باعوا أسلحة لحركة الشباب الإرهابية..

عقوبات أميركية على شبكة تهريب أسلحة بين اليمن والصومال تخدم مصالح "داعش"

عاشت العاصمة الصومالية مقديشو، أحد أيامها السوداء، متوشحة بدم الأبرياء، إذ سقط نحو أربعمائة شخص ما بين قتلى وجرحى جراء تفجيرين تم تنفيذهما عبر شاحنتين مفخختين السبت 29 أكتوبر المنصرم.

شبكة تهريب أسلحة بين اليمن والصومال

مقديشو

فرضت الولايات المتحدة الأمريكية يوم أمس الثلاثاء عقوبات على تنظيم داعش في الصومال، مستهدفة أعضاء في التنظيم وآخرين تتهمهم بالتورط في "شبكة إرهابية لتهريب الأسلحة" في شرق أفريقيا، وأوضحت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان أنّ العديد من المستهدفين في عقوبات اليوم باعوا أسلحة لحركة الشباب أو كانوا أعضاء نشيطين فيها، مؤكدة أنّهم يمثلون "نقاطاً مهمة لشبكة تهريب الأسلحة والمرتبطة بشكل وثيق مع داعش في الصومال".

وبحسب بيان الوزارة، فإنّ العقوبات تشمل (8) عناصر قادة ومتعاملين مع التنظيم الإرهابي، بالإضافة إلى شركة تجارية يمتلكها شخص يدعى ليبان يوسف محمد، وهو "من كبار الناشطين في حركة الشباب وميسر لعمليات الاختطاف".

الخزانة الأمريكية: المستهدفون بالعقوبات باعوا أسلحة لحركة الشباب أو كانوا نشيطين فيها، وهم نقاط مهمة لشبكة تهريب الأسلحة المرتبطة بداعش في الصومال

وتشمل العقوبات تجميد كل أصول هذه العناصر في الولايات المتحدة، أو في حوزة أيّ أشخاص أمريكيين، وحظر أيّ تعامل معهم من الأراضي الأمريكية.

وأكدت الوزارة أنّ "هذه الشبكات تنشط بشكل رئيسي بين اليمن والصومال، ولها روابط قوية مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشباب".

في الأثناء، تواصل الجماعات الإرهابية العاملة في المنطقة ارتكاب أعمال عنف في الصومال، مستهدفة المدنيين وموظفين حكوميين، ورجال الطوارئ لبث الخوف والرعب، وقد أعلنت السبت حركة الشباب مسؤوليتها عن تفجير مدمر في مقديشو أودى بحياة أكثر من (100) شخص، وأسفر عن إصابة ما يقرب من (300) مدني.

هذه الشبكات تنشط بشكل رئيسي بين اليمن والصومال، ولها روابط قوية مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشباب

وكان تنظيم حركة الشباب المسلح قد أعلن مسؤوليته عن العملية، التي وقعت في مكان فجرت فيه شاحنة في 2017، وتسببت في مقتل (500) شخص، في الهجوم الأشد دموية في تاريخ البلاد.

وتسيطر الحركة على جزء كبير جنوب ووسط الصومال، واستطاعت أن تبسط نفوذها في مناطق تسيطر عليها الحكومة التي تتخذ من مقديشو مقراً لها، وما تزال تشنّ الهجوم تلو الهجوم كما تشاء، عبر إطلاق قذائف الهاون على البرلمان وعلى المطار الدولي شديد التحصين الذي يضم السفارات ومكاتب الأمم المتحدة والقوات الأجنبية.

يُذكر أنّها هاجمت أهدافاً على طول الحدود بين الصومال وإثيوبيا في وقت سابق من العام، ممّا أثار المخاوف بشأن احتمال وجود استراتيجية جديدة لدى التنظيم.

فقد عاشت العاصمة الصومالية مقديشو، أحد أيامها السوداء، متوشحة بدم الأبرياء، إذ سقط نحو أربعمائة شخص ما بين قتلى وجرحى جراء تفجيرين تم تنفيذهما عبر شاحنتين مفخختين السبت 29 أكتوبر المنصرم.

ووفق مصادر لموقع المرجع الاخباري فإن من بين القتلى رئيس مركز شرطة هدن حسين عدعيد، وصحفي صومالي يدعى محمد عيسى كونا، كان يعمل لدى وسائل إعلام محلية، فيما أصيب ثلاثة صحفيين آخرين من بينهم مصور لدى وكالة رويترز، كما كان بين التفجيرين مدة نحو عشرة دقائق، وكان التفجير الثاني أوقع الخسائر بين الصحفيين ووسائل الإعلام.

واستهدفت تلك التفجيرات مبنى وزارة التعليم الصومالية الواقعة على تقاطع زوبي المزدحم وسط مقديشو.

يحمل تقاطع زوبي ذكرى أليمة، إذ أعادت تلك تفجيرات إلى الأذهان، أكثر التفجيرات دموية في تاريخ الصومال، ففي 14 أكتوبر 2017 أسفر تفجير عن مقتل وإصابة نحو ألف صومالي وخسائر مالية كبيرة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.

الناطق الرسمي باسم الشرطة الصومالية صديق دوديشي قال، في مؤتمر صحفي، إن الهدف من التفجيرات كان وزارة التعليم التي كانت تكتظ بالطلاب الخريجين من الثانوية لاستكمال إجراءات حصول الشهادات.

وعقب زيارة موقع التفجير، السبت 29 أكتوبر 2022، قال الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود: «من بين مواطنينا الذين قُتلوا أمهات كن يحملن أطفالهن وآباء مرضى وطلاب خرجوا للدراسة ورجال كانوا يكافحون من أجل حياة أسرهم».

وفي أغسطس 2022، وعقب هجوم كبير آخر على فندق في مقديشو، استمر نحو 30 ساعة، وأسفر عن 21 قتيلًا وعشرات الجرحى، وعد الرئيس بـ«حرب شاملة» للقضاء على الإرهابيين، ثم عاد في سبتمبر ليدعو السكان إلى «الابتعاد» عن المناطق التي تسيطر عليها «الشباب»، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة والميليشيات القبلية تصعد الهجمات ضدهم.

وتزامن هذا التفجير مع اختتام مؤتمر تشاوري بين وزارة الأوقاف الصومالية وعلماء الدين حول محاربة الفكر المتطرف.

وقال بيان صادر من المؤتمر إن دفع إتاوات لحركة الشباب الإرهابية حرامٌ شرعًا، ويجب تسمية التنظيم الإرهابي بالخوارج، فيما قال الرئيس الصومالي، في كلمته في ختام المؤتمر، إن الحكومة ملتزمة بمحاربة حركة الشباب فكريًّا وماليًّا وعسكريًّا، داعيًا علماء الدين للمساهمة في تحرير البلاد من التنظيم المتطرف.

وفي مايو 2022، فاز حسن شيخ محمود، برئاسة الصومال للمرة الثانية، في انتخابات طال انتظارها.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى في الصومال، فإن البلد المضطرب الواقع في القرن الأفريقي يواجه أيضًا خطر مجاعة تسبب بها أخطر جفاف تشهده البلاد منذ أكثر من 40 عامًا.

ويعاني من تداعيات الجفاف 7.8 مليون شخص، يشكلون نحو نصف سكان البلاد، بينهم 213 ألفًا مهددون بمجاعة خطرة، وفق الأمم المتحدة.

ودانت الهجوم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة في الصومال التي تعهدت الوقوف "إلى جانب جميع الصوماليين ضد الإرهاب".

ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "بشدة هذه الهجمات الشنيعة ويكرر تضامن الأمم المتحدة مع الصومال والتزامها ضد التطرف العنيف" حسبما قال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.

كما نددت واشنطن بالهجوم "البغيض" وأكدت للسلطات الصومالية دعمها "لتجنب هجمات إرهابية وحشية كهذه"، حسبما جاء في بيان صادر عن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان.

في بروكسل، قال مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأحد إن التكتل "يدين بشدة" الهجوم المزدوج في الصومال، مؤكدًا تصميم الأوروبّيين على محاربة الإرهاب.

بدوره، قدم البابا فرنسيس الأحد تعازيه لضحايا الهجوم الدامي.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن هذا العمل "الجبان" أظهر أن الصومال تحتاج إلى دعم إضافي لإنهاء العنف والجفاف، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها مستعدة للمساعدة في معالجة الجرحى وتقديم رعاية نفسية للضحايا.

وكانت حركة الشباب أعلنت مسؤوليتها عن هجوم استهدف الأسبوع الفائت فندقا في مدينة كيسمايو الساحلية خلّف تسعة قتلى و47 جريحا.

وكثف الشباب نشاطهم خلال الأشهر الأخيرة في الصومال، البلد الفقير والمضطرب في القرن الأفريقي. وتجلّى ذلك خصوصًا في هجوم كبير على فندق في مقديشو نهاية آب/أغسطس استمر حوالي ثلاثين ساعة.

وبعد هذا الهجوم الذي أسفر عن 21 قتيلا على الأقل و117 جريحا، وعد الرئيس حسن شيخ محمود بـ "حرب شاملة" للقضاء على المتطرفين الإسلاميّين.

وفي أيلول/سبتمبر، دعا السكان إلى "الابتعاد" عن المناطق التي يُسيطر عليها الجهاديون، مشيرا إلى أنّ القوّات المسلحة والميليشيات القبليّة تُصعد الهجمات ضدهم.

وفضلا عن تمرد حركة الشباب، تعيش الصومال خطر مجاعة وشيكة تسبّب بها أخطر جفاف تشهده البلاد منذ أكثر من أربعين عاما.

ويُعاني تداعيات الجفاف 7,8 ملايين شخص يشكلون حوالي نصف سكان البلاد، بينهم 213 ألفا مهددون بمجاعة خطرة، وفق الأمم المتحدة.