تحت شعار «التعافي معاً التعافي بشكل أقوى»..

«مجموعة العشرين».. ما بين مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية والحرب الروسية الأوكرانية

تستمر المساهمة السعودية ضمن إطار «مجموعة العشرين» لتدعم جهود إندونيسيا، الدولة المستضيفة، في إنجاح القمة، قبل انتقالها في النسخة المقبلة إلى الهند

إندونيسيا

تتوجّه الأنظار إلى جزيرة بالي في إندونيسيا، حيث ستنطلق اليوم (الثلاثاء)، قمة قادة «مجموعة العشرين» بمشاركة 19 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وضيوف الشرف، حيث تزيّنت منطقة نوسا ومحيط فندق كمبينسكي، حيث ستجري الجلسات، بالأعلام واللافتات والزهور وأشجار المانجروف.
وبرغم التحديات التي تواجه جدول أعمال القمة نظير الانقسام غير المسبوق الذي يمرّ به العالم ودول المجموعة لعوامل عدة، آخرها الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا، تعوّل الدول الأعضاء في «مجموعة العشرين» ودول أخرى خارجها على مخرجات القمة لتحقيق الأجندة التي يعمل عليها القادة، ومنها هندسة الصحة العالمية والتحوّلات الرقمية والانتقال نحو مصادر الطاقة الجديدة أو المستدامة.
 

- الدولة العربية الوحيدة في المجموعة

وينوّه متخصصون بدور سعودي وازن تلعبه الدولة العربية الوحيدة ضمن التكتل الذي يضم أكبر 20 اقتصاداً حول العالم، ويسيطر على 90 في المائة من الناتج العالمي، منذ انضمامها إلى المجموعة في ســبتمبر (أيلول) من عام 1999، إبّان تشكيل المجموعة على مستوى الوزراء، قبل أن تُشارك في الاجتماعات على مستوى القمة منذ دورتها الأولى في ذروة الأزمة التي عصفت بالاقتصاد العالمي وعرفت بالأزمة المالية العالمية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، واحتضنتها حينذاك العاصمة الأميركية واشنطن.
ويرتكز ثقل السعودية في المجموعة على عوامل عدة، كونها أكبر مصدّر عالمي للنفط، وقائد أهم وأكبر تحالف في تاريخ صناعة النفط الخام منذ عام 2016، علاوة على أنها تمثل أكبر اقتصاد عربي بإجمالي ناتج محلي يقترب من 3 تريليونات ريال، ما يشكل ثقلاً فاعلاً بين اقتصادات دول مجموعة العشرين الكبرى.

- تنويع الاستثمارات

ووفقاً لتقارير دولية، لم تكتفِ السعودية بتطوير صناعتها في قطاعي النفط والبتروكيماويات، بل باتت اليوم تنافس دول مجموعة العشرين في تنوع اقتصاداتها، من خلال تحقيق أهداف خططها ضمن رؤيتها التنموية «رؤية 2030» التي تهدف إلى تخفيف اعتمادها على النفط كمصدر أساسي للإيرادات، عبر ضخ استثمارات في قطاعات عديدة منها التكنولوجيا والصناعة والزراعة. وتحتل السعودية الترتيب الخامس من حيث الأصول الاحتياطية الأجنبية للبنك المركزي السعودي، بقيمة بلغت 440 مليار دولار.
 

- نقطة مضيئة وسط آفاق متشائمة

وأشار تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» عقب انتهاء أعمال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار «دافوس الصحراء» الذي اجتمع فيه قادة المال والأعمال من حول العالم، إلى أن السعودية تشهد أفضل أوقاتها الاقتصادية، إذ تتدفق أموال النفط لتدفعها نحو «تحقيق أسرع معدل نمو في دول مجموعة العشرين»، ووصف التقرير الاقتصاد السعودي في أعقاب جائحة «كوفيد - 19» بأنه «نقطة مضيئة في عالم تسوده آفاق متشائمة».
وتعزز الدور السعودي الفاعل داخل «مجموعة العشرين» باستضافة البلاد واحدة من أفضل نسخ اجتماعات «مجموعة العشرين» على الإطلاق، خلال جائحة «كوفيد - 19» التي ألقت بظلالها على العالم لعامين متتاليين، وما زالت آثارها الاقتصادية تكتسي كثيراً من البقع حول العالم. وبالرغم من التحديات الصحية التي رافقت عام 2020، فإن «مجموعة العشرين» أشادت بالتنظيم والاستضافة السعودية، حيث لم تمنعها جائحة كورونا التي أثقلت كاهل الاقتصاد العالمي، من عقد اجتماعات على مستوى الفنيين والوزراء ومحافظي البنوك المركزية والرؤساء لمجموعة العشرين خلال العام الماضي، قبل أن يترأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اجتماع القمة على مستوى القادة بالتقنية الافتراضية.

- زمام المبادرة في ملفات عالمية

وفضلاً عن ذلك، تعمل الرياض على أخذ زمام المبادرة في ملفات حيوية مرتبطة بمصائر العالم، ومن ذلك دورها في الوساطة بين الجانبين الروسي والأوكراني ضمن الصراع الدائر بتأثيراته الواسعة، وكذلك على صعيد المناخ والاستثمار والاقتصاد وتطوير عمليات التحوّل إلى مصادر الطاقة النظيفة، لتخرج تلك المبادرات بنتائج واضحة المعالم في سبيل دعم الجهود الدولية.

ولفتت الباحثة في مركز سياسات الطاقة العالمية كارين يونغ، إلى الرؤية الوطنية في السياسات الاقتصادية الجديدة للرياض بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «بعيداً عن منحى المصالح السياسية»، في إشارة إلى التوتر الأخير الناجم عن قرار مجموعة «أوبك بلس» خفض إنتاجها النفطي لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وتؤكّد يونغ أنه «إذا تمكنت السعودية من حماية اقتصادها مع تقلبات الطلب العالمي على الطاقة والنفط، فلا يمكن لأحد أن يمنعها من أخذ الريادة في نوع مختلف من التنمية الاقتصادية»

وعلى جانب آخر، تداولت وسائل إعلام دولية جدول أعمال قمة «مجموعة العشرين» مساء اليوم (الثلاثاء)، واجتماعات قادة الوفود المشاركة، مشيرةً إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، سيلتقي عدداً من قادة دول المجموعة على هامش القمة، أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك.

وافتتح الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قمة مجموعة العشرين في بالي اليوم الثلاثاء، حيث من المتوقع أن يضغط قادة دول المجموعة على روسيا العضو فيها من أجل إدانة حربها ضد أوكرانيا.

وقال ويدودو "إنه شرف لبلاده أن تستضيف هذه القمة"، مضيفاً "أدرك أننا نحتاج إلى جهود ضخمة حتى نتمكن من الجلوس معاً في هذه القاعة".

إنهاء الحرب

وأكد أن المسؤولية تقتضي أن "إنهاء الحرب"، في إشارة إلى الصراع الروسي الأوكراني الذي دخل شهره التاسع.

إلى ذلك، دعا إلى تجنب "انقسام العالم إلى عدة معسكرات"، مضيفاً "يجب ألا ندع العالم ينزلق إلى حرب عالمية جديدة، ويجب ألا نفشل في ذلك".

تأتي تلك التصريحات فيما تهيمن على القمة المسألة الروسية الأوكرانية، وسط شبه إجماع دولي على إدانة القتال الحاصل.

تنديد معظم الأعضاء

وكان مسؤول أميركي رفيع أفاد بوقت سابق اليوم، أن البيان الختامي للقمة سيتضمن تنديداً شديداً لمعظم الدول الأعضاء بالحرب الروسية الأوكرانية. وقال متحدثاً إلى الصحافيين بشرط عدم كشف هويته "أعتقد أنكم سترون معظم أعضاء مجموعة العشرين يعتبرون هذه الحرب المصدر الأساسي للمعاناة الاقتصادية والإنسانية الهائلة في العالم".

يذكر أنه إلى جانب الملف الروسي، ستناقش مجموعة العشرين أمن الغذاء والطاقة، كما ستصدر إعلانات بشأن مبادرات تتعلق بصندوق مكافحة الأوبئة، وإصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف، وغيرها.

وشاركت دولة الإمارات في قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، التي تعقد اليوم الثلاثاء من 15 إلى 16 نوفمبر تحت شعار «التعافي معاً التعافي بشكل أقوى»، بوفد رفيع من الوزراء.

وسيبحث هذا التجمّع العالي الذي يضمّ أهم القوى الاقتصادية في العالم تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي في احتواء ومواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية.

وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي: إنّ مشاركة دولة الإمارات في «قمة مجموعة العشرين» تكتسب أهمية كبيرة بالنسبة للدولة، نظراً للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، واقتصادات الدول النامية بشكل خاص، وكذلك لدور دولة الإمارات الفاعل في تعزيز الاقتصاد العالمي، كونها مورداً موثوقاً ومسؤولاً ومزوّداً رئيسياً للطاقة، وفي ضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية، فضلاً عن برامجها الطموحة في الابتكار والاستثمار في الطاقة النظيفة.


وقال «إنّ مشاركة دولة الإمارات في أعمال القمة دولةً ضيفاً، تأتي في إطار التزامها بالعمل مع شركائها الدوليين لتحفيز النمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية العادلة في جميع أنحاء العالم».

وأشار إلى أنّ دولة الإمارات حريصة على العمل المشترك البنّاء إقليمياً ودولياً، وتقديم كل الدعم لجهود الاستقرار والتنمية. وأنها ستضاعف التزاماتها بالعمل العالمي الفعّال لتحقيق هذه الغايات.


وأضاف «يبقى تعزيز النتائج الاقتصادية في القطاعات الرئيسية، وضمان أن تعيش جميع المجتمعات بكرامة، من أهم أولويات دولة الإمارات، خلال مشاركتها، لهذا العام. وهذا الاهتمام ما هو إلّا امتداد للسياسة الخارجية الإماراتية التي تسعى دائماً لدعم شركائنا في جميع أنحاء العالم، وأن تكون صوت الدول الأخرى غير الممثلة في مثل هذه الاجتماعات».

مشيراً إلى أن دولة الإمارات ستؤكد في هذا المحفل العالمي، أنّ الحوار والدبلوماسية هما الخيار الأنجح لتعزيز التضامن والثقة الدوليين، ومعالجة الأزمات، والبناء على المصالح المشتركة.

فيما أوضح أحمد الصايغ، وزير الدولة و«الشيربا» الإماراتي بمجموعة العشرين، أن دولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد، حريصة على التعاون مع المجتمع الدولي ودعم كل الجهود المبذولة من أجل مواجهة التحديات التي يشهدها العالم ولتعزيز منظومة الازدهار العالمي.

وأضاف «تؤكد دولة الإمارات التزامها بالدعم المستمر للأولويات التي أقرّت خلال اجتماعات هذه المجموعة، وأهمية هذه المنصة، كونها ملتقى اقتصادياً رئيساً يسهم في ضمان التعاون الدولي وضمان الاستقرار الاقتصادي الدولي».

وقال «تسعى الإمارات إلى تعزيز العمل عبر مجموعات العمل المختلفة في عدد من القضايا الرئيسة كملفات الصحة العالمية، والأمن الغذائي، والتحديات المناخية، ومكافحة الفساد، والابتكار الرقمي، وتمكين المرأة، وغيرها من المواضيع المطروحة في مجموعة العشرين المنعقدة في إندونيسيا لهذا العام».


وقال عبدالرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، تؤدي الوزارة دوراً محورياً وريادياً في القضايا الدولية ضمن القمة، ويأتي ذلك في إطار توجيهات القيادة الرشيدة لتعزيز التعاون والعمل معاً لصياغة مستقبل صحي مرن، قادر على مواجهة التحديات الصحية ويدعم أهداف التنمية المستدامة.

وأضاف «حرصت دولة الإمارات على العمل بروح من التضامن مع المجتمع الدولي منذ بداية تفشي جائحة «كورونا»، وكانت في طليعة الدول التي قدمت المساعدات الطبية التي وصلت إلى 135 دولة».

فيما أشار محمد بن هادي الحسيني، وزير الدولة للشؤون المالية، إلى أن دولة الإمارات أدت دوراً حيوياً خلال مشاركتها في اجتماعات المسار المالي لمجموعة العشرين هذا العام، وأسهمت في وضع وتطوير المبادرات العالمية الرائدة على غرار إطلاق صندوق الوقاية من الأوبئة، الذي سيؤدي دوراً رئيسياً في سد فجوات التمويل ومساعدة الدول النامية في الاستعداد بشكل أفضل للأوبئة والتأهب والاستجابة لها.


وأضاف «شاركت دولة الإمارات في إطلاق مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ الهادفة إلى زيادة الاستثمارات في النظم الغذائية العالمية المستدامة والمبتكرة والمقاومة لعوامل التغير المناخي، إلى جانب وضع التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي العالمي وتعزيز الاستدامة المالية على المدى البعيد، والنهوض بخريطة التمويل المستدام لمجموعة العشرين، وإعداد جدول أعمالها لتعزيز الاستثمارات المستدامة في البنية التحتية».

إلى ذلك أكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية ضرورة التعاون الدولي البنّاء والعمل المشترك، لاتخاذ القرارات القادرة على مواجهة التحديات في قطاع الطاقة والعمل المناخي التي فرضتها المتغيرات العالمية المتسارعة خلال السنوات الأخيرة. مشيراً إلى أن دولة الإمارات تعمل دائماً مع مختلف دول العالم بهدف دفع عجلة التنمية المستدامة وتنفيذ المشاريع الرائدة العالمية في الطاقة. كما تدعم الالتزامات والأولويات التي حددتها المواثيق والأعراف الدولية والتي تتواءم مع توجهات القيادة الرشيدة الهادفة لتعزيز قطاع الطاقة.

وأوضح أن دولة الإمارات تحرص على الحوار مع جميع الدول تحت مظلة المنظمات الدولية، بشأن التحديات التي تواجه قطاع الطاقة. وتسعى إلى تحقيق أقصى قدر من الكفاءة والفاعلية في قطاع الطاقة بالتوازي مع جهودها في التقليل من الانبعاثات الكربونية والاستهلاك.

وقالت مريم المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة «نشكر جمهورية إندونيسيا على دعوة دولة الإمارات للمشاركة في أعمال اجتماعات مجموعة العشرين هذا العام. ونحن نؤكد التزامنا بالتعاون مع جميع الدول عبر إطار مجموعة العشرين لتعزيز تبني التنمية المستدامة العادلة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في الدول التي لا تتمتع بالتمثيل الكافي. ونأمل بأن تركز قمة القادة على تكثيف العمل المناخي الجماعي، وحماية النظم البيئية والحفاظ عليها واستعادتها، ومواجهة تحديات تحول النظم الغذائية والأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم».

وأضافت «ما نحتاجه في الوقت الحاضر هو تبني نهج المشاركة الذي يجمع بين الحكومات وأصحاب الشأن في القطاع الخاص والمنظمات غير الربحية والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، مع تمكين الشباب والنساء ومجتمعات السكان الأصليين. وبالتالي، يتعين علينا التضامن بإقامة شراكات إقليمية وعالمية هادفة يمكن أن تساعد في مواجهة التحديات المشتركة بطريقة استباقية ومنهجية».

وأكد عمر سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، أن «دولة الإمارات تؤمن بمحورية العمل المشترك والتعاون العالمي وتكثيف الجهود الدولية لإيجاد حلول شاملة تضمن دفع عجلة النمو العالمي المتواصل وجهود التعافي الاقتصادي. وقمة مجموعة العشرين منصة عالمية ومنتدى رئيسياً للتعاون الاقتصادي، يناقش أهم النتائج التي توصلت إليها الدول المشاركة في الاجتماعات السابقة وأبرز القرارات في ضوء انحسار جائحة كوفيد-19، وتوجه العالم نحو مرحلة جديدة من التنمية».