الأزمة الإيرانية..

خارطة طريق الخلاص في إيران.. مريم رجوي تدعو العالم لمساندة اسقاط النظام

أجبرت مظاهرات حاشدة في سنندج وبوكان ، في الساعات الأولى من فجر الخميس ، قوات أمن النظام على الانسحاب إلى هوامش المدينة ، وردد المواطنون شعارات مناهضة للنظام واجتاحوا المراكز الحكومية

الرئيسة المنتخبة من المقاومة الايرانية مريم رجوي

محرر الشؤون الإقليمية
محرر الشؤون الاقليمية والملف الإيراني
طهران

احتفلت الانتفاضة الشعبية في جميع أنحاء إيران بيومها الثالث والستين ، الخميس 17 نوفمبر ، واليوم الثالث من الإضراب الوطني لإحياء ذكرى انتفاضة نوفمبر/ تشرين، الدموية لعام 2019 ، حيث واصل الناس من جميع مناحي الحياة احتجاجاتهم من خلال الإضرابات والتجمعات والتجمعات والهجمات ضد النظام برمته، فيما دعت رئيس المقاومة الإيرانية المنتخبة مريم رجوي العالم إلى مساندة الإيرانيين في اسقاط النظام.

وقالت مصادر إيرانية لصحيفة اليوم الثامن إنه مع تصعيد قوات أمن النظام حملتها المميتة ضد الشعب الإيراني ، استشهد المزيد من المتظاهرين على يد القوات القمعية".. لافتة إلى أن الشعب الإيراني أظهر مرونة غير مسبوقة من خلال الهجمات الجريئة والشرسة على المكاتب الحكومية وأي مسؤول مرتبط بالنظام. وتعرضت مواقع حرس الملالي وقوات الباسيج للنهب والإحراق في عدة مدن خلال الأيام القليلة الماضية".

وصد المتظاهرون الهجمات المميتة بشكل متزايد من قبل وحدات الأمن وأجبرتهم على الفرار أثناء إحراق سياراتهم ودراجاتهم النارية. وسقطت المباني الأمنية في العديد من المدن في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في المناطق الكردية ، في أيدي المتظاهرين.

وأظهرت مقاطع فيديو أن عقيدًا في حرس الملالي وعددًا من أفراد قوات الأمن الخاصة وعملاء يرتدون ملابس مدنية قد عوقبوا اليوم بالضرب على أيدي متظاهرين غاضبين.

ووسّع القطاعان التجاري والصناعي ، بما في ذلك التجار الأقوياء في الأسواق التقليدية لإيران ، إضراباتهم لليوم الثالث على التوالي في طهران وما لا يقل عن 15 مدينة أخرى.

وأغلقت الأسواق الشهيرة في طهران وأصفهان وتبريز أبوابها في إضراب عام احتجاجًا على قمع النظام. وشملت المدن الأخرى التي تم الإبلاغ فيها عن الضربات إيلام ، وراسك ، وسوراك ، وقزوين ، وبندر عباس ، وكركان ، وكامياران ، ومريوان ، وجوان رود ، وروانسر ، وخرم آباد.

وأجبرت مظاهرات حاشدة في سنندج وبوكان ، في الساعات الأولى من فجر الخميس ، قوات أمن النظام على الانسحاب إلى هوامش المدينة ، وردد المواطنون شعارات مناهضة للنظام واجتاحوا المراكز الحكومية.

وأفاد ناشطون في بوكان أن المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع وأقاموا حواجز على الطرق وسيطروا على مناطقهم مع استمرار الاضطرابات في هذه المدينة الواقعة شمال غرب إيران.

وشهدت المدينة بعض الاشتباكات العنيفة للغاية منذ الصباح. فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين وأفاد السكان المحليون بمقتل شخص واحد على الأقل. ونصب المتظاهرون في سنندج حواجز واشتبكوا مع قوات الأمن.

وفي ثماني مناطق على الأقل من طهران ، خرج الناس بأعداد كبيرة للاحتجاج وترديد الشعارات المناهضة للنظام ، بما في ذلك ، "الموت للديكتاتور" ، "الحرية! الحرية! الحرية!" ، "هذا هو العام الذي سيسقط فيه السيد علي (خامنئي) أطيح به! "،" سنوات عديدة من الجرائم! الموت لنظام الملالي! "

كما تم الإبلاغ عن احتجاجات واشتباكات في مشهد وأراك وشيراز وماسال وسقز وسنندج وسميرم وباغ ملك وفارس وكرج وأورمية وبهشهر وبيجار وآبدانان وبيجار. كان الناس يرددون ، "الموت للديكتاتور ، الموت لخامنئي ، يجب أن يرحل الملالي". واندلعت اشتباكات في عدة مدن بين المتظاهرين وقوات الأمن.

الوقوف في الجانب الصحيح

 

من حهتها، دعت الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وضع حد لتقاعسهما. وأضافت أن التفاوض والتعامل مع نظام لا يبقى في السلطة إلا من خلال المجازر والجرائم هو استهزاء بمبادئ حقوق الإنسان المعترف بها عالميا.

حثت الرئيسة المنتخبة من المقاومة الايرانية مريم رجوي المجتمع الدولي على الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ ومساندة الشعب الايراني الذي يعلم بانه لن ينال الحرية على طبق من ذهب.  

ودعت خلال كلمة وجهتها الى مؤتمر عقده اعضاء في مجلسي النواب والشيوخ الايرلنديين  في دبلن للاعتراف بحق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه ونضاله من أجل إسقاط النظام   بما في ذلك نضال شباب الانتفاضة ضد قوات الحرس. 

وطالبت في كلمتها لمؤتمر “انتفاضة الشعب الإيراني الوطنية، لا للنظام القامع للمرأة، نعم لجمهورية ديمقراطية” باغلاق سفارات نظام الملالي التي تعمل على قمع وقتل أبناء الشعب الإيراني، طرد عملاء وعناصر مخابرات الملالي من الاراضي الاوروبية، وإدراج وزارة المخابرات وقوات الحرس في قوائم الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. 

واكدت على ان ايران في مرحلة تحول، مشيرة الى الهتافات التي يطلقها الايرانيون في شوارع المدن الايرانية، الداعية بالموت لخامنئي، مما يعكس مطلب تغيير النظام. 

وقالت رجوي ان المواطنين يبحثون عن مستقبل ديمقراطي، في جمهورية ديمقراطية قائمة على أصوات الشعب وفصل الدين عن الدولة، تتساوى فيها جميع المكونات، سواء النساء والرجال او القوميات والاديان. 

واوضحت في كلمتها “نقول لا للدين الإجباري ولا للحجاب القسري ولا لحكم الجور” ولتحقيق هذا الهدف، يؤكد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المكوّن من تيارات سياسية مختلفة، على التوحّد من أجل تغییر النظام وتحقيق الديمقراطية في البلاد. 

 واشارت الى ان المجلس أقدم ائتلاف سياسي في تاريخ إيران المعاصر، سرّ بقائه التزامه بالمبادئ والشفافية في المواقف وتنظيم علاقاته الديمقراطية. 

ولدى استعراضها لخلفيات الانتفاضة الشعبية قالت رجوي انها  لم تكن وليدة الساعة، فهناك نساء إيرانیات يشكلن القوة الرئيسية للتغيير مقابل النظام المعادي للمرأة، مشيرة الى سجن وإعدام عشرات الآلاف من الإيرانيات الحرائر لأسباب سياسية خلال العقود الاربعة الماضية. 

واضافت ان 120 ألفاً من النساء والرجال الإيرانيين نذروا  أرواحهم من اجل الحرية، مشيرة الى ما جرى في صيف عام 1988، حيث تم ارتکاب مجزرة بحق ثلاثین ألف سجين سياسي، ومن بين المتورّطین في هذه المجزرة إبراهيم رئيسي الرئيس الحالي للنظام. 

وكان من بين المتحدثين في اجتماع مجلسي النواب والشيوخ الايرلندي السناتور جيري هوركان، رئيس مجلس الشيوخ لإصلاحات قانون مجلس الشيوخ، السناتور كاثرين نون، النائب آلان ديلون، النائب جيم هيغينز، النائب السابق لوزير الدفاع والخزانة والسيناتور جو أوريلي، نائب رئيس مجلس الشيوخ للشؤون المالية ورئيس الوفد الأيرلندي في مجلس أوروبا السناتور نيد أوسوليفان، وزير الخارجية من 2011 إلى 2014 جون بيري ، والسناتور شارون كيجان، النائبة ماريان هاركين والسيناتورة باري وارد. 

وأعلن نواب الشعب الأيرلندي دعمهم الثابت للانتفاضة الإيرانية، وأشادوا بشجاعة وصمود الشعب الإيراني، ولاسيما النساء.

 

إيران ... مقترحات الوقت الضائع

 

وجهت الانتفاضة الشعبية في ايران رسالة واضحة بانها خارج نطاق السيطرة، يوم الثلاثاء الماضي، بتجديد فعالياتها في الذكرى الثالثة لانتفاضة نوفمبر 2019، حيث  اجتاحت موجات الغضب أكثر من 60 مدينة و 60 سوقا و 40 جامعة، وشارك فيها البازاريون والنقابات. 

ترددت خلال فعاليات الشهر الثالث على التوالي الهتافات التي تؤكد عزم المنتفضين على المواصلة حتى الإطاحة بالملالي، مثل “الفقر والفساد والغلاء، مستمرون حتى إسقاط النظام” لتعيد ادعاءات النظام بقرب نهاية الاحتجاجات الى مربعها الاول، وتجبر بعض اطرافه على الاعتراف بما وصلت اليه الامور. 

كتب المدعي العام السابق في محكمة الثورة، الإصلاحي المهمش عباس عبدي  ان أوضاع المجتمع الإيراني لن تعود على الإطلاق إلى ما كانت عليه قبل بدء الاحتجاجات، داعيا الولي الفقيه لخطوة الى الامام تتمثل باللجوء إلى الأصوليين المستقلين والقوى المستقلة في الاقتصاد والثقافة والجامعة والسياسة والرياضة والفن لايجاد مخرج للحكومة قبل انهاء النظام. 

اكد عبدي على ان هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن التعامل من خلالها مع المجتمع الايراني، وكان واضحا انه لم يجرؤ على وضع الاصلاحيين المتورطين في مجزرة عام 1988 ضمن القوى المفترض مشاركتها في توفير المخارج للنظام. 

لمصطلح “الطريقة الوحيدة” الذي استخدمه عبدي تفسير واحد هو عدم جدوى توحيد ودمج ابراهيم رئيسي مع الاصوليين المستقلين، وقد يكون المعني بالمستقلين الاصوليين امثال علي وصادق لاريجاني، مما يحول دون استماع خامنئي للاقتراح الذي جاء بعد شوط واسع قطعته الانتفاضة. 

كان المحتال خامنئي على قناعة بوصوله الى طريق مسدود، عندما استبعد الأخوة لاريجاني، ودفعهم إلى الهامش، مستشرفا الاوضاع في المستقبل، وعيّن إبراهيم رئيسي باعتباره الورقة الأخيرة لعرقلة طريق الانتفاضة ووحدات المقاومة، والقضاء على مجاهدي خلق والمقاومة المنظمة. 

بذلك تاتي الاقتراحات الترقيعية التي تطرح بين الحين والأخر، لتضاف الى محاولات فاشلة، بعد عامين من المواجهة الشاملة التي خاضتها المقاومة المنظمة في مواجهة الملالي، وجذرت من خلالها حالة من التمرد والإصرار على الإطاحة بالنظام، وطي صفحة الولي الفقيه. 

 المقترحات المطروحة لمنع انهيار نظام الملالي بعض سرديات ابقاء الاوضاع على ما هي عليه، واعادة انتاج حكم الولي الفقيه الذي بلغ ذروة عجزه، مرورا باعاقة الصعود المستمر للانتفاضة، الامر الذي رد عليه المنتفضون بالتصعيد، واطلاق هتفات الاستمرار حتى النهاية.

كرس احياء ذكرى انتفاضة 2019 في يومي الثلاثاء والاربعاء الماضيين، واستذكار الشهداء الـ 1500 الذين سقطوا خلالها، بتظاهرات شملت 70 مدينة و50 جامعة و60 سوقا الحقائق التي تفرضها احتجاجات الشعب الايراني يوميا على الارض.

اظهرت الفعاليات روحا جديدة، تمثلت في حيوية المتظاهرين، وجسارة مبادراتهم، ومواجهتهم قوات النظام مقابل حالة الانهيار المعنوي التي ظهرت على قوات الحرس والاجهزة الامنية، التي حاولت عبثا الحد من اندفاع المنتفضين.

وافاد تقرير لاحدى عضوات وحدات المقاومة من بوكان ان المنتفضين استولوا على وسط المدينة حيث ساد الحماس و الفرحة العارمة بين الاهالي، وسط دعوات لقوات خامنئي الخائفة والمنهارة بتسليم اسلحتها لأهالي المدينة قبل فوات الأوان، تجنبا لردود خاطفة قد تقوم بها الوحدات.

واظهر التقرير الذي بثه تلفزيون الحرية التابع للمقاومة الإيرانية “سيماي آزادي” حالة الخوف والانهيار التي تعيشها قوات خامنئي، وتضمن رسومات لمشهد الهجوم على أحد مراكز المدينة والاستيلاء عليه، رغما عن وحشية القوات القمعية المدججة بالسلاح.

وسيطر المواطنون على الساحة والشارع والحي لفترة، بوضع المتاريس في الشوارع، وترديد هتافات من قبيل “سنقاتل ونموت، ونسترد إيران” ولم يردعهم اطلاق النيران عن اجبار المرتزقة المسلحين على الفرار.

وجرى تداول مقطع فيديو لتصريحات مساعد رئيس منظمة سراج التابعة لقوات الحرس بويان حسين بور خلال توجيهه كلمة لمجموعة من مقاتلي الباسيج يقول فيها ان “هذا الجيل لا يعرف الخوف، يقاوم بكل شراسة، اشتبك معنا بالأمس في زقاقٍ لمدة ساعة ونصف، كان في السابق يغادر الساحة حين نهجم عليه، لكنه صمد هذه المرة وقاتل لمدة ساعة” ويعترف من خلاله بدعم المواطنين المؤثر للمنتفضين.

اشار بور لهروب قواته في بعض الأزقة، نتيجة لإمطارها بالحجارة قائلا ” اذا كان الزقاق يضم 30 مبنى، يلقي المواطنون علينا الحجارة من الـ 30 مبنى، وإذا كان المبنى مكونًا من اربعة طوابق، يلقون علينا الحجارة والزهريات واجهزة الكي والبراميل والمقاعد من الاربعة طوابق.

ما جرى في بوكان حدث ما يشبهه في طهران وكرج وشيراز وسنندج وكامياران، ورشت وبندر عباس وغيرها من المدن الايرانية، والتصريحات التي أطلقها بور غيض من فيض، تثبت ضرورات الصمود ودفع الثمن، واظهار الصلابة في المقاومة.

جاءت احداث الايام الماضية لتؤكد مجددا على ان طريق الحل يكمن في مقولة “لا يفل الحديد إلا الحديد” التي تحولت الى جزء من خارطة طريق للخلاص، وهتاف في جميع انحاء ايران، بدد ادعاءات وتنظيرات الاستسلام التي يرددها نظام الملالي، واهما بتأثيرها على المنتفضين.