المحادثات النووية..

طهران في الدوحة قبيل جولة "بايدن" والصحافة الإيرانية تحذر من الفخ

المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين تجري عبر منسق المفاوضات النووية إنريكي مورا الذي يشغل منصب نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي

اختيار قطر لاستضافة جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن - أرشيف

سلمان صالح
مراسل ومحرر متعاون مع صحيفة اليوم الثامن
الدوحة

رحبت دولة قطر باستضافة جولة محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، في الدوحة خلال الأسبوع الجاري، برعاية منسق الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إنريكي مورا.

وأكدت وزارة الخارجية القطرية، في بيان[1] الثلاثاء، استعداد دولة قطر التام لـ"توفير الأجواء التي تساعد الأطراف كافة في إنجاح الحوار"، وأعربت عن أمل دولة قطر في أن تتوج جولة المحادثات غير المباشرة بنتائج إيجابية تسهم في إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، بما "يدعم ويعزز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ويفتح آفاقاً جديدة لتعاون وحوار إقليمي أوسع مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

والثلاثاء، وصل العاصمة القطرية الدوحة كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، للمشاركة في المحادثات غير المباشرة مع الجانب الأميركي لحلّ القضايا العالقة الباقية في المفاوضات النووية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

أكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أبو الفضل عمويي، الثلاثاء، لموقع "عصر إيران"، أن "لا مفاوضات مباشرة" في الدوحة بين الوفدين الإيراني والأميركي.

وأضاف أن المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين تجري عبر منسق المفاوضات النووية إنريكي مورا الذي يشغل منصب نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وربط البرلماني الإيراني إجراء التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة بعودتها إلى الاتفاق النووي وتنفيذها تعهداتها والانضمام مجدداً إلى مجموعة 1+5 المؤسسة للاتفاق النووي. وشدد على أن موضوع مفاوضات الدوحة يقتصر على إحياء الاتفاق النووي.

وأوردت الخارجية الإيرانية في إفادة صحافية، الثلاثاء، أن أمير عبداللهيان، قال الليلة الماضية في لقاء مع الرئيس التركي، إن "الجمهورية الإسلامية جادة في إبرام اتفاق جيد وجدير بالثقة ومستدام إذا ما كان الطرف الأميركي واقعياً وتجنب الأطماع".

وعرج أمير عبداللهيان على علاقات دول المنطقة بإسرائيل، مشيراً إلى "تحركات الكيان الصهيوني في المنطقة والدول المحيطة بإيران"، وقال إن "إثارة الفتن وزعزعة الأمن حصيلة حضور هذا الكيان في المنطقة"، مع التشديد على "ضرورة دعم القضية الفلسطينية".

من ناحية أخرى، حذرت صحيفة "كيهان" التابعة للمرشد علي خامنئي، من وجود "فخ أميركي"[2] بإجراء المفاوضات القادمة في العاصمة القطرية الدوحة، وأكدت أنه لا ينبغي على طهران أن ترد على العقوبات والاغتيالات التي تستهدف قادتها بإجراء مفاوضات مع الدول الغربية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تفاءل فيه معظم الإيرانيين المتضررين من العقوبات بنتائج تطورات المفاوضات النووية والإعلان عن اتفاق بين إيران ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي على استئناف المفاوضات.

أما صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية فقد رحبت بهذه التطورات ورأت أن كل الظروف الآن باتت مواتية للتوصل إلى اتفاق قوي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

كما دعت الصحيفة النظام الحاكم في إيران إلى الاستعانة بوزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف بعد أن وصلت المفاوضات النووية إلى لحظة حاسمة وحساسة، مؤكدة ان ممثلي إيران في المفاوضات النووية حاليا لا يمتلكون الخبرة والتجارب التي يتسم بها ظريف.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي ستعقد هذا الأسبوع في إحدى الدول الخليجية (قطر)، وتم الاتفاق على نص ومضمون المحادثات بين إيران والولايات المتحدة.

وفي إشارة إلى دور منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، كوسيط في المحادثات غيرالمباشرة بين طهران وواشنطن، قال خطيب زاده، في مؤتمره الصحافي، "إن هذه المحادثات غير مباشرة تماما وتتعلق فقط بالمسائل الخلافية المتبقية في اجتماع فيينا الأخير".

وقد أعلنت بعض وسائل الإعلام الإيرانية، بما في ذلك موقع "نورنيوز" المقرب من مجلس الأمن القومي، عن اختيار قطر لاستضافة جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن.

ومفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا توقفت في 11 مارس (آذار) 2022، بسبب عرقلة روسيا. وبعد ذلك حالت الخلافات حول شطب الحرس الثوري من القائمة الأميركية للجماعات الإرهابية دون التوصل إلى اتفاق.

ومن جهة أخرى، قامت طهران، ردا على القرار الذي يدين إيران في الاجتماع السابق لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بإغلاق 27 كاميرا مراقبة في مواقعها النووية.

وفي السابق، كانت روسيا تلعب دور الوسيط في إحياء الاتفاق النووي، لكن بعد الحرب الروسية الأوكرانية، تغير نهج القوى الغربية تجاه روسيا، وسعت موسكو أيضاً للحصول على تأكيدات في محادثات فيينا بأن العقوبات الغربية لن تؤثر على علاقاتها المالية والتجارية مع طهران.

وعلى الرغم من أن أوروبا تتوسط الآن بين إيران والولايات المتحدة، إلا أن إسرائيل لا تزال قلقة بشأن إمكانية التفاوض والاتفاق.

ونقلت صحيفة "بوليتيكو" عن دبلوماسي قوله إن وزير الخارجية الإسرائيلي وصف زيارة بوريل بأنها "خطأ استراتيجي"، وبأنها "تبعث برسالة خاطئة إلى إيران".

وفي الأثناء، دخلت المفاوضات بين إيران والسعودية[3] مرحلة جديدة، مع الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الرياض وطهران.

وقال خطيب زاده: "بحسب ما سمعته من الكاظمي فإن الجانب السعودي مستعد لرفع مستوى المفاوضات بين البلدين إلى المستوى الدبلوماسي".

وأضاف أن "المحادثات في بغداد ستجرى على المستوى الدبلوماسي قريبا وموعدها سيتحدد".

وحتى الآن، أجريت 5 جولات من المحادثات بين إيران والسعودية بوساطة عراقية في بغداد، لكن المحادثات السابقة كانت على المستوى الأمني.

كما أعرب خطيب زادة عن أمله في أن يتم تمهيد الأرضية لزيارة الوفود الفنية الإيرانية والسعودية لسفارتي البلدين في القريب العاجل.

يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية توقفت قبل 5 سنوات بعد الهجوم على مقار دبلوماسية سعودية في طهران ومشهد، وازدادت التوترات بين البلدين في 2019 بقصف منشآت نفطية سعودية. واتهمت الولايات المتحدة والسعودية وعدد من دول المنطقة إيران بالتورط في هذا الهجوم الإرهابي.

على الرغم من تجديد المحادثات النووية في فيينا منذ أكثر من عام، إلا أن العودة إلى الصفقة لم تعد في الأفق، وقد زاد النظام الإيراني من وتيرة انتهاكاته للاتفاق، ما سيجعل الأمر أكثر صعوبة على الأطراف كلها للوصول إلى تفاهمات. الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة، في هذه المرحلة سيكون على الدول العربية والقوى العالمية، وكذلك إسرائيل، الاستعداد لواقع لا يوجد فيه اتفاق، يرافقه تقدم إيراني في برنامجها النووي، أولى مؤشرات هذا الاستعداد كانت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط لزيارة كل من السعودية وإسرائيل، فكلا الطرفين تمثل إيران تهديداً لمصالحه، هذه الاستعدادات تشير إلى تفاعلات متزايدة في الأيام المقبلة.

إن الإجراءات الإيرانية الأخيرة تجبر الولايات المتحدة والدول الأوروبية على صياغة سياسة لسيناريو [4]عدم اتفاق واستمرار التقدم غير الخاضع للرقابة في البرنامج النووي الإيراني، ومع ذلك، تدرك إيران أن الخيار الوارد في الاتفاق النووي الخاص "سناب باك"، إذ يمكن لأحد الشركاء في الاتفاقية (وليس الولايات المتحدة، التي انسحبت منها) أن يقدم لمجلس الأمن بأن إيران تنتهك الاتفاقية، وأن تجديد عقوبات مجلس الأمن التي جرى رفعها في القرار 2231 ضروري، مع عدم وجود دولة لديها حق النقض على قرار مجلس الأمن هذا.

ربما التغير في توجه بايدن تجاه الشرق الأوسط راجع إلى الواقع الدولي، بخاصة الحرب الدائرة في أوكرانيا، بما لها من آثار سياسية واقتصادية، أجبرت الإدارة على تغيير أولوياتها في ما قد يفتح الباب لتحسين العلاقات مع دول المنطقة، ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه تقييم ما إذا كان هذا انعكاساً للتغيير في سياسة إدارة بايدن من حيث استعدادها وقدرتها على استثمار الموارد وإعادة انخراطها في الشرق الأوسط.

من جانبها، تحسباً لتصاعد احتمالات السيناريو الخاص بتعقد الوصول لاتفاق بين واشنطن وطهران، ستعمل إسرائيل على التركيز على التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين للمحادثات النووية حول السيناريوهات المستقبلية. وعلى الرغم من حالة عدم اليقين السياسي التي تعيشها إسرائيل أخيراً، حيث تتجه إلى انتخاباتها الخامسة خلال ثلاث سنوات بعد انهيار حكومتها الائتلافية الهشة، وستأتي زيارة بايدن لتؤكد تجديد الالتزام الأميركي تجاه أمن إسرائيل في مواجهة إيران، وإعلان توافقهما على مواجهة انتهاكاتها النووية.


المصادر

[1]قطر ترحب باستضافة جولة محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران - العربي الجديد القطرية 

[2]صحف إيران:"فخ" المفاوضات في قطر..وزيارة الكاظمي لطهران..وإطلاق صاروخ حامل للأقمار الصناعية - إينترنشنال 

[3]"خارجية"إيران:كرة المفاوضات في ملعب أميركا على أرض قطر..وجولة جديدة من المحادثات مع الرياض - اينترنشنال

[4]زيارة بايدن للشرق الأوسط... الاستعداد لسيناريو فشل إحياء الاتفاق النووي – هدى رؤوف إندبندنت عربية