(اليوم الثامن) تقدم قراءة تحليلية للصراع المتصاعد في بغداد..

مقتدى الصدر.. زعيم شيعي يواجه إيران وأذرعها دفاعاً عن عروبة العراق

"يدافع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عن الهوية العراقية العروبية ويرفض التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي، ويدعو الرياض وطهران إلى حل صراعاتهما بعيدا عن بغداد، وإيران تبدو ضعيفة أمامه".

الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر - أرشيف

محرر الشؤون الإقليمية
محرر الشؤون الاقليمية والملف الإيراني
بغداد

تمهيد: أصبح الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، متصدرا العديد من المنصات الإعلامية العراقية والإقليمية والدولية، وذلك في ظل تطور موقفه الرافض للتدخلات الإيرانية في الشأن العراقي، والدخول في صراع مع القوى العراقية الموالية لطهران، حيث باتت تواجه تحركات مقتدى الصدر وتياره السياسية منذ سنوات انتقادات غير قليلة، ليس فقط من خصومه التقليدين داخل الفضاء السياسي الشيعي، مثل نوري المالكي وائتلافه «دولة القانون» وقادة فصائل وميليشيات معروفة بتوتر علاقاتها الشديدة مع الصدريين، إنما من اتجاهات مدنية وشعبية أخرى بعيداً عن دائرة السلطة وأحزابها. 

 

من هو الزعيم الشيعي مقتدى الصدر؟

 

مقتدى بن محمد بن محمد صادق الصدر من مواليد (4 أغسطس 1974)، رجل دين شيعي وزعيم التيار الصدري الذي يعتبر أكبر تيار شعبي شيعي  في العراق، وقائد لأجنحة عسكرية تابعة لتياره متمثلة بكل من جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وسرايا السلام، وهو قائد وزعيم لشريحة كبيرة من المجتمع الشيعي في وسط وجنوب العراق[1].

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام [2]2003 أصبح الصدر رقما صعبا في المعادلة العراقية بالتفاف غالبية المجتمع الشيعي في وسط وجنوب العراق حوله، وما لبث ان حرك الجماهير نحو تظاهرات سلمية حاشدة لرفض الوجود الأمريكي وسيطرته على البلاد والغاء سلطة الحاكم المدني الذي عينته القيادة الأمريكية.

 وأصبح يؤم صلاة الجمعة في مسجد الكوفة كما كان يفعل والده ومع كل جمعة كان يتصاعد خطاب الصدر نحو أمريكا ووجودها العسكري ومجلس الحكم الذي تم تشكيله بإشرافها تمثلت بنهاية المطاف بإعلان الصدر تشكيل جيش المهدي خلال أحد خطب الجمعة في يونيو 2003 الأمر الذي مهد للوصول إلى الصدام المسلح في عام 2004.

والانتقادات غالباً ما ارتبطت بالأيام الأولى من إطاحة نظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين، حين عمد الصدر إلى تشكيل ميليشيا مسلحة تحت اسم «جيش المهدي»، وما ترتب عن ذلك من صراعات ومواجهات أهلية، وما تفرع عن هذا الجيش من فصائل وميليشيات أخرى انشقت عنه. كما وارتبطت أيضاً بالمقاعد البرلمانية والحكومية الدائمة التي حجزها الصدر في معظم الدورات البرلمانية وضلوع بعض عناصر تياره ممن تسلموا مناصب حكومية بسياق الفساد الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات.

 وإلى جانب كل ذلك، تعيب الاتجاهات الناقدة للصدر عليه سرعة تحولاته السياسية المباغتة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، كما يقولون. من هنا، تبرز قضية الانتقادات التي يواجهها هذه الأيام بخاصة بعد تمسكه، بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، بعد أن كان يصرّ خلال الأيام الماضية، وبعد أن دفع أتباعه إلى احتلال مبنى البرلمان والتمركز فيه، على ضرورة إجراء تغيرات جذرية في أسس النظام السياسي. ولا يفهم كثير من المنتقدين للصدر من عبارة «التغيرات الجذرية» سوى تعطيل الدستور وإعادة كتابته ومحاسبة معظم رموز النظام المتورطين بعمليات الفساد وملاحقة زعماء الفصائل المسلحة المرتبطين بأجندات خارجية.

 

عودة الصدر الى مربع الانتخابات

 

مع عودة الصدر الى مربع الانتخابات المبكرة وحل البرلمان التي أثبتت تجربة الانتخابات المبكرة الأخيرة (أكتوبر/تشرين الأول 2021)، أنها غير قادرة على حل مشكلة البلاد السياسية العميقة، وجد المنتقدون للصدر، أن ذلك يمثل «تأكيداً للمؤكد» من سلوكه السياسي الذي تمييز بالتناقض وعدم الثبات على خطة واضحة للتغير[3].

ويعرف الصدريون، فضلاً عن خصومهم، أن أي برلمان ومهما كان «ثورياً» لن يكون قادراً على إحداث أي تغيير دستوري ما لم تتفق جميع القوى السياسية على ذلك وهذا أمر متعذر كما ثبت من تجربة خمس دورات انتخابية سابقة. كذلك، لن يتمكن الصدريون من إحداث التغيير المطلوب وحدهم حتى لو حصلوا على ثلث مقاعد البرلمان (أكثر من 100 مقعد) وهذا الأمر مستبعد جداً هو الآخر.

ومعروف أن مطلب التغييرات الدستورية كان مطروحاً على أجندة مجلس النواب منذ الدورة الأولى عام 2005، وكان أحد المطالب الرئيسية للقوى والأحزاب السنية، إلا أنه لم يحرز أي تقدم يذكر[4]

الصراع على السلطة في العراق بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه الشيعة المدعومين من إيران مع اقتحام أنصاره البرلمان وبدء اعتصام مفتوح.

وأدى الخلاف على من سيشكل الحكومة المقبلة إلى تفاقم الشقاق في المجتمع الشيعي الذي يهيمن على السياسة العراقية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بالرئيس الراحل صدام حسين في عام 2003.

 

خلفية الصراع وتصاعده ومخاطر العنف

 

 

اشتد التوتر منذ انتخابات أكتوبر تشرين الأول التي برزت فيها حركة الصدر كأكبر كتلة لها 74 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 وتراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقا.

وبعد الفشل في إلغاء نتيجة الانتخابات في ساحات القضاء، شرعت الفصائل المدعومة من إيران في إحباط جهود الصدر لتشكيل حكومة تضم حلفاءه من الأكراد والعرب السنة، لكنها تستبعد الجماعات التي وصفها بالفاسدة أو الموالية لطهران.

 

وعلى الرغم من تضاؤل عدد ممثليها في البرلمان، فقد تمكنت الجماعات المتحالفة مع إيران من إحباط الصدر من خلال حرمانه من الحصول على ثلثي النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس دولة كردي- وهي الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة.

وشعر الصدر بالإحباط من هذا المأزق وطلب من نوابه الانسحاب من البرلمان في يونيو حزيران. وأخلت هذه الخطوة عشرات المقاعد للإطار التنسيقي، مما يعني أنه قد يحاول تشكيل حكومة من اختياره، رغم أن ذلك قد يجازف بإغضاب الصدر.

وطرح المالكي، خصم الصدر والذي يتحين العودة للحياة السياسية، نفسه لمنصب رئيس الوزراء- وهو منصب يجب أن ينتقل إلى شيعي في النظام السياسي العراقي- لكنه تراجع بعد أن انتقده الصدر[5].

ثم طرح خصوم الصدر مرشحا آخر، هو محمد شياع السوداني، الذي يعده أنصار الصدر من الموالين للمالكي. وكانت هذه الخطوة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير على ما يبدو بالنسبة لأنصار الصدر، مما أشعل فتيل الاحتجاجات.

وعلى الرغم من تعهد الصدر بالعمل السياسي السلمي، لكن تسانده سرايا السلام المسلحة ويحتفظ كثيرون من أتباعه المدنيين بالسلاح، مما أثار مخاوف من وقوع اشتباكات مسلحة إذا تصاعدت المواجهة.

وسيزعج الخلاف بين الشيعة العراقيين إيران التي لها نفوذ كبير في العراق من خلال حلفائها الشيعة منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بخصمها صدام حسين[6].

 ودعت الأمم المتحدة إلى وقف التصعيد قائلة إن "أصوات العقل والحكمة ضرورية لمنع المزيد من العنف". كما دعا العديد من الزعماء العراقيين إلى الحفاظ على السلم الأهلي.

 

 

العراق بدون حكومة منذ تسعة أشهر 

 

 

تزيد المواجهة من الفشل السياسي في بلد يعاني من تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة على الرغم من الثروة النفطية الهائلة وعدم وجود صراع كبير منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية قبل خمس سنوات.

وفي الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار النفط الخام إلى زيادة عائدات النفط العراقية[7] إلى مستويات قياسية، لا توجد ميزانية حكومية لعام 2022، كما تأجل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها والإصلاحات الاقتصادية.

 

مقتدى الصدر وتهديد النفوذ الإيراني في العراق

 

تقوّض الأجندة الوطنية لمقتدى الصدر نفوذ إيران الذي لامنازع له في العراق. إذ معروفٌ أن طهران تدعم قيام الوطنية الطائفية المسلحة بهدف خلق مناطق نفوذ استراتيجية لها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 تشكل الوطنية الطائفية المسلحة او مايسمى بمحور المقاومة جزءاً من رؤية آية الله الراحل روح الله الخميني الخاصة بـ"تصدير الثورة". 

ويُعدّ حزب الله اللبناني وميليشيات الحوثيين اليمنية وبعض الميليشيات العراقية والنظام السوري كلها جزءاً من "محور المقاومة" المناهض للغرب والمعادي لإسرائيل وإن كانت حماس جزءا من هذا المحور، إلا أنها استثناء للقاعدة التي تؤكد الطائفية الكامنة في تحالفات إيران الإقليمية[8]

يتبنّى الصدر نهجاً وطنياً يرتكز على تعزيز استقلال العراق وسيادته، وهذا يعني أن نموذج ايران الطائفي سيُواجه تحدّي الوطنية العراقية التي يدعمها الصدر. ويعمل الصدر الآن على وضع حدّ للنفوذ الإيراني والأميركي في العراق، لكن من غير المحتمل أن تقبل إيران بمشروعه الوطني. 

ومن أجل الحفاظ على نفوذها في العراق على الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة، ستردّ طهران بإطلاق التهديدات.

حالياً، يُعتبر النفوذ الإيراني مُصاناً من خلال علاقاتها القوية مع المليشيات المحلية المدرّبة والمموّلة من قبل الحرس الثوري الإيراني، على غرار كتائب حزب الله العراق وحركة حزب الله النجباء، وكذلك من خلال ائتلافي الفتح ودولة القانون اللذين حصدا معاً أكثر من 70 مقعداً في الانتخابات العراقية في أيار/مايو.

ويعي الصدر مناورة طهران ويرفضها من مبدأ وطني، وبالاستناد إلى دعم شعبي هائل أهداه أكبر كتلة للقيام بمهمة حلّ الميليشيات[9].

هذه المرة، يقف مقتدى الصدر عقبة في وجه محاولات طهران الإبقاء على ميليشياتها في العراق، وهو ما يعني أن حياة الصدر مهددة.

 

إيران واستهداف رجال الدين الشيعة 

 

ومن نافل القول إن شيعية الصدر لا تحميه من العنف الإيراني، إذ أن لطهران تاريخ طويل في استهداف رجال دين شيعة ممن هددوا النفوذ الايراني. ويعتقد البعض أن للثورة الخمينية دور في اختفاء رجل الدين اللبناني موسى الصدر (من أبناء أعمام مقتدى الإيرانيين). 

أما الأدوار الإيرانية الأكثر وضوحا فكانت في مقتل عبدالمجيد الخوئي، نجل المرجع الراحل أبو القاسم، وبعد ذلك اغتيال رجل الدين محمد باقر الحكيم، على إثر عودة كل منهما الى العراق. وكان كل من الرجلين يتمتع بشعبية شيعية عراقية واسعة، وكذلك بعلاقات مع واشنطن، وهو ما هدد مشروع سيطرة نظام إيران على العراق.

مقتدى الصدر هذه المرة تجاوز الخطوط الحمراء للنظام الايراني، وهو أن مضى في تشكيل حكومة غالبية برلمانية، بدلا من حكومة "الوحدة الوطنية" المفروضة إيرانيا، قد تصبح حياته في خطر، وهو ما يبدو أن الرجل يدركه إذ هو قلّص من ظهوره العلني، وانتقل إلى الحنّانة في النجف، حيث تسود ميليشيات حماية المراقد التابعة للمرجع علي السيستاني، وهي ميليشيات محلية دفاعية لا تمارس أعمال بلطجة أو محاولات للاستيلاء على الدولة كنظيرتها الولائية.

من المتوقع أن يكبّد الصدر، ومعه عراقيون من كل الأطياف والألوان، طهران وأزلامها في العراق خسائر برلمانية وحكومية وسياسية تصل حد حلّ الميلشيات، وهو ما قد يؤدي إلى حرب ميليشياوية ضد دولة العراق، وهو ما سيمتحن العراقيين وقدرتهم على اجتثاث سرطان الميليشيات[10]، الذي أدى الى موت لبنان، قبل أن يستفحل هذا السرطان ويقضي على العراق كذلك.

و“الصدر عراقي. ويبحث عن الهوية العراقية[11]. في حين تحاول إيران تذويب تلك الهوية التي يحاول الصدر الإعلاء من شأنها، وذلك يتسبب بالتقاطع بينهما”.

 “إن تحالف أو تقرّب مقتدى الصدر من طهران وسياستها، سيفقده الكثير من التأييد الشعبي له، ناهيك عن أن الصدر يريد الحفاظ على إرث عائلته المتمسكة بعروبيتها”.

ويميل الزعيم الصدري إلى العروبة، وهو يمتلك علاقات جيدة بمحيطه العربي مع السعودية والإمارات، وذلك ما يجعل طهران متخوفة منه؛ لأنها تريد سحب العراق من محيطه العربي وحصره بعباءتها.

وتوجس طهران من الصدر؛ لأنه لا ينكر عروبته، ويحاول تثبيت الهوية العراقية التي تطمح إيران إلى محوها، لذلك تدعم قوى موالية لها من أجل إبعاد الصدر عن المشهد السياسي العراقي، ولكنها إلى الآن لم تفلح.

زعيم التيار الصدري الشيعي بالعراق، مقتدى الصدر، سبق له وعلق على وصول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المحافظ للغاية[12]، إلى السلطة في بلاده "لا يجب أن يفيء على المنطقة بالتشدد وتصاعد الصراعات".

نأمل منه (رئيسي) أن يحكم العفل والشرع والحوار لإنهاء الصراعات السياسية والطائفية في المنطقة، فإن ذلك فيه قوة للإسلام والتشيع والعروبة وضعف للعدو المشترك عمومًا وإسرائيل على وجه الخصوص، التي استغلت الصراعات تلك لمدة خيوطها العنكبوتية".

ووجه الصدر الدعوة إلى السعودية وإيران إلى "حل مشاكلهم من جهة"، و"إخراج العراق من هذا الصراع" و"عدم التدخل بشؤونه، خصوصًا أن العراق مقبل على انتخابات برلمانية، وهي شأن داخلي".

وأكد الصدر على استمرار حسن الجوار وتطوير العلاقات "المتساوية" بين بلاده والسعودية وإيران، مُشددًا على أن أولى أسس حسن الجوار "عدم التدخل بشؤون البلد الداخلية والتعاون على تذليل الصعاب المشتركة وعدم زج الجار في مشاكل هو في غنى عنها، وأن يكون التعاون على مستوى واحد بلا تعال ولا تبعية".

وذكر الصدر أنها دعوة تشمل سوريا والأردن للمساعدة في "جلب الاستقرار لسوريا والعراق، وسحب بعض العناصر العراقية وغيرها منها".

وقال الصدر إن العراق يمكنه أن يكون "حلقة وصل".

وفي أبريل/ نيسان الماضي، استضافت بغداد جولات من المباحثات بين مسؤولين سعوديين وإيرانين، هي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها مع طهران في 2016.

 

الخلاصة 

  • على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، شكّل العراق التحدّي الأكبر لمشروع إيران الإقليمي، سواء بشكله الامبراطوري البهلوي (1921 - 1979) أو بشكله الجمهوري[13] - الثوري المستمرّ منذ عام 1979، 
  •  استغلت إيران فرصة الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ليس فقط لإسقاط خصم تاريخي ممثلاً بنظام الرئيس صدّام حسين، بل للسيطرة على العراق أيضاً، الذي كان قد حَجّمَ مشروعها الأيديولوجي وحبس طموحاتها الإقليمية داخل حدودها أكثر من عقدين (1979 - 2003). 
  • ترى إيران إنها قد تحوّلت إلى قوة إقليمية مهمة، لكنها لا تزال تتذكر فصول الحرب التي خرجت منهكة مع العراق.
  • على مدى عشرين عاماً، استثمرت إيران في السيطرة على العراق، كما لم تفعل في أي مكان آخر، ولا حتى في لبنان، على أهمية حزب الله، ذراع إيران الإقليمية الأكثر أهمية ليس من الناحية الجيوسياسية، بل أيضاً من الناحية الاقتصادية (الأسواق وتهريب الدولار وإعادة تصدير النفط في ظل العقوبات الأميركية، إلخ).
  • نهجت إيران في العراق نهج سورية في لبنان بين عامي 1991 - 2005، فكانت تشكل حكوماتٍ، وتنشئ تحالفات وتفكّكها، وصار قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني حاكماً فعلياً للعراق، يعيّن ويقيل ويصعّد وينزّل.
  • في خريف 2019. كان هناك عاملان رئيسيان لهما دور حاسم في اسقاط حكم فيلق القدس، الأول ثورة تشرين حينما نزل الشباب العراقي[14] في المحافظات ذات الغالبية الشيعية في الجنوب والوسط إلى الشارع، رفضاً للطائفية، ومطالباً بخروج إيران و"إسقاط الطبقة السياسية الفاسدة" التي حكمت البلد بدعم منها على مدى عقدين. والأخر غياب قاسم سليماني عن مسرح الأحداث عقب مقتله في مطار بغداد بعد نحو ثلاثة أشهر فقط على اندلاع انتفاضة تشرين (2019). 
  • زعزع غياب سليماني نفوذ إيران في العراق، وبيّن أن تأثيرها فيه كان قائماً على ظل رجل واحد فشلت في تعويضه، ما أفقدها السيطرة على الوضع هناك. 
  • تأثير غياب سليماني يتمثل بالنهج الذي اتّبعه مقتدى الصدر منذئذ، ففيما وقف الصدر ضد ثورة تشرين، ووجهت إليه اتهامات باستهدافها، ها هو اليوم يقود المطالبات الداعية إلى تحرير العراق من النفوذ الإيراني وتغيير النظام السياسي القائم على المحاصصات الطائفية. 
  • هذا الخطاب الصادر عن أحد أهم القادة الشيعة في العراق هو ما يثير قلق إيران، إلى درجة أن يصفه إعلامها بأنه عدو إيران الأول في العراق اليوم[15]. هذا يعني أن إيران تستشعر أن معركة إخراجها من العراق ربما صارت أكثر جدّية، فانتفاضة 2019 كانت هبّة شعبية من دون قيادة واضحة، أما الآن، فقد تبنّت مطالبها قيادة (شيعية) قد تكون متقلبة، لكنها مؤثرة وقدرتها على الحشد عظيمة.

المصادر 

[1]الزعيم الشيعي مقتدى الصدر – ويكيبيديا 

[2]الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 - ويكيبديا

[3]أنظر: اتجاهات عراقية تنتقد رغبة الصدر في حل البرلمان وإحداث «تغييرات جذرية» - صحيفة الشرق الأوسط السعودية (05 أغسطس 2022)

[4]أنظر| خمس دورات انتخابية سابقة لم تأتِ بالتغيير المنشود في ظل غياب التوافق السياسي – صحيفة الشرق الأوسط السعودية (5 أغسطس 2022).

[5]نظرة فاحصة- ما الذي يحرك الصراع على السلطة في العراق –   swissinfo ورويترز للأنباء

[6]صدام حسين المجيد (28 نيسان 1937 – 30 كانون الأول 2006) - ويكيبيديا

[7]أنظر المصدر السابق 

[8][8]انظر: هل يشكّل مقتدى الصدر تهديداً للنفوذ الإيراني في العراق؟ مؤسسة كارنيغي

[9]هل يقتل نظام إيران مقتدى الصدر - حسين عبدالحسين - موقع قناة الحرة الأمريكية

[10]المصدر السابق 

[11]العراق.. لماذا تخاف إيران من مقتدى الصدر؟ - موقع الحل نت

[12] انظر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي | ایران اینترنشنال

[13]لماذا يُقلق مقتدى الصدر إيران؟ - مروان قبلان - صحيفة العربي الجديد القطرية

[14]أنظر تظاهرات تشرين العراقية - ويكيبيديا

[15]أنظر لماذا يقلق مقتدى الصدر إيران - مروان قبلان صحيفة العربي الجديد القطرية.