واشنطن تؤكد ضرورة محاسبة طهران لارتكابها أعمالاً إرهابية..

الاحتجاجات الإيرانية.. هل تطيح برؤوس الفساد في نظام الملالي؟

تشارك النساء بكثافة في الاحتجاجات، وتلوح كثيرات منهن بحجابهن أو يقمن بحرقه أو بقص شعرهن في الأماكن العامة. كما أظهرت مقاطع مصورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين وهم يمزقون صور قادة النظام. وتراوح المعدل السني للمحتجين بين 15 و40 عاماً.

طهران

احتشد المئات من أعضاء المعارضة الإيرانية والجالية الإيرانية الأميركية، في وقفة احتجاجية، أمام مبنى الأمم المتحدة عند مبنى «داغ هامرشولد» في نيويورك، رافعين صورة الشابة مهسا أميني، إثر موتها أثناء اعتقالها بذريعة عدم التزامها بالحجاب. وتزايد توافد المتظاهرين مع بدء كلمة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، رافعين شعار تغيير النظام في إيران ومحاكمة الرئيس الإيراني بعد إقامة دعوى قضائية ضده حول تورطه المباشر في مجزرة السجناء السياسيين عام 1998 التي راح ضحيتها 30 ألف شخص. ووضع المنظمون للمظاهرة صورا للشهداء في المذبحة، وأقنعة لكل من رئيسي والمرشد علي خامنئي حاملين حبلا للمشنقة، ورفعوا شعارات تطالب بالموت لرئيسي وبتغيير النظام.
 

وأكدت واشنطن أمام محكمة العدل الدولية أن إيران «يجب أن تحاسب» على «الأعمال الإرهابية» المرتكبة بحق مواطنين أميركيين بدلاً من السعي لاستعادة اصول مجمدة بمليارات الدولارات.

وبدأت إيران إجراءات في عام 2016 أمام أعلى محكمة في الأمم المتحدة ومقرها لاهاي للحصول على نحو ملياري دولار من الأصول المجمدة في الولايات المتحدة.

وكانت «المحكمة العليا الأميركية» قد أذنت بمصادرة الأموال لتعويض الأميركيين ضحايا هجمات إرهابية خططت لها أو شجعتها أو دعمتها طهران، وفقاً للقضاء الأميركي.

وقال الممثل الأميركي ريتشارد فيسك لمحكمة العدل الدولية إن «هذه القضية هي محاولة من جانب إيران للتذرع بـ(معاهدة الصداقة) التي أُلغيت، لتجنب المساءلة عن دورها في أعمال الإرهاب المرتكبة ضد مواطنين أميركيين»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
واستندت إيران في طلبها إلى معاهدة ثنائية موقعة بين طهران وواشنطن عام 1955 قبل الثورة الإيرانية عام 1979 التي أطاحت الشاه الموالي لأميركا وأدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.


بعد وقت قصير من انسحابها في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت واشنطن أنها ستنهي رسمياً معاهدة 1955.
وقال محامٍ أميركي يدعى دانيال بيثليهم أمام محكمة العدل الدولية إن هذه القضية «ليست خلافاً حول دولارات وسنتات؛ إنها خلاف حول عملية وطنية متجذرة في المراجعة القضائية للحقائق والأدلة». وأضاف أن «الأمر يتعلق بمحاسبة الدول الراعية للإرهاب. الأمر يتعلق بخسائر في الأرواح والعملية الأميركية لمحاسبة إيران».

وذكرت الولايات المتحدة مقتل 241 جندياً أميركياً في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1983 في هجومين انتحاريين استهدفا الكتيبتين الأميركية والفرنسية في القوة متعددة الجنسيات في بيروت.

وتنفي طهران أي مسؤولية لها وتقول إن مصادرة الولايات المتحدة أصولاً مالية إيرانية «غير قانونية»، عادَة أن هذه الأموال ضرورية للبلاد التي تواجه صعوبات اقتصادية بعد العقوبات والتضخم المتسارع.

وتعقد محكمة العدل الدولية، التي تأسست عام 1946 لتسوية الخلافات بين الدول، أولى جلسات الاستماع هذا الأسبوع في جوهر القضية، في وقت تعطلت فيه المفاوضات النووية مع إيران.

وتجمع عشرات الأشخاص في إسطنبول للتعبير عن الغضب والدعم للنساء في إيران بعد موت مهسا أميني في طهران خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

وأفاد مصور وكالة الصحافة الفرنسية بأن أتراكاً وإيرانيين تجمعوا أمام القنصلية الإيرانية ملوحين بصور الشابة البالغة من العمر 22 عاماً التي فارقت الحياة الأسبوع الماضي بعد توقيفها بدعوى «سوء الحجاب».

وجاء في الدعوة للتجمع التي تكررت على اللافتات: «من أجل مهسا أميني، في إيران وتركيا وفي كل مكان، نتظاهر من أجل حريتنا».

وقامت شابة سمراء بقص شعرها الطويل أمام الكاميرات، كما فعلت العديد من الناشطات التركيات وفق لقطات نشرت على موقع «تويتر»، مع التأكيد على أن «النساء اللاتي يقاومن في إيران لن يكن بمفردهن».

أثار موت مهسا أميني (22 عاماً) التي ألقت شرطة الأخلاق في طهران القبض عليها الأسبوع الماضي بسبب ملابس وصفت بأنها «غير لائقة» غضباً عارماً في إيران بشأن قضايا من بينها الحريات والاقتصاد الذي يعاني تحت وطأة العقوبات.

واتسعت رقعة الاحتجاجات العفوية في مختلف أنحاء البلاد، فيما زادت قوات الشرطة من حدة العنف في مواجهة زحف المحتجين إلى قلب المدن. ووثقت تسجيلات التقطت خلال الاحتجاجات استخدام قوات الأمن وعناصر بملابس مدنية الذخائر الحية في مواجهة المحتجين. كما استخدمت قوات مكافحة الشغب الهراوات وبنادق الصيد ورشاش الفلفل لتفريق المتظاهرين.

وارتفعت حصيلة القتلى إلى 9 على الأقل في اليوم الخامس؛ وفق الأرقام الصادرة من مختلف الجهات. وأكدت وكالة «إرنا» الرسمية مقتل ضابط في الشرطة وجرح 4 آخرين في مدينة شيراز التي انضمت إلى الاحتجاجات مساء الثلاثاء.

وقالت الوكالة إن «أشخاصاً اشتبكوا مع أفراد الأمن، وأسفر ذلك عن مقتل أحد معاوني الشرطة. وفي الواقعة نفسه، أصيب 4 من أفراد الأمن». ونقلت الوكالة عن حاكم مدينة شيراز، لطف الله شيباني، قوله إنه جرى إلقاء القبض على 15 متظاهراً في شيراز.

ونقلت وكالة أنباء «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن المدعي العام لمحافظة كرمانشاه، شهرام كرامي، قوله: «لسوء الحظ قتل شخصان خلال أعمال الشغب (أول من) أمس» الثلاثاء. وأضاف كرامي: «لسوء الحظ قتل شخصان في أعمال شغب (أول من) أمس في كرمانشاه. نحن على يقين بأن عناصر معادية للثورة قامت بذلك؛ لأن الضحايا قتلوا بأسلحة لم يستخدمها جهاز الأمن».

وأعلن قائد شرطة كردستان، علي آزادي، مقتل شخص آخر، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالة أنباء «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري». والثلاثاء أعلن محافظ كردستان، إسماعيل زاري كوشه، مقتل 3 أشخاص في احتجاجات بالمحافظة، ومن دون أن يحدد متى قتلوا.

وتدوولت فيديوهات مساء الثلاثاء تظهر مقتل فتاة في مدينة كرمان وسط البلاد، وأحد المحتجين في طهران، ومحتج آخر في مدينة كرمانشاه. وكانت السلطات أقرت بمقتل 3 في محافظة كردستان، لكن منظمات حقوقية كردية تتحدث عن سقوط 5 قتلى. وأضافت النيابة أن 25 شخصاً أصيبوا خلال الاحتجاجات، بينهم متظاهرون وقوات أمن ومارة.

وحددت منظمة حقوق الإنسان الكردية هوية 7 قتلى على الأقل، سقطوا بنيران قوات الأمن الإيرانية في مدن كرمانشاه وسقز وديواندره ودهكلان وأرومية وبيرانشهر.

وانطلقت الاحتجاجات السبت خلال تشييع جنازة أميني في إقليم كردستان بإيران، ولا تزال متواصلة في معظم أنحاء البلاد، مما أثار مواجهات في ظل سعي قوات الأمن لقمع المظاهرات.

وقالت الشرطة في جيلان إنها اعتقلت 68 شخصاً من المشاركين في «أعمال الشغب». وأضافت: «في حال استمرار انشطة الشغب، فسنستخدم الأدوات القانونية المتاحة». وأشار بيان الشرطة إلى جرح 43 عنصراً من قواتها وقوات الباسيج. وصعد محتجون أمس فوق لوحة إعلانية كبير وسط مدينة «آمل» لإسقاط لافتة عملاقة تحمل صورة المرشد الإيراني علي خامنئي. ومساء الثلاثاء، انتشر مقطع فيديو يظهر تسلق شخص واجهة مبنى البلدية في مدينة ساري بشمال إيران ومزق صورة المرشد الإيراني الأول (الخميني) الذي أسس نظام «ولاية الفقيه» بعد ثورة 1979.


تشارك النساء بكثافة في الاحتجاجات، وتلوح كثيرات منهن بحجابهن أو يقمن بحرقه أو بقص شعرهن في الأماكن العامة. كما أظهرت مقاطع مصورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين وهم يمزقون صور قادة النظام. وتراوح المعدل السني للمحتجين بين 15 و40 عاماً.

وكانت الاحتجاجات في جامعة الزهراء حدثاً نادراً؛ لأنها جامعة مخصصة للنساء، وهي من المراكز العلمية الخاضعة لنفوذ المحافظين المتشددين. وتمركزت الاحتجاجات في المناطق المزدحمة بالمارة في وسط العاصمة، وتحديداً في ميدان «ولي عصر» والبازار وشارع «انقلاب» وتقاطع كشاورز، واتسعت دائرة الاحتجاجات مساء الثلاثاء لتشمل بذلك شارع كاركر وميدان هفت تير وكريمخان زند وكذلك محطة صادقية غرب العاصمة.

في مشهد، اعتقلت قوات الأمن أستاذة الدراسات النسوية والكاتبة منصورة موسوي. وذكرت تقارير أن قوات الأمن صادرت جهاز كمبيوتر محمول وكذلك بعض مسوداتها.

ويرصد أحد الفيديوهات الذي أثار سخطاً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي هجوم أحد عناصر الشرطة على نساء أثناء متابعتهن مطاردة المحتجين وقوات الشرطة في مدينة مشهد.

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن مصادر أمنية أنها «ضبطت كميات من الأسلحة الباردة، وكذلك (الحامض) مع مثيري الشغب». وأضافت أن «مثيري الشغب الذين تم اعتقالهم قالوا إنهم خططوا لرش (الحامض) على وجوه النساء». وكانت هجمات برش «الحامض» استهدفت عدة نساء في إيران بدعوى «سوء الحجاب». وحينها حملت السلطات مسؤولية تلك الهجمات من وصفتهم بـ«المتهورين».

ولم يشر المرشد الإيراني علي خامنئي إلى الاحتجاجات - التي تعد من بين أسوأ الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ الاشتباكات التي شهدتها شوارعها العام الماضي بسبب شح المياه - خلال خطاب ألقاه الأربعاء لمدة 55 دقيقة في ذكرى الحرب العراقية الإيرانية 1980 - 1988.

وفي كلمته التي استغرقت 38 دقيقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يتطرق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى موت الشابة والاحتجاجات التي تجتاح إيران منذ السبت الماضي.

وكان الرئيس التشيلي غابرييل بوريك، أول زعيم يعلن على منبر الأمم المتحدة احتجاجه على العنف الممنهج ضد المرأة في إيران.وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القادة الإيرانيين يجب أن يلاحظوا أن الناس غير راضين عن الاتجاه الذي سلكوه. يمكنهم أن يسلكوا طريقا آخر».

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء إنه أثار القضية خلال محادثاته مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي. ورداً على سؤال للصحافيين، قال ماكرون إنه أبلغ رئيسي أن «فرنسا تدعم حقوق الإنسان؛ خصوصاً حقوق المرأة، وموت مهسا أميني يثير شكوكاً حول مصداقية إيران».

طلبت «جبهة الإصلاحات» من المرشد الإيراني ضمناً تجنب مواجهة الشارع الإيراني على غرار ما حدث في احتجاجات 2009.

وقال المتحدث باسم «جبهة الإصلاحات»، علي شكوري راد، في تغريدة على «تويتر» إن المرشد «ألقى كلمة اليوم تحظى بأهمية نظراً إلى الأجواء الملتهبة في المجتمع». وقال: «لا أدري إلى أي مستوى يعلم بما يحدث في المجتمع». وأضاف: «يجب ألا يفكروا في خلق (9 دي) جديدة. الشفافية والمصداقية هي المنقذ». وكان شكوري راد يشير إلى مسيرة 30 ديسمبر (كانون الأول) 2009 التي نزل فيها أنصار المرشد الإيراني إلى الشارع، في مواجهة احتجاجات «الحركة الخضراء» التي شهدتها إيران.

في غضون ذلك، نفى «مجلس الأمن القومي» الإيراني تسريب تفاصيل رسالة منسوبة إلى خامنئي تأمر الأمين العام للمجلس، علي شمخاني، بمواجهة صارمة مع المحتجين. وقال المجلس في بيان: «على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها مختلف المدن، تحاول التيارات المناوئة استغلال مشاعر وحزن الناس لجر الاحتجاجات إلى اضطرابات».

النائب المتشدد أحمد حسين فلاحي، الذي يمثل مدينة همدان، قال إن «موت مهسا أميني سيناريو لصناعة ندا سلطان جديدة»، وذلك في إشارة إلى إيرانية قتلت برصاصة في الرأس في الأيام الأولى من احتجاجات «الحركة الخضراء».