"اليوم الثامن" تستحضر القصة من جديد..

اليمن في قبضة إيران.. من هم الفاعلون المحليون والاقليميون في القضاء على "الجمهورية" (نظرة فاحصة)

"ترى قناة الجزيرة إن تنظيم الإخوان، فضل تسليم اليمن لإيران، خشية تعرضه لاستهداف من قبل خصومه المحليين والاقليميين، الأمر الذي يفهم الدور القطري في تمكين الأذرع الإيرانية وخلق المبررات لأذرعها التي أصبحت تعيش في بلدان الشتات"

زعيما الإخوان والحوثيين الموالين لإيران - أرشيف

فريق التحرير
فريق تحرير صحيفة اليوم الثامن

تمهيد: "

ثماني سنوات عكاف مرت على اليمن، منذ ان سيطر الحوثيون الذين تدعمهم إيران على العاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر (أيلول) من العام 2014م، دون أي قتال يذكر، الأمر الذي يستدعي اليوم إعادة استحضار قصة تسليم البلد لإيران وأذرعها المحلية، وهو ما يستدعي طرح سؤال حول عودة الملكية التي كانت تحكم اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر (أيلول) من العام 1962م، خاصة في ظل السلطة القمعية الحاكمة وفشل وجود أي مقاومة تذكر، ناهيك عن تقاطع المصالح الإقليمية واليمنية مع الحوثيين، خاصة فيما يتعلق بالوضع في الجنوب الذي يمضى بشكل سلسل نحو إقامة دولة ظل الجنوبيون ينشدونها لأكثر من ثلاثة عقود.

 

القصة من البداية؟

حتى العام 2009م، كان الحوثيون يتعرضون لأقوى حرب عسكرية خاضها الجيش اليمني ضد المتمردين خلال ستة حروب بدأت في العام 2004م، كادت قوات الجيش التي خسرت أكثر من مائة ألف قائد عسكري وضابط وجندي، ان تحكم قبضتها على صعدة المعقل الرئيس لأذرع إيران، غير ان عوامل إقليمية فاعلة حالت دون هزيمة الحوثيين، ليعلن علي عبدالله صالح وقف الحرب، بعد ان فشل في استهداف الجنرال علي محسن الأحمر الذي كان على خلافات عميقة مع صالح الذي انفرد حينها بالسلطة المطلقة وهمشه من كان يصف بذراعه اليمنية.

لم يكن الحوثيين يحلمون بالوصول إلى "حرف سيفيان" الواقع بين صعدة وعمران، لولا الانتفاضة التي قادها الاخوان، حلفاء علي عبدالله صالح السابقين ضد الرئيس صالح حينها، ففي الـ11 من فبراير (شباط) 2011م، كان الحوثيون يتدفقون على العاصمة اليمنية بدعوى انهم ثوار يمنيون ضد نظام علي عبدالله صالح.

ولم تمض سوى أشهر قليل حتى سلم صالح السلطة، عقب نجاته بأعجوبة من محاولة اغتيال استهدفت مسجدا في دار الرئاسة وقتل أبرز رجالات الدولة اليمنية حينها، كان المتهم في تلك الحادثة "هم الإخوان" الذين قال صالح إنه امتلك أدلة على تورط أولاد عبدالله بن حسين الأحمر في استهدافه، وقد أصيب بجراح بليغة نقل على اثرها للعلاج في السعودية.

لم يكن الحوثيين يدخلون إلى صنعاء، لولا تصاعد الصراع بين الأحمر وصالح، فكل طرف يريد يكون الأقوى، فالأول تصدر المشهد العسكري في الانتفاضة والرجل الأخر يتعرض لسخط وحملة إعلامية إقليمية تمولها قطر وتديرها شبكة قنواتها التلفزيونية والصحافية.

اعتقد الأحمر ان التحالف مع الحوثيين سيعجل بنهاية صالح واخراجه من المشهد العسكري، فما هي الا بضعة شهور حتى تم تنصيب عبدربه منصور هادي، رئيسا توافقيا لليمن خلفا لصالح الذي سلم السلطة لكنه ظل ممسكا بالجيش والأمن، كان الحوثيون الفاعل الرئيس في المشهد اليمني.

دعا هادي إلى مؤتمر الحوار اليمني، شارك الحوثيون بصفتهم حزب سياسي معترف به، ناهيك انهم خرجوا باعتذار عن حروب صعدة الستة، على اعتبار انها حروب عبثية لم تكن لها أي اهداف وطنية.

تسابق الإخوان وحزب علي عبدالله صالح إلى تقديم التنازلات والمساعدات للحوثيين، ومثلهم فعل هادي الذي دخل في خلافات مع علي محسن الأحمر، وسارع إلى ارسال وزير الدفاع محمد ناصر أحمد للقاء القيادي الحوثي "علي الحاكم"، قبل ان يزور هادي عمران التي سقطت في قبضة الحوثيين، ليعلن هادي في الـ7 من يوليو (تموز) 2014م، عن عودتها الى حضن الدولة، بدعوى ان القيادة العسكرية التابعة للأحمر كانت متمردة على قرارات الرئيس.

 

الدور القطري الفاعل في دعم الحوثيين 

 

لا شك ان قطر لعبت دورا بارزا في وصول الحوثيين الى صنعاء العاصمة، فهي التي تربطها علاقة وثيقة بإيران، سارعت الى تمويل الاذرع المحلية لطهران بالأموال، بذريعة إعادة اعمار صعدة، لكن الدوحة أرسلت وفدا اخوانيا برئاسة زعيم التنظيم محمد اليدومي الى صعدة للقاء عبدالملك الحوثي[1].

عقب سقوط عمران 2014، "ألتقى وفد من التجمع اليمني للإصلاح بعبد الملك بدر الدين الحوثي، من أجل طي صفحة الماضي والتوجه نحو بناء الثقة والتعاون في بناء الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وإتفاق السلم والشراكة"[2]، حيث تم الاتفاق بين الحوثيين وحزب الاصلاح على استمرار التواصل لإنهاء كافة أسباب التوتر ومعالجة التداعيات التي حدثت خلال الفترة الماضية.

في العام 2010، أي بعد أشهر من وقف القتال أرسلت الدوحة لجنة ميدانية لتشرف على تنفيذ اتفاق إرساء السلام في صعدة برئاسة رئيس اللجنة مساعد وزير الخارجية القطري للشؤون العربية سيف المقدم أبوعينين لبدء تنفيذ الاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين الذي أعلن وقع في الدوحة في العام نفسه.

في العام 2010م، زار أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى اليمن[3] على إحياء اتفاق السلام الذي توقف بسبب برود في علاقة الدوحة بصنعاء التي اعتبرت أن «اتفاقية الدوحة» منحت الحوثيين عن غير قصد من قطر اعترافا بهم وساوتهم بالدولة فضلا عن تجدد القتال العنيف بين الحكومة والمتمردين ما أدى إلى تجميد تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار ومن ثم تجميد اتفاق السلام الذي وقع في فبراير 2008[4].

قطر وصفت الوساطة بين حكومة صالح والحوثيين الى انه انطلاقا من حرصها في الحفاظ على الوحدة اليمنية.

وقامت قطر بالمساهمة في صندوق لإعادة إعمار المناطق المتضررة في صعدة التي تأثرت بالحرب بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، وقدر حجم المساهمة القطرية بحولي 300 مليون دولار.

وأعلن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن دولة قطر ستقوم بالمساهمة في صندوق لإعادة إعمار المناطق المتضررة في صعدة والتي تأثرت بالحرب بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، وسيكون هذا الصندوق مفتوحاً لمساهمات الراغبين من الدول الشقيقة والصديقة[5].

ولم يقتصر الدور المحوري لقطر في اسقاط اليمن لمصلحة حليفتها إيران، عند حد التمويل بل أنها أوكلت حلفائها "الاخوان" بتسليم صنعاء ومدن اليمن، وهو ما يتضح من خلال تصريح وزير الداخلية الإخواني الأسبق عبده الترب الذي وجه قوات الشرطة بافساح المجال امام العناصر الحوثية التي انتشرت في صنعاء واسقطت العاصمة اليمنية دون أي مقاومة.

وما يمكن الإشارة اليه، هي تلك التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن، جمال بنعمر، والتي أكد فيها تسهيل حزب الإصلاح دخول الحوثيين إلى صنعاء[6].

وأبدى بن عمر استغرابه من عدم قيام “أجنحة عسكرية”؛ مثل حزب الإصلاح، في منع زحفَ الحوثيين إلى صنعاء، على الرغم من محدودية قدرة وعدد الحوثيين. 

وأكد أن احتلال العاصمة اليمنية، صنعاء، لم يكن ممكناً لولا تساهل وتواطؤ الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، وبالطبع الأطراف الواقعة تحت نفوذه؛ مثل الجيش، آنذاك، كما أن حزب الإصلاح قد اتخذ قراراً رسمياً بعدم مقاومة الحوثيين.

ترى قناة الجزيرة إن تنظيم الإخوان، فضل تسليم اليمن لإيران، خشية تعرضه لاستهداف من قبل خصومه المحليين والاقليميين، الأمر الذي يفهم الدور القطري في تمكين الأذرع الإيرانية وخلق المبررات لأذرعها، وهو ما أشار اليه ضيوف القناة في بداية الحرب، وهم القيادي في التنظيم صلاح باتيس، والدبلوماسي المقرب من الدوحة محمد جميح.

وقد أكد باتيس ان الاخوان تحالفوا مع الحوثي لإنقاذ اليمن، لأن التنظيم كما قال "يهمه انقاذ اليمن لذلك هو يحيك التحالفات بناء على مصلحة اليمن وبما يضمن الدفاع عن الوحدة اليمنية، فيما أكد محمد جميح ان الاخوان تحالفوا مع الحوثيين والقاعدة، وان هذا التحالف أضر بسمعة حزب الإصلاح كثيرا على المستوى الدولي على اعتبار ان تنظيم القاعدة خرج من عباءة حزب الإصلاح الإسلامي.

 

الإخوان المسلمون وخدمة الاجندة الإيرانية

 

 يقول موقع  Qpost إن فكرة وقوف حزب الإصلاح، الإخوان المسلمين في اليمن، إلى جانب الدولة، وحماية الشعار الشهير “الثورة، الجمهورية، الوحدة”، لها ما يبررها؛ حيث ساند الحزبُ الرئيسَ اليمني السابق، علي عبدالله صالح، بقوة أثناء حربه مع الجنوبيين عام 1994، وقاده إلى النصر من خلال حشد الأفغان العرب والذين عرفوا لاحقا بـ "تنظيم القاعدة".

يقر صلاح باتيس بتحالفه التنظيم مع القاعدة لإضعاف الحوثيين، لكنه قال إن من حق أي جماعة مسلحة ان تكون لها أسلحة شخصية ما عدا الأسلحة الثقيلة، لكن عاد للتأكيد ان تحالفه بصفته الحكومية مع الحوثيين للدفاع عن الوحدة اليمنية.

طوال ثماني سنوات عجاف من الحرب، لم يحرز أي مكسب عسكري في مواجهة الاذرع الإيرانية، الأمر يعود الى الجنرال علي محسن الأحمر الذي لم يظهر أي جدية في قتال الحوثيين، على الرغم من انه تم تسويقه في العام 2016م، بانه "مفكك حزام صنعاء القبلي"، لكن لم يحدث أي شيء من هذا القبيل.

كان الإمكان للحوثيين ان يسقطوا مأرب لولا المانع القطري، بعد ان أصبحت الامارة الصغيرة حليفة لإيران

هوامس

[1] مناقشة خطة صندوق إعادة اعمار صعدة للمرحلة الثانية 2013م – وكالة الأنباء اليمنية سبأ

[2] وفد رسمي من التجمع اليمني للإصلاح يزور صعدة ويلتقي بعبدالملك الحوثي – موقع الإصلاح نت 2014م

[3] اليمن وقطر يريدان احياء اتفاق السلام مع المتمردين - وكالة رويترز 

[4] الوساطة القطرية في صعدة وعود إعمار بملايين الدولارات – صحيفة البيان الإماراتية

[5] قطر تساهم في صندوق لإعادة إعمار صعدة - صحيفة الراية القطرية 

[6] جمال بنعمر يؤكد ان الاخوان سهلوا للحوثيين السيطرة على صنعاء دون قتال – كيوبوست 2021م.