"أذرع الدوحة رفضت تنفيذ بنود الاتفاقية نكاية بالرياض"..

"اتفاق الرياض".. هل دفع "إخوان اليمن" ثمن التمرد على السعودية؟

"إن الحضور الإخواني في وادي حضرموت يمكّن المليشيات المدعومة من إيران من مواصلة صفقات تهريب الأسلحة والمشتقات النفطية التي تؤمنها النقاط العسكرية التابعة للمليشيات الإخوانية"

اتفاقية الرياض يرى المجلس الانتقالي ان هناك امكانية لإعادة تفعيل تنفيذ بنودها - أرشيف

نصر محسن
كاتب صحافي متعاون مع صحيفة اليوم الثامن

الـ5 من نوفمبر تشرين الثاني الجاري يدخل اتفاق الرياض الموقع في العام 2019م، عامه الرابع، وسط حالة من الترنح على اثر رفض القوى السياسية الموقعة عليه من طرف حكومة الرئيس اليمني المتنحي عبدربه منصور هادي، المضي في تنفيذ بنوده، واصرارها على الحرب عقب أيام من التوقيع على الاتفاقية التي أضحت من الماضي، الأمر الذي جعلها تمثل نقطة تحدٍ امام المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي لمحاربة التمدد الإيراني في اليمن.
منذ اللحظة الأولى لتوقيع الاتفاقية، شنت جماعة الإخوان حروبا متعددة على الجنوب، بغية السيطرة على عدن، غير ان القوات الجنوبية نجحت في التصدي لتلك القوات وأجبرتها على الانسحاب صوب مأرب التي قدمت منها.
ورفضت جماعة الإخوان المدعومة من قطر تنفيذ بنود الاتفاقية نكاية بالرياض التي لديها خلافات تاريخية مع الدوحة، رغم إعادة احياء العلاقات بعد ثلاث سنوات من القطيعة قبل نحو عامين.
وقاطعت السعودية ومصر والامارات والبحرين، قطر المتحالفة مع إيران على خلفية تورطها في دعم الحوثيين والتنظيمات المتطرفة للاضرار بأمن واستقرار تلك الدولة، لكن بعد ثلاث سنوات من المقاطعة اعادت هذه الدول علاقاتها مع الدوحة، لكن الأخيرة لا تزال تتعامل بموقف مناهض على الرغم من اعلان المصالحة العربية الخليجية مع الدوحة.
وتمرد الإخوان على اتفاقية الرياض، أعدته السعودية تمردا على رعايتها للاتفاقية وقيادتها للتحالف العربي لدعم إعادة الشرعية التي أطاح بها الحوثيون في صنعاء، وما عزز موقف السعودية تجاه الإخوان، حين أقدمت الاذرع القطرية بتسليم جزء من محافظة شبوة للحوثيين دون أي قتال في أواخر العام 2021م، وهو الأمر الذي دفع الرياض الى سحب قواتها من مطار شبوة، بعد ثبوت تورط جماعة الإخوان المدعومة قطرياً في التخطيط مع الحوثيين الموالين لإيران في شن هجمات إرهابية على القوات السعودية.
السعودية التي أعدت تمرد الإخوان بانه تحالفا بين الأذرع القطرية والاذرع الإيرانية في اليمن، عمدت إلى اطلاق مشروع اتفاق جديد، ولد من رحم مشاورات الرياض المنعقدة في الرياض برعاية من مجلس التعاون الخليجي، من خلال تشكيل مجلس قيادة رئاسي تشارك فيه كل القوى السياسية في اليمن والجنوب، وهو الأمر الذي اثار حفيظة إخوان اليمن الذين سارعوا إلى إعلان مواقف مؤيدة للحوثيين.
تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي اصبحوا شركاء فيه بعضوين هما سلطان العرادة محافظ مأرب، ومدير مكتب هادي، الإخواني عبدالله العليمي، اعده الإخوان انقلابا سعوديا على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي انتهت ولايته حكمه في العام 2014م، ومددت بفعل الانقلاب الحوثي في سبتمبر/ أيلول من العام الذي كان يفترض ان يسلم فيه هادي السلطة.
وقالت تقارير صحافية إن  اتفاق الرياض مثل منذ توقيعه بين الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي نقلة نوعية في توحيد الصف ، إذ توج طيلة 3 أعوام بترتيبات مهمة كان أبرزها مشاورات الرياض التي ولد منها تشكيل المجلس الرئاسي ليمثل قوى يمنية مختلفة في أبريل/نيسان الماضي. 
وقال موقع المشهد العربي إن الاتفاق حمل آمالا كبيرة لأن تتم معالجة التشوهات التي أحدثتها المليشيات الإخوانية على مدار الفترات الماضية، في إطار جهود مجابهة الإرهاب الحوثي، والتي مكّنت المليشيات المدعومة من إيران من البقاء على الساحة حتى الآن.
وأكد الموقع أن الطرف المسؤول عن عرقلة مسار اتفاق الرياض هي المليشيات الإخوانية الإرهابية، فهي تعمد إلى عرقلة تنفيذ الشق العسكري الذي يقضي بإخراج المليشيات الإخوانية من أراضي الجنوب وتحديدا وادي حضرموت.. مشيرا الى ان إقدام المليشيات الإخوانية الإرهابية على التمادي في هذه الجريمة المتمثلة في عرقلة الشق العسكري، فإن المليشيات الحوثية هي المستفيد الأول، كونها تجد نفسها في مأمن من الضغوط العسكرية.
وقالت تقارير صحافية إن حتمية تنفيذ اتفاق الرياض والضغط على المليشيات الإخوانية تعود بشكل مباشر، إلى أن هناك حاجة مُلحة لضبط بوصلة الحرب، بعدما تمادت المليشيات الحوثية في إرهابها.
وترْك الباب مفتوحا أمام العراقيل الإخوانية، سيدفع المليشيات الحوثية من التمادي في إرهابها ضد الجنوب، وهو ما يُشكل خطرا وتهديدا موسعا ضد الجنوب في الفترة المقبلة.
إلى جانب العمليات الإرهابية التي ترتكبها المليشيات الحوثية، فإن الحضور الإخواني في وادي حضرموت يمكّن المليشيات المدعومة من إيران من مواصلة صفقات تهريب الأسلحة والمشتقات النفطية التي تؤمنها النقاط العسكرية التابعة للمليشيات الإخوانية.
وقال موقع العين الاخباري إن المجلس الرئاسي الذي جاء نتيجة تعثر اتفاق الرياض عمل على إعادة إحياء الاتفاق الموقع قبل ثلاث سنوات، وتسريع تنفيذ بنوده وكان أحدثها تشكيل الوفد التفاوضي الخارجي بمشاركة المجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية أبرز القوى الفاعلة، فضلا عن تشكيل لجنة مالية للإشراف على الإيرادات برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي. 
وسبقه في أغسطس/آب الماضي إعادة انتشار القوات العسكرية والأمنية في محافظة أبين التي كانت قبل ذلك مسرحاً للتجاذبات والمواجهات بين قوات الإخوان والقوات الجنوبية لتستغل ذلك القاعدة ومليشيات الحوثي وتسعى للتغلغل في المجتمع المحلي.
وشكلت الترتيبات في أبين أبرز خطوة جوهرية بموجب اتفاق الرياض خلال العام الجاري، إذ مثل تحول على مستوى المعركة ضد الإرهاب ووجه ضربات قاصمة للقاعدة والتنظيمات الإرهابية وتطهير المحافظة التي ظلت لعقود معقل رئيسي للقاعدة وأنصار الشريعة.
وسبق أبين إعادة انتشار قوة دفاع شبوة في مختلف مديريات المحافظة النفطية المطلة على بحر العرب وذلك مطلع العام الجاري جنب إلى جنب مع نشر العمالقة لقواتها في المحافظة وطرد الحوثيين من بيحان.

ويعد اتفاق الرياض أول اتفاق سلام يحقق ثماره باليمن، ورغم وقوع بعض العراقيل من الإخوان لا سيما بالشق العسكري لكنه يمضي بخطى كبيرة نحو استكمال ما تبقى من بنوده منها الترتيبات العسكرية والأمنية.
وأصبح أمام حكومة الكفاءات التي تعمل من عدن وتشكلت أيضا بموجب اتفاق الرياض حزمة من الخطوات لاستكمال تنفيذ الاتفاق منها تعيين محافظي ومديري أمن في بقية محافظات الجنوب وإعادة هيكلة الوزارات بأكملها والترتيبات العسكرية والأمنية.
وهذا ما أكده متحدث المجلس الانتقالي الجنوبي، "علي الكثيري" مع حلول الذكرى الثالثة لتوقيع اتفاق الرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مشيرا إلى "الحاجة البالغة والملحة لاستكمال تنفيذ بنود الاتفاق".
وأكد الكثيري على ضرورة "إنهاء عملية المماطلة التي أدت إلى تعطيل تنفيذ جملة من بنود اتفاق الرياض ومنها نقل القوات العسكرية من وادي حضرموت ومحافظة المهرة إلى الجبهات".  
وأشار إلى أنه تبقى من بنود الاتفاق "استكمال تعيين محافظي ومديري أمن المحافظات وإعادة تشكيل وتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، والمجلس الاقتصادي الأعلى، فضلًا عن تنفيذ كافة إجراءات مشاورات الرياض وفي مقدمة ذلك هيكلة منظومة مؤسسات الدولة وإجراء التغييرات اللازمة في السلك الدبلوماسي".
وجدد المجلس الانتقالي الجنوبي التمسك بضرورة استكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض وما تمخضت عنه مشاورات الرياض، أكد أن "الاستمرار في تعطيل ذلك سيفاقم من التوترات والأزمات التي لا يمكن لشعبنا أن يتحمل تبعاتها على نحو يضعنا أمام مسؤولية وطنية وخيارات تحفظ لشعبنا حقوقه في العيش الكريم والانتصار لإرادته".
يشار إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الحامل السياسية لقضية دولة الجنوب السابقة التي دخلت في وحدة شراكة مع الجمهورية العربية اليمنية، وكان طرفا رئيسيا بموجب اتفاق الرياض مع الحكومة اليمنية كان يفترض أن يطوي الاتفاق صفحة قاتمة السواد ويوحد صف جميع المكونات تحت لواء الشرعية، غير ان الاذرع القطرية تعمل على عرقلة كل تلك الجهود الرامية إلى وضع نهاية وشيكة للحرب المدمرة.