اليمن وفي الجنوب على وجه الخصوص؟

 

وأضاف "لقد أخفق النظام السابق في كل شيء إلا في شيء واحد وهو تفكيك البلد وتحويلها إلى مجموعة من العزب التي يمتلكها رأس السلطة وأقاربه والمرتبطين به، بينما تحول المواطنون إما إلى مجرد دافعي ضرائب لتموين مراكز الفساد أو متسولين في الداخل والخارج، بحثا عن لقمة عيش ومسكن لم توفره لهم السلطة التي تتحكم في ثروات وموارد بلادهم، وبمقابل ذلك فشلت السلطة في بناء منظومة حكم تعبر عن روح وهوية المواطن، ناهيك عن تنمية الفقر وتغييب الخدمات والعبث بالأمن وإزهاق الأرواح وإراقة دماء اليمنيين، ما جعل المواطن اليمني يشعر بالاغتراب عن وطنه حتى وإن كان مقيما على أرضه".

 

 

في هذا السياق المشوش تعمدا أو مصادفةً وفي سياق الحديث عن التدخل الإيراني في جنوب اليمن يوضح السياسي الجنوبي عيدروس نصر :"

  1. إن إيران تعاني من الحصار الاقتصادي والسياسي ما يجعلها في غنى عن البحث عن مناطق تدخل جديدة ليست واثقة من إنتاج مصالح جديدة لها، ومن هنا فإن حضورها في اليمن وفي الجنوب على وجه الخصوص لن يكون أكثر من فزاعة يمكن أن استخدامها لابتزاز الجيران من قبل إيران نفسها للإيهام بأن لديها ما يمكن أن تفعله في هذه المنطقة، وربما من قبل مروجي هذه الحكاية بغرض تخويف الجوار من خطر وهمي أكثر منه خطر حقيقي.

 

 

  1. إن اليمن لديها من مخاطر التفكك والانهيار ما يكفي، ولذلك لن يكون التدخل الإيراني في الجنوب، أو بالأصح حضورها السياسي ، إن وجد، أكثر خطرا من مخاطر الانهيار الاقتصادي والأمني والتفكك الوطني والاجتماعي الذي تعاني منه اليمن بسبب رداءة الإدارة السياسية للبلاد وما نتج عنها من مضاعفات لا يمكن حصرها.
  2. إن الاعتقاد بأن إيران سيكون لديها ما يمكن أن تقدمه لليمن أو للجنوب مما قد يفيد إنما هو اعتقاد واهم لا ينبني على معطيات دقيقة ناهيك عن إنه يقدم أصحابه على إنهم لا يمتلكون مشروعا وطنيا مقنعا للشعب، ذلك إن الشعب لا يراهن على ما سيأتي به الخارج من عطاءات، بقدر ما يظل الرهان على أن يبقى الشعب هو صاحب المشروعية الأولى والأخيرة ويبقى تمسكه بحقه هو العامل الأساسي والمقرر في صناعة نتائج الأحداث في البلاد.
  3. إن الهدف من التخويف من التدخل الإيراني هو شيطنة الحراك الجنوبي وتأليب الشعب اليمني ضده باستغلال التخويف من المد الشيعي الذي لا توجد له أرضية في الجنوب، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى على الذين يهللون لهذا التدخل أو يرحبون به أن يعلموا أنهم يضرون بالقضية الجنوبية أكثر مما يخدمونها، لأن إيران ليس لديها ما تقدم غير محاولة نشر المذهب الشيعي الذي ليس له من الأنصار في الجنوب إلا ما لا يتجاوز العشرات.
  4. كما إن النظام السياسي في إيران ليس النموذج الجاذب لكل من يبحث عن الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والدولة المدنية، وتلك هي مطالب معظم فصائل الحراك الجنوبي السلمي، وأقول السلمي للتمييز بين التيارات المدنية في الحراك وبين أنصار الأمن القومي والأمن السياسي الذين تسللوا إلى الحراك وبدأوا تارة يدعون إلى الأعمال المسلحة وتارة يدعون إلى محاربة الأحزاب والقوى السياسية، وتارة ثالثة ينادون بمحاربة كلما يمت بصلة إلى كلما هو يمني.

من جهته، يقول الكاتب السياسي محمد مظفر العولقي " إن الحديث عن ان الجنوب اصبح بعيدا عن الأطماع الإيرانية والقطرية يتطلب منا أولاً ان نستوعب الهدف الاكبر لعصفة الحزم فلا يعقل بعد عامين من انطلاقها ، لازالت عقولنا محصورة عند مربع اعادت هادي للحكم وشرعيته.

وأضاف لـ(اليوم الثامن) "المنطقة تعاني من تراكمات مزمنة وتصدعات تحتاج الى استقرار لإعادة ترميم تلك التصدعات من خلال مشروع نهضوي اجتماعي واقتصادي كبير يحقق امن مستدام وتنمية مستدامه، والجنوب العضلة التي تضخ الدم لهذا المشروع العملاق وتعمل على استمرارية حياته بشكل مستدام".

 

لهذا وبعد عامين من انتصار يوليو على يد قوات الجيش الجنوبي ومقاومته الباسلة الذي تحقق بفضل الله ثم دعم التحالف العربي على ذراع ايران بالمنطقة جماعة الحوثي صالح فان الجنوب يحتاج الى تدشين المشروع القومي الحداثي بالجزيرة من خلال ايجاد سلطة جنوبية قوية تمتلك قرار واقتصادا سليما متعافيا ببدء عملية البناء لترسيخ الاستقرار في القاعدة الادارية للحرب، بدون هذا لن يتحقق الحسم بالشمال، بل سيستمر استنزاف التحالف وقواته والقوات الجنوبية بالساحل، والمستفيد غالباً من الفوضى بالجنوب ايران بالمقام الاول وصنعاء الانقلابية وتنظيماتها الارهابية ".

وأكد "المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حصل على تايد واسع داخلياً وخارجيا هو القادر على ايجاد هذا الاستقرار وادارة ملف البناء ومحاربة الارهاب فهل هذا في حسابات صانع القرار بالتحالف".