وصف بإهانة..

تقرير: "كاريكاتير الخميني".. هل يفتح جبهة إعلامية جديدة بين طهران والرياض؟

العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية انقطعت منذ مطلع  يناير 2016، بسبب إحراق محتجين إيرانيين سفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد. ومنذ العام الماضي تقود حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي جهودا لإعادة العلاقات بين الرياض وطهران.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قال إن "الشعب الإيراني يدين إهانة الخميني، ولن يتسامح معه"

طهران

رد رسمي إيراني لم يخرج عن الحدود الدبلوماسية على “كاريكاتير الخميني” منشور في صحيفة “الرياض” السعودية،‎‎ لكن رد الإعلام الإيراني الرسمي كان مختلفا إذ كال الاتهامات للسعودية.

علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الاثنين على رسم كاريكاتيري للمرشد الإيراني الراحل روح الله الخميني في صحيفة سعودية، مؤكدا أنه “إهانة” وأن الشعب الإيراني “لن يتسامح مع ذلك”.

ولم يحدد كنعاني الصحيفة السعودية التي نشرت الكاريكاتير أو الرسم المقصود، ولكن كانت قناة “العالم” الإيرانية قد شنت هجوما على صحيفة “الرياض” وعلى النظام السعودي، واصفة الكاريكاتير الذي نشرته الصحيفة للخميني بأنه “بعيد كل البعد عن أخلاق الإعلام وحتى الأخلاق الإسلامية”.

وكانت صحيفة ”الرياض“ السعودية أعادت الأحد نشر تقرير لوكالة ”بلومبيرغ“، تحت عنوان ”إيران والاغتيالات.. علاقة وطيدة“، وقد تضمن تقرير الصحيفة السعودية رسما كاريكاتيريا لوجه شخص يشبه الخميني ممزوج مع الهيئة الشهيرة للتعبير عن الشيطان.

واعتبر كنعاني الرسم الكاريكاتيري ”إهانة للخميني“، قائلا إن ”الشعب الإيراني يدين إهانة الخميني، ولن يتسامح معه، لذلك نتوقع أن تهتم السعودية بهذا الصدد“. وأضاف في مؤتمر صحافي الإثنين ”نتوقع من الأشقاء في السعودية استئناف علاقتهم معنا بناء على المصالح المشتركة، ونأمل من الرياض التزام مبدأ الحوار وتجنب اتخاذ أي إجراءات تضر بهذا الأمر“.

ويشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية انقطعت منذ مطلع  يناير 2016، بسبب إحراق محتجين إيرانيين سفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد. ومنذ العام الماضي تقود حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي جهودا لإعادة العلاقات بين الرياض وطهران.

ويتحدث التقرير عن إحباط الولايات المتحدة أخيرا مخطط اغتيال إيراني كان يستهدف مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، انتقاما لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.

وقالت وزارة العدل الأميركية الأربعاء إنها وجهت لائحة اتهام ضد عضو في الحرس الثوري الإيراني بشأن مزاعم بأنه عرض دفع 300 ألف دولار لشخص في الولايات المتحدة لقتل مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض بولتون. ورفضت إيران المزاعم ووصفتها بأنها “وهمية”. ونقل التقرير عن الكاتب الأميركي بوبي جوش قوله إن ”النظام الإيراني له تاريخ طويل مشين باغتيال معارضيه ومنتقديه في الخارج، ولكن التخطيط لاغتيال مستشار سابق للأمن القومي يكشف عن زيادة بالغة في مستوى الجسارة“.

وكان الرد على نشر الكاريكاتير في الإعلام الإيراني قاسيا ومهينا للسعودية.

وقال تقرير لقناة العالم باللغة الفارسية ترجم للعربية “من أجل حل مشكلة الرياض، استغلت السعودية مقالا لأحد الهنود في بلومبيرغ (تقصد كاتب المقال الأميركي من أصل هندي بوبي جوش) كسبب لمهاجمة الإمام الخميني، ويتحدث فيه عما أسماه محاولة إيران القضاء على جون بولتون! واعتبر أنه في وقت استخدم تقرير بلومبرغ صورة لبولتون تجرأت الصحيفة السعودية على نشر كاريكاتير للخميني”.

ولم تخرج عبارات المقال في قناة العالم عن المنهج الإعلامي الإيراني في التعامل مع السعودية عبر استخدام مفردات لها دلالات مثل الإرهاب، وربطها بالنظام السعودي.

وزعم تقرير قناة العالم الذي نقلته وسائل إعلام إيرانية أن النظام السعودي “أحد بؤر الإرهاب ومهد إنتاج وتوزيع الإرهابيين المجرمين في المنطقة”، معتبرا أن نشر صورة كاريكاتيرية للخميني “محاولة فاشلة للتعويض عن سياسات السعودية المفلسة”.

بل ذهب المقال ليؤكد أن “الحقيقة أنه أمام شخصية الإمام الخميني العظيمة، فإن مقارنة بين السعودية وإيران لا طائل من ورائها”. كما أساء المقال لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ووصف المقال إيران بأنها “نووية وقوة إقليمية، ومتمسكة بالقضية الفلسطينية، وحاملة لواء محور المقاومة”.

وتمعن إيران في المتاجرة بالدين والمقاومة من أجل صرف النظر عن إخفاقات اقتصادية وسياسية جلية في الداخل، وتقدم نفسها كمحام للقضايا العربية وعربية أكثر من العرب أنفسهم. وفي الدعاية الإيرانية يختلط الديني بالتاريخي والسياسي، فتقدم طهران رواية متخبطة عرجاء.

وفي سياق التناول الإعلامي الإيراني للشأن الخليجي يكشف تباينا في طريقة التعاطي مع كل دولة على حدة، وفقا لارتباطه بالسياسة العامة للدولة الإيرانية. وتبقى للسعودية المنزلة الأكثر بروزا في الإعلام الإيراني، إذ أن قضايا المملكة السياسية والاجتماعية والاقتصادية حاضرة دائما في وسائل الإعلام الإيراني، نظرا إلى طبيعة الصراع الاستراتيجي بين الدولتين.

ويتابع الإعلام الإيراني الخطوات المختلفة التي تتخذها السعودية وتحاول التقليل من شأنها، وإبراز العقبات الداخلية التي تحول دونها، ويصل ذلك إلى حد السخرية من الخطوات نفسها.

ويحتل الإعلام مكانة متقدمة في أولويات النظام الإيراني الذي يعتمد على آلة ضخمة من الوكالات الإخبارية والصحف اليومية المطبوعة والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية بالإضافة إلى جيوش إلكترونية لترويج سياساته داخليا وخارجيا.