خفايا واسرار تمرد شبوة..
اخوان اليمن انقلابيون جدد.. كيف أنشئت الاذرع القطرية تحالفاً مع الحوثيين
تنظيم الإخوان في اليمن بات في صف المناهض للتحالف العربي، فالمعالجات التي جاءت بها المشاورات اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض في أبريل الماضي، فككت منظومة الحكم الإخوانية، وأسست لقاعدة جديدة فيها شراكة وطنية
كشفت وثيقة مسربة تورط تنظيم الإخوان في مأرب وراء دعم التمرد العسكري لميليشيات الأذرع القطرية في محافظة شبوة، الأمر الذي أكد على أن إخوان اليمن باتوا انقلابيين جدد في اليمن، لكن هذه المرة على مجلس القيادة الرئاسي الذي يتزعمه الدكتور رشاد العليمي ويضم في عضويته القوى السياسية الجنوبية واليمنية، لكن السؤال الذي يطرح حاليا، ما طبيعة التحالف الذي انشأته أذرع الدوحة مع الحوثيين، أذرع إيران في اليمن.
تمرد عسكري قاده إخوان اليمن، ممثلًا في حزب الإصلاح، بمحور عتق وفي محافظة شبوة، بعد إطاحة قائد القوات الخاصة عبدربه لعكب، لتورطه في قضايا اقتتال وإثارة فوضى، من قبل مجلس القيادة الرئاسي.
وحزب الإصلاح -الذراع السياسية للإخوان في اليمن- اعترف بمسؤوليته عن التمرد العسكري في شبوة، بعدما أعلن أنه سيعيد النظر في مشاركته بمجلس القيادة الرئاسي، مطالبًا بإبعاد عوض العولقي محافظ شبوة.
هذا التحرك، يثير العديد من التساؤلات عن دلالات هذا التمرد الإخواني، وهل هي رسالة بأنهم -حال استبعادهم من العملية السياسية- سيثيرون التوترات؟
حافة الهاوية
الكاتب اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، عاصم الصبري قال في تصريحات لـ"السياق"، إن ما حدث من تمرد، عقب قرارات محافظ شبوة، ثم مجلس القيادة الرئاسي، يؤكد أن حزب الاصلاح الإخواني يذهب إلى سياسة "حافة الهاوية".
ولفت إلى أن الحزب يدرك -أكثر من غيره- أن الوضع تغير في اليمن بعد تشكيل المجلس الرئاسي، وهناك شراكة حقيقية أعلى هرم السلطة.
وأوضح الصبري أن محاولات تقويض هذه الشراكة ستواجه بحزم من جميع الأطراف اليمنية، وهو ما حدث عقب بيان حزب الإصلاح، إذ عبرت أغلبية المكونات اليمنية عن دعمها للسلطة المحلية في محافظة شبوة برئاسة المحافظ عوض العولقي.
وفي ما يتعلق بدلالات بيان حزب الإصلاح، يرى الصبري أنه جاء كمحاولة ضغط على المجلس الانتقالي والتحالف العربي، منوهًا بأن الحزب الإخواني تعرض لضربات من مليشيات الحوثي، منذ سقوط صنعاء بيد المليشيات الانقلابية، لافتًا إلى أن العودة إلى أحضان الحوثي انتحار سياسي.
وشدد على أنه إذا قرر الحزب الإخواني الانضمام للحوثي، سوف يواجه حربًا من قوى الشرعية والتحالف العربي، والتعرض لبطش المليشيات الحوثية أيضاً، لذا يستبعد -حتى الآن- أن تذهب قيادات حزب الإصلاح إلى تحالف مع مليشيات الانقلاب.
إفشال السلطة
من جانبه، يقول أحمد سلطان، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية لـ"السياق"، إن هذا التمرد هدفه إفشال السلطة الحالية وإفشال المجلس الرئاسي اليمني.
وأوضح أن هذا الإفشال يهدف أيضاً لمنع نقل السلطة والمسؤولية للقادة والمسئولين الجدد من غير الإخوان، مشددًا على أن حزب الإصلاح الإخواني يهدف إلى الاستمرار في المشهد السياسي، والسيطرة على مقاليد الأمور، لأن موقعه هذا يمثل ورقة ضغط كبيرة في مواجهة دول الخليج العربي، التي تصنف الإخوان جماعة إرهابية.
ويقول سلطان: رغم عدم تصنيف حزب الإصلاح في بعض الدول إرهابيًا، فإنه يخدم مصالح التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وبالتبعية يخدم مصالح الفرع اليمني.
وأوضح الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن القرارات الأخيرة ضد المسؤولين الإخوان، تأتي بعد فشلها في تأدية مهامها، لذا بدأ حزب الإصلاح تحريك الخيوط ومحاولة عرقلة المشهد حتى تتم إطالة الأزمة التي تعيشها البلاد لأطول فترة ممكنة بما يخدم الجماعة، ويستنزف دول الخليج العربي.
وشدد على أن التنظيم يرى أنه في حالة حرب وثأر مع دول الخليج، لمساهمتهم في إفشال المشروع الإخواني، سواء في مصر أو في دول عربية أخرى، وبذلك إطالة أمد المعركة في اليمن تخدم مصالح جماعة الإخوان بشكل مباشر.
وفي ما يتعلق بأن استبعادهم من العملية السياسية قد يؤدي إلى تحالفهم مع الحوثي، لفت سلطان إلى أن التجربة تثبت أن حزب الإصلاح ليس بهذا الغباء السياسي، فهو مراوغ للغاية، ولا يعلن صراحة ولا يتحالف صراحة، لأنه يعلم تمام العلم أن توجه محور إيران سيؤدي إلى خسارة وجوده في بعض الدول الخليجية، وهذا سيعود بالسلب على الحزب وجماعة الإخوان.
لكن هناك محاولات وأحاديث داخلية بين الإخوان والحوثي، وترددت أكثر من مرة دعوات من الحوثي للإخوان بالتحالف، وكثير منها يردد في منصات الدعاية الحوثية، بحسب سلطان.
تاريخ من التآمر
صالح أبو عوذل رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات اليمنية، يسرد تحركات إخوان اليمن للوصول إلى السلطة، التي تسببت في عرقلة مساعي إنهاء الانقلاب الحوثي.
وأشار أبو عوذل إلى أن "إخوان اليمن" انفرد بالسلطة عام 2012، بعد أن ظل شريكًا لنظام الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، بين سبتمبر1990 وفبراير 2011، حين انقلبوا على السلطات تماشيًا مع ما سُميت "ثورات الربيع العربي".
وأوضح أنه ما كان للحوثيين أن يصلوا صنعاء ويتم "شرعنتهم" كقوة سياسية، لولا انتفاضة إخوان اليمن الذين سهلوا للمتمردين الذين كانوا في جبال صعدة أقصى اليمن الشمالي، الوصول إلى ساحة الجامعة في صنعاء، ومن ثم إشراكهم بما عُرف بمؤتمر الحوار الوطني الذي أنتج حلولًا هشة.
وأشار أبو عوذل إلى أن سلطات الإخوان كانت المسيطرة على السلطة والجيش، وتولت إعادة هيكلة قوات الحرس الجمهوري المحسوبة على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لكن بعد أن أصبح الحوثيون قوة سياسية معترفاً بها من خلال مؤتمر الحوار المنعقد بين (2013 و2014)، تحركوا لإسقاط محافظة عمران المجاورة لصنعاء عقب قتال محدود في 7 يوليو 2014.
وتابع إذا جرت مقارنة بين الإخوان والحوثيين "هل هم حلفاء أم أصدقاء"؟، يجب الإشارة إلى اتفاق مران بين عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين ومحمد اليدومي زعيم إخوان اليمن في أغسطس 2014، وما تلاه من توقيع اتفاقية السلم والشراكة في صنعاء 21 سبتمبر 2014.
وفي 22 يناير 2015، قدَّم الرئيس عبدربه منصور هادي استقالته من رئاسة اليمن، إلى البرلمان للنظر فيها، وإثر قرار الاستقالة دخل الإخوان والحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب أخرى في مفاوضات على اختيار محمد سالم باسندوه رئيسًا لليمن خلفًا لهادي، بحسب أبو عوذل.
رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، يلفت إلى أن إخوان اليمن لم يعلنوا تأييد "عاصفة الحزم" إلا بعد مرور نحو 10 أيام من الغارات الجوية المكثفة، التي شلت حركة الحوثيين تماماً، ودمرت المخزون العسكري الذي حصلوا عليه من الجيش اليمني.
وأوضح أنه خلال 7 سنوات من الحرب، كان الإخوان يستثمرون أي انتصار عسكري تحققه القوى المناهضة للانقلاب الحوثي، ومع ذلك كشفت صور موثقة وجود مقاتلين من تنظيم الإخوان في صفوف الحوثيين، ولعل قتل شقيق القيادي الإخواني عبدالله العليمي في منطقة نهم شرق صنعاء، من الأدلة على ذلك.
وقال إن العلاقة بين الاخوان والحوثيين، كانت تحالفًا استراتيجيًا، فخلافًا لتحول مأرب كنقطة إمداد للحوثيين بالأسلحة والطائرات المسيرة، التي تدخل من منافذ محافظة المهرة الجنوبية، والتي تمر عبر قواعد عسكرية تابعة لإخوان اليمن حتى تصل صنعاء، كانت أسلحة 7 ألوية قدمتها السعودية للإخوان، تم تسليمها للحوثيين في جبهة نهم وحدها، تحت ستار الهزيمة والانسحاب.
وأوضح أبو عوذل أن وزير الدفاع السابق محمد المقدشي وقتها برر الهزيمة بالانسحاب التكتيكي، لكن نهاية المطاف تكررت عملية تسليم الأسلحة في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء وصولًا إلى بيحان شبوة.
وشدد، على أن الإخوان لم يتبنوا استراتيجية الدخول في معركة كسر العظام مع الحوثيين، لذلك حافظ التنظيم على قواته، واستغل الحرب للتوسع خارج مأرب المركز الرئيس، نحو مدينة تعز التي أنشأ فيها قوات الحشد الشعبي.
وخلاف ذلك، نفذ تنظيم الإخوان هجمات إرهابية في عدن لمصلحة الحوثيين، وهو ما أثبتته تحقيقات وحدة مكافحة الإرهاب، بحسب أبو عوذل.
وقال إن تنظيم الإخوان في اليمن بات في صف المناهض للتحالف العربي، فالمعالجات التي جاءت بها المشاورات اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض في أبريل الماضي، فككت منظومة الحكم الإخوانية، وأسست لقاعدة جديدة فيها شراكة وطنية، تمنح الإخوان حقهم في السلطة، من خلال التمثيل بشخصيتين "سلطان العرادة وعبدالله العليمي".
وأوضح أن التنظيم خطط للانقلاب على مجلس القيادة الرئاسي من شبوة، لكن تم إخماد التمرد، والآن يجرى العمل على ترسيخ مؤسسات الدولة الوطنية في الجنوب، بعيدًا عن تدخلات الإخوان التي تسعى إلى تقاسم الأرض مع الحوثيين.