ندوة سياسية نظمها منتدى الجنوب للتنمية السياسية..

الفساد في مؤسسات عدن الحكومية.. مفهومه وأسبابه وأنواعه ومظاهر تجلياته وسبل مكافحته

دعوة المجلس الانتقالي الى تشكيل مجموعة من القضاة الجنوبيين المشهود لهم بالنزاهة وتأهيل فريق متكامل من المتخصصين وتفريغهم للقيام بواجب كشف بؤر الفساد داخل المؤسسات الحكومية كخطوة أولية من خلال التحذير من الفساد في الوسائل الإعلامية المعاصرة

منتدى الجنوب للتنمية السياسية

ناصر الخضر
ضابط عسكري متقاعد
عدن

نظم منتدى الجنوب للتنمية السياسية والاجتماعية، حلقة نقاشية حول "الفساد في المؤسسات الحكومية بالعاصمة الجنوبية عدن، مفهومه واسبابه وانواعه ومظاهر تجلياته وسبل مكافحتها.

مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات تعيد نشر المادة (حصرياً)، في اطار التعاون بين المؤسسة والمنتدى.

المقدمة

أشار القرآن الكريم إلى مسألة مهمة جدا ألا وهي أثر النظام السياسي في تدمير وتمزيق وانهيار وحدة المجتمع وتهديد وجوده من الأساس من خلال افساد المجتمع وافساد ما في الأرض.

فالقرآن الكريم مرة يطرح مسألة الحكم وطبيعته في اشاعة ظاهرة الفساد من طغيان واستبداد واسراف وتعالي وتكبر واحتقار الآخرين وهذا ما نجده في الأنظمة المستبدة الدكتاتورية، فأجهزة الدولة كلها مسخرة لخدمة الحاكم وحاشيته، فمصالح الأمة والمجتمع مسحوقة وكرامتهم مهدورة. فنزوات الحاكم قرارات وشهواته فوق مصالح المجتمع، فتصبح إمكانيًات الأمة والمجتمع الاقتصادية والفنية والاجتماعية وغيرها من امكانيًات أسيرة بيد ذلك الحاكم المستبد.

القرآن الكريم اشار إلى حقيقة اجتماعية مهمة وهي لفت الانتباه إلى اثر تلك الانظمة السياسية الظالمة في تخريب وحدة المجتمعات وسقوطها وهدم روابطها وتمزيقها وقد اشار القرآن الكريم صراحة؛ ان تلك الانظمة هي السبب في فساد المجتمع نتيجة استبداد وطغيان الحكام من خلال السيطرة على المواقع العليا في أجهزة الدولة، لتحقيق مصالح خاصة لنخبة محددة وعادة ما يتم اقتناص الدولة بوسائل عديدة منها أدوات ووسائل الفساد السياسي.

محاور الحلقات النقاشية:

الحلقة الأولى: المنعقدة في يوم الخميس الموافق 8- 12- 2022م الساعة الثالثة عصرا والموسومة بـــ ظاهرة الفساد في المؤسسات الحكومية في العاصمة عدن

مفهومه أسبابه مظاهرة سبل علاجه

-        السؤال الأول: مفهوم الفساد لغة اصطلاحا

-        السؤال الثاني: ما هي أنواع الفساد؟

-        السؤال الثالث: أسباب الفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية في العاصمة عدن؟

-        السؤال الرابع: مظاهر الفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية في العاصمة عدن؟

-       مفهوم الفساد، أسبابه، آثاره

الفساد في اللغة هو: "خروج الشيء عن الاعتدال قليلا كان الخروج عنه أو كثيرا، ويضاده الصلاح. ويستعمل ذلك في النفس، والبدن، والأشياء الخارجة عن الاستقامة، يقال: فسد فسادا وفسودا، وأفسده غيره"

فساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد عربياً بأنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق، مما يجعل تلك التعابير المتعددة عن مفهوم الفساد، توجه المصطلح نحو إفراز معنى يناقض المدلول السلبي للفساد، فهو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد (القدرة والتصرف).

يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بانه «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة». وقد يعنى الفساد: التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة.

ويصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلى حالة دون الحالة المثالية. والكمال لله عز وجل. بمعنى التغير للأسوأ. ويكون هنا ضد الإحسان وضد التحول أو التغير إلى الحالة المثالية.

عرّف البنك الدولي الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة؛ وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد. يمكن للفساد أن يشمل العديد من الأنشطة التي تتضمن الرشوة والاختلاس، ويتضمن أيضًا ممارسات تُعد قانونية في العديد من البلدان. يحدث الفساد السياسي عندما يتصرف صاحب المنصب أو أي موظف حكومي آخر بصفة رسمية لتحقيق مكاسب شخصية.  

الفساد والجريمة هما حدثين اجتماعيين متوطنين يظهران بشكل منتظم في جميع البلدان تقريبًا على نطاق عالمي بدرجات ونسب متفاوتة. تخصص كل دولة موارد محلية للسيطرة على الفساد وتنظيمه وردع الجريمة. غالبًا ما تُلخَّص الاستراتيجيات التي تُتَّخَذ من أجل مكافحة الفساد تحت مظلة مصطلح مكافحة الفساد. إن مبادرات الأمم المتحدة العالمية مثل الهدف 16 للتنمية المستدامة لها أيضًا هدف موجَّه من المفترض أن يقلل بشكل كبير من الفساد بجميع أشكاله.

ماهي أسباب الفساد في المؤسسات الحكومية في الجنوب  

-       جشع المال والرغبات.

-       مستويات أعلى من السوق والاحتكار السياسي

-       ضعف المشاركة المدنية وضعف الشفافية السياسية

-       مستويات أعلى من البيروقراطية وهياكل إدارية غير فعالة

-       حرية الصحافة منخفضة

-       حرية اقتصادية منخفضة

-       انقسامات سياسية كبيرة ومستويات عالية من المحسوبية داخل المجموعة

-       عدم المساواة بين الجنسين

-       الفقر

-       عدم الاستقرار السياسي

-       عدوى من الدولة اليمنية مجاورة فاسدة

-       انخفاض مستويات التعليم

-       عدم الالتزام تجاه المجتمع

-       تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

-       أنواع الفساد

-        الفساد الأخلاقي والتشريعي

الفساد التعليمي والثقافي

الفساد البيئي

الفساد الأمني

الفساد الإعلامي

الفساد المالي

الفساد الإداري

-       الحقلة الثانية المنعقدة في يوم الخميس الموافق 15-  12- 2022م الساعة الثالثة عصرا والموسومة بـــ

-       مفهوم الفساد المالي والإداري؟

-       أسبابه وأنماطه وكيفية مكافحته

 الفساد المالي في المؤسسات والمرافق الحكومية في العاصمة عدن

وأما الفساد في الاصطلاح المعاصر فتتعدد تعريفاته بتعدد مجالاته، وتختلف باختلاف أنواعه: وأنواع الفساد كثيرة، فهنالك الفساد السياسي، والفساد الإعلامي، والفساد الاقتصادي، والفساد الاجتماعي...الخ. وما يهمنا هنا هو التعريف بالفساد المالي والإداري، والتعريفات هنا على ثلاثة أقسام: تعريفات للفساد المالي، وتعريفات للفساد الإداري، وتعريفات شاملة تتناول الفسادين معا.

1- التعريف بالفساد المالي: يمكن تعريف الفساد المالي في مجال الوظيفة العامة بأنه: سوء التصرف في الأموال العامة، أو تلقي أموالا في مقابل تقديم خدمة أو منفعة، مشروعة أو غير مشروعة  

2 التعريف بالفساد الإداري: وأما الفساد الإداري فـيعـرف بأنه: "سـلوك ينحـرف فـيه الـموظـف العـام، أو مـن كلـف بخدمـة عامـة، عـن معـايير أخلاقيات الوظـيفـة العامة، والقـيم الاجـتماعـية، بهـدف الحصـول علـى منـفعة ذاتية، أو فـئوية علـى حـساب المصـلحـة العامة" .

3- التعريف بالفساد المالي والإداري:

لا يخفى الترابط الوثيق بين الفساد المالي والفساد الإداري، حتى إنه يمكن القول بتلازمهما، وفي تعريف منظمة الشفافية الدولية للفساد المالي والإداري تقول المنظمة هو: "كل عمل يتضمن استخدام المنصب العام [من قبل الموظف] لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو لجماعته" وفي "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" جاء تعريف الفساد المالي والإداري بأنه: "تعمد موظف عمومي استغلال وظائفه أو موقعه؛ أي قيامه أو عدم قيامه بفعل ما، لدى الاضطلاع بوظائفه، بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه هو، أو لصالح شخص أو كيان آخر مما يشكل انتهاكا للقانون"

ويظهر من هذا التعريف أن ممارسة الفساد قد تكون من خلال القيام بالأعمال السيئة، أو بعدم القيام بالأعمال الواجبة، وذلك كتعمد الإهمال، أو غض الطرف والسماح بتمرير أفعال غير مشروعة.

أجاب المشاركون في الندوة بالآتي:

-        الفساد مالي في المؤسسات الحكومية في عدن يتواجد بدرجة عالية؟

-       أجمع المشاركون أن الفساد في المؤسسات الحكومية في عدن ليس موروث أنما ثقافة دخيلة على الثقافية الجنوبية؟

-       عدم تفعيل نظام الرقابة والتفتيش سببا رئيسا في تفشي الفساد المالي

-        يتركز الفساد المالي في القطاع الحكومي أكثر من القطاعين المختلط والخاص؟

-        الفساد الكبير الناتج عن عقد الصفقات الكبرى في تفشى الفساد المالي بدرجة أكبر من الفساد الصغير الناتج عن الرشاوي .

-       هناك أسباب خارجية للفساد المالي في المؤسسات في عدن؟

-       المواطن والمجتمع جزء من الفساد المالي المتفشي في المؤسسات؟

وأكد المشاركون أن أكثر أنواع الفساد المالي انتشارا تتمثل في الاتي:

•        رشوة  

•        الاختلاس والسرقة والاحتيال  

•        الكسب غير المشروع  

•        الابتزاز والانتزاع  

•        استغلال النفوذ   

•        الشبكات وغسيل الأموال   

•        سوء استخدام السلطة التقديرية   

•        المحاباة والمحسوبية والزبونية  

والخلاصة التي يمكن أن نخرج بها من كل ما سبق هي أن الفساد المالي والإداري سلوك فاسد يتمثل في عدم القيام بالواجبات الوظيفية على الوجه المطلوب، وفي إساءة استخدام الموظف لموقعه الوظيفي، واستغلاله للسلطة الممنوحة على نحو يحقق منافع ومكاسب غير مشروعة، لذاته أو لغيره.

الخاتمة والتوصيات

أولاً: الخاتمــة:

   وبعد دراسة موضوع الفساد بشكل مستفيض، والتعرف على أسبابه، وصوره، ومظاهره، تبين أن أنه موضوع في غاية الأهمية، فكان لا بد من التطرق إليه والحديث عنه ونتيجةً لأثر الفساد البالغ في حياتنا، وظهور العديد من أسبابه، والتي أطلت على الساحة الجنوبية لاسيما في العاصمة عدن، وما نتج عن ذلك من آثار وكوارث مدمرة المواطن الجنوبي، كان لا بد من وقفة مع الفساد ومعرفة، صوره، أسبابه، آثاره، علاجه.

ومن خلال تلك الحلقات النقاشية مع عدد من الباحثين والمهتمين توصل منتدى الجنوب لتنمية الوعي السياسي والاجتماعي لمجموعة من النتائج، كان من

أهمها:

1-   ورد مادة(فسد) ما يزيد عن 50 آية في القرآن الكريم، أكثرها في الآيات المكية، وهذا يحمل دلالةَ عظيمةً على أهمية الفساد وتأثيره

2-   الوقوف أمام الفساد، وبيان صوره واجب شرعي؛ لإنقاذ الثورة الجنوبية ومؤسساته وشعبه.

3-    الفساد ليس ثقافة دخيلة على شعب الجنوب وبرزت بوضوح بعد مشروع الوحدة اليمنية الكارثية، الذي يعد متأصل فيهم إنه منذ القدم، نابع من طبيعة الإنسان اليمني الاجتماعية، ورغبته في اشباع نزواته.

4-   الفساد أصبح اخطبوط كبيرة وشبه دولة داخل مؤسسات الشرعية ومحتاج لجهود كبيرة لاستئصاله.

5-   الفساد في تطور مستمر، وقادر على النمو في أغلب الظروف، والأماكن.

6-   استطاع الفساد التوسع والانتشار في كل مكان، واستفاد من البيئة الرخوة وعدم وجود مؤسسات مناهضة له من صحافة، إذاعة، تلفزيون، فضائيات، كمبيوتر، إنترنت، وهي الوسائل التي تكشفه وتفضحه.

7-    الفساد لا يمكن أن يتوفق بمجرد البلاغ والإنذار، بل لابد من قانون وعقوبة، وضمير ورقابة.

8-    مستقبل الفساد في الجنوب سيكون مستقبلاً مروعا، عند السكوت على انتشاره، وعدم إدراك عواقبه، ووضع العلاج الناجح، وتسخير كل الطاقات لذلك.

9-    تقع مسؤولية الوقوف أما الفساد، على كل محب صادق لوطنه وأمته.

10-                    يقوم الفساد على جملة من المقومات، كالسلطة والمال الجاه والاتصال والأفراد وغيرها، وقد تتوفر عوامل داخلية وخارجية، ينبغي أن تواجه بثبات ومبادئ.

11-                    الفساد عملية توسعية، يحدث فيها التزييف والخداع والتضليل؛ لذا يجب أن يقيد بقوانين وضوابط من خلالها يمكن التعرف عليه بسهولة.

ثانياً: التوصيــات:

    بعد البحث والنظر في الموضوعات التي كُتبت حول الفساد، وطرق علاجه في القرآن الكريم، وما يشكله هذا الموضوع من أهمية، فإن الباحث يوصي بما يلي

1-    دعوة المجلس الانتقالي الى تشكيل مجموعة من القضاة الجنوبيين المشهود لهم بالنزاهة وتأهيل فريق متكامل من المتخصصين وتفريغهم للقيام بواجب كشف بؤر الفساد داخل المؤسسات الحكومية كخطوة أولية من خلال التحذير من الفساد في الوسائل الإعلامية المعاصرة.

2-   دعم ومساندة المنظمات المناهضة للفساد وفي مقدمتها المفوضية الجنوبية المستقلة لمكافحة الفساد.

3-    تفعيل دور أجهزة الإعلام بكل أنواعها في التصدي للفساد وأشكاله، الذي يستهدف النيل من مقومات المجتمع الجنوبي.

4-   الحشد الجماهيري والمجتمعي لكشف ملفات الفساد والفاسدين والدعوة لتفعيل القضاء لاسيما المحاكم الإدارية في سبيل مقاضاة القيادات الإدارية الفاسدة. 

5-    زيادة مساحة البرامج التوعوية عن أضرار الفساد، وكيفية الوقوف أمامه، في أجهزة الإعلام، وأن يتم تقديمها في أوقات مناسبة للجمهور المشاهد.

6-    العمل على إعداد منظومة من الآليات متضافرة الجهود، تبدأ بإنشاء مركز متخصصة، لوضع الحلول المناسبة، وكيفية الاستفادة من طاقات المجتمع.

7-    حسن انتقاء العاملين الأكْفاء في أجهزة الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني، واختيارهم بناء على معرفة كافية بمصالح البلاد والعباد، يمتلكون القوة والأمانة، والإدارة الناجحة، والأسلوب المؤثر.

8-   الخروج عن الأنماط التقليدية والجمود، في معالجة الأمور الخطيرة التي تنخر في جسم الجنوب وروح الثورة الجنوبية، والعمل مع الجمهور، وإشراكه في تحمل مسؤولياته في الرقابة على الفساد ومحاسبة المفسدين.