رفض الصقور في أمريكا الاتفاق "الضيق"..

تقارير: إعادة التموضع الإيراني رهان أمريكي خفي في المفاوضات النووية

طهران

قال البروفسور المساعد للدراسات الاستراتيجية والأمنية في الكلية العالمية للتربية العسكرية المهنية في الولايات المتحدة ناتان غونزاليس مينديلجيس، إنه قبل أن يجف حبر خطة العمل الشاملة المشتركة أوالاتفاق النووي مع إيران في2015، .
 

من الممكن للمرشد الثالث أن يبتعد بما يكفي عن الخميني المرشد المؤسس. ومن المحتمل أن يكون المرشد الثالث قادراً على التموضع، خاصةً في مواجهة ضغوط هيكلية متصاعدة.

وركزت انتقادات هؤلاء على أن الاتفاق لم يعالج القدرات غير النووية لإيران، مثل صواريخها الباليستية أو دعمها للجماعات المتشددة في الشرق الأوسط، على سبيل المثال.

أما الحمائم الأمريكيون، من جهتهم، فنظروا إلى الاتفاق بوصفه الطريقة الواقعية الوحيدة لمنع تحول إيران إلى دولة نووية، وبالتالي خفض احتمالات الحرب.

يتوفى أو يتنحى
لكن الصقور والحمائم أخفقوا في رؤية النتيجة الأكثر أهمية لأي اتفاق، وهو احتمال تطوير صيغة لعلاقة عمل مع المرشد الأعلى المقبل لإيران. فالمرشد الحالي علي خامنئي، 82 عاماً، يمكن أن يموت أو يتنحى عن المنصب خلال وقت قصير.

ويعتبر الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، المنافس الأبرز على منصب المرشد الأعلى المقبل. وهو الذي تحاول القوى العظمى في ظل رئاسته التوصل إلى اتفاق معه.

ورأى الكاتب في مقاله بمجلة "ناشونال إنترست" أن تطوير ثقة متبادلة بين رئيسي والولايات المتحدة، قد يعود بفوائد استراتيجية سريعاً.

في سياق النقاش حول القدرات العسكرية لإيران، يعتبر كثيرون أن من المسلم به أن إيران لا مصلحة لها في تغيير موقفها من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، لا تزال إيران عبارة عن نظام شاب، حتى بالمعايير الشرق أوسطية. ومن المحتمل أن تتغير  وتسعى إلى علاقات أفضل مع دول أخرى، تماماً كما فعلت أنظمة مفعمة بالعقائدية في الذاكرة الحديثة.

إعادة التموضع
ولعل أفضل مثال على التغيير في أنظمة الشرق الأوسط، كان عندما وصل أنور السادات في مصر إلى السلطة في 1970. خلف السادات نظام جمال عبد الناصر العقائدي مؤسس النظام القومي العلماني في مصر. ورغم وصف هذا النظام بأنه معادٍ لإسرائيل ومعارض للنفوذ الأمريكي، فإن السادات كان قادراً على إعادة التموضع دون تغيير للنظام. وهو لم يتقرب من أمريكا ديبلوماسياً فحسب وإنما أضفى مرونة على مواقفه من الإسلاميين، ومن إسرائيل في نهاية المطاف، ما مهد الطريق إلى معاهدة سلام مع إسرائيل في 1979.

ولعل إعادة تموضع النظام في إيران أمر ممكن، والاتفاق النووي يقدم للولايات المتحدة النافذة الأفضل للتواصل مع المرشد المقبل.

التخصيب
وعندما انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أحادياً من الاتفاق النووي، زادت إيران تدريجياً تخصيب الأورانيوم. ومع انتخاب الديموقراطي جو بايدن رئيساً، عادت المفاوضات للعودة إلى الإتفاق النووي أو إلى ما يشبهه.

لكن في خضم هذه العملية، يجب ملاحظة أن النتيجة الأهم هي تطوير علاقة عمل ونوع من الثقة المتبادلة بين الولايات المتحدة والمرشد الأعلى الإيراني المقبل.

هل تغير لهجتها؟
ورغم ذلك، وحتى ولو وصل رئيسي إلى المنصب الأعلى في القيادة، وحتى لو نجحت الولايات المتحدة في إطلاق نوع من العلاقة مع إدارته، فإن ذلك لا يعني أن إيران ستغير لهجتها أو سياستها مع الولايات المتحدة.

في الواقع، يبدو سهلاً تفسير صعود رئيسي في النظام على أساس أنه شخصية "مبدئية" في معاداة أمريكا.

ومع ذلك، ثمة سبب للاعتقاد أن المرشد الأعلى الجديد يمكن أن يعيد التموضع بطريقة يعجز عنها خامنئي، بسبب الخوف من أن يُفهم خطأً، أو بسبب مقارنته مع سلفه الخميني.

ومن الممكن للمرشد الثالث أن يبتعد بما يكفي عن الخميني المرشد المؤسس. ومن المحتمل أن يكون المرشد الثالث قادراً على التموضع، خاصةً في مواجهة ضغوط هيكلية متصاعدة.

تنازلات
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الكثير من المحللين أن إيران تكرر التمسك بالإيديولوجية على حساب الواقعية، أخذاً في الاعتبار أن هويتها الإسلامية تدعم شرعية النظام، فإن الإلتزام بالإيديولوجية لا يعني بالضرورة رفض تقديم تنازلات أو التعامل مع عدو معلن، على غرار ما فعل ماو تسي تونغ بتطبيعه العلاقات مع أمريكا في 1972.

كما أن إيران تفهم حدود إيديولوجيتها، مثلما تفهم الفرص الإستراتيجية التي يمكن أن توفرها لها الديبلوماسية. إن رغبة طهران في التفاوض مع أمريكا في أحلك لحظاتها التاريخية، من إطلاق الرهائن الأمريكيين في 1981، إلى قضية إيرانكونترا، إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، أمثلة على اعتراف إيران بحدود قوتها، وإيديولوجيتها.