داعية إثار جدلا واسعا بعد وفاته..

منصات مصرية تفتح النار.. "يوسف القرضاوي إخواني كان أكثر عدائة تجاه الجيش"

مع سقوط الإخوان في مصر، بعد ثورة شعبية ضخمة في 30 حزيران 2013، حرّض القرضاوي على الجيش المصري وأفتى بجواز "الجهاد" ضده

الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي

القاهرة

أشعلت وفاة الداعية يوسف القرضاوي مواقع التواصل الاجتماعي فور الإعلان عن خبر وفاته أمس.

فقد نعى أنصار جماعة الإخوان المسلمين رجل الدين البارز ذاكرين تكريسه حياته لـ"خدمة الإسلام والدفاع عن وطنه".

أما منتقدو القرضاوي فقالوا إن الشيخ اتخذ مواقف مناوئة لمصر.

ونعى الآلاف من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الدول العربية والإسلامية، خاصة أنصار جماعة الإخوان المسلمين، رجل الدين السني البارز، وتبادلوا هاشتاغاً عربياً شائعاً يحمل اسم القرضاوي.

وانتقدت بعض وسائل الإعلام والناشطين المواليين للحكومة القرضاوي بسبب مواقفه وبعض فتاواه، خاصة تلك المتعلقة باستخدام العنف.

وتوفي القرضاوي الذي ولد في مصر عن عمر يناهز 96 عاماً.

وكان قد حصل على الجنسية القطرية، ويعد الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين، التي حظرت في مصر عام 2013.

وكان أيضاً المؤسس والرئيس السابق للاتحاد الدولي لعلماء المسلمين.

واعتقلت السلطات المصرية ابنته علا وزوجها في يوليو 2017، ثم أمرت بالإفراج عنها في ديسمبر 2021 ولا تزال "تحقيقات جارية" معها بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية.

تحدثت قناة الجزيرة الفضائية القطرية عن وفاة القرضاوي وأجرت مقابلات مع العديد من المحللين الذين أشادوا بشدة بعمله وأفكاره الدينية.

واستذكر مقدم القناة مسيرته ووصفه بأنه من "أبرز رجال الدين الإسلامي وأعلمهم في العصر الحالي".

وأشاد نائب رئيس الاتحاد الدولي للدراسات الإسلامية، عصام البشير، بالقرضاوي ووصفه بأنه "رائد التوجهات المعتدلة" في الفقه الإسلامي.

وأشارت الجزيرة في تعليقها إلى أنه ألف أكثر من 170 كتاباً تناولت القرآن والتعاليم الإسلامية.

وعبر حزب النهضة التونسي عن حزنه على وفاة القرضاوي، قائلاً إنه "عالم كرس حياته لشرح تعاليم الإسلام والدفاع عن وطنه للتأكيد على مبدأ الاعتدال في هذا الدين العظيم".

ونعى عبد الله الشريف، المعارض الموالي للإخوان المسلمين، القرضاوي في تغريدة لـ 1. 8 مليون مستخدم لحسابه، منتقدا بشدة "كل محاولات التشويه والقمع" له خلال حياته.

وقال الناشط المعارض خالد السرتي إن الشيخ القرضاوي توفي "دون أن يترك وراءه فتوى واحدة فيها نفاق للسلطان".

نشر موقع القاهرة 24 الخاص على شبكة الإنترنت عدة تقارير على فيسبوك تشير إلى "مواقف (القرضاوي) ا".

وجاء في تقرير آخر أنه في أحد مواقفه الرئيسية كان "ضالعاً في التجسس لصالح حماس".

وأشار مجدي خليل، وهو قبطي مصري يرأس منتدى الحرية في الشرق الأوسط، في منشور على فيسبوك إلى "الانقسام بين المسلمين" على رجل الدين السني، إذ وصفته جماعة بأنه عالم واسع الاطلاع ورجل دين معتدل ... بينما رأت جماعة أخرى فيه مفتي الدمار والقتل والتفجيرات الانتحارية".

وانتقد إبراهيم الجارحي القرضاوي بسبب "فتوى مدعاة بضرورة محاربة الجيش المصري".

وتساءل شريف صالح كيف يقع رجال دين مثل القرضاوي يتمتعون "بمعرفة وفهم عميقين في فخ تنظيمات إسلامية هزلية ودموية".

وقال محمد مرعي إن القرضاوي سيحاسب أمام الله على "ما اقترفه هو وجماعته الإرهابية حيال الأمة العربية من خلال نشر النزاعات وتقنين التفجيرات والتدمير وإسقاط الدول والمجتمعات".

وأضاف: "لن ننسى تحريضه على القتل في سوريا، وليبيا وحتى مصر، ولن ننسى خطبته ودعوته حلف شمال الأطلسي إلى التدخل لتدمير ليبيا".

ولد القرضاوي في 9 سبتمبر/ أيلول 1926 في قرية صفت تراب مركز المحلة الكبرى، في محافظة الغربية بمصر.

تخرج من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1953 قبل أن يواصل تعليمه في الدراسات العليا في الجامعة ويحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه.

عمل القرضاوي فترة بالخطابة والتدريس في المساجد، ثم أصبح مشرفاً على معهد الأئمة التابع لوزارة الأوقاف في مصر، بحسب سيرته الذاتية المنشورة على موقعه.

ونقل بعد ذلك إلى الإدارة العامة للثقافة الإسلامية بالأزهر للإشراف على مطبوعاتها والعمل بالمكتب الفني لإدارة الدعوة والإرشاد.

وفي ستينيات القرن الماضي أعير إلى دولة قطر، التي عاش فيها وحمل جنسيتها، حيث عمل عميداً لمعهدها الديني الثانوي، ثم أسس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة قطر وترأسه، وأصبح المدير المؤسس لمركز بحوث السنة والسيرة النبوية في الجامعة نفسها.

وقد انشغل القرضاوي بالكتابة والتأليف إلى جانب عمله الدعوي، فألف عشرات الكتب التي تتناول جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية، والتي يصنفها مفكرون بأنها محاولات حثيثة لتجديد الخطاب الديني.

وأثار القرضاوي في حياته الكثير من الجدل بسبب مواقفه الداعمة لعدد من الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة العربية في ما عرف بالربيع العربي.

وبينما رأى فيه البعض مناصراً لقضايا التحرر اعتبره فريق آخر مؤيداً للجماعات الدينية المتطرفة.

وكان القرضاوي قد أدان هجمات 11 سبتمبر وتفجيرات بالي، وانتقد تحطيم حركة طالبان تماثيل بوذا في أفغانستان.

كما ندد بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأفتى بوجوب مقاومة الجنود الأمريكيين.

وأفتى بتحريم زيارة القدس وهي تحت الاحتلال، وهي الفتوى التي انتقدها مقدسيون، واعتبرتها السلطة الفلسطينية تتوافق مع الخطة الإسرائيلية لتهويد القدس، وطالبت القرضاوي بالتراجع عنها.

ومنع القرضاوي من دخول الولايات المتحدة وبريطانيا بسبب تأييده للعمليات الانتحارية التي تستهدف جنودا إسرائيليين، والتي وصفها بـ "عمليات استشهادية".

وكانت دعوته لقتل معمّر القذافي خلال الثورة التي اندلعت ضده عام 2011، محل كثير من الانتقادات، إذ كان كثيرون ينادون بالقبض عليه ومحاكمته.

وتعرض القرضاوي للسجن في مصر أكثر من مرة بسبب اتهامات بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها مصر جماعة محظورة في عدة مراحل.

وعاد إلى مصر لبعض الوقت عام 2011، وكان أحد أبرز وجوه الانتفاضة الشعبية في يناير عام 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك، وألقى العديد من خطب أيام الجمعة في ميدان التحرير وسط القاهرة في تلك الفترة.

وتتّهم السلطات المصرية القرضاوي بأنّه الزعيم الروحي لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ عام 2013 بعدما أطاح الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان قائداً للجيش في تموز/يوليو من ذلك العام، بالرئيس المنتمي للجماعة محمد مرسي.

وفي 2015، أكدت محكمة جنايات القاهرة حكم الإعدام بحق الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي في القضية المعروفة إعلامياً باسم "اقتحام السجون".

وحوكم في القضية 129 متهماً بينهم 27 كانوا موقوفين و102 هاربين بينهم أعضاء في حركة حماس الفلسطينية وفي حزب الله اللبناني. وقضت المحكمة غيابيا بإعدام أكثر من 90 من المتهمين الهاربين بينهم القرضاوي.

وفي العام ذاته، أحالت النيابة العامة المصرية 38 إسلاميا، بينهم القرضاوي، إلى محكمة عسكرية، متهمة إياهم بإنشاء خلايا مسلحة قتلت ضابط شرطة. وحوكم القرضاوي غيابياً.

وأصدر الانتربول مذكرة توقيف بحقه عام 2014 بطلب من مصر، قبل أن تلغى المذكرة بعدها بـ 4 أعوام.

وتقلد القرضاوي عدة مناصب دينية كان أبرزها رئاسة "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، الذي شارك في تأسيسه عام 2004، وقد وضعته السعودية ودول خليجية وعربية أخرى على لائحة تضم شخصيات وصفت بأنها "إرهابية".

وكان وجوده في قطر أحد أسباب مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة لعدة سنوات.

وأصدر يوسف القرضاوي فتاوى كثيرة تشمل مختلف مناحي الحياة، وكان بعضها مثيراً للجدل، وقد كان ضيفا دائماً على أحد البرامج الدينية بقناة الجزيرة القطرية.

وعلّق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري الأسبق على وفاة يوسف القرضاوي، الذي يعتبر الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال الشيخ حمد في تغريدة على صفحته الرسمية بتويتر: "نعزي أنفسنا والأمة الاسلامية بوفاة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي والذي كرّس حياته في خدمة الإسلام وأحد اعلام الوسطية والاعتدال. نسأل الله تعالى أن يرحمه رحمة واسعه وان يدخله فسيح جناته. كما واتقدم بخالص التعازي والمواساة الى اسرة الفقيد. انا لله وانا اليه راجعون".

وحصل القرضاوي على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية في تخصص اللغة والأدب في عام 1958. لاحقاً في عام 1960 حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنّة من كلية أصول الدين بالأزهر، وفي عام 1973 حصل على (الدكتوراه) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من الكلية نفسها، وكان موضوع الرسالة عن "الزكاة وأثرها في حلّ المشاكل الاجتماعية".

واعتُقل القرضاوي (3) مرات في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، في كانون الثاني (يناير) عام 1954، ثم في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، واستمر اعتقاله نحو (20) شهراً، ثم في عام 1963 لانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين.

وتزوج القرضاوي من امرأتين؛ الأولى مصرية اسمها إسعاد عبد الجواد "أم محمد" في كانون الأول (ديسمبر) 1958 وأنجبت منه (4) بنات، و(3) أولاد، هم: إلهام وسهام وعلا وأسماء، ومحمد وعبد الرحمن وأسامة، والثانية مغربية اسمها عائشة التقى بها في أواسط الثمانينيات حين كانت طالبة في جامعة جزائرية، والتي عملت منتجة تلفزيونية في برنامج "للنساء فقط"، الذي كانت تبثه قناة الجزيرة القطرية.حفريات

 في عام 1961 سافر القرضاوي إلى دولة قطر، وعمل فيها مديراً للمعهد الديني الثانوي، وبعد استقراره هناك حصل القرضاوي على الجنسية القطرية، وفي عام1977 تولى تأسيس وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، وظل عميداً لها إلى نهاية 1990، كما أصبح مديراً لمركز بحوث السنّة والسيرة النبوية بجامعة قطر، واستمرّ فيه.

 انتمى القرضاوي لجماعة الإخوان المسلمين وأصبح من قياداتها المعروفين، ويُعتبر مُنظّر الجماعة، وقد عُرض عليه تولي منصب المرشد عدة مرات لكنّه رفض، وكان يحضر لقاءات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين كممثل للإخوان في قطر إلى أن استعفي من العمل التنظيمي في الإخوان.

 وقام القرضاوي بتأليف كتاب الإخوان المسلمون (70) عاماً في الدعوة والتربية والجهاد، يتناول فيه تاريخ الجماعة منذ نشأتها إلى نهايات القرن الـ20، متبنّياً نظرة ملائكية تغاير الواقع لدور الإخوان المسلمين في مصر وسائر بلدان العالم التي يتواجد فيها الإخوان.

 وأبدى القرضاوي ترحيبه بتولي الإخوان حكم مصر، وأنّهم "الجماعة الإسلامية الوسطية المنشودة"، حسب وصفه، معتبراً مشروع حسن البنا هو "المشروع السنّي الذي يحتاج إلى تفعيل"، ووصف الإخوان المسلمين بأنّهم "أفضل مجموعات الشعب المصري بسلوكهم وأخلاقياتهم وفكرهم وأكثرهم استقامة ونقاء".

 ومع سقوط الإخوان المسلمين في مصر، بعد ثورة شعبية ضخمة في 30 حزيران (يونيو) 2013، بدأ القرضاوي في التحريض على الجيش المصري، وأفتى بجواز "الجهاد" ضده؛ ممّا أثار انتقادات واسعة للداعية بعد استباحته الدماء المسلمة والمعصومة من أبناء القوات المسلحة المصرية.

ويقول عمرو عبد الكريم في مقال عن "وسطية" القرضاوي على الموقع الإلكتروني للأخير: "رفع العلامة القرضاوي لواء الوسطية والاعتدال، إما في الفتوى أو في الدعوة، وكان شعاره: إن الذي أومن به وأدعو إليه وأدافع عنه هو المنهج الوسط للأمة الوسط".

ويشير إلى "انضمام الشيخ منذ مفتتح حياته الطيبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي المدرسة الإصلاحية التي اتخذت الوسطية شعارا لها".

وكتب عصام تليمة على موقع القرضاوي أنه "وقف بالمرصاد لكل ظواهر التشدد والتطرف في عالمنا الإسلامي... فعندما أطلت فتنة التكفير برأسها على الشباب المسلم في فترة السبعينيات من القرن الماضي، كتب كتابه: "ظاهرة الغلو في التكفير"، الذي يرفض هذا المنهج، ويبين أنه يخالف منهج الإسلام الذي يقوم على عدم تكفير الناس".

وأضاف: "عندما بدأت ظاهرة اختطاف الطائرات المدنية، والتهديد باحتجاز ركابها رهائن للضغط على بعض الحكومات، رفض هذا السلوك، وبين أنه عمل غير مشروع شرعا... وعندما حدثت مذبحة الأقصر في مصر (الهجوم على سائحين في جنوب مصر عام 1997)، وقف القرضاوي على منبر مسجد عمر بن الخطاب في قطر، يندد بالفعل، ويرفضه، ويبين مخالفته منهج الإسلام، وخطأ من قاموا بذلك". الحرة

ويشير الكاتب إلى أنه رفض هجمات سبتمبر عام 2001 و"دعا المسلمين الأميركيين إلى التبرع بالدم للجرحى".

واعتبر الكاتب، في مقاله على موقع القرضاوي، أنه "نموذج ورمز للوسطية والاعتدال، لا يخالف في ذلك إلا بعض الكتاب الذين يلوون أعناق الحقائق، لموقف القرضاوي، من القضايا العادلة التي لا يحبون حديثها عنها، كقضية فلسطين، وقضية الانقلاب العسكري في مصر، والظلم والاستبداد في بلاد عربية".

لكن من ناحية أخرى، يؤخذ على القرضاوي بعض المواقف التي اعتبرت "تحريضية على العنف"، خاصة بعد ظهور انتفاضات "الربيع العربي" وما تلاها من أحداث في عدة دول.

والقرضاوي محسوب على جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، ويعتبره البعض الزعيم الروحي للجماعة، منذ عام 2013، عندما أطاح الجيش الرئيس المنتمي للجماعة، محمد مرسي، في يوليو من ذلك العام.

وكتبت صحيفة واشنطن بوست عن القرضاوي في تقرير سابق أنه "لطالما اعتبر قائدا فكريا للإخوان المسلمين، الذين سيطروا على الحكومة المصرية عبر انتخابات ديمقراطية عام 2012".

وقال ماثيو ليفيت، مسؤول مكافحة الإرهاب السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) ووزارة الخزانة، الذي تابع عن كثب الشبكات المالية الإرهابية في الشرق الأوسط: "القرضاوي من أكثر الشخصيات العامة للجناح الراديكالي للإخوان المسلمين".

وقالت رويترز في تقرير سابق إن القرضاوي واحد من أكثر رجال الدين المسلمين السنة نفوذا بفضل حضوره الدائم على القنوات الإعلامية القطرية، ورغم أنه ترك عضوية جماعة الإخوان المسلمين، ظل محتفظا بعلاقات وثيقة معها.

وفي 2015، أكدت محكمة جنايات القاهرة حكم الإعدام بحق مرسي، في القضية المعروفة إعلاميا باسم "اقتحام السجون". وحوكم في القضية 129 متهما بينهم 27 كانوا موقوفين و102 هاربين بينهم أعضاء في حركة "حماس" الفلسطينية وفي "حزب الله" اللبناني. وقضت المحكمة غيابيا بإعدام اكثر من 90 من المتهمين الهاربين بينهم القرضاوي.

وفي العام ذاته، أحالت النيابة العامة المصرية 38 إسلاميا مصريا، بينهم القرضاوي، على محكمة عسكرية، واتهمتهم بإنشاء خلايا مسلحة قتلت ضابط شرطة. وحوكم القرضاوي غيابيا.

وظل القرضاوي في منصب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حتى عام 2018، وهذه المنظمة، التي مقرها الدوحة، سيطرت عليها بعض الاتجاهات المحافظة في التفسير والتأويل، كما قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، نبيل عبد الفتاح وحاولت أن تلعب دورا مهما في أعقاب الانتفاضات السياسية والجماهيرية في ما كان يطلق عليها "الربيع العربي".

وفي ظل "الربيع العربي"، حاول الاتحاد دعم الإخوان المسلمين في المنطقة العربية وخارجها من خلال القرضاوي وغيره من رجال الدين المحافظين داخل هذا الاتحاد، حسب عبد الفتاح.

وقال القرضاوي في تصريح سابق: "نحن مع الشعوب التي تناضل من أجل حريتها. نحن مع سوريا والعراق وفلسطين وتونس وليبيا واليمن وكل من ينادون من أجدل الحرية... أنا اقوى من السيسي ورجاله":

ولم يتوقف القرضاوي بعد إطاحة مرسي في مصر عن التنديد بهذا الإجراء. وأصدر في عام 2013 فتوى بوجوب تأييده، وقال: "أنادي كل الأحزاب والقوى السياسية في مصر،أن يقفوا وقفة رجل واحد، لنصرة الحق، وإعادة الرئيس مرسي إلى مكانه الشرعي، ومداومة نصحه". 

واعتبر القرضاوي أن "من استعان بهم الفريق السيسي لا يمثلون الشعب المصري، بل جزءا قليلا منه".

وعندما كانت مصر تستعد لإجراء انتخابات رئاسية، كان عبد الفتاح السيسي الأوفر حظا فيها، دعا إلى مقاطعة الانتخابات، وقال في بيان "لا تنتخب رجل تلوث من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه بدماء الأبرياء من المصريين.. لا يجوز لكم أن تنتخبوا من عصى الله، وخان الأمانة.. واجبكم أن تقولوا له لا. وأن ترفضوا انتخابه".

ووصلت انتقاداته إلى مشيخة الأزهر، وقال في هذا الشأن: "لا تستمعوا إلى أصحاب العمائم المزيفة لأنهم ليسوا علماء للدين، بل هم علماء السلطة، والشرطة".

وفي عام 2017، أعلن القرضاوي دعمه صراحة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عقب منع هولندا دخول وزيرين تركيين لتزكية التعديلات الدستورية التركية التي من شأنها توسيع صلاحيات إردوغان.

وأثار القرضاوي أيضا جدلا كبيرا عندما أفتى بجواز القيام بعمليات انتحارية، بشرط موافقة "الجماعة" وأن "تكون هناك حاجة إلى تفجير شخص نفسه" على أن "تدبر الجماعة كيفية التنفيذ مع تقليل الخسائر قدر الإمكان":

ورفضت السلطات البريطانية منح القرضاوي تأشيرة دخول إلى أراضيها بهدف العلاج، معللة ذلك بكون طلبه  لا يتوافق مع قوانين الهجرة البريطانية. وانتقدت وسائل الإعلام البريطانية حينها القرضاوي بشدة على خلفية تأييده للعمليات الانتحارية الفلسطينية ضد إسرائيل.

وفي عام 2012، قال الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، إنه أبلغ قطر بأنه "ليس مرحبا به" في فرنسا حيث كان مقرر أن يقوم بزيارة ل تلبية لدعوة منظمة إسلامية.

ويرى المسفر: "أن الاتهامات ضد القرضاوي بالتحريض على العنف "تدخل في إطار الحملات الإعلامية لتشويه الرموز الإسلامية.. وعمل مدسوس يقصد به استهداف الرموز الدينية في الوطن العربي".

ويرى أنه "لم يكن عنيفا أو محرضا على العنف"، مشيرا إلى أنه "على سبيل المثال اتخذ موقفا وسطيا بشأن حق القيادات السياسية استدعاء القوى الأجنبية وعندما ينتهي دورها، فعليها أن تنسحب وهو موقف وافق عليها قادة الفكر الديني".

ويشير إلى أن القرضاوي "لم يعاد نظاميا سياسا بعينه ولم يحرض على العنف لكنه أيضا كان مع حركات مواجهة العدو".

ولا يعتبر نبيل عبد الفتاح أنه يمثل زعامة روحية لجماعة الإخوان "ولكن أحد الموارد الرمزية المؤيدة لخطوات الجماعة، خاصة بعد وصولها إلى سدة السلطة في أعقاب الانتفاضات الجماهيرية الواسعة في مصر وتونس لعدة اعتبارات".

ويشير إلى أن الأجيال التي صعدت إلى سدة القيادة في مكتب الإرشاد كانت الجزء المهيمن على المقاليد الأساسية للتنظيم وكانوا ينتمون إلى مدرسة رائد فكر جماعة الإخوان، سيد قطب، وبعضهم كانوا تلاميذ له ودخل بعضهم السجون في أعقاب المحاولة الانقلابية في منتصف ستينيات القرن الماضي على الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.

أما القرضاوي فكانت أفكاره "تتنافى مع توجهات الأبناء الروحيين والفكريين لسيد القطب في الجماعة"، ولكن في الوقت ذاته،"كان العقل البراغماتي الذرائعي لقادة مكتب الإرشاد، ومجلس شورى الجماعة يوظف أفكار القرضاوي بوصفها إحدى أدوات هذه الجماعة في محاولة إعادة صياغة صورتها لدى قطاعات جماهيرية سواء في الغرب أتو العديد من البلدان الإسلامية".

لذلك "الدور الذي لعبه القرضاوي كان "دورا رمزيا ووظيفيا استخدمه بعض قادة الجماعة لتحسين صورتها وتحسين التيار "القطبي" داخل مكتب الإرشاد".

ويقول عبد الفتاح إنه شخصية "براغماتية واستناده إلى سلطة المتغلب السني المشيخي في دولة قطر أثر على أفكاره وكشف عن تناقضاتها، بينما كان يؤيد تأيدا كاملا الأسرة المالكة في قطر ويعمل على شرعنة سياساتها الخارجية".

وكان القرضاوي أيضا "مؤيدا للرئيس التركي إردوغان، خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تم تقويضها ومحاسبة العناصر التي قامت بها".

"لذلك نحن أمام شخصية براغماتية، كان يبدو حينا ثائرا وحينا مؤيدا ومحافظا في دعمه للأسرة الحاكمة في قطر والنظام التركي، وفي ذات الوقت لعب دورا لتقويض دول في أعقاب انتفاضات الربعي العربي مثل ليبيا"، وفق نبيل عبد الفتاح.

ويضيف خبير شؤون الجماعات الإسلامية أن مواقفه كانت "تفتقر للكثير من الاتساق" في أعقاب هذه الانتفاضات الجماهيرية، عندما "كان يحرض على العنف".

كما "شابت مسيرته الكثير من التناقضات، ولم يكن اجتهاده قائما على أسس رصينة في علم الكلام وأصول الاجتهاد الإسلامي على نمط الأمام محمد عبده وتلاميذه وكان يميل للإمام الأكبر (للأزهر) عبد الحليم محمود، الذي "اتسم بقدر كبير من المحافظة والتشدد" في ظل حكم الرئيس الأسبق، محمد أنور السادات، بحسب عبد الفتاح.

ويقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي كانت تموله بعض البلدان الداعمة للقرضاوي كان "يرمي إلى مواجهة الإسلام الشيعي وقيادته الروحية والأساسية المتمثلة في علي خامنئي، وقبله الخوميني في إيران، وأن يكون هناك شكل آخر لجماعة سنية جامعة في العالم الإسلامي.

ويتابع عبد الفتاح إنه "حاول لعب دور المرشد العام السني للأغلبية السنية في العالم العربي والإسلامي، وكان في هذا الإطار يحاول تحجيم الدور التاريخي للأزهر في العالم السني".

وكانت خطب القرضاوي قد أثارت أيضا توترات بين الدوحة وجيرانها، وكانت أحد أسباب مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر لعدة سنوات.

ووضعت الدول المقاطعة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على قائمة "الإرهاب" لأنه يروج "للإرهاب باستخدامه الخطاب الإسلامي كغطاء لتسهيل نشاطات إرهابية"، ووضعت اسم القرضاوي على قائمة الشخصيات التي تصنفها "إرهابية" وطالبت الدوحة بوقف تمويلهم وتسليمهم إلى بلدانهم الأصلية".

وحذرت هيئة كبار العلماء في السعودية، من خطر الاتحادات التي تصنف نفسها على أنها "علمية، وهي بالأساس قامت على أفكار حزبية، وأغراض سياسية، ولا تمت للعلم والعلماء بصلة". وأشارت إلى أن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ينطلق من أفكار حزبية ضيقة، مقدما مصلحة حركته على مصلحة الإسلام والمسلمين".

وفي 2020، اعتبرت الهيئة السعودية جماعة الإخوان المسلمين "جماعة منحرفة إرهابية"، وهو ما رد عليه الاتحاد باتهام الهيئة بأنها تتبع أجندة سياسية، وقال إن الجماعة "موجودة ومعروفة في كل أنحاء العالم، ولها في بلدكم خاصة، عشرات الآلاف من الأعضاء والمؤيدين، وكان من سياسة حكام بلدكم استقطابهم والاستفادة منهم ومن خبراتهم في شتى المجالات".

وقال عبد الفتاح إن محاولة لعب دور المرشد السني "لم تحقق نجاحا كبيرا لأن الدول العربية والإسلامية قامت بعمليات توطين للسلطات الدينية داخلها التي تلعب أدوارها الوظيفية لدعم أنظمة الحكم الشمولية والسلطوية"، وظل يُنظر إليه على أنه "أحد أدوات السياسة الخارجية القطرية".

وأضاف: "وبالتالي كان لكل دولة قادتها الدينيين ولم تعتمد على المؤسسات الدينية الأخرى، مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ولا المؤسسات النظيرية الأخرى".