علاقات مشبوهة بين الجانبين إلى العلن..
التوقيت والدلالات.. تحالف "الحوثيين والقاعدة" لعرقلة جهود السلام في اليمن
اتجهت الأنظار أواخر الشهر المنصرم، إلى الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» إلى العاصمة العمانية مسقط، خاصة أنها تأتي بعد سنوات من التوتر بين البلدين وتحديدًا منذ اندلاع الأزمة اليمنية التي دخلت عامها الثامن، نظرًا للرؤية المختلفة التي تحملها الدولتين الخليجتين إزاء الصراع اليمني.
تتحقق الانتصارات عندما يكون القادة في مقدمة الصفوف هذا ما أثبتته عملية "سهام الشرق" التي أطلقتها القوات الجنوبية لتطهير محافظة أبين من الجماعات الإرهابية وحققت نجاحات وانتصارات كبيرة خلالها ولم يعد أمامها سوى مديرية المحفد التي أعلنت القوات بدء عملية تطهيرها لإعلان تأمين المحافظة بالكامل وهي التي كانت البؤرة الأولى للتنظيمات المتطرفة السنوات الماضية.
معركة التطهير قادها خيرة قيادة الجنوب العسكرية والأمنية وقدم الكثير منهم دماءه رخيصة لتنعم أبين بالأمن والأمان الذي افتقدته لسنوات.
تضحيات القادة جاءت على إثر تواجدهم وحضورهم في مقدمة الصفوف، لم يهربوا ولم يقودوا المعركة من الفنادق أو من المدن، بل كانوا في مقدمتها وقبل جنودهم وهو ما عكس الانتصارات التي تحققت بتطهير أكبر معسكرات القاعدة في البلاد بأحور ومودية.
وقال مركز الدراسات المصرية (المرجع): “إن تعاون مدمر بين الاذرع الإيرانية (ميليشيات الحوثي الانقلابية) في اليمن، وبين تنظيم «القاعدة»، لعرقلة جهود السلام، وتهديد مسار التهدئة، إذ ظهرت العلاقات المشبوهة بين الجانبين إلى العلن”.
وكشفت العمليات الإرهابية المشتركة بين القاعدة والحوثيين، مدى التنسيق بينهما لإعاقة وعرقلة الاصطفاف الوطني اليمني، ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار باستهداف المناطق المحررة.
وفي الوقت الذي تعاني فيه بعض مناطق الشرعية في اليمن من عدم استقرار سياسي واقتصادي وأمني، في ظل عدم قدرة المجلس الرئاسي حتى الآن على خلق واقع جديد يقوم على فرض سيادة الدولة، هيأ ذلك المناخ لعودة نشاط تنظيم «القاعدة»، ومحاولته إظهار نفسه كتنظيم فاعل على الساحة، مُستغلا حالة الفوضى التي تعيشها بعض مناطق الشرعية.
لالات الهجمات
وأثارت هجمات تنظيم القاعدة في جنوب اليمن خلال الفترة الأخيرة العديد من الدلالات، يتمثل أبرزها في توافق المصالح بين التنظيمات الإرهابية، ومع الاتفاق على الهدنة الأممية منذ أبريل الماضي، تصاعدت هجمات القاعدة في مناطق الشرعية فقط، وتزامن ذلك أيضًا مع أخبار متواترة عن إطلاق الحوثيين سراح عناصر من تنظيم القاعدة كانوا في سجونها منذ سنوات.
ويؤكد مراقبون أن ثمة صفقة بين القاعدة والحوثيين، في إطار توجه عناصر التنظيم إلى مناطق الشرعية، ومباشرة نشاطهم في مواجهتها، وتأمين مناطق تركزهم في محافظة البيضاء كنقطة انطلاق.
جرائم بأعداد حوثي
المتتبع لعمليات ونشاط تنظيم «القاعدة» في اليمن، وتركيزه على مناطق الجنوب، خصوصًا المُحررة من قبضة ميليشيات الحوثي، يُثبت أن الجرائم التي يقوم بها التنظيم، أعد لها «الحوثي» بعناية، وبالتنسيق مع تنظيم «القاعدة»، إذ توجد غرف عمليات مُشتركة تُدار من صنعاء، وعمل ممنهج لزعزعة الاستقرار والأمن في المناطق المُحررة، وسبق ذلك حملة إعلامية حوثية ضخمة، وهو ما كان مؤشرًا لبدء عمليات الاغتيالات والتفجير.
وأتاح انقلاب الميليشيات الحوثية عام 2014، الفرصة لتنظيم «القاعدة» لإعادة ترتيب صفوفه، مستغلًا الانقلاب للتحالف معه، وتنفيذ عمليات إرهابية، إذ تعود بداية التعاون المباشر بين التنظيمين الإرهابيين إلى عام 2015، خلال صفقة تبادل أسرى مقابل إطلاق سراح قادة من التنظيم الإرهابي.
وما بين عامي 2016-2022 أطلق الحوثيون سراح أكثر من 400 معتقل من «القاعدة»، وفقًا لما كشفه مركز «صنعاء للدراسات الاستراتيجية»، مشيرًا إلى أن الميليشيات تواجه نقصًا كبيرًا في صفوفها، ولهذا السبب دخلت في محادثات مع «القاعدة» لإطلاق سراح المعتقلين، وحثّهم على الانخراط في معارك لمساندة الميليشيات.
ويؤكد مراقبون أن جرائم تنظيم «القاعدة» باليمن، المستمرة تهدف إلى إقلاق السكينة العامة، وعدم الاستقرار بالمنطقة، كما أن وجود عناصر التنظيم في المحافظات الجنوبية، يهدد الأمن الذي انعكس على كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، منوهين إلى أن العمليات العسكرية لاستئصال التنظيم في أبين وشبوة جارية على قدم وساق، وتحقق انتصارات كبيرة.
واتجهت الأنظار أواخر الشهر المنصرم، إلى الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» إلى العاصمة العمانية مسقط، خاصة أنها تأتي بعد سنوات من التوتر بين البلدين وتحديدًا منذ اندلاع الأزمة اليمنية التي دخلت عامها الثامن، نظرًا للرؤية المختلفة التي تحملها الدولتين الخليجتين إزاء الصراع اليمني.
وكانت سلطنة عمان، رفضت الانضمام إلى قوات التحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتشارك فيه دولة الإمارات، إلا أنها انخرطت في اليمن من خلال ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الناعمة" التي تقودها مسقط عن طريق إبرام وساطات بين أطراف الصراع اليمني التي تجمعها بهم علاقات حوار، سواء الحكومة اليمنية الشرعية، أو ميليشيات الحوثي، أوحزب الإصلاح اليمني.
وركزت وسائل إعلام يمنية بشكل محدد على انعكاسات زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» إلى العاصمة العمانية مسقط، والتي استمرت يومين، على الصراع الدائر في اليمن الذي من المتوقع أن يتفاقم خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد رفض ميليشيا الحوثي الانقلابية الموافقة على تمديد الهدنة الأممية بعد انتهائها في الثاني من أكتوبر الجاري، بل وهددت الجماعة الانقلابية باستهداف الشركات النفطية في كل من السعودية والإمارات إذ لم يتم الامتثال لشروطها.
وبجانب هذا توقع مراقبون أن يلمس الملف اليمني تطورًا إيجابيًّا في الأيام المقبلة، جراء تلك الزيارة التى تساهم في تهدئة الأوضاع في هذا البلد، وحل الخلافات بين أطراف الصراع.
مردود الزيارة الخليجية
ومن المؤكد أن ملف الأزمة اليمنية احتل المساحة الأكبر من المباحثات الإماراتية العمانية، وهو ما قد يؤثر على تغير نهج مسقط إزاء الأزمة اليمنية استغلالًا لعملية التقارب الخليجي التي تشهدها السلطنة، لمراجعة موقفها والبحث عن تقارب على مستوى الملف اليمني يراعي مصالح دول الخليج، وفي الوقت ذاته اتجاه السلطنة للضغط على القوى اليمنية التي تجمعها بهم علاقات جيدة للتراجع عن مطالبها والاتفاق على الوصول لـ"تسوية سياسية" تضمن تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
وبحسب مراقبين ستشكل تلك الزيارة مردودًا إيجابيًّا على العلاقات بين الإمارات وعُمان وهذا بدوره سيترك أثرًا على الملف اليمني، خاصة أن بعض وسائل الإعلام اليمنية نقلت عن مصادر دبلوماسية مطلعة أن أبوظبي تعول على مسقط خلال الفترة المقبلة للقيام بوساطة تسهم في تهدئة الأوضاع الساخنة في اليمن، وتحديدًا بعد رفض الحوثي الموافقة على تمديد الهدنة.
رغبة إماراتية في الحل
وما يؤكد أن أبو ظبي تعلق آمالها في أن يُسهم الدور العماني خلال الفترة المقبلة في حلحلة الأزمة اليمنية، الزيارات التي يقوم بها مسؤولو البلد العربي إلى السلطنة، والتى كان من أهمها زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ «طحنون بن زايد آل نهيان» منتصف مارس الماضي إلى السلطنة وعقد مباحثات تطرقت إلى الملف اليمني.
ويرى مراقبون أن مباحثات الإمارات وسلطنة عمان تنم عن رغبة إماراتية في توفير السلطنة، "الأرضية" المناسبة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاربة في اليمن لحل الأزمة التي سيؤثر استمرارها على تدهور الأوضاع إقليميًّا وعالميًّا، ولهذا جاءت زيارة رئيس دولة الإمارات إلى السلطنة لتحقيق الهدف ذاته، وهو ما يعكس رغبة أبو ظبي في حل الأزمة اليمنية بجهود خليجية.